أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-1-2021
3627
التاريخ: 29-1-2016
2524
التاريخ: 31-1-2016
3098
التاريخ: 13-6-2018
2627
|
يتشابه نظام الوساطة والتسوية الجنائية في إن كل منهما يعتبر من أهم الوسائل البديلة للدعوى الجزائية، وهذا ما جعل التقارب حاضراً بينهما، غير إن هذا لا ينفي وجود الاختلاف بين هذين النظامين. فلكل منهما قواعد وأحكام خاصة به، وسوف نوضح أوجه التشابه والاختلاف بينهما، على النحو التالي:
أولاً: أوجه الشبه:
يتفق نظام الوساطة الجنائية مع التسوية الجنائية في جوانب عديدة ومنها:
1- كلاهما نظام قائم على مبدأ الرضائية:
يتميز نظام الوساطة الجنائية بالصفة الرضائية عند السير بإجراءاته، حيث إن اللجوء الى إجراء الوساطة كبديل عن الدعوى الجزائية، يشترط فيه موافقة طرفي النزاع، نظراً لكون الوساطة تؤسس على حرية أطراف النزاع في اختيار اللجوء الى الحل الودي أو السير في إجراءات الدعوى وفقاً للطريق القضائي، وإذا لم تتحقق هذه الرضائية فلا يمكن اللجوء لعملية الوساطة(1)، والحال ذاته في نظام التسوية الجنائية، حيث يكون للجاني الحرية في قبول أو رفض تدابير التسوية المقترحة من قبل الادعاء العام، وذلك لأن عدم قبول الجاني للتسوية الجنائية في أي إجراء من إجراءاتها يحول دون الأخذ بها، لذلك يجب استمرار قبول الجاني للتسوية ابتداءً من مرحلة الاقتراح والتصديق من قبل السلطة القضائية وانتهاءً بالتنفيذ(2). وهذا يعني إن التدابير التي يتضمنها نظام التسوية الجنائية تعتبر رضائية التنفيذ، بمعنى لا يتم تنفيذها إلا برضا الجاني، والحال يكون ذاته في نظام الوساطة الجنائية (3).
وبالرغم من تقابل نظامين الوساطة والتسوية الجنائية بهذه الصفة، غير إن نطاق الرضائية في نظام الوساطة يعد أوسع مضموناً مما هو عليه في نطاق التسوية الجنائية، لكون الجاني يكون بمركز المفاوض في نظام الوساطة، بينما إنه لا يستطيع التفاوض حول نوع الجزاء أو مقداره في نظام التسوية الجنائية (4).
2- دورهما في ضمان حق المجني عليه بالتعويض:
تسعى الوساطة الجنائية الى اصلاح الضرر الذي لحق بالمجني عليه من قبل الجاني، لذلك فإن الوساطة تهدف الى فض النزاع عن طريق التفاوض بين طرفي النزاع من أجل الوصول الى انجح الوسائل الممكنة لإصلاح الضرر الذي احدثته الجريمة سواء كانت الوسائل ذات طبيعة مادية أو معنوية، لذا فإن الوساطة الجنائية ذات طبيعة تعويضية(5)، وكذلك تهدف التسوية الجنائية الى تعويض المجني عليه ايضاً وضمان جبر الضرر الذي أصابه إضافة الى التدابير المقترحة بشأن اقتراح التسوية، فيلزم أن يكون كل اقتراح بالتسوية مقترناً بالتزام الجاني بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالمجني عليه، فإذا لم يتم تقدير التعويض للمجني عليه ودفعه من قبل الجاني عند اقتراح التسوية الجنائية، فهذا يمنع الأخذ بالتسوية لامتناع القضاء من التصديق عليها (6).
3- كلاهما من بدائل الدعوى الجزائية:
أدى ظهور ازمة العدالة الجنائية كنتيجة لتضخم عدد الدعاوى المرفوعة أمام القضاء استحداث بدائل عن الدعوى الجزائية، من أجل حل النزاعات بعيداً عن إجراءات التقاضي العادية، ولعل أوضح صورتين لتلك البدائل هما الوساطة الجنائية والتسوية الجنائية، حيث يعتبر كل منهما بديلاً عن الدعوى الجزائية، وكلاهما يمثل أحد الحلول المتاحة لتخفيف العبء عن كاهل القضاء وخصوصاً في تلك الجرائم التي تكون بسيطة، حيث يتم علاجها بشكل فعال بعيداً عن طريق القضاء العادي (7).
ثانياً: أوجه الاختلاف:
هنالك العديد من الاختلافات بين الوساطة الجنائية والتسوية الجنائية، وتتمثل هذه الاختلافات بطبيعة كل منهما، ووظيفة المقابل، ونطاق التطبيق، ومن حيث الأطراف، والأثر المترتب على كل منهما وسنوضحها كالآتي:
1- من حيث الطبيعة:
إن التسوية الجنائية هي إحدى صور العدالة الرضائية في صورتها البسيطة، في حين إن الوساطة الجنائية تندرج في إطار العدالة التفاوضية، ومن ثم وإن كان صحيحاً إن كل منهما يستلزم رضا الأطراف، فإن هذا الرضا هو الحد الأدنى للتفاوض ويعد شرطاً مفترضاً أو سابقاً لإجرائه، ويرتبط ذلك بما تكلفهُ الوساطة الجنائية من مساواة بين طرفيها، مقارنة بسمو مركز النيابة العامة على المتهم في شأن التسوية الجنائية، فالتسوية الجنائية تعتمد على رغبة رئيس النيابة العامة، سواءً من حيث قرار اللجوء اليها أو من حيث صياغة شروطها(8)، أما بالنسبة للمتهم بالرغم من ضرورة رضائه، إلا إنه لا يملك أي سلطة تفاوضية في مواجهة النيابة العامة بخصوص العرض المقدم اليه، فهو أما يوافق عليه كلياً أو يرفضه جملة، أما في الوساطة الجنائية فالأمر مختلف جداً، لكونها تعد نظاماً ثلاثياً، يضم كل من الجاني والوسيط والمجني عليه، فإن جوهر مهمة الوسيط يتحدد في عقد لقاء مشترك بين الجاني والمجني عليه، فهو بذلك يدعو كلاً منهما الى التفاوض المباشر حول موضوع الاتفاق وشروط تنفيذه، إذ أنه يسعى الى التوصل لحل يرضي طرفي النزاع دون ثمة ضغط من جانبه (9).
2- من حيث وظيفة المقابل في كل منها:
يتمثل المقابل في كل منهما بدفع مبلغ من المال، إلا أنه لا يستهدف تحقيق الغاية ذاتها، فيتم تحديد هذا المبلغ في التسوية الجنائية على أساس ما أصاب النظام العام من اضطراب بسبب الجريمة، وتحصل عليه الدول كغرامة، أما في نظام الوساطة الجنائية فيتم تقديره على ضوء الضرر الخاص الذي لحق المجني عليه من جراء الجريمة، مستهدفاً بذلك تعويضه عنه(10)، ويرجع سبب هذا الفارق بين النظامين من مغايرة جوهرية، فالتسوية الجنائية ذات صفة جزائية، خلافاً للوساطة فهي ذات طبيعة إصلاحية تعويضية (11).
3- من حيث نطاق التطبيق:
يتحدد نطاق تطبيق التسوية الجنائية في جرائم معينة منصوص عليها بالقانون على سبيل الحصر، وهي بذلك تختلف عن الوساطة الجنائية، فأغلب التشريعات التي تبنتها لم تحدد نطاق الجرائم التي يتم تطبيق الوساطة الجنائية عليها (12).
4- من حيث وجود طرف ثالث:
إن الوساطة الجنائية نظام ثلاثي الأطراف، يضم كل من الجاني والمجني عليه وشخص ثالث من الغير (الوسيط الجنائي)، وهو ذلك الشخص الذي يقوم بمهمة التقريب بين مصلحتي الجاني والمجني عليه، أو هو بالأحرى ذلك الشخص الذي يجب أن تتوافر فيه شروط معينة تمكنهُ من القيام بهذه المهمة(13). وعلى العكس من ذلك، نجد إن التسوية الجنائية نظام ثنائي الأطراف حيث تقترح النيابة العامة عملية التسوية على الجاني دون وجود أي طرف ثالث بينهما (وسيط)، ويسمح للنيابة العامة بتفويض شخص مؤهل يحل محلها في اقتراح عملية التسوية الجنائية. غير إن هذا الأمر لا يعني إن الشخص الذي يتولى اقتراح التسوية الجنائية، سواء كان من مفوضي النيابة العامة أو من رجال الشرطة له دور كدور الوسيط، وإنما يبقى محتفظ بالصفة التمثيلية عن النيابة العامة (14).
5 - من حيث الأثر المترتب على كل منهما:
يختلف الأثر المترتب على اعمال أي من نظامي الوساطة الجنائية والتسوية، ففي التسوية الجنائية تنقضي الدعوى الجزائية وذلك بمجرد تنفيذ التدابير التي اشتملت عليها، في حين إن الأمر يبدو مختلف في الوساطة الجنائية، فإن الأثر المترتب عليها في حالة نجاحها حفظ الدعوى الجزائية أو انقضائها، وذلك بحسب الأنظمة القانونية للدول التي اقرتها، أما في حال فشل الوساطة فتقرر السلطة القضائية السير بإجراءات الدعوى(15).
_____________
1- علي اعذافة محمد، الوساطة الجنائية، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة البصرة، 2015 ، ص9.
2- د. ايمان مصطفى منصور مصطفى، الوساطة الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011، ص181. ينظر كذلك: د. أحمد محمد براك، العقوبة الرضائية في الشريعة الإسلامية والأنظمة الجنائية المعاصرة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص376.
3- د. محمد حكيم حسين الحكيم، النظرية العامة للصلح وتطبيقاتها في المواد الجنائية – دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق – جامعة عين شمس، 2002 ، ص162.
4- ياسر بن محمد سعيد بابصيل، الوساطة الجنائية في النظم المعاصرة – دراسة تحليلية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا – جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2011 ، ص128.
5- د. أسامة حسنين عبيد، الصلح في قانون الإجراءات الجنائية ماهيته والنظم المرتبطة به – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004 ، ص369 – 370.
6- د. أحمد محمد براك، العقوبة الرضائية في الشريعة الإسلامية والأنظمة الجنائية المعاصرة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص397.
7- د. أسامة حسنين عبيد، الصلح في قانون الإجراءات الجنائية ماهيته والنظم المرتبطة به – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004 ، ص361.
8- د. أسامة حسنين عبيد، مرجع سابق، ص362.
9- هناء جبوري محمد يوسف، التسوية الجزائية طريقة مستحدثة في حسم الدعوى الجزائية، بحث منشور في مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، المجلد الثاني، العدد40، 2016، ص367.
10- د. هشام مفضي المجالي، الوساطة الجزائية وسيلة غير تقليدية في حل النزاعات الجزائية – دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق – جامعة عين شمس، 2008 ، ص171.
11- ياسر بن محمد، مرجع سابق، ص76.
12- علي اعذافة محمد، الوساطة الجنائية، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة البصرة، 2015 ، ص42.
13- علي اعذافة محمد، الوساطة الجنائية، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة البصرة، 2015 ، ص43.
14- أحمد سعد عبد الهادي، التسوية الجنائية في التشريعات الإجرائية – دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة ميسان، 2018 ، ص45.
15- د. معتز السيد الزهري، الوساطة كبديل عن الدعوى الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017، ص74 وما بعدها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|