المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

التدرن الدقيق المخبري Microtuberisation (انتاج المحاصيل الدرنية بتقنية التكاثر الدقيق)
2023-04-24
Mauro Picone
9-6-2017
السؤال في القيامة
9-08-2015
مفجر الثورة ثورة أبي السرايا
10-8-2016
ما ينبغي للصائم عند الإفطار
22-9-2016
انتماء ام البنين
3-9-2017


صوم الإمام زين العابدين  
  
1714   05:27 مساءً   التاريخ: 13/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص131-134
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام) /

وقضى الإمام معظم أيام حياته صائما ، وقد قالت جاريته حينما سئلت عن عبادته : « ما قدّمت له طعاما في نهار قطّ » وقد أحبّ الصوم وحثّ عليه إذ قال ( عليه السّلام ) : « إنّ اللّه تعالى وكّل ملائكة بالصائمين »[1] ، وكان ( عليه السّلام ) لا يفطر إلّا في يوم العيدين وغيرهما ممّا كان له عذر .

وكان له شأن خاص في شهر رمضان ، أنّه لم يترك نوعا من أنواع البرّ والخير إلّا أتى به ، وكان لا يتكلم إلّا بالتسبيح والاستغفار والتكبير ، وإذا أفطر قال : « اللّهم إن شئت أن تفعل فعلت »[2].

وكان ( عليه السّلام ) يستقبل شهر رمضان بشوق ورغبة لانّه ربيع الأبرار ، وكان يدعو لدى دخول شهر اللّه تعالى بدعاء نقتطف منه بعض الفقرات ، قال ( عليه السّلام ) :

« الحمد للّه الذي هدانا لحمده وجعلنا من أهله ؛ لنكون لإحسانه من الشاكرين ، وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين .

والحمد للّه الذي حبانا بدينه ، واختصّنا بملّته ، وسبّلنا[3] في سبل إحسانه ، لنسلكها بمنّه إلى رضوانه . . . والحمد للّه الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام وشهر الإسلام وشهر الطهور وشهر التمحيص وشهر القيام . . .

اللّهم صلّ على محمد وآله ، وألهمنا معرفة فضله ، وإجلال حرمته ، والتحفّظ ممّا حظرت فيه ، وأعنّا على صيامه بكفّ الجوارح عن معاصيك ، واستعمالها فيه بما يرضيك ، حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو ، ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو ، وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور ، ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور ، وحتى لا تعي بطوننا إلّا ما أحللت ، ولا تنطق ألسنتنا إلّا بما مثّلت ، ولا نتكلّف إلّا ما يدني من ثوابك ، ولا نتعاطى إلّا الذي يقي من عقابك ، ثم خلّص ذلك كلّه من رئاء المرائين وسمعة المسمعين ، لا نشرك فيه أحدا دونك ، ولا نبتغي فيه مرادا سواك . . .

اللهمّ اشحنه[4] بعبادتنا إيّاك ، وزيّن أوقاتنا بطاعتنا لك ، وأعنّا في نهاره على صيامه ، وفي ليله على الصلاة والتضرع إليك والخشوع لك والذلّة بين يديك حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة ولا ليله بتفريط .

اللهمّ واجعلنا في سائر الشهور والأيام كذلك ما عمّرتنا . . . »[5].

وكان الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) في كلّ يوم من أيام شهر رمضان يأمر بذبح شاة وطبخها . . . فإذا نضجت يقول : « هاتوا القصاع » ويأمر بأن يفرّق على الفقراء والأرامل والأيتام حتى يأتي على آخر القدور ولا يبقي شيئا لإفطاره ، وكان يفطر على خبز وتمر[6].

ومن مبرّات الإمام ( عليه السّلام ) في شهر رمضان المبارك كثرة عتقه وتحرير أرقّائه من رقّ العبودية ، على أنهم كانوا يعيشون في ظلاله محترمين ، فكان يعاملهم كأبنائه ، وكان ( عليه السّلام ) لا يعاقب أمة ولا عبدا إذا اقترفا ذنبا ، وإنّما كان يسجّل اليوم الذي أذنبوا فيه ، فإذا كان آخر شهر رمضان جمعهم وأظهر الكتاب الذي سجّل فيه ذنوبهم ، ويقول :

« ارفعوا أصواتكم وقولوا : يا عليّ بن الحسين ! إنّ ربّك قد أحصى عليك كلّ ما عملت ، كما أحصيت علينا ما عملناه ، ولديه كتاب ينطق بالحقّ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيت إلّا أحصاها ، وتجد كلّ ما عملت لديه حاضرا ، كما وجدنا كلّ ما عملنا لديك حاضرا ، فاعف واصفح ، كما ترجو من المليك العفو ، وكما تحبّ أن يعفو المليك عنك ، فاعف عنّا تجده عفوّا ، وبك رحيما ولك غفورا ، ولا يظلم ربّك أحدا . . . كما لديك كتاب ينطق بالحقّ علينا ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيناه إلّا أحصاها ، فاذكر يا عليّ بن الحسين ذلّ مقامك بين يدي ربّك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبّة من خردل ، ويأتي بها يوم القيامة ، وكفى باللّه حسيبا وشهيدا ، فاعف واصفح يعف عنك المليك ويصفح ، فإنّه يقول : وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ[7].

وكان يلقّنهم بتلك الكلمات التي تمثّل انقطاعه التامّ إلى اللّه تعالى واعتصامه به ، وهو واقف يبكي من خشيته تعالى ويقول :

« ربّ إنّك أمرتنا أن نعفو عمّن ظلمنا ، وقد عفونا عمّن ظلمنا كما أمرت فاعف عنّا فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين ، وأمرتنا أن لا نردّ سائلا عن أبوابنا ، وقد أتيناك سؤّالا ومساكين ، وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك فامنن بذلك علينا ، ولا تخيّبنا فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين ، إلهي كرمت فأكرمني ، إذ كنت من سؤّالك وجدت بالمعروف فأخلطني بأهل نوالك يا كريم . . . » .

ثم يقبل عليهم بوجهه الشريف وقد تبلّل من دموع عينيه قائلا لهم بعطف وحنان : « قد عفوت عنكم ، فهل عفوتم عنّي ؟ وممّا كان منّي من سوء ملكة ، فإنّي مليك سوء لئيم ظالم ، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضّل . . . » وينبري العبيد قائلين له : قد عفونا عنك يا سيّدنا ، فيقول لهم : « قولوا : اللهمّ اعف عن عليّ بن الحسين كما عفا عنّا ، فاعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق » .

فيقولون ذلك ، ويقول بعدهم : « اللهمّ آمين ربّ العالمين ، اذهبوا فقد عفوت عنكم ، وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عنّي وعتق رقبتي » فإذا كان يوم عيد الفطر أجازهم جائزة سنيّة تغنيهم عمّا في أيدي الناس[8].

 


[1] دعوات الراوندي : 4 .

[2] فروع الكافي : 4 / 88 .

[3] سبّلنا : أدخلنا .

[4] أي : املأه بعبادتنا إيّاك .

[5] الصحيفة الكاملة السجادية : الدعاء 44 .

[6] بحار الأنوار : 46 / 72 .

[7] سورة النور ( 24 ) : 22 .

[8] بحار الأنوار : 46 / 103 - 105 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.