أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2017
856
التاريخ: 24-4-2018
754
التاريخ: 3-08-2015
1255
التاريخ: 3-08-2015
1205
|
للنبي خصائص، نكتفي بذكر اثنتين منها:
الخصوصية
الأولى: العصمة :
والأدلة
على عصمة الأنبياء (عليهم السلام) عديدة، نشير إلى بعضها:
الدليل
الأول:
إن لوصول
كل مخلوق إلى كماله الذي خلق له سننا وقوانين، ... أن السنة التي توصل الإنسان إلى
كماله المقصود من خلقه، إنما هي الهداية الإلهية ودين الحق.
ولما كان
تحقق هذا الكمال يتوقف على هداية الإنسان إلى دين الحق، وتبليغ القوانين الإلهية
وتنفيذها، وكان النبي هو المتكفل لتربية الإنسان وفق هذه السنة، فلو حصل تخلف في
التبليغ أو التنفيذ لكان نقضا للغرض، ولا يكون تخلف هذا المبلغ والمربي بالتربية
الإلهية إلا من جهة الخطأ أو الهوى، وأي منهما كان فلا يحصل الغرض الأقصى.
فكمال
الهداية الإلهية يتطلب كمال الهادي، وعصمة القانون الإلهي الذي {لَا يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42] تستلزم عصمة المعلم والمنفذ.
الدليل
الثاني:
دل العقل
والنقل على أن الدين جاء ليحيي الإنسان حياة طيبة {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] ، وماء الحياة الطيبة للإنسان هو الإيمان
والعمل الصالح، وهما يشكلان مجموعة الدين.
وعين
الحياة التي ينفجر منها هذا الماء وجود النبي، فلو كانت متلوثة لتلوث الماء، ولم
يصلح لسقي عقول الناس وقلوبهم، ولا يحصل منه ثمر الحياة الطيبة.
الدليل
الثالث:
بما أن
الغرض من بعثة النبي لا يتحقق إلا بإطاعته في أمره ونهيه، وبما أن إطاعة المخطئ
والعاصي لا تجوز، فلو لم يكن النبي معصوما لم تجب إطاعته، فيلزم نقض الغرض وبطلان
نتيجة البعثة.
الدليل
الرابع:
إذا لم
يكن النبي معصوما عن الخطأ، لم يحصل للأمة اليقين بصدقه وصحة قوله في تبليغ الوحي،
وإذا لم يكن معصوما من الذنوب، سقطت مكانته في أعين الناس، وكلام العالم بلا عمل
والواعظ غير المتعظ، لا يؤثر في النفوس، فلا يحصل الغرض المقصود من البعثة.
الدليل
الخامس:
منشأ
الخطأ والذنب ضعف العقل والإرادة، وعقل النبي كامل، لأنه باتصاله بالوحي وصل إلى
حق اليقين، وصار يرى الأشياء على واقعها كما هي، وإرادته لا تتأثر إلا بإرادة الله
سبحانه وتعالى، فلا يبقى في شخصيته مجال للخطأ والذنب.
الخصوصية
الثانية : المعجزة :
إن قبول
كل دعوى يحتاج إلى دليل، ولابد أن يكون ارتباط الدعوى بدليلها وثيقا بحيث لا ينفك
اليقين بحقانية الدعوى عن الدليل، وبما أن النبي يدعي السفارة عن الله تعالى، وهذه
الدعوى لا سبيل إلى ثبوتها إلا بتصديق الله تعالى لما يدعيه، فالمعجزة تصديق عملي
من الله تعالى لدعوى نبيه:
وذلك أن
المعجزة أمر يتحقق - بلا وساطة سبب عادي - بالإرادة المحيطة بالأسباب والمسببات
المهيمنة على تأثير السبب في المسبب، وتأثر المسبب بالسبب، وليست هي إلا إرادة
الله سبحانه وتعالى، فعندما تحدث المعجزة لدعوى النبي، يحصل اليقين بأن الله تعالى
فعل المعجزة تصديقا له.
فمن ادعى
النبوة، وكان صدقه ممكنا عقلا، وظهرت على يده المعجزة، فهي دليل قطعي على صدقه في
دعواه، لأنه لو لم يكن صادقا لكان حدوث المعجزة على يده تصديقا للكاذب وموجبا
لإضلال الناس، والله سبحانه وتعالى منزه عن تصديق الكاذبين، وإضلال الناس.
هذا، وفي
النبوة العامة آيات كريمة وأحاديث شريفة، نقتصر منها على حديثين شريفين:
الحديث
الأول:
عن أبي
عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا
متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه
ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه، ويحاجهم ويحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون
عنه إلى خلقه وعباده، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه
فناءهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه جل وعز،
وهم الأنبياء (عليهم السلام) وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين بها،
غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شئ من أحوالهم،
مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل
والأنبياء من الدلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على
صدق مقالته وجواز عدالته " (1).
وفيما يلي
نشير إلى بعض المعاني التي تضمنها كلامه (عليه السلام):
ذكر (عليه
السلام) دليل ضرورة بعثة الأنبياء بقوله: (وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا.. إلى
قوله فناؤهم)، ومعناه أن كل فعل وترك وحركة وسكون يصدر من الإنسان، إما أن يكون
نافعا لدنياه وآخرته، أو ضارا، أو غير نافع ولا ضار، وعلى كل الفروض يحتاج الإنسان
إلى معرفة ما هو النافع وما هو الضار وما هو المصلح والمفسد لدنياه وآخرته، وهذه
المعرفة لا تتيسر إلا من عند من هو خبير بالرابطة التي بين الأفعال والتروك وصلاح
الإنسان وفساده، ومحيط بتأثير الحركات والسكنات في حياة الإنسان في الدنيا
والآخرة، وإنما هو خالق الإنسان، وخالق الدنيا والآخرة سبحانه.
ولما كانت
حكمته تعالى تستوجب أن يدل عباده على ذلك، وكانت دلالته عليه بدون واسطة غير ممكنة
لتعاليه عن مباشرتهم ومخاطبتهم، فلابد من سفراء مختارين (يدلونهم على مصالحهم
ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم).
وهذا
البرهان يمتاز من جهات عما برهن الفلاسفة على ضرورة النبوة - الذي اعتمد على قاعدة
أن الإنسان مدني بالطبع فيحتاج إلى قوانين عادلة لمعاملاته وعلاقاته الاجتماعية...
- فإن دليلهم مختص بالحياة الاجتماعية على الأرض، بينما دليل الإمام (عليه السلام)
يشمل عموم مصالح الإنسان ومضاره في كل عوالم الوجود.
* وأشار
(عليه السلام) إلى وجودهم الاستثنائي، باشتراكهم مع الناس وامتيازهم عنهم، وما به
اشتراكهم وما به اختصاصهم بقوله (عليه السلام): (غير مشاركين للناس - على مشاركتهم
في الخلق والتركيب - في شئ من أحوالهم).
* وأشار
(عليه السلام) بقوله: (صفوته من خلقه) إلى اصطفاء النبي من سائر الخلق، ليتمكن
بتلك الخلقة الصافية من نيل مقام الوساطة بين الخالق والمخلوق، وأداء مهمة الرابط
بين العالي والداني.
وما ألطف
كلمة " التعبير " التي أتى بها في قوله: " يعبرون عنه " ليوضح
منزلة النبي، وأنه كاللسان المبين ما في الضمير، ينطق عن الله تعالى، ويبلغ ما
يريده إلى خلقه، وهذه المنزلة لازمة لقداسة النبي ومستلزمة لعصمته.
* كما بين
(عليه السلام) الدليل على لزوم المعجزة لإثبات النبوة بقوله: " يكون معه علم
يدل على صدق مقالته وجواز عدالته "، وبما أن منشأ النبوة حكمة الحكيم على
الإطلاق، وثمرتها الحكمة أيضا {قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ} [الزخرف:
63]، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] فقد اهتم (عليه السلام) بامتياز حكمة الأنبياء
النظرية والعملية عن الحكمة البشرية الناتجة عن الفكر الإنساني، وأن حكمتهم بما
أنها تعبير عنه تعالى، بمقتضى قوله (عليه السلام): (ويعبرون عنه) وأنها (من عند الحكيم
العليم) فهي صافية من كدورة الأوهام، وأن النبي سراج منير لم يتخذ نور علمه من
التعليم والتربية البشرية، بل بارتباطه بنور السماوات والأرض {يَكَادُ زَيْتُهَا
يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35].
* قال
(عليه السلام): " حكماء مؤدبين بالحكمة "، ثم بعد فصل قليل قال: "
مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة " ليبين (عليه السلام) أن حكمة الأنبياء
- حدوثا وبقاء - من عند العليم الذي أحاط بكل شئ والحكيم الذي أتقن صنع كل شئ،
وأنها تمتاز عن الفكر البشري امتياز ما عند الله تعالى على ما عند الناس.
* ويظهر من
جملة " وكان ذلك الصانع حكيما " ومن وصف الأنبياء بأنهم " حكماء
مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها " أن العلة الفاعلية والعلة الغائية للنبوة هي
الحكمة، والحد الوسط بين المبدأ والمنتهى أيضا هي الحكمة {الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ * هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا
مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الجمعة: 1، 2].
وهناك
مباحث ثمينة ودقائق عميقة أخرى في إشارات كلام الإمام (عليه السلام) ولطائفه، لا
يتسع لها المجال.
الحديث
الثاني:
قال
الإمام الرضا (عليه السلام): " فإن قال: فلم وجب عليهم معرفة الرسل والإقرار
بهم والإذعان لهم بالطاعة؟ قيل: لأنه لما أن لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملون به
مصالحهم وكان الصانع متعاليا عن أن يرى، وكان ضعفهم وعجزهم عن إدراكه ظاهرا لم يكن
بد لهم من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي إليهم أمره ونهيه وأدبه ويقفهم على ما يكون
به اجترار منافعهم ومضارهم إذ لم يكن في خلقهم ما يعرفون به ما يحتاجون إليه من
منافعهم ومضارهم " (2).
_________________
(1) الكافي ج 1 ص 168.
(2) عيون
أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 ص 100 ب 34 ح 1، وبتفاوت في البحار ج 6 ص 59 وفيه:
(... ما يكون به إحراز منافعهم ودفع مضارهم إذ لم يكن في خلقهم ما يعرفون به ما يحتاجون
إليه من منافعهم ومضارهم).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|