أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-01
734
التاريخ: 23-5-2022
2238
التاريخ: 17-1-2019
9320
التاريخ: 2024-06-19
659
|
للوقوف على مفهوم محاكم الاستئناف بصفتها التميزية ينبغي معرفة الأساس القانوني لهذه المحاكم، إذ جات السياسة القضائية في العراق بفكرة أن يكون الطعن تمييزا في بعض الدعاوى البسيطة والخاصة، لدى محكمة تمييز مصغرة، مثلها مثل محكمة التمييز الاتحادية، إلا أنها محددة في الدعاوى التي تنظرها، وقد أعطيت هذه الصفة التمييزية المقيدة إلى محاكم الاستئناف، فأصبحت محاكم الاستئناف لديها صفتان، هما: الصفة الأصلية الاستئنافية، والصفة التمييزية.
إذ يحرص المشرع العراقي على أن يتم الطعن بالتمييز في أغلب الدعاوى مهما كانت بسيطة، وتأتي فكرة إعطاء محاكم الاستئناف صفة النظر تمييزا في بعض الدعاوى ضمن سلسلة تطوير هذا الطريق المهم من طرق الطعن.
فقد بدأ تطوير هذا الطريق - كما رأينا - منذ صدور قانون أصول المحاكمات الحقوقية الذي احتوى على أربعة أسباب للطعن بطريق التمييز، كما احتوى على الطعن بطرق تصحيح القرارات التميزية الذي كرس أحكامه في قانون المرافعات المدنية والتجارية (رقم 88 السنة 1956) الملغي الذي احتوى على خمسة أسباب الطعن بطريق التمييز في المواد من (217-230)، وكرس الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي في المواد من (231- 234) ، ثم جاء قانون المرافعات المدنية النافذ (رقم 83 لسنة 1969) الذي احتوى على نقل الأسباب الطعن بطريق التمييز، ونظمها في المواد من (203- 218) ، ونظم الطعن بتصحيح القرار التمييزي في المواد (219-223)(1). ثم ذهب المشرع العراق إلى أبعد من ذلك عندما جعل المحاكم الاستئناف صلاحية النظر تميزا في بعض الدعاوى البسيطة والشائعة والخاصة؛ إذ تذكر الأسباب الموجبة (2) لهذا التعديل الحكمة من ذلك في أن محكمة التمييز مثقلة بالدعاوى الكثيرة التي تعرض عليها، ومن أجل التخفيف عن كاهلها التفرغ للعناية بالقرارات التمييزية المهمة منحت محاكم الاستئناف صلاحية النظر تمييزا في الأحكام الصادرة من محاكم البداءة بدرجة أخيرة (محكمة الصلح سابقا)، وكذلك النظر في القرارات المذكورة في المادة (316) من قانون المرافعات المدنية التي تصدر عن محكمة البداءة بدرجة أخيرة أو بدرجة أولى
واحتوت المادة (4) من قانون التعديل على تعديل عبارة محكمة التمييز، ووضعت مكانها المحكمة المختصة بنظر الطعن؛ وذلك لأنه أصبح هناك أكثر من محكمة تمييز حتى لا يتم الطعن بالأحكام التي من اختصاص محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية لدى محكمة التمييز (3).
وبعد أن تبين أهمية هذا التعديل في رفع جزء كبير من الدعاوى المدنية عن كاهل محكمة التمييز، صدر عام 1988 قانون تعديل أصول المحاكمات الجزائية العراقي (رقم 23 لسنة 1971) الذي نص على اختصاص محاكم الاستئناف بالنظر تمييزا في الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الجنح ومحاكم الأحداث في الجنح(4). وبذلك تختص محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية بالدعاوى الصادرة من المحاكم المدنية و المحاكم الجزائية (5).
وبسبب الأهمية الكبيرة لهذه المحاكم في الدعاوى التي تنظرها؛ صدر عام 2019 التعديل التاسع القانون المرافعات المدنية العراقي، الذي وسع من صلاحيات محاكم الاستئناف في النظر تمييزا في القرارات المذكورة في المادة (216) من قانون المرافعات المدنية، سواء كانت صادرة من محاكم البداءة بدرجة أولى أو أخيرة أو من محكمة الأحوال الشخصية أو من محكمة المواد الشخصية، بعد أن كانت تنظر القرارات التي تصدر من محكمة البداءة فقط، وذكرت الأسباب الموجبة لهذا التعديل أن الحكمة من نقل النظر في هذه القرارات إلى محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية هو التخفيف على الخصوم والسرعة في حسم الدعاوى وتقريب الناس من القضاء و اختصار الوقت لهم (6).
وبذلك توسعت صلاحية محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية لتمثل النظر في الدعاوى المخصصة لها وفق القانون، الصادرة من محاكم البداءة ومحاكم الأحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية والمحاكم الجزائية.
جدير بالذكر أنه لا يوجد نظير لمحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية في المحاكم المدنية العربية، إلا أن القانون الأردني احتوى على ما يشبه محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية، إذ ذكر قانون أصول المحاكمات المدنية الأردنية (7)، بأن تنظر محكمة الاستئناف تدقيقا في الطعون المقدمة إليها في الأحكام الصادرة من محاكم الصلح والأحكام الصادرة وجاها من محاكم البداءة، إذ كانت قيمة الدعاوى لا تزيد على ثلاثين ألف دينار أردني، إلا إذا قررت رؤيتها مرافعة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، إلا أن هذه الأحكام وان كانت تدقق فقط كما في محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية إلا أنها تخضع للطعن بالتمييز كأي حكم آخر يجوز الطعن به بالتمييز (8)، وهي بذلك تكون عكس محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية في القانون العراقي التي لا يتم الطعن بقراراتها إلا عن طريق الطعن بتصحيح القرار التمييزي مثلها مثل محكمة التمييز الاتحادية.
وبعد مرور عامين على صور التعديل الخامس القانون المرافعات المدنية ألغي قانون السلطة القضائية (رقم 26 لسنة 1963) ليحل محله قانون التنظيم القضائي (رقم 160 لسنة 1979) الذي احتوى على تعريف المحاكم العراقية جميعها وبين عملها وتشكيلاتها.
فقد عرف محكمة التمييز بأنها: "هي الهيئة القضائية العليا التي تمارس الرقابة القضائية على جميع المحاكم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وتتألف من رئيس وخمسة نواب للرئيس وقضاة لا يقل عددهم جميعا عن ثلاثين، ويكون مقرها في بغداد (9).
و عرف محكمة الاستئناف بأنها: "هي الهيئة القضائية العليا لمحاكم محافظة واحدة أو أكثر، وتتألف من رئيس وعدد كاف من نواب الرئيس والقضاة، وتمارس الاختصاصات المعينة لها بموجب القانون (10).
إلا أن هذا القانون لم يبين فيما إذا كان هذا التعريف يقصد به محكمة الاستئناف بصفتها الاستئنافية و التمييزية أم يقصد به محكمة الاستئناف بإحدى صفتيها الاستئنافية أو التمييزية، ولم يتطرق الفقه إلى بيان ما كان يقصد به المشرع العراقي عن تعريف محكمة الاستئناف بهذا الشكل؟ وللإجابة عن هذا التساؤل ترجع إلى تعريف محكمة الاستئناف وذكر المشرع لها بأنها الهيئة القضائية العلياء يتبين لنا من خلال هذا التعريف أن المشرع كان يقصد به محكمة الاستئناف بشكل عام؛ أي بصفتها الاستئنافية الأصلية والتمييزية، إلا أنه يشكل على هذا التعريف، حيث ذكر المشرع بأن محكمة الاستئناف هي الهيئة القضائية العليا المحاكم محافظة واحدة أو أكثر، إذ إن هذا التعريف وضع عند نشوء قانون التنظيم القضائي، وكانت محاكم الاستئناف في الفترة الأولى من تنظيم عمل المحاكم العراقية تتشكل في كل منطقة استئنافية من محافظة أو أكثر من محافظة (11).
وبعد زيادة عدد السكان وكثرة الدعاوى أصبحت محاكم الاستئناف تشكل في كل محافظة باستثناء العاصمة بغداد، حيث يوجد بها محكما استئناف، ويتكون العراق من (18 محافظة) (12)، أي يوجد في العراق (16) محكمة استئناف؛ لأن العاصمة بغداد يوجد فيها محكمتان للاستئناف (13).
وبهذا يتبين لنا أن التعريف لا يساير التطور الحاصل في عمل المحاكم، ولم يكن مرئا، حيث إنه وضيع عندما كانت محاكم الاستئناف هيئة قضائية عليا لأكثر من محافظة، و عليه برى الباحث أن هذا التعريف غير صالح، وينبغي تعديله، ويمكن تعريف محكمة الاستئناف على أنها: الهيئة القضائية العليا لمحاكم المنطقة الاستئنافية المخصصة لها قانونا.
فهذا تعريف مرن يساير التطور في عمل القضاء والمحاكم العراقية؛ إذ إنه يمكن أن تنشأ محاكم استئناف جديدة في المحافظة الواحدة مثل العاصمة بغداد التي توجد بها محكمتان للاستئناف أو أن تندمج محاكم الاستئنافية مع بعضها إذا دعت الحاجة إلى ذلك، فسواء وجدت محاكم استئناف جديدة أو اندمجت محاكم الاستئناف مع بعضها فهي في الحالتين تكون هيئة قضائية عليا لمحاكم منطقتها الاستئنافية سواء كانت على رأس محافظة واحدة أو أكثر من محافظة، فهي بهذا تكون مسؤولة عن منطقتها الاستئنافية.
____________
1- و بعد الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي طريقا من طرق الطعن غير العادية، ولا يجوز للخصوم تقديمه إلا بتوافر أسباب محددة قانونا، فهذا الطعن لا يؤدي إلى تجديد النزاع من ناحية الواقع و القانون أمام المحكمة المختصة بنظره، بل تقتصر المحكمة على النظر في عيوب القرار التمييزي التي يدعمها الطاعن. نظر د. هادي حسين عبد علي الكعبي، د. سام عبد الزهرة الفتلاوي، الطعن بتصحيح القرار التمييزي - دراسة مقارنة، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، النجف، المجلد 21، الحقد 2، 2007، ص 15. أما أسباب الطعن بهذا الطريق فقد بينها قانون المرافعات المدنية العرقي رقم 83 المدينة 1999 في المادة (219) التي نصت على أنه: "أ- لا يجوز الطعن في قرارات محكمة التمييز، وقرارات محكمة الاستئناف بصفتها المتميزة، إلا عن طريق طلب تصحيح القرار أمام المحكمة التي أصدرت القرار المطلوب تصحيحه، ولا يقبل هذا الطعن، إلا بالنسبة للقرارات المصدقة للحكم، والقرارات الصادرة من محكمة التمييز ينقصه إذا فصلت في الدعوى موضوع الطعن، طبقا لما هو مبين في المادة (214) من هذا القانون، وذلك عندما يتوافر سبب من الأسباب الأتية :
1- إذا كان طالب التصحيح قد أورد فيما قدمه المحكمة التميز دنيا من الأسباب القانونية التي تؤدي بي نقض الحكم أو تصنيفه و أخلت المحكمة تدقيقه و البت فيه في قرارها التمييزي .
2 - إذا كان القرار التمييزي قد خالف نصا صريحا في القانون
3- إذا كان القرار التمييزي يناقض بعضه بعضا أو يقتل قرارا سابقا المحكمة التميز صادرا في نفس الدعوى دون أن يشعر الخصوم فيها ذاق وصافة ب - لا يجوز النظر أو الخوض في عبر الأسباب القانونية التي أوردها طالب التصحيح في عريضته .
2 - نظر قانون التعديل الخامس رقم (3) لسنة 1977، الأسباب الموجبة .
3-انظر قانون التمثيل الخامس رقم (3) لسنة 1977، المادة (4) .
4- انظر التعديل رقم (105) السنة 1988، القانون أصول المحاكمات الجزائية العراقية رقم (23) لسنة 1971، الوقائع العراقية، العدد 3188،1988/1/27 .
5- إضافة إلى ذلك، في السقف الزمني الأقصى لنظر الأحكام وتدقيقها من قبل محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية هو ثلاثة أشهر اعتبارا من تاريخ ورودها إليها، بينما يكون هذا السقف شهرا واحدا بالنسبة التدقيق القرارات الوارد ذكرها في المادة 361/1 من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ. انظر تعليمات السقوف الزمنية الخاصة بحسم الدعاوى الصادرة عن وزير العدل عدد (4) المدينة 1987، الوقائع العراق، العدد 3181، 1987/12/21 (3/اولا).
6- انظر قانون التعديل التاسع رقم 9 الدقة 2016، المادة (1)، الأسباب الموجبة .
7- قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 74 لسنة 1988، المعدل بالقرار رقم 4 لسنة 2019، الجريدة الرسمية، صفحه 374، العدد (5557)، 2019/1/28، المادة 1/182.
8- انظر قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988، المادة (191/1)
9- انظر قانون التنظيم القضائي العراقي رقم 190 لسنة 1979، المادة (12).
10- انظر قانون التنظيم القضائي العراقي رقم 190 لسنة 1979، المادة (16/ أولا)
11- نظر قانون التنظيم القضائي العراقي رقم 190 لسنة 1979، المادة (16/ ثانيا )
12- عدا إقليم كردستان الذي يتكون من (ثلاث محافظات)، لأن النظام القضائي في الإقليم مستقل عن النظام القضائي في العراق .
13- نظر موقع مجلس القضاء الأعلى، https://www.njc. is Judicial-system.php النظام القضائي، تمت الزيارة بتاريخ، 2030/3/10
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|