أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2016
3325
التاريخ: 13-3-2019
2481
التاريخ: 9-4-2016
3029
التاريخ: 30-4-2022
2130
|
نشوب المعركة :
كان الإمام ( عليه السّلام ) طامحا حتى آخر لحظة قبل نشوب القتال أن يرتدع الناكثون عن غيّهم ، فلم يأذن بالقتال رغم ما شاهد من إصرار زعماء الفتنة على المضي في الحرب ، فقال ( عليه السّلام ) لأصحابه : « لا يرمينّ رجل منكم بسهم ، ولا يطعن أحدكم فيهم برمح حتى احدث إليكم ، وحتى يبدؤوكم بالقتال والقتل »[1].
وشرع أصحاب الجمل بالرمي فقتل رجل من أصحاب الإمام ، ثمّ قتل ثان وثالث ، عندها أذن ( عليه السّلام )[2] بالردّ عليهم والدفاع عن الحقّ والعدل .
التحم الجيشان يقتتلان قتالا رهيبا ، فتساقطت الرؤوس وتقطّعت الأيادي واثخنت الجراحات في الفريقين ، ووقف أمير المؤمنين ليشرف على ساحة المعركة فرأى أصحاب الجمل يستبسلون في الدفاع عن جملهم فنادى بأعلى صوته : « ويلكم اعقروا الجمل فإنّه شيطان . . . » .
فهجم الإمام ( عليه السّلام ) وأصحابه حتى وصلوا الجمل فعقروه ، ففرّ من بقي من أصحاب الجمل من ساحة المعركة فأمر ( عليه السّلام ) بعد ذلك بحرق الجمل وتذريّة رماده في الهواء لئلّا تبقى منه بقية يفتتن بها السذّج والبسطاء ، ثمّ قال الإمام ( عليه السّلام ) :
لعنه اللّه من دابّة ، فما أشبهه بعجل بني إسرائيل .
ومدّ بصره نحو الرماد الذي تناثر في الهواء فتلا قوله تعالى : {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97] .
مواقف الإمام بعد المعركة :
كتب اللّه النصر لأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) على مخالفيه ، ووضعت الحرب أوزارها ، وانقشع غبار المعركة ، ونادى منادي الإمام ( عليه السّلام ) يعلن العفو العام : ألا لا يجهز على جريح ولا يتبع مول ولا يطعن في وجه مدبر ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وأن لا يؤخذ شيء من أموال أصحاب الجمل إلّا ما وجد في عسكرهم من سلاح أو غيره ممّا استخدم في القتال ، وما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم[3].
وأمر الإمام عليّ ( عليه السّلام ) محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر أن يحملوا هودج عائشة من بين القتلى وسط ساحة المعركة وينحّوه جانبا ، وأن يتعهّد محمد أمر أخته عائشة ، فلمّا كان من آخر الليل أدخلها محمد البصرة فأنزلها في دار عبد اللّه ابن خلف الخزاعي .
وطاف الإمام ( عليه السّلام ) في القتلى من أصحاب الجمل ، وكان يخاطب كلّا منهم ويكرّر القول : قد وجدت ما وعدني ربّي حقا فهل وجدت ما وعدك ربّك حقا .
وقال أيضا : ما ألوم اليوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ولكنّ المليم الذي يقاتلنا[4].
وأقام الإمام ( عليه السّلام ) في ظاهر البصرة ولم يدخلها ، وأذن للناس في دفن موتاهم فخرجوا إليهم فدفنوهم[5] ، ثمّ دخل ( عليه السّلام ) مدينة البصرة معقل الناكثين ، فانتهى إلى المسجد فصلّى فيه ثمّ خطب في الناس وذكّرهم بمواقفهم ومواقف الناكثين لبيعته ، فناشدوه الصفح والعفو عنهم ، فقال ( عليه السّلام ) : « قد عفوت عنكم ، فإيّاكم والفتنة ، فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة ، وشقّ عصا هذه الامّة » . ثمّ أقبلت الجماهير ووجوه الناس لمبايعة الإمام ( عليه السّلام )[6] وبعد ذلك دخل أمير المؤمنين بيت المال في البصرة ، فلمّا رأى كثرة المال قال : « غرّي غيري . . . » وكرّرها مرارا ، وأمر أن يقسّم المال بين الناس بالسوية ، فنال كلّ فرد منهم خمسمائة درهم ، وأخذ هو كأحدهم ، ولم يبق شيء من المال فجاءه رجل لم يحضر الوقعة يطالب بحصّته ، فدفع إليه الإمام ما أخذه لنفسه ولم يصب شيئا [7] .
ثمّ أمر أمير المؤمنين بتجهيز عائشة وتسريحها إلى المدينة ، وأرسل معها أخاها وعددا من النساء ألبسهنّ العمائم وقلّدهن السيوف لرعاية شؤونها وأوصلنها إلى المدينة ، ولكنّ عائشة لم تحسن الظنّ بأمير المؤمنين وتصوّرت أنّ الإمام لم يرع حرمتها ، وما أن علمت أنّ الإمام ( عليه السّلام ) بعث معها النساء ، أعلنت ندمها على خروجها وفشلها وإثارتها للفتنة ، فكانت تكثر من البكاء[8].
نتائج حرب الجمل :
خلّفت حرب الجمل نتائج سلبيّة على واقع المجتمع الاسلامي منها :
1 - توسّعت مسألة قتل عثمان بن عفّان حتى أصبحت قضية سياسية كبيرة جرّت من ورائها ظهور تيارات مناوئة فعلا وقولا لمسيرة الرسالة الإسلامية ، فأطلّ معاوية بن أبي سفيان ليكمل مسيرة الانحراف الدموي في الجمل .
2 - شاعت الأحقاد بين المسلمين ، وفتحت باب الحرب والاقتتال فيما بينهم ، فكانت الفرقة بين أهل البصرة أنفسهم وبين باقي الأمصار الإسلامية ، فكانت العداوة لمطالبة بعضهم البعض الآخر بدماء أبنائهم في حين كان المسلمون يتحرّجون من إراقة دمائهم .
3 - توسّعت جبهة الانحراف الداخلي في المجتمع الإسلامي ، وازدادت العراقيل أمام حكومة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) فبعد أن كان تمرّد معاوية في الشام فقط انفتحت جبهة أخرى ممّا أدّى إلى انحسار التوسّع الخارجي ، وكذلك انحسار الأعمال الإصلاحية والحضارية التي كان يمكن أن تنمو في المجتمع الإسلامي .
4 - إنّ الأحقاد والانحراف فتحا الطريق على المخالفين في المعتقد السياسي للّجوء فورا إلى حمل السلاح والقتال .
الكوفة عاصمة الخلافة :
بعد أن هدأت الأمور تماما تحرّك الإمام عليّ ( عليه السّلام ) نحو الكوفة ليتّخذها مقرّا بعد أن بعث إليهم برسالة أوضح فيها بإيجاز تفاصيل الأحداث[9] ، كما أنّ الإمام أمّر عبد اللّه بن عباس على البصرة وشرح له كيفية التعامل مع سكّانها بعد الذي وقع بينهم[10].
وكان لاختيار الإمام ( عليه السّلام ) الكوفة عاصمة جديدة للدولة الإسلامية أسباب عديدة منها :
1 - توسّع رقعة العالم الإسلامي ، ولابدّ أن تكون العاصمة الإدارية والسياسية للدولة في موقع يعين الحكومة في التحرّك نحو جميع نقاط الدولة .
2 - إنّ الثقل الأكبر الذي وقف مع الإمام ( عليه السّلام ) في القضاء على فتنة أصحاب الجمل هم كبار شخصيّات العراق ووجهاء الكوفة وجماهيرها .
3 - الظروف السياسية والتوتّرات الناجمة عن مقتل عثمان وحرب أصحاب الجمل كلّ ذلك جعل الإمام ( عليه السّلام ) أن يستقرّ في الكوفة ، ليعيد الأمن والاستقرار للمنطقة .
[1] شرح النهج : 9 / 111 .
[2] الإمامة والسياسة : 95 .
[3] تأريخ اليعقوبي : 2 / 172 ، ومروج الذهب : 2 / 371 .
[4] الإرشاد للمفيد : 1 / 256 ط مؤسسة آل البيت عليهم السّلام .
[5] الكامل في التأريخ : 3 / 255 .
[6] تأريخ الطبري : 3 / 544 ، والإرشاد للشيخ المفيد : 137 .
[7] شرح النهج : 1 / 250 .
[8] الإمامة والسياسة : 98 ، ومروج الذهب للمسعودي : 2 / 379 ، والمناقب للخوارزمي : 115 ، والتذكرة للسبط ابن الجوزي : 80 .
[9] تأريخ الطبري : 3 / 545 و 546 .
[10] تاريخ الطبري : 3 / 546 ط مؤسسة الأعلمي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|