المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



التطور في عالم الصناعة  
  
1438   02:18 صباحاً   التاريخ: 2023-06-24
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص84ــ88
القسم : الاسرة و المجتمع / التنمية البشرية /

من المؤسف أن المبادئ الاجتماعية في عالمنا اليوم ونعني به عالم الصناعة والآلة، هي في تغيير مستمر ، حيث تتبدل السنن والآداب العامة باستمرار وفي فترات قصيرة، وأثناء هذا التغيير والتبدل كم من المحرمات تصبح حلالا في نظر الناس والعكس بالعكس.

بمعنى أن السنن والآداب الاجتماعية كانت في الماضي وما زال في الحاضر عرضة لتحولات وتغييرات كبيرة ، ولم ولن تشهد ثباتاً واستقراراً ، لكنها أي هذه التحولات والتغييرات كانت تتم ببطء مرة كل عدة قرون ، لكنها بانت في عصرنا الصناعي الآلي سريعة جداً ، بحيث باتت هذه التغييرات تطرأ على الشؤون الأساسية للمجتمع خلال فترة حياة جيل واحد أو أقل ربما ، وأصبح مرفوضاً لدى المجتمع الكثير من السنن والآداب التي كانت يوماً مقبولة لديه، وطبيعي في مثل هذه الظروف والأجواء أن يعاني معظم الشباب من صراعات نفسية باطنية ، وقلق عميق إزاء تضارب المبادئ التي استحصلوا عليها من محيط الأسرة والمنزل مع المبادئ الاجتماعية الجديدة .

وهنا نرى من الضروري جداً أن نتطرق في بحثنا إلى السنن والآداب الإجتماعية ، لكي يعي أولياء الأطفال وكذلك جيل الشباب أهمية هذه المشكلة الإجتماعية والتربوية العظيمة ، ويعرفوا وجهة نظر الإسلام حيال التغييرات المباحة وغير المباحة ، ويدركوا دور التطور الصناعي والآلي في التسريع بتغيير الآداب الإجتماعية والسنن الأخلاقية.

الآداب الإجتماعية:

كان منذ سالف العصر والزمان وحتى يومنا هذ لكل ملة أو أمة مهما اختلفت ظروف معيشتها أو انتماءاتها أو مذاهبها أو لغاتها ، كانت لها سلسلة من المقررات تشكل سننها وآدابها الإجتماعية ، وتتعامل على أساسها فيما بينها.

(إن السنن والآداب الإجتماعية هي عبارة عن مجموعة مقررات عامة انتقلت من الأجيال السالفة إلى الأجيال المتقدمة، وأضيفت إليها سنن وآداب جديدة حسب مقتضى ظروف كل جيل».

«ويعتقد «سيمنر» أن الآداب الإجتماعية هي الوسيلة الوحيدة التي تسكن الفرد من التآلف مع المجتمع . والآداب الإجتماعية تشمل على أدق العادات والتقاليد المتبعة في الحياة اليومية ، صغيرة كانت أم كبيرة ، لذا لا يمكن حصرها أو عدها»(1).

الأسس الأخلاقية:

«وتنضم الأخلاق أيضاً إلى السنن والعادات والآداب الإجتماعية عندما يصبح لها بعد عملي. وتصبح سنن وآداب كل مجتمع قاعدة لنشاطاته وفعاليته ، وتشكل هذه السنن والآداب في الحقيقة السداة التي تنسج عليها لحمة النشاطات الفردية لأي مجتمع كان ، وهذه حقيقة كانت منذ قيام البشرية وما زالت قائمة حتى يومنا هذا» .

(على كل حال فإن الآداب اعتبرت بمثابة أسس للأخلاق، لأن رواج بعضها يدفع بالإنسان إلى اقتباس أخلاقه وعاداته من تلك الآداب ، وكل عادة بدورها تولّد توقعاً لا شعورياً)(2) .

إن كافة المقررات العادية والسنن والعادات والآداب الإجتماعية لا تتساوى من حيث القيمة في نظر الناس ، فالمجتمع لا ينظر إليها جميعاً من منظار واحد، بل ينظر إلى بعضها على أنها مهمة ويجب تطبيقها، والى بعضها الآخر على أنها عادية يمكن تجاهلها.

اختلاف الآداب والسنن:

إن السنن والآداب الناجمة عن المعتقدات الدينية أو الأسس والمبادئ الوطنية ، والتي تلعب دوراً مهماً في سعادة المجتمع ، تعتبر ذات أهمية بالغة لا يمكن تجاهلها أو التمرد عليها، لأن في ذلك أضراراً مادية ومعنوية ، أما السنن والآداب النابعة من أفكار عادية ومبادئ حياتية سطحية ، فإنها ليست بذات اهمية ، وقد يتجاهلها البعض من أفراد المجتمع .

وقد أطلق بعض علماء الإجتماع على الجزء الأول من الآداب التي تتوفر من خلالها سعادة الإنسان اسم «السنن» ، فيما أطلقوا على الجزء الثاني اسم «العادات والتقاليد».

«تلك المجموعة من الآداب التي يرى المجتمع في الالتزام بها ضرورة تؤمن سعادته ورفاهيته، وفي تجاهلها وعدم تطبيقها خطراً يحدق به، تسمى بـ «السنن»».

«والسنن في تعريف «سيمنر» و((كلير» هي عبارة عن مجموعة من الآداب والعادات والتقاليد التي تضمن صلاح المجتمع وسعادته ، فيسعى الإنسان إلى تكييف نفسه معها دونما حاجة لأحد يجبره على ذلك . ففي الوقت الذي يستطيع الإنسان أن يضرب بعرض الحائط الآداب والتقاليد العادية دونما أي توبيخ أو عقاب يفرضه الآخرون عليه ، فإنه لن يتجزأ على تجاهل سنة من السنن الإجتماعية ، لأن ضرراً كبيراً سيلحق به نتيجة هذا التجاهل لأي سنة من السنن التي يعزز الدين دعائمها»(3).

عادات غير ثابتة:

إن الآداب والعادات الإجتماعية لكل قوم تكون متناسبة مع الوضع المعيشي والظروف الحياتية لأولئك القوم. ومع الأخذ بعين الاعتبار سعي جميع الأقوام والشعوب نحو الرقي والتكامل ، والتغير الدائم الذي يطرأ على ظروفها الحياتية في ظل التقدم والتطور العلمي والصناعي الذي تحققه ، فإن آدابها وعاداتها الإجتماعية بدورها لا يمكن أن تكون ثابتة ومستقرة ، بل هي دائماً في حالة تغير أو تبدل.

«إن الآداب والعادات الإجتماعية تتغير بتغير الظروف الإجتماعية ، ولكن هناك مقاومة تبرز عادة عند كل تغيير ، فالعادات المرتبطة بأفكار وآراء وتقاليد الأسرة العادية او الأسرة المالكة تبدي عادة مقاومة بوجه أي تغيير في العادات والآداب الإجتماعية أكثر من العادات والتقاليد المرتبطة بالمجال الاقتصادي لشعب ما ، كعادة جني المحصول»(4) .

تغيّر الزمان:

ليس العقلاء والعارفون بمنأى عن التغييرات التي لا بد منها في كل مجتمع ، لكنهم يعلمون أن هذه التغييرات لن تحصل إلا بتغير مقتضيات الزمان ، لذا فهم لن ينثنوا أمام أي تغيير اجتماعي ، ولن يضلوا سبيل الحياة الصحيح ، بل يتدارسون هذه التغييرات بكل دقة ويواكبون التطور والتقدم الأساس والمفيد لزمانهم ، ويسعون إلى تطبيق أنفسهم مع الظروف الجديدة لمحيطهم ، ومعنى ذلك أنهم يطبقون عملياً الآداب والعادات الجديدة .

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : أعرف الناس بالزمان من لم يتعجب من أحداثه(5). 

وعنه (عليه السلام) : ينبغي لمن عرف الزمان ان لا يامن الصروف والغير(6).

_______________________

(1) علم الإجتماع، ص87.

(2) الأخلاق والشخصية، ص77.

(3) علم الإجتماع ،ص 89.

(4) علم الإجتماع، ص88.

(5) غرر الحكم، ص201.

(6) فهرست الغرر، ص 148. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.