أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-6-2022
1726
التاريخ: 9-1-2022
1638
التاريخ: 2024-10-23
271
التاريخ: 8-12-2021
1731
|
إن العادات الضارة حكمها على الإنسان كحكم العدو المتملك ، تسيطر على جوارح الإنسان وتدفعه دون إرادة منه إلى ارتكاب الخطايا والآثام والتخلص من مثل هذه العادات أمر عسير جداً.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : العادة عدو متملك(1).
وعن الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: رد المعتاد عن عادته كالمعجز(2).
بالرغم من أن مكافحة العادات الضارة أمر عسير جداً كما ذكرنا إلا أنها ليست مستحيلة. فالشاب بإمكانه أن يتغلب على العادات الضارة التي تعتبر عدواً له ويحرز شخصية مناسبة يستطيع من خلالها التآلف مع المجتمع ، وذلك من خلال خطوتين مهمتين تعتبران شرطاً أساسياً للنجاح .
الخطوة الأولى - أن يحدد هدفه بدقة من خلال مكافحة العادات الضارة ويعرف كيف يتصرف وماذا يريد وأياً من العادات ينوي مكافحتها وما هو البديل.
«عندما يريد الإنسان أن يقدم على عمل ما عليه أن يعرف ماذا سيعمل وماذا سيترتب على عمله من نتائج. ولكي يكون عمله دقيقاً ومناسباً عليه أن يفكر بنتائجه كما يفكر بها الآخرون - أي من منظار الآخرين وليس من منظاره - وعليه أن يعرف سلفاً ما إذا كان للعمل الذي ينوي القيام به تأثير إيجابي في إبراز شخصيته أم لا»(3)؟
الخطوة الثانية - أن يتقدم باتجاه الهدف بإرادة وثبات ، وأن يعبىء ويكرس كل قواه وطاقاته لبلوغ الهدف.
وقد يتبادر إلى ذهن الشاب سؤال وهو كيف يمكن تعزيز الإرادة؟، وكيف يمكن تعبئة القوى لبلوغ الهدف؟، وما هو المحور الأساس لقوة الإرادة في الإنسان؟.
يجيب علم النفس بأن الغرائز الطبيعية للإنسان هي القاعدة الأساس لإرادته وقراراته في شتى مجالات الحياة. فالدوافع الغريزية هي أقوى قدرة محركة للإنسان. لذا لا بد من الاستفادة من قدرة الغرائز لتعزيز قوة الإرادة وتعبئة كل القوى لمكافحة العادات الضارة وطردها أو تعديلها .
«تزيد الغريزة من إمكانية إعادة النظر في العادات وتضاعف من إمكانية النجاح . إن الغرائز يجب أن تكون أساس المسألة الأخلاقية بالنسبة للطفل والبالغ على السواء ، إذ ينبغي الاستفادة منها قدر المستطاع في تكوين عادات جديدة أو تعديل بعض من العادات القديمة. ويمكن توضيح تأثير الغريزة في طبائع الإنسان وشخصيته كمحور لإصلاح العادات وإعادة النظر فيها على الشكل التالي: تبتعد الغريزة عن حدود العادات المميزة والقوية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن للغريزة بحد ذاتها قانوناً وحدوداً خاصة بها. والغريزة تعتبر عاملاً مهماً للتخلص من العادات والتقاليد ، وكلما استخدمها الإنسان بشكل صحيح ومناسب كلما قويت شخصيته واكتملت»(4) .
لو افترضنا أن هناك رجلا قضى خمسين عاماً من عمره يأكل ويشرب من طيبات الأرض ما يحلو له ويروق ثم أصيب بداء السكري ، فزار الطبيب فمنعه عن تناول السكريات ، فامتثل لأوامره .
هكذا إنسان يسعى إلى تناسي كل ما اعتاد عليه خلال خمسين عاماً من عمره ، والامتثال لإرشادات الطبيب ووصاياه بإرادة قوية وعزم راسخ ، فيضع لنفسه عملياً حدوداً وقيوداً جديدة ، يا ترى من أين جاء بهذه الإرادة القوية ؟ ، أجل ، مصدرها حب الحياة ، لقد كان هذا الإنسان قبل مرضه يستفيد من كل النعم إشباعاً لرغبة اللذة في نفسه ، ولكنه عندما تتعرض صحتهم وسلامته للخطر قدم غريزة حب الحياة على الأخريات، وهذه الغريزة بدورها تمنعه عن كل ما من شأنه أن يلحق به الضرر، فتقتدي سائر الغرائز والرغبات الأخرى بغريزة حب الحياة التي تؤدي دور القائد ، فتستجيب مجتمعة لوصايا الطبيب. ولكي يستطيع الإنسان أن يعزز من قوة إرادته في سبيل معالجة الأمراض الأخلاقية ومكافحة العادات الضارة عليه أن يستفيد من قوة الغريزة لتتوحد جميع القوى وتتقدم باتجاه الهدف.
إن الإنسان الذي ربي في طفولته على الدلال والغرور نتيجة سوء تربية والديه ومربيه له وتطبع على هاتين الصفتين الذميمتين، يصبح في شبابه موضع اشمئزاز الناس وكراهيتهم ، فلا يستطيع أن يتآلف معهم ولا يستطيع أن يتحبب إليهم ، وهذا ما يجعله يشعر على الدوام بالحطة والحقارة والحرمان . مثل هذا الشاب ليس أمامه سبيل للتخلص من عذاباته سوى معالجة خلقه الدميم ، ولكي يستطيع أن يعزز إرادته لمكافحة سوء الخلق عليه أن يستفيد من غريزة حب الذات ويحث سائر قواه على التعاون تحت لواء هذه الغريزة.
إن غريرة حب الذات موجودة بالفطرة في أعماق كل إنسان. والإنسان المغرور الذي يتعرض لاستحقار الناس على الدوام وتُجرح مشاعره وعزة نفسه ، إذا ما عرف سبب هذا الاستحقار وأدرك عيوبه الأخلاقية ، لاستطاع أن يعزز إرادته من خلال غريزة حب الذات ، ليواجه بها عاداته الدميمة ويتغلب عليها استرجاعاً لعزة نفسه ومكانته بين الناس.
«يقول «ويل ديورانت» : إذا أردنا أن نكون أقوياء علينا أن نعرف أولاً ما هي الإرادة . إن الإرادة ليست بالعنصر الغامض الذي يأخذ مكانه بين طبائع الإنسان وسلوكه كما يأخذ قائد الأوركسترا مكانه في مواجهة الفرقة ليدير العازفين بحركات يديه، بل هي مجموعة وجوهر كل الدوافع والرغبات الإنسانية. وهذه القوة المحركة ليس لها قائد تطيعه إلا نفسها».
«وبين كل الدوافع والرغبات يجب أن يكون هناك دافع أكثر قوة من سائر الدوافع كي يستطيع أن يجمعها تحت سلطته. ومعنى قوة الإرادة أن تبرز رغبة وترتفع فوق كل الرغبات فتكون من القوة بمكان بحيث تستطيع أن تسير بكل الرغبات باتجاه واحد ونحو هدف واحد. إن الإنسان إذا لم يكن لديه هدف بناء واحد أو جهة حاكمة واحدة يستطيع أن يضحي بسائر الرغبات والميول الأخرى في سبيلها، فلن يصل إلى مقصده ولن يكون سوى حجر في بناء إنسان آخر"(5) .
____________________________
(1) غرر الحكم، ص33.
(2) بحار الأنوار17، ص217.
(3) الأخلاق والشخصية، ص 118 .
(4) الأخلاق والشخصية، ص104.
(5) مباهج الفلسفة، ص 222.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|