أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-17
213
التاريخ: 28-6-2020
2524
التاريخ: 22-12-2020
2661
التاريخ: 1-12-2016
3472
|
من المؤسف أن المبادئ الاجتماعية في عالمنا اليوم ونعني به عالم الصناعة والآلة، هي في تغيير مستمر ، حيث تتبدل السنن والآداب العامة باستمرار وفي فترات قصيرة، وأثناء هذا التغيير والتبدل كم من المحرمات تصبح حلالا في نظر الناس والعكس بالعكس.
بمعنى أن السنن والآداب الاجتماعية كانت في الماضي وما زال في الحاضر عرضة لتحولات وتغييرات كبيرة ، ولم ولن تشهد ثباتاً واستقراراً ، لكنها أي هذه التحولات والتغييرات كانت تتم ببطء مرة كل عدة قرون ، لكنها بانت في عصرنا الصناعي الآلي سريعة جداً ، بحيث باتت هذه التغييرات تطرأ على الشؤون الأساسية للمجتمع خلال فترة حياة جيل واحد أو أقل ربما ، وأصبح مرفوضاً لدى المجتمع الكثير من السنن والآداب التي كانت يوماً مقبولة لديه، وطبيعي في مثل هذه الظروف والأجواء أن يعاني معظم الشباب من صراعات نفسية باطنية ، وقلق عميق إزاء تضارب المبادئ التي استحصلوا عليها من محيط الأسرة والمنزل مع المبادئ الاجتماعية الجديدة .
وهنا نرى من الضروري جداً أن نتطرق في بحثنا إلى السنن والآداب الإجتماعية ، لكي يعي أولياء الأطفال وكذلك جيل الشباب أهمية هذه المشكلة الإجتماعية والتربوية العظيمة ، ويعرفوا وجهة نظر الإسلام حيال التغييرات المباحة وغير المباحة ، ويدركوا دور التطور الصناعي والآلي في التسريع بتغيير الآداب الإجتماعية والسنن الأخلاقية.
كان منذ سالف العصر والزمان وحتى يومنا هذ لكل ملة أو أمة مهما اختلفت ظروف معيشتها أو انتماءاتها أو مذاهبها أو لغاتها ، كانت لها سلسلة من المقررات تشكل سننها وآدابها الإجتماعية ، وتتعامل على أساسها فيما بينها.
(إن السنن والآداب الإجتماعية هي عبارة عن مجموعة مقررات عامة انتقلت من الأجيال السالفة إلى الأجيال المتقدمة، وأضيفت إليها سنن وآداب جديدة حسب مقتضى ظروف كل جيل».
«ويعتقد «سيمنر» أن الآداب الإجتماعية هي الوسيلة الوحيدة التي تسكن الفرد من التآلف مع المجتمع . والآداب الإجتماعية تشمل على أدق العادات والتقاليد المتبعة في الحياة اليومية ، صغيرة كانت أم كبيرة ، لذا لا يمكن حصرها أو عدها»(1).
«وتنضم الأخلاق أيضاً إلى السنن والعادات والآداب الإجتماعية عندما يصبح لها بعد عملي. وتصبح سنن وآداب كل مجتمع قاعدة لنشاطاته وفعاليته ، وتشكل هذه السنن والآداب في الحقيقة السداة التي تنسج عليها لحمة النشاطات الفردية لأي مجتمع كان ، وهذه حقيقة كانت منذ قيام البشرية وما زالت قائمة حتى يومنا هذا» .
(على كل حال فإن الآداب اعتبرت بمثابة أسس للأخلاق، لأن رواج بعضها يدفع بالإنسان إلى اقتباس أخلاقه وعاداته من تلك الآداب ، وكل عادة بدورها تولّد توقعاً لا شعورياً)(2) .
إن كافة المقررات العادية والسنن والعادات والآداب الإجتماعية لا تتساوى من حيث القيمة في نظر الناس ، فالمجتمع لا ينظر إليها جميعاً من منظار واحد، بل ينظر إلى بعضها على أنها مهمة ويجب تطبيقها، والى بعضها الآخر على أنها عادية يمكن تجاهلها.
إن السنن والآداب الناجمة عن المعتقدات الدينية أو الأسس والمبادئ الوطنية ، والتي تلعب دوراً مهماً في سعادة المجتمع ، تعتبر ذات أهمية بالغة لا يمكن تجاهلها أو التمرد عليها، لأن في ذلك أضراراً مادية ومعنوية ، أما السنن والآداب النابعة من أفكار عادية ومبادئ حياتية سطحية ، فإنها ليست بذات اهمية ، وقد يتجاهلها البعض من أفراد المجتمع .
وقد أطلق بعض علماء الإجتماع على الجزء الأول من الآداب التي تتوفر من خلالها سعادة الإنسان اسم «السنن» ، فيما أطلقوا على الجزء الثاني اسم «العادات والتقاليد».
«تلك المجموعة من الآداب التي يرى المجتمع في الالتزام بها ضرورة تؤمن سعادته ورفاهيته، وفي تجاهلها وعدم تطبيقها خطراً يحدق به، تسمى بـ «السنن»».
«والسنن في تعريف «سيمنر» و((كلير» هي عبارة عن مجموعة من الآداب والعادات والتقاليد التي تضمن صلاح المجتمع وسعادته ، فيسعى الإنسان إلى تكييف نفسه معها دونما حاجة لأحد يجبره على ذلك . ففي الوقت الذي يستطيع الإنسان أن يضرب بعرض الحائط الآداب والتقاليد العادية دونما أي توبيخ أو عقاب يفرضه الآخرون عليه ، فإنه لن يتجزأ على تجاهل سنة من السنن الإجتماعية ، لأن ضرراً كبيراً سيلحق به نتيجة هذا التجاهل لأي سنة من السنن التي يعزز الدين دعائمها»(3).
عادات غير ثابتة:
إن الآداب والعادات الإجتماعية لكل قوم تكون متناسبة مع الوضع المعيشي والظروف الحياتية لأولئك القوم. ومع الأخذ بعين الاعتبار سعي جميع الأقوام والشعوب نحو الرقي والتكامل ، والتغير الدائم الذي يطرأ على ظروفها الحياتية في ظل التقدم والتطور العلمي والصناعي الذي تحققه ، فإن آدابها وعاداتها الإجتماعية بدورها لا يمكن أن تكون ثابتة ومستقرة ، بل هي دائماً في حالة تغير أو تبدل.
«إن الآداب والعادات الإجتماعية تتغير بتغير الظروف الإجتماعية ، ولكن هناك مقاومة تبرز عادة عند كل تغيير ، فالعادات المرتبطة بأفكار وآراء وتقاليد الأسرة العادية او الأسرة المالكة تبدي عادة مقاومة بوجه أي تغيير في العادات والآداب الإجتماعية أكثر من العادات والتقاليد المرتبطة بالمجال الاقتصادي لشعب ما ، كعادة جني المحصول»(4) .
ليس العقلاء والعارفون بمنأى عن التغييرات التي لا بد منها في كل مجتمع ، لكنهم يعلمون أن هذه التغييرات لن تحصل إلا بتغير مقتضيات الزمان ، لذا فهم لن ينثنوا أمام أي تغيير اجتماعي ، ولن يضلوا سبيل الحياة الصحيح ، بل يتدارسون هذه التغييرات بكل دقة ويواكبون التطور والتقدم الأساس والمفيد لزمانهم ، ويسعون إلى تطبيق أنفسهم مع الظروف الجديدة لمحيطهم ، ومعنى ذلك أنهم يطبقون عملياً الآداب والعادات الجديدة .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : أعرف الناس بالزمان من لم يتعجب من أحداثه(5).
وعنه (عليه السلام) : ينبغي لمن عرف الزمان ان لا يامن الصروف والغير(6).
_______________________
(1) علم الإجتماع، ص87.
(2) الأخلاق والشخصية، ص77.
(3) علم الإجتماع ،ص 89.
(4) علم الإجتماع، ص88.
(5) غرر الحكم، ص201.
(6) فهرست الغرر، ص 148.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|