المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



المدرسة التكوينية التقليدية لبحث السلوك الاجرامي  
  
4431   02:03 صباحاً   التاريخ: 20-6-2022
المؤلف : جمال ابراهيم الحيدري
الكتاب أو المصدر : علم الاجرام المعاصر
الجزء والصفحة : ص 60-74
القسم : القانون / علوم قانونية أخرى / علم الاجرام و العقاب /

تضمنت هذه المدرسة عدة تفسيرات ومن أهمها تفسير (لومبروزو، وجورنج وهوتون)

أولا: تفسير لومبروزو:(1)

يعمل لومبروزو طبيبا للأمراض العقلية، وكانت خدمته في الجيش الإيطالي قد أتاحت له فرصة البحث الجنائي، ودراسة أسباب الظاهرة الأجرامية بصورة خاصة، وقد بحث عن هذه الأسباب في شخص المجرم، حيث بدأت جهوده العلمية بالتأمل في سلوك بعض الجنود المنحرفين عن طريق فحصهم ودراسة المظاهر العضوية والتكوين الجسماني لهم من أجل التوصل إلى تحديد الخصائص المشتركة بينهم، ومن ثم مقارنتها مع الخصائص المشتركة للجنود الأسوياء، وقد لفت نظر لومبروزو إنتشار الرسوم القبيحة والوشم على أجسام الجنود الأشرار، ووجود الشذوذ البدني لبعض المجرمين الذين اقترفوا جرائم متسمة بالعنف والقسوة، لذلك تكونت لديه القناعة بوجود نموذج للإنسان المجرم بطبيعته أو بالفطره(2) وهو الشخص الذي ترشحه منذ ولادته خصائص بيولوجية معينة لأن يكون مجرما. فالمجرم عند لومبروزو لا يختلف عن الإنسان السوي في تكوينه البنائي الخارجي فحسب، وإنما يختلف عنه أيضا في تكوينه الجسمي الداخلي وفي بنائه السيكولوجي والعقلي. وقد ذهب الوميروزو إلى أن المجرم يتصف ببعض مظاهر الشذوذ في تكوينه الجسماني وقد أطلق عليها علامات الرجعة، لأنها تدل على عدم إنسجامه وإرتداده إلى الأنسان البدائي الأول، وأن هذه العلامات الأرتدادية التي يتميز بها هذا المجرم هي نفس الخصائص البيولوجية التي يتصف بها الإنسان البدائي، وهذه النتائج تضمنها كتابة الإنسان المجرم) عام 1876. (3). إن هذه الاستنتاجات كانت تهدف إلى إثبات الطبيعة الوراثية للأجرام لأن من شأن هذه الطبيعة هو إملاء صيغة الجريمة، والملاحظ أن لومبروز قد أعتقد أن السبب الأساسي للجريمة يكمن في بناء الشخصية الفردية.

حيث قال بأن نصفها جسمي (شكل الوجه وتركيب الجسم والنصف الآخر أخلاقي، وأنها ترتكز على التكوين الوراثي للمجرم لأن شخصيته منذ ولادته هي التي تقوده حتما إلى الجريمة (4).

هذا وقد أجرى لومبروزو تعديلات على تفسيره في الطبعات الجديدة من كتابة المذكور في عام 1899 و 1897، حيث جاء فيه أن العلامات الارتدادية لا تسبب بمفردها السلوك الإجرامي، وإنما يجب أن تتفاعل مع شخصية من يحملها فيما إذا هیأت لها الظروف لأنتاج السلوك الإجرامي) وبهذا انتهى إلى نتيجتين هما:

آ- أن العلاقات الارتدادية تكون موجودة لدى اغلب المجرمين وليس جميعهم، كما أنها يمكن أن تكون موجودة لدى غير المجرمين .

ب- لايمكن لعامل الوراثة بمفرده من تحقيق الجريمة، وانما ينبغي أن تتظافر معه عوامل أخرى يكتسبها الفرد بعد الميلاد (5). وهذا يعني ان الخصائص البيولوجية والتشريحية للاجرام ليست في الواقع سبب الجريمة ولكنها عوامل مساعده تسهم في مضاعفة قابلية الفرد لأرتكابها. (6) وتطبيقا للمنهج التجريبي المستخدم لاثبات الصفات العضوية قام لومبروزو بتشريح 1383 جمجمة لمجرمين متوفين. كما قام بفحص عدد كبير المجرمين الاحياء (59. 7) شخص، وكان نتيجة ذلك رسوخ القناعة لديه بتحقق علامات الرجعة او العلامات الارتدادية لدى بعض المجرمين. اضافة إلى تبنيه لمبدأ الجبرية في اسناد المسؤولية الجزائية دون مبدأ الارادة الحرة. هذا وقد تجاهل لومبروزو أي دور للعوامل الاجتماعية في احداث السلوك الإجرامي ومن ابرز الحالات التي بحثها لومبروزو هي (7) :

1- المجرم (فيليلا) الذي كان لص و قاطع طريق حيث قام بفحصه وهو حي، و تشریح جتثه بعد مماته. حيث لاحظ لديه تجويف في قاع الجمجمة مشابه الما موجود لدى بعض الحيوانات الدنيا كالقردة والطيور. کا توصل إلى أنه شخص متميز بخفة غير عادية في حركته ومغرورا. بنفسه وحبه للسخرية والاستهزاء من الاخرين (8) وخلص من ذلك إلى أن المجرم وحش بدائي تتوافر فيه بطريق الوراثة خصائص الإنسان البدائي وبذلك ربط بين الأجرام والتخلف العضوي.

2- المجرم (فرسيني) الذي قتل (2) امرأة بطريقة وحشية مع شرب دماؤهم قبل دفنهم، وقد ظهر له بأن هذا المجرم يتصف ببعض الخصائص الجثانية والتشريحية للإنسان البدائي.

3- المجرم (مسديا) الذي كان جنديا ومصاب بالصرع وقد قتل (8) من رؤوساءه وزملائه وسقط مغميا عليه لاصابته بنوبة الصرع، وسبب ذلك كان لسخرة احد رؤسائه من بلدته التي يعيش فيها وقد لاحظ (لومبروزو) بأن نوبة الصرع التي اصابت (مسديا) بأنها وراثية أضافة إلى أن سلوكه كان متسا بالوحشية والحيوانية. وعليه أعلن أن العلاقة بين الإجرام والصرع علاقة وثيقة واعتبر المجرم الصرعي من ضمن فئة المجرمين بالميلاد (بالفطرة). وقد قسم لومبروزو المجرمين إلى ثلاثة فئات هم (المجرم بالفطرة (الميلاد) والمجرم المجنون والمجرم بالعاطفة) ثم أضاف فئتين أخرتين هما (المجرم بالصدفة والمجرم المعتاد)(9).

 المجرم بالفطرة: (10) هي الفئة المميزة والتي تعتبر محور نظريته، وهو الشخص الذي يولد وفي نفسه بذرة الإجرام. حيث يرث عن آباءه مجموعة من الخصائص الجسمية والعقلية التي تفضي به إلى الانحراف الإجرامي (11). والعلاج الذي اقترحه لهذه الفئه يتمثل في الابعاد النهائي إلى محل ناء ليكون المجتمع في مأمن على كيانه او احتجازه احتجازا مؤبدا او عزله في مكان ما مع فرض اشد الرقابة عليه، والافضل لدى لومبروز و قتله لانه لا سبيل للوقاية من شروره الا بهذا الاسلوب ويتميز هذا المجرم بمظاهر شذوذ بدني تظهر في ملامحه من اهمها عدم انتظام الجمجمة وصغر حجمها- بروز عظام الوجنتين -شذوذ في حجم الاذنين ضخامة الشفتين - غزارة شعر الرأس... الخ (12).

كما يتميز هذا المجرم بصفات نفسية كالقوة البالغة وحب الشر وانعدام الإحساس بالألم واللامبالاة وعدم الشعور بتأنيب الضمير وعدم الحياء (13).

المجرم المجنون: هو الشخص الذي اصبحت حالته خطرة بسبب الجنون. فالجنون حالة سابقة على حالة الخطورة، لانه بسبب الجنون يفقد ملکه التمييز بين الخير والشر. آن حالة هذا المجرم حالة مرضية تستدعي معالجته عن طريق وضعه في مصح او مأوی علاجي معد لهذا الغرض ليؤمن شره ويشفي من مرضه ان امكن. اما اذا تعذر معالجته من هذا المرض فالافضل استئصاله من المجتمع وتخليص المجتمع من شره. وقد قسم (لومبروزو) هذه الفئة إلى ثلاثة طوائف:

أ- المجرم المجنون: وهو الشخص المصاب بنقص في عقله ويدخل ضمن هذه الطائفة حالات انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا) وجنون العقائد الوهمية (البارانويا) ومدمن الخمور والمخدرات.

ب- المجرم الصرعي: هو الشخص المصاب بمرض الصرع الوراثي غالبا الذي يؤثر على العضلات والأعصاب والتوازن النفسي والذي يتحول إلى مرض عقلي متى ما تفاقم لديه المرض أو ازدادت مضاعفاته وفي هذه الحالة يصنف كمجرم مجنون.

ج- المجرم السيكوباتي : وهو الشخص المصاب بخلل أو شذوذ بسبب قواه النفسية فيؤدي إلى انحراف نشاطها عن السير الطبيعي. وتعتبر حالة المجرم السيكوباتي من أهم حالات التخلف النفسي التي له علاقة وثيقة بالسلوك الإجرامي، ومن أهم ما يتميز به هذا المريض هو عجزه عن التحكم في غرائزه. المجرم بالعاطفة: هو الشخص الذي يتميز بحساسية خاصة تجعله يتأثر بسرعة فيخضع اللانفعالات والعواطف المتخلفة (كالحب والغضب والغيرة والحسد والحماس لرأي أو موقف) فيندفع نحو ارتكاب الجريمة دون سبق اصرار او عزم وتصميم وبعد ذلك يرجع إلى مزاجه الاعتيادي وحالته الطبيعية فيشعر بتأنيب الضمير. والصفة الغالبة لجرائمه هي جرائم الأشخاص والجرائم السياسية. ولكون هذا المجرم يندم بسرعة ولافائدة لعقابه لذا يفضل لومبروزو عدم اخضاعه لعقوبة قد تفقده وتجعل منه مجرما بالعادة. ومن المفضل ابعاده عن الوسط الذي ارتكبت فيه الجريمة والزامه بتعويض الضرر الذي تسبب فيه ان كان كبيرا او عدم تنفيذ الحكم ضده لان وقف التنفيذ قد يحثه على التوبة ويسرع في تحقيقها.

المجرم بالعادة: وهو الشخص الذي يكتسب الأجرام من محيطه ويعتاد على ارتكاب الجرائم بتأثير الظروف الاجتماعية. والصفة الغالبة لجرائمه هي جرائم الاعتداء على الأموال وخاصة (جرائم السرقة)(14). وذهب (لومبروزو) إلى ضرورة العناية بهذا المجرم من خلال فرض الرقابة المقرونة بالتوجيه والارشاد وتنسيب اعمال مناسبة له بحسب ملكاته الذهنية وقدراته البدنية لمدة زمنية غير محددة تنتهي بزوال الحالة الخطرة وتحقق صلاحه، واذا اقتضى الأمر يمكن عزله عن المجتمع ليؤمن شره. المجرم بالصدفة: وهو الشخص الذي لا يتوفر فيه الميل الأصيل للأجرام الا انه يتميز بضعف الوازع الخلقي بحيث يتأثر بسرعة للمتغيرات الخارجية فيعجز عن تقدير نتائج اعاله وتصرفاته، لذا يرتكب الجريمة بدافع حب الظهور او التقليد. واما  الجزاء المناسب له لا يتحقق بتطبيق العقوبة لأنها يمكن أن تؤثر في سلوكه من خلال اختلاطه بغيره من المجرمين، لذا يفضل ابعاده عن محيطه وايداعه في مجتمعات زراعية او صناعية لمدة زمنية غير محددة تكون مرتبطة بتحسن حالته مع الزامه بتعويض الضرر الذي احدثه. (15).

مزايا النظرية: النظرية لومبروزو جملة مزايا اهمها:

1- استخدام لومبروزو الاسلوب التجريبي الذي مهد الطريق أمام البحوث والدراسات الخاصة بتحليل الظاهرة الاجرامية، هذا مما ترتب عليه ظهور علم الأنثروبولوجيا الجنائية الذي يهتم بدراسة المظاهر العضوية والنفسية للانسان المجرم.

2- له الفضل في استخدام اسلوب المقارنة الاحصائية بين المجرمين وغيرهم وبهذا فتح المجال لغيره من المختصين والباحثين للقيام بدراسات علمية جادة تعتمد الاحصاء اساسا من اجل التوصل إلى معرفة الاختلافات البيولوجية بين المجرمين.

3- ان اسلوب لومبروزو کان متسا بالابتكار من حيث المنهج حيث قام بنقل المنهج العلمي التجريبي من العلوم الطبيعية إلى ميدان العلوم الجنائية.

4 - اتسم اسلوبه بالابتكار من حيث الصياغة حيت نجح في صهر اراء العلماء والباحثين الذين سبقوه ثم اعادة صياغة اراءهم باسلوب جديد ضمنه ثمرة تجاربه واستنتاجاته التي توصل اليها.

5- اثرت نظريته بالسياسة الجنائية وقتذاك فاعتمدت الكثير من ارائه وخاصة المتعلقة بفئة المجرمين بالولادة والتي يخضع المجرم فيها للميل الإجرامي(16).

نقد النظرية: (17) هناك عدة انتقادات وجهت إلى نظرية لومبروزو من اهمها:

1- أن اعتاد تفسير السلوك الإجرامي على دراسة الناحية التكوينية للمجرمين فقط تفسير قاصر بطبيعته عن الاحاطة بالسلوك الإنساني في مفهومه الواسع.

حيث أن لومبروزو لم يتمكن من الاطلاع على كل الخصائص البيولوجية لجميع الإفراد سواء كانوا مجرمين أم غير مجرمين عند فحصه لاجساد المجرمين وتشريحهم، كما أن العينة التي اجري عليها أبحاثه كانت قليله نسبية من حيث العدد، فضلا عن أن العينة محل الأبحاث لم تكن تمثل تمثيلا صادقا الظاهرة الاجرامية، فأغلب المجرمين الذين اخضعوا لأبحاثه من مرتكبي جرائم العنف وبصفة خاصة القتل، وليست هذه هي الفئة الوحيدة التي تشتمل عليها الظاهرة الاجرامية، نضف إلى ذلك ان لومبروزو لم يستخدم المجموعة الضابطة في أبحاثه حيث لم يقارن المجرمين بعدد مماثل من غير المجرمين. ولكن يلاحظ ان لومبروزو استخدم المجموعة الضابطة في خصوص أجرام النساء فقط، ومع كل ذلك فانه لجأ إلى التعميم الخاطئ في استخلاص نتائجه، حيث أن ماتوصل إليه من نتائج كان بصدد حالات فردية محدده. ولكنه ذهب إلى القول بانها تنطبق على كافة المجرمين وهذا غير صحيح لان التعميم الصحيح يكون وليد الاستقراء الذي يعتمد على تعدد الحالات الجزئية وقيامها على ذات العلة (18).

2- لايمكن التسليم بأن كل من يتميز بالخصائص العضوية والنفسية التي حددها الومبروزو هو إنسان مجرم حتى لو لم يرتكب الجريمة، وذلك لصعوبة الإحاطة بالنفس الإنسانية كما تصورها لومبروزو، حيث أن البحث العلمي مازالت وسائله عاجزة عن سير أعماق النفس وکوامنها الخفية. فالخطورة الإجرامية تكمن في أعماق النفس وليس في المظهر الخارجي للإنسان إذ أن الجريمة تقترف بالنفس قبل الجوارح.

حيث أن لومبروزو کان متفاؤلا عندما حكم على مكنونات النفس من خلال المظهر الخارجي لجسم الإنسان. علما بان النفس الإنسانية عالم يضم مجموعة من المشاعر والأحاسيس والدوافع تختلف من شخص لأخر وفي نفس الشخص قد تتباين من وقت لأخر .

3- لم يثبت علميا توافر علامات الرجعة او الارتداد لدى الإنسان البدائي وما يصاحبها من میل طبيعي إلى اقتراف الجريمة بل بالعكس أن المجتمعات البدائية لم يلاحظ فيها تأصل الروح الاجرامية، وانا يشهد سلوكها على براءتها وخير دليل هي قصة قتل قابيل لأخيه هابيل ورغبة هابيل لأن يكون مقتولا الا قاتلا(19) والتي تدل على كونها نموذج لطبيعة الخير والسياحة والطيبة والشروالعدوان.

 4- لايمكن التسليم بوراثية الإجرام وما يترتب على هذا الرأي من نتائج والدليل قوله تعالى ( ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها) (20) التي تدل على أن الإنسان يمكن أن ينهج نهج الخير او الشر سواء كان فطرية ام مكتسبا، لذا ليس من المقبول علميا ومنطقيا القول بوجود مجرم بالولادة. فمن جهة العلم له يثبت قابلية الصبغات على نقل خصائص اجرامية او سلوك منحرف من السلف إلى

الخلف، لان السلوك لايورث اما من حيث المنطق فان دراسة التاريخ القديم والحديث يدل على خلاف ذلك والواقع المعاصر ایضا، ولو سلمنا بفطرية الأجرام لكان من الظلم معاقبة انسان على فعل مجبر على ارتكابه.

ثانيا- تفسير جورنج

كان جورنج طبيب بريطاني أتاحت له خدمته في السجون البريطانية الفرصة الأجراء الدراسات والبحوث التي عدت أساسا لنظريته، حيث بدأ عام 1901 بإجراء دراسات إحصائية مقارنة لمدة ثمان سنوات لفحص عينة شملت (3000) مجرم محكوم عليه، وشملت المجموعة الضابطة المدنيين وخاصة المهندسين والمرضى الراقدين في المستشفيات. (21) وكان الهدف من الدراسة هو التحقق من صحة علامات الرجعة لدى بعض المجرمين والتي قال بها لومبروزو. هذا وقد اتبع خطة بتصنيف المجرمين إلى عدة طوائف حسب نوع الجريمة المقترفة ثم قام بفحص ملامحهم جميعا وقياس اعضائهم وتكوينها لاجل مقارنتها بالصفات والخصائص لدى غير المجرمين وقد توصل إلى النتائج الآتية:

أ. عدم وجود علامات أو أوصاف تمیز مجرمي كل طائفة عن الأخرى أو تمیز المجرمين عموما عن غيرهم.

ب. عدم وجود أي شذوذ في الملامح الخارجية التي تميز المجرم عن غيره.

ج. أن المجرمين يتميزون عموما عن غيرهم بنقص في الوزن (3- 7) رطل.

د. أن المجرمين يتميزون عموما عن غيرهم بقصر القامة (1- 2) بوصة.

هـ . أن النقص البدني يمثل في نظر جورنج انحطاط عام موروث لدى المجرمين يكمن فيه الميل إلى الجريمة وهو يظهر في صفاتهم وفي قياس مستواهم العقلي وان للوراثة دور كبير في ذلك. (22)

المزايا: من أهم المزايا هي:

1- تميزت النتائج بالاهمية وخاصة بالنسبة لفكرة النمط الإجرامي التي نادى بها لومبروزو.

2- بذل الجهود في الدراسات الإحصائية واتسامها في الدقة والحرص والتصميم البالغ على النتائج المتوخاة. (23) .

الانتقادات: انصبت الانتقادات على الطريقة التي انتهجها جورنج وعلى الأدلة التي استند اليها في اثبات الإجرام وتتمثل بما ياتي : -

 1- اقتصرت الدراسة على الذكور دون الاناث وهذا يعني انطباق النتائج المتمخضة على الذكور فقط. الا ان جورنج ذكر ان نسبة المجرمين الاناث من الاخوات إلى نسبة الذكور من الاخوة هي (6- 152) وهذا الرأي غير سليم، لان المفروض ان الميل إلى الجريمة يورث بنفس النسبة التي تورث فيها الخصائص البيولوجية الأخرى وليس هناك مايدعو لان يختلف هذا الميل من الذكور إلى الاناث (24) .

 2- بالغ جورنج في إظهار دور عامل الوراثة من خلال دراسته لتأثير بعض العوامل البيئية على السلوك الإجرامي، فقد اظهر مثلا ضألة تأثير البيئة على الكفاءة العقلية، هذا بالاضافة إلى أن دراسته قد تناولت بعض العوامل البيئية وليس جميعها.

3- ان ماذهب اليه جورنج من ان النقص البدني يؤدي إلى سلوك المجرمين طريق غير اجتماعي لفشلهم في تحقيق واشباع الحاجات الضرورية بالطرق المشروعه، هذا الرأي غير مقبول لان القوة التي يستخدمها الفرد في تحقيق متطلباته الضرورية ليست هي القوة البدنية وحدها. كما انه لايمكن القول بان كل من يكون ضخم الجسم يتمتع بقوة بدنية عالية، وان كل نحيف الجسم لا يتمتع بقدر كاف من القوة لعدم وجود علاقة وثيقة بين القوة البدنية وطبيعة جسم الإنسان بدينا كان أم نحيفا (25).

ثالثا- تفسير هوتون

كان هوتون أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد الأمريكية قام بدراسة إحصائية منذعام (1930- 1939) وكان هدفه تقييم نتائج (جورنج) حيث كان موضوع الدراسة عدد كبير من المجرمين وغير المجرمين تقيم في ثان ولايات أمريكية، وقد راعي في انتقائهم تماثلهم قدر المستطاع من حيث النوع والظروف الخاصة المحيطة بهم، حيث كانت العينة تقدر ب (13873) من المسجونين ونزلاء الإصلاحيات بعضهم من البيض والأخر من السود. کا شملت المجموعة الضابطة (3230) من طلبة الجامعات والمعاهد ورجال الشرطة والاطفاء والمرضى الراقدين في المستشفيات وقد توصل إلى النتائج الاتية:

1- أن المجرمين يختلفون عن غيرهم اختلافا واضحا في مقاسات اجزائهم الجسمانية.

2- لدى المجرمين مظاهر الشذوذ البدني التي تكون مشابهة لدرجة كبيرة لعلامات الرجعة ويرى أن الملامح والصفات لا تدفع إلى السلوك الإجرامي الا اذا توافرت ظروف آخری.

3- أن المجرمين يختلفون في الملامح الخارجية المتمثلة بلون العين وشكل الانف والإذن والشفاه والجبهة.

4- اتصاف المجرمين بانحطاط جسماني حدده ب (107) صفة ترجع أساسا إلى العوامل الوراثية. (26) .

هذا وقد ذكر هوتون بأن للأنحطاط والشذوذ البدني أهمية بالغة في تبرير هذا ما أعطى هوتون أهمية خاصة للمقارنة بين طوائف المجرمين التي قام بتحديدها بالنظر لأنواع الجرائم التي حكموا من اجلها. حيث انتهى إلى القول بأن كل طائفة تتميز بنوع من الشذوذ البدني تمثل الميل إلى ارتکاب نوع معين من الجرائم تختلف عن الجرائم التي يرتكبها مجرم آخر لا يتحقق لديه نفس الشذوذ، فالقاتل تختلف أوصافه وساته عن السارق وهو بدوره يختلف عن مرتكب الجرائم المخلة بالشرف، وضرب مثالا على ذلك بالقول بأن: طوال القامة ضعاف الجسم يميلون إلى اقتراف جرائم النهب والقتل.

طوال القامة ضخام الجسم يميلون إلى اقتراف جرائم الغش والخداع. قصار القامة ضخام الجسم يميلون إلى اقتراف جرائم مخلة بالشرف (27).

المزايا: من اهم المزايا هي:

1- بذل الجهود الكبيرة لتقيم دراسة جورنج تقييما علميا ودقيقا استند فيه إلى الدراسة الاحصائية.

2- شملت دراسته عدد كبير من المجرمين.(28)

الانتقادات: من ابرز الانتقادات الموجهة إلى نظرية هوتون هي:

1- اخفق في استخدام الأسلوب الاحصائی استخداما علميا صحيحا لانه قصر دراسته على السجناء ونزلاء الاصلاحيات فقط على أساس أنهم يكونون عينة المجرمين، واختار للمجموعة الضابطة التي تمثل غير المجرمين عدد من طلبة الجامعات والمعاهد ورجال الشرطة والاطفاء والمرضى. هذا في حين ان نسبة التمثيل في كلا المجموعتين لم تصل إلى الحد الذي يعتبره المنطق العلمي كأساس مقبول للمقارنة.

2- لم يقدم دليلا علميا على أن الانحطاط الجسماني او الشذوذ البدني انحطاط موروث حيث أن الوراثة قد تكون مصدرا لبعض الصفات، الا انه من المسلم به علميا ان التأثير الأساسي في نمو جسم الإنسان تكون العوامل التغذية ولظروف بيئية أخرى.

3- أن الطريقة المستخدمة في وصف الطوائف المختلفة للمجرمين وفقا لانواع الجرائم کانت طريقة بدائية وغير علمية، لأنه استند في هذا الوصف على نوع الجريمة الاخيرة، وقد تكون مختلفة في نوعها تماما عن الجرائم التي وضعوا من اجلها في السجن، ولو أخذت بنظر الاعتبار لاختلفت النتائج التي توصل اليها هوتون وهذا مما يزعزع الثقة في قوة الحجج العلمية التي استند اليها هوتون في نظريته. (28).

____________

1-في عرض تفسير لومبروزو ينظر: د. رؤوف عبيد- اصول علمي الأجرام والعقاب۔ طه - دار الفكر العربي القاهرة. 1981  ، ص79/دد. رمسيس بهنام المجرم تكوينا وتقويما۔ منشاة المعارف الإسكندرية  ص25 د. يسر انور على وأمال عبد الرحيم عثمان - علم الإجرام والعقاب - دار النهضة العربية – القاهرة 1980  ص120/د. عبد الفتاح الصيفي- مرجع سابق ص 184/د. عبدالأحد جمال الدين الاتجاهات الأنثروبولوجية في تفسير الظاهرة الاجرامية مجلة العلوم القانونية والاقتصادية س11- عدد يوليو۔ 1969- ص705- 749 .

2- د. علي عبد القادر القهوجي - علمي الإجرام والعقاب - الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت. 1984 ، ص36

3- طبع هذا الكتاب بعد ذلك في الأعوام 1878 و 1889 و 1896و1897 وقد ترجمت هذه الطبعات إلى لغات مختلفة وترجمة الطبعة الأولى والخامسة إلى اللغة الفرنسية .

4- محمود التوني القاضي علم الأجرام الحديث _ المطبعة العالمية القاهرة  ، ص 142

5- د. رؤوف عبيد- اصول علمي الإجرام والعقاب- مرجع سابق، ص79

6- د. نبيل محمد السمالوطي- ص184

7- في تفصيل ذلك ينظر: د. علي عبد القادر القهوجي - علمي الإجرام والعقاب - الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت. 1984 ص35. 39

8- دعبد الفتاح الصيفي- د. محمد زكي أبو عامر۔ علم الأجرام والعقاب. جار المطبوعات الجامعية - الاسكندرية. ص54۔ 55

9- - بخصوص ذلك ينظر: د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص37۔ 39 .

10-  يطلق عليه أيضا (المجرم المطبوع) و (المجرم بالميلاد)

11- د. نبيل محمد السمالوطي- مرجع سابق، ص 183 .

12- أن هذه الصفات الموروثة منها ماهو عضوي أو خلقي ومنها ماهو خاص بالحواس ومن الصفات العضوية ماهو عام مشترك بين جميع المجرمين، ومنها ماهو خاص بجرائم معينة، حيث يرى لوميروزوان  المجرم الذي يميل إلى السرقة يتميز بحركة غير عادية لوجهه ويديه وصغر عينيه و عدم استقرارهما وكثافة شعر حاجبيه وضخامة الأنف والمجرم القائل يتميز بالنظرة العابسة الباردة وضيق ابعاد راسه وطول فكيه وبروز وجنتيه و المجرم الذي يميل إلى ارتكاب جرائم الجنس يتميز بطول أذنيه و - وانخساف جمجمته وتقارب عينيه وفرطحة أنفه وضخامتها وطول ذقنه الملحوظ ينظر: د. علي عبد القادر لقهوجي- مرجع سابق، ص37

13- خلص لومبروزو إلى هذه الصفات من خلال الصفات الخاصة بالحواس حيث لاحظ كثرة وجود الوشم على أجسام المجرمين، وخلاعة الرسوم الوشمية وبذاءتها.

14- د. عمر السعيد رمضان- دروس في علم الإجرام- ص2.

15- د. رؤوف عبيد- مرجع سابق، ص 80- 83

16-Ernst seeling. Traite de crimino logie- 1965.p. 30                    

17- بخصوص النقد ينظر: د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق. ص40- 43. د. فوزيه عبد الستار - مبادئ علم الإجرام و علم العقاب - دار النهضة العربية القاهرة – 1978 ، ص38/د. عوض محمد عوض - مبادئ علم الإجرام مؤسسة الثقافة الجامعية - الإسكندرية 1980  ، ص 81/د. عبد الفتاح الصيفي - علم الإجرام- بيروت - 1973  ، ص193 د. عبدالأحد جمال الدين الاتجاهات الأنثروبولوجية في تفسير الظاهرة الاجرامية مجلة العلوم القانونية والاقتصادية س11- عدد يوليو۔ 1969 .

18- د. جلال ثروت- الظاهر الاجرامية (دراسة علم الإجرام   والعقاب ) الإسكندرية. 1983 ، ص 80

19- قال تعالى ( واتل عليهم نبأ ابني ادم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقین، لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك. أني اخاف الله رب العالمين اني اريد أن تبوء بأثمي وأثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) سورة المائدة الآيات (27-30) .

20- سورة الشمس الآيتان 7و8

21- د. دعبد الفتاح الصيفي- د. محمد زكي أبو عامر۔ علم الأجرام والعقاب. جار المطبوعات الجامعية - الاسكندرية  ، ص93

22- د. يسر أنور ودآمال عثمان- مرجع سابق، ص7 .

23- د. محمد شلال حبيب أصول علم الأجرام _مطبعة دار الحكمة بغداد ط2 ، 1990  ، ص84 .

24-  د. عمر السعيد رمضان- دروس في علم الإجرام- مرجع سابق ص2        

25 - د. محمد شلال حبيب- مرجع سابق، ص85

26- د. يسر أنور ود. آمال عبد الرحيم عثمان مرجع سابق ص79- 77 د. فوزية عبد الستار- مبادئ علم الاحرام و علم العقاب۔ مرجع سابق ص 42.

27- د. عمر السعيد رمضان- دروس في علم الاجرام - مرجع سابق، ص22

28- د. محمد شلال حبيب- مرجع سابق۔ ص87

29- د. يسر أنور ودآمال عبد الرحيم عثمان- مرجع سابق، ص77 - 78

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .