أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2016
2026
التاريخ: 18-9-2016
2409
التاريخ: 3-6-2020
1676
التاريخ: 3-6-2020
1760
|
وقع الاختلاف بين الاعلام في أن القاعدتين المذكورتين هل ترجعان من حيث الروح الى قاعدة واحدة، و الاختلاف بينهما ليس إلّا من قبيل اختلاف مصاديق الشيء الواحد أو ان كلّ قاعدة هي مستقلة عن الاخرى.
وما هي الثمرة لهذا البحث؟ انها تظهر في بعض النقاط الآتية كما سيتجلى ان شاء اللّه (١).
والآراء في هذا المجال ثلاثة :
١- ما يظهر من الشيخ في الرسائل في الموضع السادس من المواضيع السبعة التي بحثها في قاعدة الفراغ و التجاوز (٢)، حيث ذكر ان القاعدتين ترجعان الى التعبد بشيء واحد و هو التعبد بوجود العمل الصحيح.
فمن شك في صحة العمل بعد الفراغ منه يكون شاكّا في وجود العمل الصحيح، و قاعدة الفراغ تعبده بوجود العمل الصحيح، و من شك في الاتيان بالجزء السابق بعد دخوله في الجزء اللاحق يكون شاكا في الاتيان بالجزء الصحيح و قاعدة التجاوز تعبده بوجوده.
اذن المجعول في كليهما هو التعبد بمفاد كان التامة، أي التعبد بأصل وجود الشيء.
واذا قيل بأن التعبد في قاعدة التجاوز انما هو بأصل وجود الجزء و ليس بوجوده الصحيح.
كان الجواب: ان التعبد بأصل وجود الشيء دون وجوده الصحيح لغو.
ولم يذكر الشيخ وجها للاستدلال على ذلك.
والميرزا (قدّس سرّه) أورد على مختار الشيخ أربع مناقشات ثم أخذ بدفعها فراجع أجود التقريرات (3).
٢- ما اختاره الميرزا من ان المجعول من قبل الشارع هو قاعدة الفراغ فقط، أي الحكم بصحة العمل بعد الفراغ منه، غايته ان الشارع نزّل جزء العمل بمنزلة تمام العمل في الحكم بصحته و عدم الاعتناء بالشك من ناحيته.
وذكر في توجيه ذلك: ان موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) تقول: «إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشيء انّما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» (4)، و المستفاد من قوله: «إذا كنت في شيء لم تجزه» ان المدار على الفراغ من الشيء و الخروج عنه من دون فرق بين الوضوء و الصلاة، فمتى ما فرغ المكلف من الشيء بكامله فشكّه ليس بشيء، و اذا لم يفرغ منه بالكامل فلا بدّ ان يعتني لشكه.
هذا و لكن في باب الصلاة بالخصوص و لمثل صحيحة زرارة الواردة في أجزاء الصلاة و التي قيل في آخرها: «كلّ شيء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه» استفدنا ان الشارع نزّل في خصوص باب الصلاة كلّ جزء منها منزلة تمام العمل في عدم الاعتناء بالشك بعد الانتهاء عنه، و ان كان المناسب لو لا التنزيل المذكور الاعتناء بالشك لفرض عدم الفراغ من العمل بالكامل (5).
٣- ما اختاره جمع من الأعلام منهم السيد الخوئي من أن المجعول من قبل الشارع هو قاعدة التجاوز فقط، فالشارع حكم بأن الشك في وجود الجزء بعد تجاوز محله لا يعتنى به، و اما الشك في الصحة بعد الفراغ فهو مسبب دائما عن الشك في وجود الجزء أو الشرط للمركب، فالتعبد بالصحة بعد الفراغ يرجع الى التعبد بمنشإ الصحة و هو وجود القيد المشكوك (6).
عالم الاثبات و عالم الثبوت :
ثم ان البحث في وحدة القاعدتين و تعددهما تارة يلحظ بالنسبة الى عالم الثبوت بأن يقال: هل يمكن ثبوتا و واقعا اتحاد القاعدتين أو لا؟
وكلامنا السابق كان ناظرا الى هذا العالم. و تقدم ان الميرزا قال:
المجعول هو قاعدة الفراغ فقط، و السيد الخوئي قال: ان المجعول هو قاعدة التجاوز فقط.
وأخرى يلحظ بالنسبة الى عالم الاثبات و الأدلة بأن يقال اننا لو رجعنا الى الروايات فهل يستفاد منها وحدة القاعدتين أو تعددهما.
و بلحاظ هذا العالم اختلف الميرزا و السيد الخوئي أيضا، فالميرزا (7) ذكر ما نصه: «ان روايات الباب آبية عن حملها على جعل قاعدتين مستقلتين، فان الرجوع اليها يشرف الفقيه على القطع بكون المجعول فيها أمرا واحدا ينطبق على موارد الشك في الأجزاء و الشك بعد العمل، فان اتحاد التعبير في موارد الأخبار الواردة في موارد التجاوز عن الأجزاء و الفراغ عن العمل يوجب القطع بوحدة القاعدة المجعولة، فالمقصود هو ضرب قاعدة كلية و هو عدم الاعتناء بالشك في تحقق المشكوك بعد تجاوز محله من دون فرق بين كون المشكوك وجود الجزء بعد تجاوز محله أو الكل بعد الفراغ عنه».
بينما السيد الخوئي ذكر ما نصه: «المستفاد من ظواهر الأدلة كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال، و ان ملاك إحداهما غير ملاك الأخرى، فان ملاك قاعدة الفراغ هو الشك في صحة الشيء مع احراز وجوده، و ملاك قاعدة التجاوز هو الشك في وجود الشيء بعد التجاوز عن محله» (8).
الصحيح من الاحتمالين :
ولا يبعد كون الصحيح ما أفاده الشيخ الأعظم من كون المجعول قاعدة واحدة و هي البناء على صحة العمل الواقع خارجا أعم من كونه تمام العمل أو جزأه و أعم من كون الشك في أصل الوجود أو في صحة الموجود.
هكذا نقول. و لا نقول كما قاله الميرزا من كون المجعول هو قاعدة الفراغ فقط، أي البناء على صحة تمام العمل، كما و لا نقول بما ذكره السيد الخوئي من كون المجعول هو قاعدة التجاوز فقط و البناء على تحقق الوجود المشكوك.
أجل الشيخ الأعظم يظهر منه ان متعلق التعبد هو البناء على وجود العمل الصحيح بنحو مفاد كان التامة، و نحن نقول: ان بالامكان ان يدعى ان متعلق التعبد هو البناء على صحة العمل الواقع بنحو مفاد كان الناقصة، فلا يرد الاشكال بأن التعبد بوجود العمل الصحيح بنحو مفاد كان التامة ليس محلا للآثار، فان الآثار الشرعية مترتبة على صحة العمل الواقع لا على وجود العمل الصحيح.
وعلى أي حال: ان ظاهر الروايات هو ما أفاده الشيخ الأعظم؛ خصوصا لو قرأنا موثقة محمد بن مسلم التي تقول: «كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فأمضه و لا إعادة عليك فيه» (9) فانها ظاهرة في لزوم البناء على الصحة في الجزء و الكل معا.
____________
(١) أحد تلك المواضع ما يأتي: ٤٩، ٥٤.
(٢) راجع الرسائل: ٤١٤ من طبع رحمت اللّه.
(3) أجود التقريرات ٢: ٤٦٥- ٤٦٧.
(4) وسائل الشيعة: الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ح ٢.
(5) أجود التقريرات: ٤٦٨.
(6) مصباح الأصول ٣: ٢٧١.
(7) أجود التقريرات ٢: ٤٦٧.
(8) مصباح الأصول ٣: ٢٧٩.
(9) تقدم في: ٤٢.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|