من عقائدنا أنّ النبيّ صلى الله عليه واله يعلم ما يحدث بعده بإذن الله ، فكيف يتلائم هذا مع حديث الحوض : « إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » ؟ |
1997
06:34 صباحاً
التاريخ: 17-4-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2022
1471
التاريخ: 17-4-2022
1652
التاريخ: 9-4-2022
2153
التاريخ: 24-4-2022
2256
|
السؤال : من عقائدنا أنّ النبيّ صلى الله عليه واله يعلم ما يحدث بعده بإذن الله ، فكيف يتلائم مع ما موجود في كتب القوم من حديث الحوض : « إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » ، وما هو الجواب على ذلك؟ أنؤمن بمتناقضات؟ أو تأويلات بعيدة لا تقنع القوم؟ أم ماذا؟
الجواب : إنّ علم النبيّ صلى الله عليه واله بالحوادث والوقائع هو بإذن الله تعالى ، وعليه ففي بعض الأحيان قد تكون مصلحة في إخفائه ـ من خضوع المورد للامتحان والاختبار ، أو احتمال طرّو البداء وغيرها من المصالح ـ فعلم الرسول صلى الله عليه واله هو علم إلهي مأذون ، فلا دليل على إطلاق علمه صلى الله عليه واله بدون قيد وشرط.
وأمّا القاعدة التي ذكرتموها في مورد علم النبيّ صلى الله عليه واله ، فهي مطابقة لعقيدة الشيعة ، ولكنّ الرواية المشار إليها ـ حديث الحوض ـ حديث عامّي السند ، وما جاء في بعض المصادر الشيعية فهو مرسل (1) ، فلا حجيّة له ، إذاً لا يكون نقضاً للقاعدة المذكورة.
نعم ، لابأس بالاستناد بهذه الرواية على معتقدات القوم ؛ ولكن ليس من معتقداتهم علم النبيّ صلى الله عليه واله بالموضوعات والوقائع بتمامها حتّى في زمن حياته ، فضلاً عن بعد ارتحاله.
ثمّ إنّ الحديث المذكور ـ على فرض تماميّته سنداً ـ محمول على الظاهر من عدم العلم ظاهراً بحدوث ما صدر عن بعض الصحابة في زمن حياة الرسول صلى الله عليه واله ، أي أنّ العلم الظاهري للنبي صلى الله عليه واله لا يشمل تلك الحوادث في ذلك الزمان ـ وإن كان يعلم النبيّ صلى الله عليه واله بهذه الوقائع بعلم النبوّة والإمامة ـ ولكن كان صلى الله عليه واله مكلّفاً بالظاهر ، وعليه فجواب : « إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » هو على ضوء العلم العادي والظاهري لا علم النبوّة.
وهنا لابدّ من ملاحظة أمر وهو : أنّنا بحكمنا على جماعة من الصحابة بالانحراف عن خطّ الرسالة ، لم نكن أعلم من الرسول صلى الله عليه واله ـ كما يتوهّم بعضهم ـ بل إنّ الحوادث السلبية التي وقعت بعد ارتحال النبيّ صلى الله عليه واله هي مسلّمة الوقوع عندنا ، لأنّ علمنا بها كانت بعد وقوعها ، ولكن تلك الحوادث لم تقع في حياة الرسول صلى الله عليه واله فعلمه بها ـ بالعلم العادي والظاهري ـ لم يحصل بعد ، وإن كانت هذه الوقائع معلومة بالتفصيل عنده صلى الله عليه واله بالعلم النبوي.
ويدلّ عليه ما جاء عنه صلى الله عليه واله في وصيّته لعلي عليه السلام ، وإخباره عن مستقبل الأُمّة وحكّامها وغير ذلك ؛ وحتّى إنّ أمثال هذه الرواية المبحوث عنها في المقام ، خير دليل لإثبات علمه النبوي ، إذ يتحدّث هو صلى الله عليه واله ويخبرهم بأنّ أمر الصحابة ـ بمجموعهم ـ لم يكن إلى خير ، خصوصاً أنّ في بعض الروايات التي وردت في هذا المجال لم تذكر عبارة : « إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » ، بل جاء فيها قول النبيّ جازماً بحدوث الردّة في الصحابة ، بعبارة : « ولكنّكم أحدثتم بعدي ورجعتم ـ أو ارتددتم ـ على أعقابكم القهقري » (2).
ثمّ إنّ هناك احتمال آخر في المقام وهو : أن يكون جوابه صلى الله عليه واله جواباً تعريضيّاً واستنكاريّاً ـ أي يريد أن يلفت أنظار الجميع إلى ما أحدثه بعضهم بعد ارتحاله ـ وهذا النوع من البيان يكون أبلغ في إيصال المعنى ؛ وله نظائر حتّى في القرآن المجيد ، فمثلاً يخاطب الله تعالى عيسى عليه السلام يوم القيامة : {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ... مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ... وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 116، 117].
وأيضاً جاء في قصّة إبراهيم عليه السلام أنّه قال : {هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 76 - 78].
والحال نعلم بالقطع واليقين أنّ عيسى عليه السلام يعلم يوم القيامة بانحراف قومه ـ إذ هو عليه السلام سيهبط قبل يوم القيامة إلى دار الدنيا ، ويصلّي خلف الإمام المهدي عليه السلام بإجماع الفريقين ـ فسيكون على علمٍ ممّا حدث في أُمّته بعد توفّيه.
وهكذا فإنّ إبراهيم عليه السلام لم يعتقد بعبادة الأصنام قطّ ، ولكن هذا نوع من البيان يتماشى القائل والمستدلّ فيه مع اعتقاد المخاطب ، ثمّ يفنّد أساس معتقده بالأدلّة الواضحة عنده.
____________
1 ـ الاعتقادات : 65 ، الإفصاح : 51 ، الأمالي للشيخ المفيد : 37.
2 ـ مسند أحمد 3 / 18 و 39 ، المستدرك 4 / 74 ، مسند أبي داود : 295 ، كنز العمّال 11 / 177 و 14 / 434.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|