أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-12
1411
التاريخ: 13-2-2018
16140
التاريخ: 2023-05-16
1147
التاريخ: 31-10-2016
2428
|
رابعاً : المنافسة التامة والكفاءة الاقتصادية
لقد تمثل اقتصاد المنافسة التامة عند الاقتصادي ادم سميث بوجود "يد خفية (Invisible hand) قادرة على توزيع الموارد الى افضل استخداماتها ، وبالتالي تحقيق زيادة في "ثروة" الامة . وقد شكلت رؤية سميث الاولية هذه النواة الرئيسية لما يعرف الآن باقتصاديات الرفاهية (Welfase Economics)، وبنظرياتها الاساسية القائمة على أساس وجود علاقة قوية بين التوزيع الكفوء للموارد وبين المنافسة في تسعير هذه الموارد .
وسنبدأ اولاً بتعريف الكفاءة الاقتصادية عند الاقتصادي "فيلفريدو باريتو" Vilfredo Pareto، الذي طرح فكرة تحقيق الكفاءة بهدف تعظيم رفاهية الافراد في اواخر القرن التاسع عشر. وقد عرف باريتو الرفاهية بانها توزيع الموارد الاقتصادية باسلوب ما بحيث يصبح من غير الممكن زيادة رفاه اي فرد في المجتمع دون الاضرار بمستوى رفاه فرد اخر. وعندها فقط ، يقال ان هذا الاقتصاد يعمل عند امثلية باريتو .
وفي ضوء هذا التعريف، فان الكفاءة الانتاجية او الكفاءة التقنية في المجتمع (Productive or Technical Efficiency) تعبر عن: توزيع الموارد الاقتصادية باسلوب ما بحيث لا تستطيع اية اعادة للتوزيع تحقيق زيادة بمقدار وحدة واحدة من سلعة ما ، من دون ان يكون ذلك على حساب خفض انتاج سلعة اخرى.
وتعتبر الكفاءة التقنية شرطاً يجب تحقيقه من اجل الوصول الى تحقيق كفاءة باريتو . اذن فالاهتمام هنا منصب على كيفية استخدام الموارد ويذكر في هذا الجانب وجود ثلاثة قواعد للتوزيع Allocation Rules يجب توافرها من اجل تحقيق الكفاءة الانتاجية في تخصيص الموارد.
* قاعدة التوزيع رقم (1)
المنشأة ذات الموارد المحدودة توزع هذه الموارد بكفاءة اذا استخدمتها بأكملها واذا كان معدل الاحلال التقني (Rate of Technical Substitution) للمدخلات متساوي لكل وحدات الانتاج التي تنتجها هذه المنشأة.
ويعبر معدل الاحلال التقني (RTS) عن نسب الانتاجية الحدية لمدخلات الانتاج.
* قاعدة التوزيع رقم (2)
ان الانتاج في المجتمع يعتبر كفوءاً اذا تم توزيع الموارد بحيث يكون الناتج الحدي المادي (Marginal physical product) لاي مورد مستخدم في الانتاج هو نفسه بغض النظر عن اي منشأة تنتج هذا الانتاج، وبغض النظر ان هذا الانتاج يتم في اي قطاع من القطاعات.
* قاعدة التوزيع رقم (3)
ان انتجت منشأتان ( او اكثر ) نفس المنتجات ، ينبغي عليهم ان ينتجوا على منحنى امكانيات الانتاج عند النقاط التي تجعل معدلات التحويل السلعي متساوية Rates of product transformation . اي بمعنى ان تنتج المنشآت خلطات او تجميعات كفوءة من الانتاج .
الا ان تحقيق الكفاءة التقنية ليس شرطاً كافياً لتحقيق كفاءة باريتو. ينبغي التأكد من ان المجموعة الصحيحة من السلع هي التي تنتج. فالشرط الضروري لضمان انتاج السلع المضبوطة اي المطلوبة فعلاً هو : ان معدل الاحلال الحدي لاية سلعتين (هذه المعدلات متماثلة عند جميع الافراد) يجب ان يتساوى مع السلعي للسلعتين ( المعدلات متماثلة لكافة المنشآت بموجب القاعدة) (3)، أي Marginal Rate of Subsbtution= Rate of Product transformation.
يبين الشكل التالي منحنى امكانيات الانتاج PP الذي يوضح الخلطات الممكن انتاجها من سلعتين هما X و Y . ان اي نقطة على PP تمثل نقطة كفاءة انتاجية . اما المنحنيات U 1 , U2 , U3 ، فتمثل منحنيات السواء بالنسبة لفرد ما في المجتمع. ويلاحظ ان نقطة واحدة فقط على PP تحقق تعظيم المنفعة ، وهي النقطة E ، حيث يمس المنحنى PP منحنى السواء الاعلى للفرد، اي U2 وعند نقطة الماس هذه نجد ان معدل الاحلال الحدي للفرد (بالنسبة للسلعة X على Y) يساوي المعدل التقني للتحويل السلعي بالنسبة لـ X على Y وهذا هو الشرط المطلوب لتحقيق الكفاءة الاجمالية.
تتمثل العلاقة بين المنافسة التامة والتوزيع الكفوء للموارد بما يلي:
الحصول على توزيع باريتو الكفوء للموارد يتطلب تساوي معدلات المبادلة او المقايضة (trade-off,rate) لاية سلعتين في السوق في سوق المنافسة التامة يتقبل كل من المستهلكين والمنتجين النسبة السعرية بين X و Y ويتكيفون معها. وبما ان الاسعار ثابتة ومعطاة سواء بالنسبة لقرارات تعظيم المنفعة للافراد او قرارات تعظيم الربح للمنشآت ، فان معدلات المبادلة بين X و Y تساوي نسب اسعار X و Y في السوق. وبما ان المتعاملين يواجهون نفس الاسعار فان معدلات المبادلة سوف تتساوى، وسيتحقق التوزيع الكفوء .
وسنبين فيما يلي ان التسعير الحر (competitive pricing) قد يؤدي فعلاً الى الكفاءة في الانتاج، وذلك في ضوء القواعد الثلاثة المذكورة انفاً.
ــ القاعدة الاولى نصت على وجوب تساوي معدل الاحلال التقني اي معدل تبادل المدخلات ببعض . فالمنشاة في سعيها الى تخفيض التكاليف ، فهي تساوي بين معدل الاحلال التقني للمدخلات مع نسب اسعار هذه المدخلات وبهذه الطريقة ، وبدون اي تدخل خارجي ، تستطيع المنشاة تحقيق استخدام نسب كفوءة من المدخلات.
ــ اما القاعدة الثانية فيفادها ان الانتاجية الحدية للمدخلات المستخدمة في انتاج سلعة معينة يجب ان تتساوى، وذلك بالنسبة لكل المنشآت. يلاحظ في سوق المنافسة التامة ، ان المنشأة التي تهدف الى تعظيم الربح تظل تستخدم وحدات اضافية من عنصر الانتاج الى النقطة التي تصبح مساهمته الحدية في الايرادات ، مساوية لكلفته الحدية MRL = MCL . وبالنتيجة فكل منشأة سوف يكون لديها نفس الانتاجية الحدية للعنصر الانتاجي المستخدم في الانتاج MP (للمنشأة 1) = MPL = ( للمنشأة 2) ... وهكذا .
وهكذا فإن قوى السوق تكون قد نجحت في تحقيق التوزيع الكفوء للمدخلات الانتاجية على المنشآت، وعلى كافة القطاعات الاقتصادية .
ــ واخيراً فقد نصت القاعدة الثالثة على وجوب ان يكون معدل التحويل السلعي بين اي سلعتين هو نفسه بالنسبة لكافة المنشآت (اي معدل استبدال سلعة باخرى في الإنتاج). وهنا فان سوق المنافسة التامة من شأنه ان يجعل معدل التحويل السلعي للسلعة X بالنسبة لـ Y) مساوياً لنسبة الكلفة الحدية للسلعة X بالنسبة للسلعة Y.
ولكن كل منشأة هدفها تعظيم الربح سوف تنتج ذلك المستوى من الانتاج الذي يساوي الكلفة الحدية مع سعر السوق. اذن فبالنسبة لكل منشأة MCX = Px و PY = MCY
وبالتالي فان وذلك بالنسبة لكافة المنشآت .
وهكذا تتحقق القاعدة الثالثة.(1)
اذن فان القرارات غير المركزية لعدد كبير من المنشآت ، القاضية بتعظيم الارباح ، قد تنجح في تحقيق الكفاءة الانتاجية دون وجود اي تدخل مركزي / حكومي . وتتخذ المنشآت الاسعار الحرة في السوق كمؤشرات تستخدمها في تحديد قراراتها وانماط سلوكها.
وهنا يمكن القول ان العلاقة بين المنافسة وبين كفاءة باريتو من شأنها ان تقدم حجة داعمة لنظرية سميث حول الحرية وعدم التدخل (laissez – faire). فالمنتجون لا يستطيعون تخمين" تفضيلات المستهلكين. لذلك فهم يستجيبون لما يرونه من مؤشرات في السوق. ومن جهة اخرى فالافراد ايضاً يستجيبون لهذه المؤشرات من خلال قراراتهم حول كيفية توزيع دخولهم . لذلك يمكن القول ان اي تدخل حكومي في هذه العملية التي تسير بسهولة وتلقائية لن يؤدي سوى الى فقدان كفاءة باريتو.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهنا تجدر الاشارة الى جانب المستهلك. ففي سعيه الى تحقيق اكبر استفادة من دخله المتاح ، وفي سعيه الى تعظيم منفعته او مستوى اشباعه ، فان المستهلك يستهلك الى النقطة التي يتساوى عندها معدل الاحلال الحدي بين السلع مع النسبة السعرية هذه السلع – ويمثل ذلك وجه الشبه بين معطيات الكفاءة الاقتصادية في استخدام الموارد وبين تحقيق الاستفادة القصوى من دخل الفرد. فنجد ان في كليها يهيمن التحليل الحدي على معطيات النظرية الاقتصادية الجزئية .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|