أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-2-2022
1441
التاريخ: 2023-06-06
832
التاريخ: 2023-09-14
950
التاريخ: 23-2-2022
1613
|
ما المسار الكسوفي؟ ولماذا قد يكون هذا المسار مائلا؟
ذات مرة، تحت شمس ساطعة تدور في فلك ما قدَّم بطليموس لنا كونا بديهيا ومعقولاً يمارس حركتين؛ إحداهما «لك التي بواسطتها يتحرك كل شيء من الشرق إلى الغرب، دائمًا بنفس الطريقة وبنفس السرعة في دورات دائرية الشكل موازية بعضها البعض، وتوصف بوضوح حول أقطاب فلك كروي دوار بانتظام.» تلك «الأقطاب السماوية» مساقط متفرعة من قطبي الأرض، ويقع في منتصف الطريق بينهما، أعظم الدوائر النجمية الموازية للدوران، «خط الاستواء السماوي»، وهو بالمثل مسقط من سميه الأرضي.
لقد أخبرنا كوبرنيكوس بالفعل بأنه حسب دائرة العرض التي تقف عندها، تكون هناك نجوم مرئية وأخرى غير مرئية؛ وزد على ذلك أنه كلما اقتربت من أي من القطبين السماويين ربما وجدت نجمًا ما كانت حركته وشروقه وأفوله أبطأ؛ ومع ذلك، فجميع النجوم التي نراها فعلا تشرق من الشرق إن قُدِّر لها أن تشرق أصلا، وتدور في اتجاه الغرب بالتوازي مع هذه الدائرة، مغيّرة موقعها الظاهري في السماء بنحو 15° كل ساعة (إذ إن 15 × 24 = دائرة واحدة كاملة؛ أي º360)، ولا تغيّر أبدًا موقعها بعضها بالنسبة إلى بعض، وهو سبب آخر قوي جعل أسلافنا الذين اعتبروا الأرض مركز الكون يعتبرون الكون آلة ميكانيكية تدور دورة تامة (يا لها من مصادفة! أعني: يا لها من قدرة سماوية!) بدقة مع نهاية كل دورة من نهار أو ليل.
بالرغم من مقولة بطليموس التي ذكر فيها عبارة «كل شيء»، فإنه لا تزال هناك فئة مثيرة للقلق من الأجرام السماوية – أي الشمس والقمر والكواكب – «تجعل بعض الحركات المعقدة بعينها غير مكافئة بعضها البعض، وإنما هي في تضاد كامل مع الحركة العامة»، وهي ظاهرة يبدو أن أناكسيمينيس كان أول من رصدها وسجلها. عبر العصور المختلفة، كانت تلك الأفلاك موضع اهتمام بالغ من جانبنا فاق اهتمامنا بالأفلاك الأخرى؛ إذ إنها، حسبما تشرح إحدى قصص السحر التاريخية، تظهر مبادرة من خلال مسارها المنفرد، وتعمل حسب قوانينها الخاصة، وتتحرك في اتجاه معاكس لاتجاه النجوم الثابتة، التي تسير في حركة جماعية. ولهذا خصَّص لها بطليموس قسطًا كبيرًا من كتابه «المجسطي». إنها تتطلب منه «أن يفترض وجود حركة ثانية مختلفة عن الحركة العامة، وهي حركة حول قطبي تلك الدائرة المائلة أو الكسوفية.» التي تقابل خط مسير الشمس، وتعني حرفيا «المسار الذي من الجائز أن تحدث حالات الكسوف فوقه.» وهذه الحركة، التي تشكل فعليا فئة كاملة من الدورات المعقدة في اتجاه مضاد للاتجاه النجمي، ربما يعبر عنها على نحو مفرط في التبسيط على النحو التالي: فيما يبدو تتبع الشمس مسارًا دائريا حولنا على مدار العام، في حين أن الزهرة والمريخ يدوران حولنا في سلسلة من المسارات اللولبية، مجتازين المرة تلو المرة مسار الشمس، مسرعَيْن تارة ثم متباطئين تارة أخرى، بل وأحيانًا يعودان للخلف متتبعين الاتجاه العكسي (أي «متقهقرين»).
إن مدار المريخ، بالرغم من كونه أكثر انتظامًا بقدر طفيف، يظهر نفس أنماط المسارات اللولبية التي يُظهرها كوكب الزهرة؛ وكذلك تفعل مسارات الكوكبين الأكثر بُعدًا بكثير المشتري وزحل. وهكذا تهيم الكواكب ملتزمة بالمسار الكسوفي وخارجة عنه، في نطاق شريط يمتد حزام بروجه نحو ثماني درجات أو تسع على الجانبين. في منتصف القرن العشرين، قدَّم علماء الفلك نظريتين لتفسير التطابق التقريبي بين المستويات المدارية: إما أن الجاذبية الهائلة للمشتري تعمل على تناغم مسارات جيرانه، أو أن جميع الكواكب تشكلت دفعة واحدة. وقد فازت النظرية الثانية الآن بالمباراة.
وفي كلتا الحالين، فإن اختلافها عن المستوى الكسوفي أمر يمكن تجاهله من وجهة النظر الكوبرنيكية فيما يتعلق بالدقة «لو أنني تمكنت من إجراء حساباتي بحيث تتفق نتائجها مع الحقيقة في نطاق خطأ لا يزيد على عشر درجات، لوجب علي أن أطير فرحا مثلما فعل فيثاغورس بالتأكيد». ربما يكون كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» قدمها لهم باعتبارها حبات في مسبحة واحدة؛ لحسن طالع كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» أن طالب كوبرنيكوس نفسه بقدر من الدقة يزيد على عشر درجات عند حسابه لذلك النطاق، وهو بالطبع دائرة البروج. كان علماء الفلك في تلك الأيام – الذين كانوا يمارسون التنجيم إلى جانب اشتغالهم بالعلم – قد قسموها إلى اثنتي عشرة منطقة، كل منها تحتل ثلاثين درجة في دقة متناهية، جاعلين إياها أشبه بوجه ساعة هائلة الحجم تمثل عامًا كاملا لتناظر وجه الساعة النجمية الليلية.
وتقديرًا منه لشخصية تلك الدائرة المقسمة إلى اثني عشر قسمًا، يطلق كوبرنيكوس عليها أحيانًا اسمها القديم وهو «دوديكاتيموريا» (وتعني المضلع الاثني عشري). كل منطقة سميت باسم مجموعة نجمية هي الأبرز في نطاقها؛ ومن ثم عندما نقول إن الشمس في برج الحوت، أو إن المريخ دخل برج العقرب (اعتبرت شعوب منطقة «ما بين النهرين» أنه في تلك الحالة الأخيرة، كان مليكهم مهددًا بتعرضه للموت بلدغة عقرب)، فإننا نقصد أن الجرم السماوي المعني قد تجول حتى دخل في محطة معينة داخل دائرة البروج. وعندما نذكر ذلك، فإنه يمكننا القول بطريقة أو بأخرى في أي شهر من السنة نكون، لكن ليس بدقة تامة؛ لأنه مثلما أن للسماوات دوائر من حول دوائر، يتباهى علم الفلك بالتعقيدات التي تتفاقم من فوق تعقيدات، ومن بين تلك الأمور المعقدة ما يعرف بالمبادرة، وهي دورة كل قطب سماوي بمعدل ثابت بحيث يكمل دورة واحدة كل ستة وعشرين قرنا (وفي أيامنا هذه نعرف هذه الظاهرة بأنها دوران خط الاستواء السماوي نتيجة للجاذبية الشمسية والقمرية).
وقد كان حساب كوبرنيكوس لفترة المبادرة صحيحًا في حدود دقة قدرها 9.99 في المائة من حساباتنا نحن. وكما هي الحال مع خط الاستواء، يجوز اعتبار المسار الكسوفي (من الناحية النموذجية على الأقل) «دائرة عظمى»؛ بمعنى التقاطع بين فلك ومستوى يمر من خلال مركز ذلك الفلك؛ ومن ثم فهو يمثل واحدًا من أي عدد من «خطوط الاستواء» يشطر المدار الكروي إلى نصفي كرة متماثلين. ولما كان المسار الكسوفي مائلا بعيدًا عن خط الاستواء السماوي بزاوية مقدارها º23.27 (أو بعبارة أخرى لأن محور كوكب الأرض يميل بهذا المقدار فحسب على الخط العمودي على المستوى الكسوفي)، فإن كوبرنيكوس يطلق على المسار الكسوفي المسار المنحرف.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|