عمل إنّ اجعل لـ لا في نكره ... مفردة جاءتك أو مكرره
فانصب بها مضافا أو مضارعه ... وبعد ذاك الخبر اذكر، رافعه
الشرح لابن عقيل:
1- هذا هو القسم الثالث من الحروف الناسخة للابتداء وهي "لا" التي لنفي الجنس، والمراد بها "لا" التي قصد بها التنصيص على استغراق النفي للجنس كله. وإنما قلت: "التنصيص" احترازا من التي يقع الاسم بعدها مرفوعا نحو "لا رجل قائما" فإنها ليست نصا في نفي الجنس إذ يحتمل "لا رجل قائما بل رجلان"، وبتقدير نفي الوحدة يجوز "لا رجل قائما بل رجلان"؛ وأما "لا" هذه فهي لنفي الجنس ليس إلا، فلا يجوز "لا رجلَ قائم بل رجلان".
وهي تعمل عمل "إن" فتنصب المبتدأ اسما لها وترفع الخبر خبرا لها، ولا فرق في هذا العمل بين المفردة وهي التي لم تتكرر نحو "لا غلامَ رجل قائم" وبين المكررة نحو "لا حول ولا قوة إلا الله" ولا يكون اسمها وخبرها إلا نكرة، فلا تعمل في المعرفة؛ وما ورد من ذلك مؤول بنكرة كقولهم: "قضية ولا أبا حسن لها" والتقدير: "ولا مسمى بهذا الاسم لها". ويدل على أنه معامل معاملة النكرة وصفه بالنكرة لقولك: "ولا أبا حسن حنانا لها"(1).
ص183
ولا يفصل بينها وبين اسمها، فإن فصل بينهما ألغيت كقوله تعالى: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُون} (2).
2- لا يخلو اسم "لا" من ثلاثة أحوال: الحال الأول: أن يكون مضافا نحو "لا غلامَ رجلٍ حاضر". الثاني: أن يكون مضارعا للمضاف أي: مشابها له, والمراد به كل اسم له تعلق بما بعده إما بعمل نحو "لا طالعا جبلا ظاهر" و"لا خيرا من زيد راكب"، وإما بعطف نحو "لا ثلاثة وثلاثين عندنا" ويسمى المشبه بالمضاف مطولا وممطولا أي: ممدودا. وحكم المضاف والمشبه به النصب لفظا كما مثل. والحال الثالث: أن يكون مفردا, والمراد به ما ليس بمضاف ولا مشبه بالمضاف، فيدخل فيه المثنى والمجموع، وحكمه البناء على ما كان ينصب به؛ لتركبه مع "لا" وصيرورته معها كالشيء الواحد، فهو معها كـ "خمسة عشر" ولكن محله النصب بـ "لا" لأنه اسم لها. فالمفرد الذي ليس بمثنى ولا مجموع يبنى على الفتح لأن نصبه بالفتحة نحو "لا حول ولا قوة إلا بالله" والمثنى وجمع المذكر السالم يبنيان على ما كانا ينصبان به وهو الياء نحو: "لا مسلمينِ لك ولا مسلمينَ لزيد" فـ "مسلمين" و"مسلمين" مبنيان لتركبهما كما بني "رجل" لتركبها معها. وذهب الكوفيون والزجاج إلى أن "رجل" في قولك "لا رجل" معرب, وأن فتحته فتحة إعراب لا فتحة بناء، وذهب المبرد إلى أن "مسلمينِ ومسلمينَ" معربان.
ص184
وأما جمع المؤنث السالم, فقال قوم: يبنى على ما كان ينصب به وهو الكسر, فتقول: "لا مسلماتِ لك" بكسر التاء, ومنه قوله:
إن الشباب الذي مجد عواقبه ... فيه نلذ ولا لذات للشيب(3)
وأجاز بعضهم الفتح نحو "لا مسلماتَ لك". وقول المصنف:
"وبعد ذاك الخبر اذكر، رافعه"
معناه: أنه يذكر الخبر بعد اسم "لا" مرفوعا، والرافع له "لا" عند المصنف وجماعة، وعند سيبويه الرافع له "لا" إن كان اسمها مضافا أو مشبها بالمضاف، وإن كان الاسم مفردا فاختلف في رافع الخبر: فذهب سيبوبه إلى أنه ليس مرفوعا بـ "لا" وإنما هو مرفوع على أنه خبر مبتدأ؛ لأن مذهبه أن "لا" واسمها المفرد في موضع رفع بالابتداء والاسم المرفوع بعدها خبر عن ذلك المبتدأ، ولم تعمل "لا" عنده في هذه الصورة إلا في الاسم؛ وذهب الأخفش إلى أن الخبر مرفوع بـ "لا" فتكون "لا" عاملة بالجزأين كما عملت فيهما مع المضاف والمشبه به (4).
ص185
__________
(1) حنانا: راحما، ويروى: حيا.
(2) سورة الصافات 37/ 47.
(3) البيت لسلامة بن جندل السعدي.
(4) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 1/ 141-144, الطبعة الثانية ببولاق سنة 1302هـ.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|