أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2020
2342
التاريخ: 21-3-2022
2002
التاريخ: 2023-08-10
833
التاريخ: 25-2-2016
1704
|
عانى علماء الكونيات كثيرا كي يجدوا الطريقة التي يصفون بها الكون المتمدد بلغة بسيطة. وإليك بعض المحاولات الشائعة: الفضاء موجود في الكون وليس الكون هو الموجود في الفضاء. حدث الانفجار العظيم في كل مكان، وليس في نقطة محددة في الفضاء كان الانفجار العظيم انفجارًا «للفضاء»، لا انفجارًا «في» الفضاء.
يمكن الاستعانة بتشبيه بسيط كي يساعدنا على الفهم وذلك بتخيل خيط طويل من المطاط مربوط به بعض الخرز على مسافات منتظمة (انظر الشكل 2-3). حين يتمدد الخيط، تبتعد الخرزات بعضها عن بعض. وحين يزداد ابتعاد كل خرزة عن جارتها سيكون المنظر من كل خرزة هو أن الخرزات الأخرى تبتعد عنها. إلا أن كل الخرز متساو، ولا توجد خرزة مركزية.
شكل 2-3: الكون المتمدد. في هذا التمثيل أحادي البعد يشبه الكون المتمدد بخيط مطاطي (يرمز للفضاء) مربوط فيه خرزات (تمثل المجرات) على مسافات متساوية، مع تمدد الخيط، تبتعد كل خرزة عن الخرزات الأخرى، ويكون المشهد من منظور أي خرزة واحدًا؛ إذ تبتعد عنها الخرزات الأخرى بسرعات تتناسب مع المسافة بينها. وما دمنا نعجز عن رؤية أي من طرفي الخيط، تبدو جميع الخرزات متساوية؛ فلا يوجد مركز أو طرف ظاهر من خلال توزيع الحركة أو نمطها.
سيكون التشبيه أفضل لو تخيلنا الفضاء نفسه على أنه مرن وقادر على التمدد. في حقيقة الأمر إن فكرة كون الفضاء مرناً ليست تشبيهًا بليغًا فقط، بل هي تقارب ما يعتقد علماء الفيزياء أنه الحقيقة بالفعل. إن قابلية الفضاء للتمدد، إضافة إلى الانحناء والطي، هي الأساس الذي بنيت عليه نظرية النسبية العامة لأينشتاين. وإذا نظرنا للفضاء على هذا النحو فسنجد أن تمدد الفضاء لا يعني بالأساس تحرك المجرات عبر الفضاء بقدر ما هو تمدد أو تضخم للفضاء بينها، وهي الصورة التي تقودنا لوصف آخر شهير:
يشبه الكون المتمدد الرغيف الذي ينتفخ وهو موضوع في الفرن حيث تلعب حبات الزبيب دور المجرات بينما يمثل العجين الفضاء.
سيلاحظ القارئ اليقظ خطأ في تشبيه الخيط المطاطي؛ لأن الخطوط المطاطية الحقيقية ذات طول محدد، لذا من المحتم أن تكون هناك خرزات في الطرف وأخرى قرب المركز. إلا أن المغزى هنا هو أنه لو كانت الخرزات وفيرة العدد على نحو هائل (لنقل مليارات ومليارات) وإذا كانت الرؤية من أي خرزة لا تصل لنهاية الخيط، عندئذ لن يكون هناك ما يشير إلى مركز أو طرف في ترتيب الخرزات وسط جيرانها. لكن هذا الخطأ يثير السؤال البديهي عما إذا كان في الكون الحقيقي، السبب في عدم وجود مركز أو طرف ظاهر هو أن تلسكوباتنا ليست قوية بما يكفي لكي تصل لهذا البعد. وقد يكون هذا هو الواقع بالفعل. فربما يكون الكون القابل للرصد مدفونا تحت كومة من المجرات التي، إذا نظر إليها من منظور أعم، لها طرف نهائي بالفعل. (وقد لا يكون له مركز واضح، إلا إذا كان تجمع المجرات هذا على شكل كروي.) وإذا كان الطرف بعيدًا للغاية فلن يكون عدم تكافؤ توزيع الإشعاع الحراري ظاهرًا؛ لأنه لن يكون قد مضى وقت كاف منذ الانفجار العظيم كي يصل إلينا الإشعاع الحراري المتضائل الذي يسافر بسرعة الضوء، من طرف الكون.
من ناحية أخرى قد لا يبدو الكون بهذا الشكل على الإطلاق؛ إذ قد يكون غير محدود من جميع الاتجاهات. أذكر جيدا، حين كنت في الثامنة من عمري تقريبا، أنني سألت والدي عن أين ينتهي الفضاء أجابني والدي بأنه من غير الممكن أن يكون للفضاء نهاية، لأنه لو كان له نهاية فسيثير هذا التساؤل عما يقع وراء أبعد نقطة فيه. هذا سبب معروف، لكن كما سأشرح قد يكون خاطئًا. في حقيقة الأمر، لا يوجد سبب منطقي يمنع الفضاء من أن يكون غير محدود ومسكونا بالمجرات في كل مكان فيه. سيحوي الفضاء وقتها عددًا لامتناهيًا من المجرات، الموزعة توزيعا متساويًا على صورة تجمعات – كما رأينا - تتمدد عبر الفضاء اللامتناهي إلى ما لا نهاية. وفي هذه الحالة تكون أبسط الافتراضات وأكثرها بداهة أن مشهد الكون سيكون واحدًا من أي مكان. وفي المناقشات المعنية ببنية الكون يشار لافتراض الاتساق هذا باسم المبدأ الكوني. وهذا المبدأ تطبيق لمبدأ آخر أكثر عمومية يسمى «مبدأ عدم التميز»، الذي يعني أنه لا يوجد شيء مميز أو سمة خاصة يتفرد بها موقعنا في الكون.
ومع أن هذا قد يربكك، فإنه يجب أن أقول إن المبدأ الكوني لا يعني بالضرورة وجود كون لانهائي؛ فمن الممكن أن يكون الكون محدد الحجم دون أن يكون له مركز أو طرف. يمكن امتلاك هذه السمات المتناقضة من الظاهر إذا تخيلنا أن الفضاء يمكن أن ينحني حول ذاته. سأشرح هذه الفكرة بالعودة لمثال الشريط المطاطي: افترض أن الشريط كان في حقيقته شريطًا مطاطيًّا دائريا عملاقًا، يمتد لقطر أكبر وأكبر (انظر الشكل 2-4)، والخرزات مربوطة به على مسافات متساوية. لا توجد هنا أي خرزة مركزية أو أخرى تقع قرب الطرف، بل جميع الخرزات متساوية بشكل تام، ومع ذلك تتحرك جميع الخرزات بعيدًا بعضها عن بعض مع تمدد الشريط المطاطي. هذا مثال على كون متناه غير محدود ممكنا في الوقت ذاته من الخرزات، والذي يصير ممكنا لو سمحنا للفضاء المطاطي بأن ينغلق على نفسه على شكل دائرة بعد قليل سأشرح كيف يمكن للفضاء الحقيقي ثلاثي الأبعاد أن يكون منغلقا بهذا الشكل. لكن هناك موضوعًا أكثر أهمية يحتاج للشرح أولاً:
شكل 2-4: الفضاء المغلق من الممكن للفضاء ثلاثي الأبعاد أن يكون مغلقا. يبين تشبيه الشريط المطاطي أحادي البعد هذا سمة انغلاق الفضاء، دون وجود مركز أو طرف (بمعنى عدم وجود مركز أو طرف في أي مكان من الشريط). ومع تمدد الكون يتمدد الشريط المطاطي إلى قطر أكبر، دون الإخلال بخاصية عدم وجود المركز أو الطرف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|