أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-03-2015
3679
التاريخ: 4-4-2016
3728
التاريخ: 7-4-2016
2871
التاريخ: 30-3-2016
3243
|
يكشف النصّ التاريخي - الذي نقلناه سابقا عن قيام الإمام ( عليه السّلام ) بمضاعفة الأجور التي كان يتقاضاها المقاتلة - عن موقف الإمام ( عليه السّلام ) الجادّ من الحرب وإصراره الأكيد في مجابهة معاوية كما يتّضح من عمله في إصلاح حال جيشه وبنائه له .
وقد أخذ الإمام ( عليه السّلام ) جانب الحزم في موقفه من معاوية ، حيث إنّ معاوية لمّا علم بوفاة أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وبيعة الناس مع الإمام الحسن ( عليه السّلام ) دسّ رجلا من حمير إلى الكوفة ورجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ويفسدا على الإمام ( عليه السّلام ) الأمور ، فعرف ذلك الإمام فأمر باستخراج الحميري من عند لحّام بالكوفة ، فأخرج وأمر بضرب عنقه وكتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فأخرج وضربت عنقه[1].
ثم كتب الإمام ( عليه السّلام ) إلى معاوية : « أمّا بعد ، فإنّك دسست إليّ الرجال كأنّك تحبّ اللقاء ، لا أشك في ذلك ، فتوقعه إن شاء اللّه ، وبلغني عنك أنّك شمتّ بما لم يشمت به ذوو الحجى وأنّما مثلك في ذلك كما قال الأول :
فإنّا ومن قد مات منّا لكالذي * يروح فيمسي في المبيت ليغتدي
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى * تجهّز لاخرى مثلها فكأن قد »[2]
لقد كانت هذه الحادثة إنذارا لمعاوية بالحرب وتهديدا له وقطعا لآماله بالاستيلاء على الكوفة بسلام .
وفي كتاب آخر من الإمام ( عليه السّلام ) لمعاوية جوابا على رسالته التي لمّح فيها للصلح وطلب فيها من الإمام ( عليه السّلام ) أن يبايعه على أن يجعل له ولاية العهد ، نلاحظ قوة موقف الإمام وعدم اهتمامه بمثل هذه العروض التي كان يحاول فيها معاوية استمالة جانب الإمام ، يقول ( عليه السّلام ) :
« أمّا بعد ، فقد وصل إليّ كتابك فتركت جوابك خشية البغي عليك ، فاتبع الحقّ تعلم أنّي من أهله ، والسلام »[3] .
ولم يتجاوز عدد الرسائل التي كانت بين الإمام ( عليه السّلام ) ومعاوية الخمس حسبما يذكر ذلك أبو الفرج وآخرون . والسبب في ذلك هو ما كان يحمله معاوية من نزعات جعلته من الذين لا يستجيبون للحقّ ولا يذعنون لأهله ، بل إنّ تلك النزعات قد اشتدت بعد استشهاد أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) حيث قويت مطامعه بالخلافة التي كان يفتقد لأبسط مقوماتها وشروطها من وجهة نظر إسلاميّة .
وبالرغم من ذلك فإنّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) وأصل نهج والده ( عليه السّلام ) كما كان يقتضيه التكليف الإلهي بإتمام الحجّة على خصمه فأرسل اليه أكثر من رسالة في هذا الإطار ، بالرغم ممّا كان يعرفه عنه من نزعات غير خيّرة ، ننقل هنا أكثرها شمولية :
من الحسن بن عليّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد فإنّ اللّه جلّ جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين ، ومنّة للمؤمنين ، وكافّة للناس أجمعين ، لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ ، فبلّغ رسالات اللّه ، وقام بأمر اللّه حتى توفّاه اللّه غير مقصّر ولا وان ، وبعد أن أظهر اللّه به الحقّ ، ومحق به الشرك ، وخصّ به قريشا خاصة فقال له : وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ، فلمّا توفيّ تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمد وحقّه ، فرأت العرب أنّ القول ما قالت قريش ، وأنّ الحجّة في ذلك لهم على من نازعهم أمر محمد ، فأنعمت لهم وسلّمت إليهم ، ثم حاججنا قريشا بمثل ما حاججت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنّهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج ، فلمّا صرنا أهل بيت محمد وأولياءه إلى محاجّتهم ، وطلب النّصف منهم ؛ باعدونا واستولوا بالإجماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا ، فالموعد اللّه ، وهو الولي النصير .
ولقد كنّا تعجبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقّنا وسلطان نبيّنا ، وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام ، وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمون به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده ، فاليوم فليتعجّب المتعجّب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ولكتابه ، واللّه حسيبك ، فستردّ فتعلم لمن عقبى الدار ، وباللّه لتلقينّ عن قليل ربّك ، ثمّ ليجزينّك بما قدّمت يداك ، وما اللّه بظلّام للعبيد .
إنّ عليّا لمّا مضى لسبيله - رحمة اللّه عليه - يوم قبض ويوم منّ اللّه عليه بالإسلام ويوم يبعث حيّا ولّاني المسلمون الأمر بعده ، فأسأل اللّه ألّا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة ممّا عنده من كرامة ، وإنّما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني وبين اللّه عزّ وجلّ في أمرك ، ولك في ذلك إن فعلته الحظّ الجسيم ، والصلاح للمسلمين ، فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي ، فإنّك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منك عند اللّه وعند كلّ أوّاب حفيظ ، ومن له قلب منيب ، واتّق اللّه ودع البغي واحقن دماء المسلمين ، فواللّه ما لك خير في أن تلقى اللّه من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به ، وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحقّ به منك ليطفئ اللّه النائرة بذلك ، ويجمع الكلمة ويصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت إلّا التمادي في غيّك سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك ، حتى يحكم اللّه بيننا وهو خير الحاكمين[4].
وجاء في جواب معاوية على رسالة الإمام ( عليه السّلام ) هذه :
« . . قد علمت أنّي أطول منك ولاية ، وأقدم منك بهذه الامّة تجربة ، وأكبر منك سنّا ، فأنت أحقّ أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني ، فادخل في طاعتي ، ولك الأمر من بعدي ، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ ، تحمله إلى حيث أحببت ، ولك خراج أيّ كور في العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها لك في كلّ سنة ، ولك أن لا يستولى عليك بالإساءة ، ولا تقضى دونك الأمور ، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة اللّه . . . »[5].
تصوّر هذه الرسالة بوضوح كيف أنّ مقام الخلافة الإلهية المقدّسة ليس عند معاوية إلّا سلعة تشترى ويدفع ثمنها من بيت مال المسلمين وليس من مال معاوية الخاص ، وهي كذلك تؤكّد تعدّيه أمر الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) وهو أمر اللّه تعالى له في استخلاف أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ونصبهم للإمامة من بعده .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|