سعت الدول من خلال مؤتمر البريتون وودز" والمنعقد سنة 1944 إلى إيجاد هذه المؤسسات والتي تسهر على سلامة الاقتصاد العالمي والمحافظة على النظام النقدي والمالي، وقد انبثق عن هذا المؤتمر إنشاء كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لذا فإننا سنتناول المؤسستين المذكورتين أعلاه باعتبارهما المؤسستين الماليين الأكثر تأثيرا على اقتصاديات الدول النامية واللتين سنعرض لهما تباعا

أولا: صندوق النقد الدولي

يعد صندوق النقد الدولي منظمة دولية أنشئ بموجب معاهدة البريتن وودز" عام 1944، وذلك من أجل السهر على إدارة النظام النقدي الدولي، ويقع مقره في واشنطن، ويبلغ عدد أعضائه 184 دولة، وحددت مهمته الأساسية تقديم يد العون للدول الأعضاء التي تعاني من خلل أو من مشاكل في الموازنة العامة أو ميزان المدفوعات، من خلال تقديم المساعدات والقروض لتلك الدول في محاولة منها لمعالجة الأزمات المالية التي تعاني منها، ولكن تقديم تلك القروض يكون مشروطا باجراء إصلاحات اقتصادية في تلك الدول تتمثل بتبني برامج التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي التي يدعمها كل من صندوق النقد والبنك الدوليين على التوالي، والتي تؤدي إلى معالجة المشاكل المالية والاقتصادية منها الكثير من الدول النامية خاصة، وبالتالي يتحقق النمو الاقتصادي كما تزعم المؤسسات المالية في هذه الدول، ودمج اقتصادها بالاقتصاد العالمي الواسع وهذا يؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي في الدول النامية على المدى البعيد مما يساعد في تخفيف حدة الفقر في هذه الدول من خلال معالجة مشاكلها الاقتصادية واستخدامها لمواردها الاقتصادية بشكل كفوء.

ثانيا: البنك الدولي

يعد البنك الدولي أحد الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، ويضم في عضويته 180 دولة عضوة، انبثق عن المؤتمر بريتون وودز" عام 1944، كما يعد أحد أكبر ممول للتنمية في العالم، إذ يصنف على إله مؤسسة إقراض غايتها المساعدة في دمج الدول الأعضاء ضمن منظومة الاقتصاد العالمي، وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى البعيد من خلال تقديم قروض للبلدان النامية. |

لقد كان الهدف من إنشاء البنك الدولي هو تعمیر وتنمية اقتصاديات الدول التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، وتشجيع ومساعدة الاستثمارات الخاصة، فضلا عن المساعدة في تنمية التجارة الدولية

ويشترط في تقديم البنك الدولي للقروض أن لا تكون لأغراض سياسية أو العلاج أزمة مالية فحسب، وإنما للقيام بمشروعات محددة تستهدف التعمير والإنشاء والتنمية، وباتساع نطاق العضوية أصبح البنك الدولي يوجه اهتمامه نحو تخفيض أعداد الفقراء وتحسين مستويات المعيشة في العالم (1).

ويشترك كل من صندوق النقد والبنك الدوليين باعتبارهما مؤسستين ماليتين دوليتين، ويعد أحدهما مكملا للآخر، وذلك من خلال أداء كل منهما لبرنامج التثبيت والتصحيح الهيكلي المسيطر بتعاون السلطات النقدية والمالية للبلد، ومن ثم تعتبر هذه السياسات المالية وتصحيحها من أهم ما يركز عليه صندوق النقد الدولي في الدول النامية، إذ إنه قبل تنفيذ أي برنامج تعديل هيكلي، فإنه لابد من تنفيذ برنامج التثبيت الاقتصادي، ولهذا يعتبر عمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مكملا للاخر (2).

_______________

1 - محمد أحمد الكايد، الإدارة المالية الدولية والعالمية، كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع، (عمان: دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع، 2010، ص 228)

2- عادل أحمد حشيش، وأخرون، أساسيات الاقتصاد الدولي، بيروت - لبنان: منشورات الحلبي الحقوقية، 2003، ص218).