أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2022
4716
التاريخ: 2023-04-07
1524
التاريخ: 16-2-2022
3124
التاريخ: 10-2-2022
3179
|
قال تعالى : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 107 - 110] .
تتحدث الآيات أعلاه عن جماعة أُخرى من المنافقين الذين أقدموا ـ من أجل تحقيق أهدافهم المشؤومة ـ على بناء مسجد في المدينة ، عرف فيما بعد بـ (مسجد الضرار). وقد ذكر هذا الموضوع كل المفسّرين الإِسلاميين ، وكثير من كتب التاريخ والحديث ، مع وجود اختلافات في جزئياته.
وخلاصة القضية ـ كما تستفاد من التفاسير والأحاديث المختلفة ـ أنّ جماعة من المنافقين أتوا إِلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطلبوا منه أن يسمح لهم ببناء مسجد في حي بني سليم ـ قرب مسجد قبا ـ حتى يصلي فيه العاجزون والمرضى والشيوخ ، وكذلك ليصلي فيه جماعة من الناس الذين لا يستطيعون أن يحضروا مسجد قبا في الأيّام الممطرة ، ويؤدوا فرائضهم الإِسلامية ، وكان ذلك في الوقت الذي كان فيه النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عازماً على التوجه إِلى تبوك.
فأذن لهم النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إلاّ أنّهم لم يكتفوا بذلك ، بل طلبوا منه أن يصلي فيه ، فأخبرهم بأنّه عازم على السفر الآن ، وعند عودته بإذن الله فسوف يأتي مسجدهم ويصلي فيه.
فلمّا رجع النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من تبوك حضروا عنده وطلبوا منه الحضور في مسجدهم والصلاة فيه ، وأن يدعوا الله لهم بالبركة ، وكان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يدخل بعد أبواب المدينة ، فنزل الوحي وتلا عليه هذه الآيات ، وكشف الستار عن الأعمال هؤلاء ، فأمر النّبي بحرق المسجد المذكور ، وبهدم بقاياه ، وأن يُجعل مكانه محلا لرمي القاذورات والأوساخ.
إِذا نظرنا إِلى الوجه الظاهري لهذا العمل ، فسوف نتحير في البداية ، فهل أن بناء مسجد لحماية المرضى والطاعنين في السنن من الظروف الطارئة ، والذي هو في حقيقته عمل ديني وخدمة إِنسانية ، يعدّ عملا مضراً وسيئاً حتى يصدر في حقّه هذا الحكم ؟ إلاّ أنّنا إذا دققنا النظر في الواقع الباطني وحققناه رأينا أنّ هذا الأمر بهدمه في منتهى الدقة. وتوضيح ذلك ، أنّ رجلا في زمن الجاهلية يقال له : أبو عامر ، كان قد اعتنق النصرانية ، وسلك مسلك الرهبانية ، وكان يعد من الزهاد والعباد وله نفوذ واسع في طائفة الخزرج.
وعندما هاجر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إِلى المدينة واحتضنه المسلمون ونصروه وبعد انتصار المسلمين على المشركين في معركة بدر ، رأى أبو عامر ـ الذي كان يوماً من المبشرين بظهور النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أنّ الناس قد انفضوا من حوله ، وبقي وحيداً ، وعند ذلك قرر محاربة الإِسلام ، فهرب من المدينة إِلى كفار مكّة ، واستمد منهم القوّة لمحاربة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ودعا قبائل العرب لذلك فكان ينفذ ويقود جزءاً من مخططات معركة أحد ، وهو الذي أمر بحفر الحفر بين الصفين والتي سقط النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحدها فجرحت جبهته وكُسرت رباعيته.
فلمّا إنتهت غزوة أحد بكل ما واجه المسلمون فيها من مشاكل ونوائب ، دوى صوت الإِسلام أكثر من ذي قبل ، وعمّ كل الأرجاء ، فهرب أبو عامر من المدينة وذهب إِلى هرقل ملك الروم ليستعين به قتال النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وليرجع إِلى المسلمين ويقاتلهم في جحفل لجب وجيش عظيم.
ويلزم هنا أن نذكر هذه النقطة ، وهي أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رأى صدر منه من التحريض والدعوة لقتال المسلمين ونبيّهم سمّاه (فاسقاً).
يقول البعض : إنّ الموت لم يمهله حتى يُطلع هرقل على نواياه ومشاريعه ، إلاّ أنّ البعض الآخر يقول : إِنّه اتصل بهرقل وتحمس لوعوده!
على كل حال ، فإنّه قبل أن يموت أرسل رسالة إِلى منافقي المدينة يبشرهم فيها بالجيش الذي سيصل لمساعدتهم ، وأكّد عليهم بالخصوص على أن يبنوا له مركزاً ومقرّاً في المدينة ليكون منطلقاً لنشاطات المستقبل.
ولما كان بناء مثل هذا المقر ، وباسم أعداء الإِسلام غير ممكن عملياً ، رأى المنافقون أن يبنوا هذا المقر تحت غطاء المسجد ، وبعنوان مساعدة المرضى والعاجزين.
وأخيراً تمّ بناء المسجد ، ويقال أنّهم اختاروا شاباً عارفاً بالقرآن من بين المسلمين يقال له : «مجمع بن حارثة» أو «مجمع بن جارية» وأوكلوا له إمامة المسجد.
إِلاّ أنّ الوحي الإِلهي أزاح الستار عن عمل هؤلاء ، وربّما لم يأمر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشيء قبل ذهابه إِلى تبوك ليواجه هؤلاء بكل شدّة ، من أجل أن يتّضح أمرهم أكثر من جهة ، ولئلا ينشغل فكرياً وهو في مسيرة إِلى تبوك بما يمكن أن يحدث فيما لو أصدر الأمر.
وكيف كان ، فإنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكتف بعدم الصلاة في المسجد وحسب ، بل إنّه ـ كما قلنا ـ أمر بعض المسلمين ـ وهم مالك بن دخشم ، ومعنى بن عدي ، وعامر بن سكر أو عاصم بن عدي ـ أن يحرقوا المسجد ويهدموه ، فنفذ هؤلاء ما أُمروا به ، فعمدوا إِلى سقف المسجد فحرّقوه ، ثمّ هدموا الجدران ، وأخيراً حولوه إِلى محل لجمع الفضلات والقاذورات (1).
_______________________
1- مجمع البيان ، وتفسير روح الجنان ، وتفسير المنار ، وتفسير الميزان ، وتفسير نور الثقلين ، وكتب أُخرى.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|