لم يجد مصطلح طب النانو Nanomedicine صعوبة في أن يحتل مكانا مهما وبارزا في قائمة المصطلحات الطبية والدوائية، وأن يتردد في كل المؤتمرات الطبية والدوريات العالمية المهتمة بالعقاقير الطبية والرعاية الصحية. وإذا ما أردنا أن نضع تعريفا محددا لهذا المصطلح، فسوف نُعرفه بأنه مجموعة من تقنيات طبية حديثة تقع تحت مظلة تكنولوجيا النانو لتشمل كل ما يتعلق بالمجالات الطبية المختلفة الرامية إلى تحسين صحة الإنسان والحفاظ على سلامته. وقد أخذت تلك التكنولوجيا على عاتقها منذ بداية هذا القرن تقديم ابتكارات واختراعات تقنية مذهلة تخص مجالات الطب والدواء والكشف المبكر عن الأمراض والأورام. ولعل النسبة الكلية لمبيعات المواد الطبية المنتجة بواسطة تكنولوجيا النانو في العام 2007، والتي بلغت نحو 15 في المائة من إجمالي المبيعات الكلية للمواد والأجهزة النانوية (146.4 مليار دولار) لخير دليل على ما يحققه هذا الفرع الحيوي المهم من نجاحات متواصلة ومستقبل واعد.

ومنذ بزوغ الألفية الثالثة، قام طب النانو بتحقيق خطوات رائدة تقود العالم اليوم إلى ثورة طبية شاملة، تمثلت في تغيير كامل لمفاهيم طرق العلاج التقليدية وتطوير تقنيات التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض والأورام. ومن الجدير بأن يذكر هنا، أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، ونتيجة للتقدم السريع والمتقن في مجال بحوث تكنولوجيا النانو الحيوية حققت طفرات مثيرة تمثلت في ابتكار أنواع متقدمة من أجهزة التوصيف وظفت من أجل فهم وتحليل بنية وتركيب الحامض النووي DNA للإنسان والفيروسات على حد سواء. وأدى هذا بطبيعة الحال إلى معرفة سلوك الأمراض والفيروسات وميكانيكية حركتها وتنقلاتها داخل الجسم ومعرفة الطرق والحيل التي تسلكها لمهاجمة مكونات وجزيئات الخلايا الحية في أعضاء الجسم. ويوضح الشكل (9 – 1) معدلات النمو المتزايدة في إنتاج الأدوية والعقاقير المصنعة بتقنيات تكنولوجيا النانو ممثلة في التزايد المستمر في منح براءات الاختراع لتلك المنتجات المحتكرة من قبل شركات الدواء العالمية ومراكز البحوث المهتمة والتي وصل عددها إلى ما يقرب من 400 براءة خلال الفترة من العام 2000 إلى منتصف العام 2008 ⁽¹⁾.

الشكل (9 – 1): إجمالي العدد السنوي لبراءات الاختراع الممنوحة في مجال العقاقير الطبية المصنعة بواسطة تقنيات تكنولوجيا النانو في الفترة بين 2000 – منتصف العام 2008 (المصدر: الشكل تم تنفيذه بواسطة مؤلف هذا الكتاب وفقا للبيانات الإحصائية المستقاة من المرجع الرقم 1)

_________________________________________
هوامش

(1) Ronald N. Kostoff, Raymond G. Koytcheff and Clifford G. Y. Lau. Current Science, Vol. 92 (2008) 1492–1499.