أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-6-2016
2615
التاريخ: 1-6-2016
8619
التاريخ: 2023-06-10
715
التاريخ: 18-2-2022
1803
|
ثم انتقل عام 1510 إلى فراونبورج، أو فرومبورك – إن كنت تفضل ذلك الاسم – أو «قلعة سيدتنا» مثلما يمكننا أن نترجم الاسم حرفيًّا، أو «جاينوبوليس» مثلما كان يهوى هو ترجمة الاسم إلى الإغريقية تدليلًا له، على أمل أن يحظى بمزيد من السلام. وأظن أن ما وجده كان سلامًا. في أعوام 1511 و1522 و1523 يرصد ثلاث حالات كسوف كامل، قاس فيها عواملها المتغيرة القيمة مستخدمًا أدواته البدائية. وفي أعوام 1512 و1518 و1523، رصد ثلاث حالات مواجهة للمريخ مع الشمس. «نحن أنفسنا رصدنا موقعًا ثانيًا للزهرة في عام 1929 ميلاديا في اليوم الرابع قبل انتصاف مارس، بعد الغروب بساعة واحدة ... وكان المشهد تامًا عند فراونبورج.» ويعلن عالم الرياضيات آر إف ماتلاك عن تقديره له؛ لحلّه صعوبتين كانتا محيرتين وقتذاك تتعلقان بحساب المثلثات الكروية: كيف تجد الزوايا عند علمك بأطوال جميع الأضلاع والعكس صحيح. كيف كان في استطاعته تحقيق النجاح في تلك الإنجازات لو لم تتركه الحياة وشأنه؟
لا ريب في هذه الأثناء كان يقاوم الأوبئة ويؤمن لفارميا حصولها على مورد للمياه. ويعتقد الدكتور الطبيب ألكسندر ريتل أنه مسؤول مسؤولية مباشرة عن تصميم برج المياه الذي يبلغ ارتفاعه مائة قدم والذي كان يرفع المياه فوق «بكرتين منشوريتي الشكل»؛ دلو وسلسلة كانا يملآن الصهريج. غير أن هناك آخرين عارضوا هذا الزعم. دعي الناس لحفل استقبال رسمي، وكتب قائلًا: «السادة المبجلون الموقرون، سادتي المحترمين ... كادت الترتيبات تكتمل لأيّ من الظرفين، إن كان يوم صوم أو يوم إفطار.» في هذه الأثناء، كان يمسك في يده أول جدول لقواطع العالم، باعتباره حشية تفسيرية لعمل ريجيو مونتانوس.
ويعتقد جيكوبسن أنه كان «سعيدًا للغاية بمنصبه الإكليروسي المريح، وإن كان هذا المنصب غامضًا قليلًا، حيث تمتع بسمعة طيبة باعتباره كاثوليكيا رومانيا ورعًا، وطبيبًا ماهرًا يسارع في تقديم العون، ومديرًا جيدًا، وفلكيًّا من المرتبة الأولى الأرجح أنه لم يكن يرغب في أن يستشهد من أجل أي شيء.» أنا نفسي لا يسعني إلا أن أتساءل عن مدى علو سقف طموحاته. أتخيله وهو يأمل في إخلاص في أن يحلَّ جميع المشكلات السماوية وأن يفسر الظواهر المرئية ويشرحها بالمثل. إنني أراه واحدًا منا، رجلًا عاش على الأرض ولن يأتي رجل مثله ثانية، رجلًا كانت أحلامه أكبر من أن تتحقق، شخصًا ضائعا يأسره شيء لم يكن في متناوله رجلًا منح أفضل ما لديه لشيء ما، ثم توفي تاركًا إنجازه يبلى مع الزمن. لقد عاش في زمن بعيد عنا ولا يمكننا أن نتذكر عنه أكثر من بعض الفتات؛ وهذا هو معنى أن تكون واحدًا منا في هذه الدنيا التي نعيشها، حيث تكون شخصًا تُهمل كل أحلامه وتخلفها آمال أخرى إن أجلًا أو عاجلًا.
في عام 1515، وبعد أن صارت الآن حالة أخيه أندرو المصاب بالجذام أكثر سوءًا، بدأ في تأليف كتاب «عن دورات الأجرام السماوية»، الذي ربما يكون قد أنهى العمل فيه عام 1530، غير أنه في الختام يكتب تعليقًا يقول فيه: «الازدراء الذي كان لدي مبرر كي أخشاه بدعوى صعوبة فهم نظريتي وحداثتها أقنعني قناعة شبه تامة بالتخلي التام عن العمل الذي كنت بدأته.»
ومع ذلك، فهو ليس تمامًا بالرجل الحالم المنغلق على ذاته، مثلما كان يرى كوستلر. وبالنظر إلى أماكن وجوده، نجده منخرطًا في مناقشة أو جدل ما؛ ففي عام 1524، ماطل المبجل هينريش شنلنبرج في سداد عشرة ماركات ألمانية كان مدينا بها لكوبرنيكوس؛ ومن ثم كتب بطلنا لأسقف فارميا قائلا له: «لهذا أرى أن ... مكافأتي التي أنالها على تعاطفي أن ألقى الكراهية، وأن يُستهزأ بي كوني راضيًا عن ذاتي.» وطلب في أدب أن يوقف الأسقف صرف راتب شنلنبرج الكنسي إلى أن يسدد ما عليه من دين. لقد برهن على أنه قادر على كتابة نكات ساخرة ضد زملائه في هندسة السماء: «كونه فلكيًّا عظيمًا (يقصد فيرنر) فهو غير مدرك أنه حول نقاط الحركة المنتظمة ... لا يمكن أن تبدو حركة النجوم أكثر انتظامًا من أي مكان آخر.» وبانحيازه إلى جانب الحركة الدائرية المنتظمة، يطالب في حماس بإنكار «موازن» بطليموس: «إذ ما الذي علينا أن نفعله بخلاف إيقاف أولئك الذين ينتقصون من هذا الفن عند حدهم؟» فلماذا إذن أخفق ذلك النمر الجسور في الثبات دفاعًا عن قضية مركزية الشمس؟
في عام 1516 تذكره واحدة من المذكرات باعتباره قدم المشورة بشأن إصلاح التقويم الميلادي. من ناحية أخرى، نعلم كذلك أنه في عام 1517 يختار «عدم» تقديم العون في إصلاح التقويم الميلادي؛ إذ إن الحركات الشمسية والقمرية ظلت مستعصية على الفهم الدقيق. لقد قيل إن هذا الشأن من الإصلاح هو ما حمله على حساب تفاصيل نظرية مركزية الشمس، غير أنني أجد من الصعب تصديق ذلك، استنادًا إلى الوجود المسبق لكتاب «الشرح المختصر» والصفعة المؤلمة التي وجهها لبطليموس أثناء هذا الكسوف لنجم الدبران التابع لبرج الثور على أي الأحوال، يبقى إصلاح التقويم شأنًا يتناوله كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» تناولاً مباشرًا وغير مباشر؛ ومثال ذلك، أن جزءًا من تبرير تأليف الكتاب الرابع (الكتاب الذي يتناول الشئون القمرية) هو أنه: «بما أن السنة تنتسب إلى الشمس، إذن فالشهر ينتسب إلى القمر.»
عام 1520، ينهار مسكنه بسبب الحرب، وهي قوة تشكّل على الدوام جزءًا لا يتجزأ من عالمنا الأرضي. واعتبارًا من عام 1521 وصاعدًا يبقى في فرومبورك، منتظرا ذلك النجم أو ذاك الكسوف.
يكتب توماس كون قائلًا: «كان كوبرنيكوس متخصصًا متفانيا في عمله ... وكان يعطي الأولوية للتفاصيل الرياضية والسماوية؛ كان يقصر تركيزه على معالم التناغم الرياضي للسماوات.»
تبين خريطة العالم لشنيت عام 1532 بالفعل دوران الأرض. والسبب، على الأقل من الناحية التصويرية، قوة الملائكة. ولكن عام 1533 يتلقى البابا كلمة عن نظريات كوبرنيكوس عن طريق الباحث فيد ما نستال، ولحسن الحظ، يبرهن البابا على رحابة صدره. حسنا، فمع كل، أليس كون كوبرنيكوس محدودًا، تحده كرة النجوم الثابتة، التي هي أرسطية من الناحية السطحية؟ زِدْ على ذلك، أن الأفكار الرياضية التي أتى بها كاهننا المنتمي للعصور الوسطى من الجائز في النهاية أن تسمح بتوافق أيام الإفطار وأيام الصوم مع التقويم السنوي. والحق يقال إن كوبرنيكوس أتم في عام 1535 جداول كوكبية فائقة الدقة. وفي العام التالي يبعث تقويمه العام على هيئة روزنامة للنشر في فيينا، إلا أنه لسبب أو لآخر لم تُنشر.
وفي عام 1536، حصل يتيكوس البالغ من العمر اثنين وعشرين عاما – بفضل رعاية ميلانختون الذي سيصير عدوا لكوبرنيكوس فيما بعد – على درجة الأستاذية في الرياضيات من جامعة فيتمبيرج، وبعدها بثلاثة أعوام، يكتب بعد زيارته «لسيده ومعلمه» موجزًا لكتاب «عن دورات الأجرام السماوية» بعنوان «النبذة الوصفية الأولى». وقيل لي إنه يفسر الظواهر» على نحو أفضل مما فعل كتاب كوبرنيكوس «الشرح المختصر». يعتبر بعض المؤرخين «النبذة الوصفية الأولى» أول عرض ينشر الموضوع مركزية الشمس.
في كتاب «الكتاب الذي لم يقرأه أحد» (ويمكنك أن تخمن أي كتاب يقصد بالطبع)، يشير أحد المؤرخين إلى أن «ضرورات الحياة أعدت ريتيكوس كي يكون متمردا» – إذ ضُرب عنق أبيه عقابًا له على ممارسته الاحتيال، في حين أن ريتيكوس نفسه كان بروتستانتيا – وعلم الكون القائم على مركزية الشمس، المناقض بهذا للمعتقدات الراسخة في وجدان الناس في تلك الأيام، لا بد أنه ألهب خياله.» ولكن كم يبلغ مقدار التمرد الذي كان يحتاج إليه المرء في تلك الأيام، حتى يشغل نفسه في كتاب لم يقرأه أحد؟
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|