المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
زراعة الثوم
2024-11-22
تكاثر وطرق زراعة الثوم
2024-11-22
تخزين الثوم
2024-11-22
تأثير العوامل الجوية على زراعة الثوم
2024-11-22
Alternative models
2024-11-22
Lexical Phonology and its predecessor
2024-11-22

Vowels BATH
2024-05-07
غزو مكة
9-1-2017
العلاقة بالسلطة التشريعية والحكومة والإدارة التنفيذية
31-10-2016
الكوليسترول Cholesterol
2024-05-19
الذرة السكرية
20-12-2020
The C-13 NMR spectrum for a more complicated compound
11-8-2019


علي بن أحمد بن سعيد بن حَزم بن غالب  
  
3373   04:19 مساءاً   التاريخ: 29-06-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج3، ص546-556
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2018 3019
التاريخ: 13-2-2016 1876
التاريخ: 26-1-2016 6791
التاريخ: 21-06-2015 7387

ابن صالح بن خلف بن سفيان بن يزيد الفارسي مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشي الأندلسي. الإمام العلامة يكنى أبا محمد مات فيما ذكره صاعد بن أحمد الجياني في كتاب أخبار الحكماء في سلخ شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة قال وكتب إلي بخط يده أنه ولد بعد صلاة الصبح من آخر يوم في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة إلا شهرا. قال: وأصل آبائه من قرية منت ليشم من إقليم الزاوية من عمل أونبة من كورة لبلة من غرب الأندلس وسكن هو وآباؤه قرطبة ونالوا فيها جاها عريضا وكان أبو عمرو أحمد بن سعيد بن حزم أحد العلماء من وزراء المنصور محمد بن عامر ووزراء ابنه المظفر بعده والمدبرين لدولتيهما وكان ابنه الفقيه أبو محمد وزيرا لعبد الرحمن المستظهر بالله ابن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر لدين الله ثم لهشام المعتد بالله ابن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ثم نبذ هذه الطريقة وأقبل على قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن فعني بعلم المنطق وألف فيه كتابا سماه كتاب التقريب لحدود المنطق بسط فيه القول على تبيين طرق المعارف واستعمل فيه مثلا فقهية وجوامع شرعية وخالف أرسطاليس واضع هذا العلم في بعض أصوله مخالفة من لم يفهم غرضه ولا ارتاض في كتبه فكتابه من أجل هذا كثير الغلط بين السقط وأوغل بعد هذا في الاستكثار من علوم الشريعة حتى نال ما لم ينله أحد قط بالأندلس قبله وصنف فيها مصنفات كثيرة العدد شرعية المقصد معظمها في أصول الفقه وفروعه على مذهبه الذي ينتحله، وطريقه الذي يسلكه وهو مذهب داود بن علي بن خلف الأصبهاني ومن قاله بقوله من أهل الظاهر ونفاة القياس والتعليل.

 قال: ولقد أخبرني ابنه الفضل المكنى أبا رافع أن مبلغ تواليفه في الفقه والحديث والأصول والنحل والملل وغير ذلك من التاريخ والنسب وكتب الأدب والرد على المعارض نحو أربعمائة مجلد على قريب من ثمانين ألف ورقة وهذا شيء ما علمناه لأحد ممن كان في دولة الإسلام قبله إلا لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري فإنه أكثر أهل الإسلام تصنيفا فذكر ما ذكرناه في ترجمة ابن جرير من أن أيام حياته حسبت وحسبت تصانيفه وكان لكل يوم أربع عشرة ورقة. ثم قال: ولأبي محمد بن حزم بعد هذا نصيب وافر من علم النحو واللغة وقسم صالح من قرض الشعر وصناعة الخطابة.

 ذكر أن ابن حزم اجتمع يوما مع الفقيه أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب الباجي صاحب كتابي المنتقى والاستغناء وغيرهما من التواليف وجرت بينهما مناظرة فلما انقضت قال الفقيه أبو الوليد تعذرني فإن أكثر مطالعتي كانت على سرج الحراس. قال ابن حزم: وتعذرني أيضا فإن أكثر مطالعتي كانت على منابر الذهب والفضة. أراد أن الغنى أضيع لطلب العلم من الفقر.

 قرأت بخط أبي بكر محمد بن طرخان بن يلتكين بن يحكم قال الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن العربي الأندلسي توفي الشيخ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بقريته وهي من غرب الأندلس على خليج البحر الأعظم في شهر جمادى الأولى من سنة سبع وخمسين وأربعمائة والقرية التي على بعد نصف فرسخ من أونبة يقال لها متلجتم وهي ملكه وملك سلفه من قبله قال وقال لي أبو محمد بن العربي إن أبا محمد بن حزم ولد بقرطبة وجده سعيد  ولد بأونبة ثم انتقل إلى قرطبة وولي فيها الوزارة ثم ابنه علي الإمام وأقام في الوزارة من وقت بلوغه إلى انتهاء سنه ستا وعشرين سنة وقال إنني بلغت إلى هذا السن وأنا لا أدري كيف أجبر صلاة من الصلوات قال:

قال لي الوزير أبو محمد بن العربي: أخبرني الشيخ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة لرجل كبير من إخوان أبيه فدخل المسجد قبل صلاة العصر والخلق فيه فجلس ولم يركع فقال له أستاذه يعني الذي رباه بإشارة أن قم فصل تحية المسجد فلم يفهم فقال له بعض المجاورين له أبلغت هذه السن ولا تعلم أن تحية المسجد واجبة وكان قد بلغ حينئذ ستة وعشرين عاما قال فقمت وركعت وفهمت إذا إشارة الأستاذ إلي بذلك. قال: فلما انصرفنا من الصلاة على الجنازة إلى المسجد مشاركة للأحباء من أقرباء الميت دخلت المسجد فبادرت بالركوع فقيل لي اجلس ليس هذا وقت صلاة فانصرفت عن الميت وقد خزيت ولحقني ما هانت علي به نفسي وقلت للأستاذ دلني على دار الشيخ الفقيه المشاور أبي عبد الله بن دحون فدلني فقصدته من ذلك المشهد وأعلمته بما جرى فيه وسألت الابتداء بقراءة العلم واسترشدته فدلني على كتاب الموطإ لمالك بن أنس رضي الله عنه فبدأت به عليه قراءة من اليوم التالي لذلك اليوم ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة. قال:

 وقال لي الوزير الإمام أبو محمد بن العربي: صحبت الشيخ الإمام أبا محمد علي بن حزم سبعة أعوام وسمعت منه جميع مصنفاته حاشا المجلد الأخير من كتاب الفصل وهو يشتمل على ست مجلدات من الأصل الذي قرأنا منه فيكون الفائت نحو السدس وقرأنا من كتاب الإيصال أربع مجلدات من كتاب الإمام أبي محمد بن حزم في سنة ست وخمسين وأربعمائة ولم يفتني من تأليفاته شيء سوى ما ذكرته من الناقص وما لم أقرأه من كتاب الإيصال. وكان عند الإمام أبي محمد بن حزم كتاب الإيصال في أربع وعشرين مجلدا بخط يده وكان في غاية الإدماج. قال:

 وقال لي الوزير أبو محمد بن العربي: وربما كان للإمام أبي محمد بن حزم شيء من تواليفه ألفه في غير بلده في المدة التي تجول فيها بشرق الأندلس فلم أسمعه ولي بجميع مصنفاته ومسموعاته إجازة منه مرات عدة كثيرة آخر ما كان بخط اليجمكي رحمه الله. وأورد له صاحب المطمح أشعارا منها: [الطويل]

 (وذي عذل فيمن سباني حسنه ... يطيل ملامي في الهوى ويقول)

 (أمن حسن وجه لاح لم تر غيره ... ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل)

 (فقلت له أسرفت في اللوم فاتئد ... فعندي رد لو أشاء طويل)

 (ألم تر أني ظاهري وأنني ... على عما بدا حتى يقوم دليل)

 وأنشد له: [الطويل]

 (هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا ... فجائعه تبقى ولذاته تفنى)

 (إذا أمكنت فيه مسرة ساعة ... تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا)

 (إلى تبعات في المعاد وموقف ... نود لديه أننا لم نكن كنا)

 (حصلنا على هم وإثم وحسرة ... وفات الذي كنا نلذ به منا)

 (حنين لما ولى وشغل بما أتى ... وغم لما يرجى بعيشك لا تهنا)

 (كأن الذي كنا نسر بكونه ... إذا حققته النفس لفظ بلا معنى)

وله: [الطويل]

 (ولي نحو أكناف العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب)

 (فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم ... فحينئذ يبدو التأسف والكرب)

 (هنالك تدري أن للبعد غصة ... وأن كساد العلم آفته القرب)

 وله: [البسيط]

 (لا تشمتن حاسدي إن نكبة عرضت ... فالدهر ليس على حال بمتَّرك)

 (ذو الفضل كالتبر طورا تحت ميفعة ... وتارة قد يرى تاجا على ملك)

 وله: [الوافر]

 (لئن أصبحت مرتحلا بشخصي ... فروحي عندكم دوما مقيم)

 (ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الكليم)

 ومن شعر أبي محمد بن حزم: [الوافر]

 (أنا العلق الذي لا عيب فيه ... سوى بلدي وأني غير طاري)

 (تقر لي العراق ومن يليها ... وأهل الأرض إلا أهل داري)

 (طووا حسدا على أدب وفهم ... وعلم ما يشق له غباري)

 (فمهما طار في الآفاق ذكري ... فما سطع الدخان بغير نار)

 قال أبو مروان بن حيان: كان أبو محمد حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب وما يتعلق بأذيال الأدب مع المشاركة في كثير من أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة وله في بعض تلك الفنون كتب كثيرة غير أنه لم يخل فيها من غلط وسقط لجراءته على التسور على الفنون ولا سيما المنطق فإنهم زعموا أنه زل هنالك وضل في شكول المسالك وخالف أرسطاطاليس واضعه مخالفة من لم يفهم  غرضه ولا ارتاض ومال أولا النظر به في الفقه إلى رأي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله وناضل عن مذهبه وانحرف عن مذهب سواه حتى وسم به ونسب إليه فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء وعيب بالشذوذ ثم عدل في الآخر إلى قول أصحاب الظاهر مذهب داود بن علي ومن اتبعه من فقهاء الأمصار فنقحه ونهجه وجادل عنه ووضع الكتب في بسطه وثبت عليه إلى أن مضى لسبيله رحمه الله وكان يحمل علمه هذا ويجادل من خالفه فيه على استرسال في طباعه وبذل بأسراره واستناد على العهد الذي أخذه الله على العلماء من عباده { لتبيننه للناس ولا تكتمونه } فلم يك يلطف صدعه بما عنده بتعريض ولا يرقه بتدريج بل يصك به معارضه صك الجندل وينشقه متلقعه إنشاق الخردل فنفر عنه القلوب وتوقع به الندوب حتى استهدف إلى فقهاء وقته فمالوا على بغضه ورد أقواله فأجمعوا على تضليله وشنعوا عليه وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه وطفق الملوك يقصونه عن قربهم ويسيرونه عن بلادهم إلى أن انتهوا به منقطع أثره بتربة بلده من بادية لبلة وبها توفي رحمه الله سنة ست وخمسين وأربعمائة وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع إلى ما أرادوا به يبث علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامة المقتبسين منهم من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة يحدثهم ويفقههم ويدرسهم ولا يدع المثابرة على العلم والمواظبة على التأليف والإكثار من التصنيف حتى كمل من مصنفاته في فنون من العلم وقر بعير لم تعد أكثرها عتبة باديته لتزهيد الفقهاء طلاب العلم فيها حتى لأحرق بعضها بإشبيلية ومزقت علانية لا يزيد مؤلفها في ذلك إلا بصيرة في نشرها وجدالا للمعاندة فيها إلى أن مضى لسبيله. وأكثر معايبه زعموا عند المنصف له جهله بسياسة العلم التي هي أعوص من إتقانه وتخلفه عن ذلك على قوة شيخه عمارة وعلى ذلك كله فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه إلى أن يحرك بالسؤال فيتفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء ولا يقصر عنه الرشاء له على كل ما ذكرنا دلائل ماثلة وأخبار مأثورة وكان مما يزيد في شنآنه تشيعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم بالشرق والأندلس واعتقاده لصحة إمامتهم وانحرافه عن سواهم من قريش حتى نسب إلى التعصب لغيِّهم. وقد كان من غرائبه انتماؤه في فارس واتباع أهل بيته له في ذلك بعد حقبة من الدهر تولى فيها أبوه الوزير المعقل في زمانه الراجح في ميزانه أحمد بن سعيد بن حزم لبني أمية أولياء نعمه لا عن صحة ولاية لهم عليه فقد عهده الناس خامل الأبوة مولد الأرومة من عجم لبلة جده الأدنى حديث الإسلام لم يتقدم لسلفه نباهة فأبوه أحمد على الحقيقة هو الذي بنى بيت نفسه في آخر الدهر برأس رابية وعمده بالخلال الفاضلة من الرجاحة والمعرفة والدهاء والرجولة والرأي فاغتدى جرثومة سلف لمن نماهم أغنتهم عن الرسوخ في أول السابقة فما من شرف إلا مسوق عن خارجية ولم يكن إلا كلا ولا حتى تخطى علي هذا رابية لبلة فارتقى قلعة إصطخر من أرض فارس فالله أعلم كيف ترقاها إذ لم يكن يؤتى من خطل ولا جهالة بل وصله بها وسع علم وشجته رحم معقومة بلها بمستأخر الصلة رحمه الله فتناهت حاله مع فقهاء عصره إلى ما وصفته وحسابه وحسابهم على الله الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة عز وجهه. ولهذا الشيخ أبي محمد مع يهود لعنهم الله ومع غيرهم من أولي المذاهب المرفوضة من أهل الإسلام مجالس محفوظة وأخبار مكتوبة وله مصنفات في ذلك معروفة من أشهرها في علم الجدل كتابه المسمى  كتاب الفصل بين أهل الآراء والنحل كتاب الصادع والرادع على من كفر أهل التأويل من فرق المسلمين والرد على من قال بالتقليد وله كتاب في شرح حديث الموطإ والكلام على مسائله وله كتاب الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد والاقتصار على أصحها واجتلاب أكمل ألفاظها وأصح معانيها وكتاب التلخيص والتخليص في المسائل النظرية وفروعها التي لا نص عليها في الكتاب ولا الحديث وكتاب منتقى الإجماع وبيانه من جملة ما لا يعرف فيه اختلاف وكتاب الإمامة والسياسة في قسم سير الخلفاء ومراتبها والندب والواجب منها وكتاب أخلاق النفس وكتابه الكبير المعروف بالإيصال إلى فهم كتاب الخصال وكتاب كشف الإلباس ما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس إلى تواليف غيرها ورسائل في معان شتى كثير عددها.

 ومن شعره يصف ما أحرق له من كتبه ابن عباد قوله: [الطويل]

 (وإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمنه القرطاس بل هو في صدري)

 (يسير معي حيث استقلت ركائبي ... وينزل إن أنزل ويدفن في قبري)

 (دعوني من إحراق رق وكاغد ... وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري)

 (وإلا فعودوا في المكاتب بدأة ... فكم دون ما تبغون لله من ستر)

 وله: [الطويل]

 (كأنك بالزوار لي قد تبادروا ... وقيل لهم أودى علي بن أحمد)

 (فيا رب محزون هناك وضاحك ... وكم أدمع تذرى وخد مخدد)

(عفا الله عني يوم أرحل ظاعنا ... عن الأهل محمولا إلى ضيق ملحد)

 (وأترك ما قد كنت مغتبطا به ... وألقى الذي آنست منه بمرصد)

 (فواراحتي إن كان زادي مقدما ... ويا نصبي إن كنت لم أتزود)

وبالبدائع، هذا الخبر على وعورة ما أوضحنا على كثرة الدافنين لها والطامسين لمحاسنها وعلى ذلك فليس ببدع فيما أضيع منه فأزهد الناس في عالم أهله وقبله رزئ العلماء بتزهدهم على من يقصر عنهم والحسد داء لا دواء له آخر كلام ابن حيان. ولأبي محمد قصيدة يخاطب بها قاضي الجماعة بقرطبة عبد الرحمن بن بشير يفخر فيها بالعلم ويذكر أصناف ما علم يقول فيها: [الطويل]

 (أنا الشمس في جو السماء منيرة ... ولكن عيبي أن مطلعي الغرب)

 (ولو أنني من جانب الشرق طالع ... لجد على ما ضاع من ذكري النهب)

 (ولي نحو أكناف العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب)

 (فإن نزل الرحمن رحلي فيهم ... فحينئذ يبدو التأسف والكرب)

 (فكم قائل أغفلته وهو حاضر ... فأطلب ما عنه يجيء به الكتب)

 (هنالك تدري أن للبعد غصة ... وأن كساد العلم آفته القرب)

 (فواعجبا من غاب عنهم تشوقوا ... له ودنو المرء من دارهم ذنب)

 (وإن مكانا ضاق عني لضيق ... على أنه فيح مذاهبه سهب)

 (وإن رجالا ضيعوني لضيع ... وإن زمانا لم أنل خصبه جدب)

(ولكن لي في يوسف خير أسوة ... وليس على من بالنبي ائتسى ذنب)

 (يقول مقال الحق والصدق إنني ... حفيظ عليم ما على صادق عتب)

وله مثله: [الوافر]

 (يقول أخي شجاك رحيل جسم ... وروحك ماله عنا رحيل)

 (فقلت له المعاين مطمئن ... لذا طلب المعاينة الخليل)

 قال الحميدي وأنشدته قول أبي نواس: [الخفيف]

 (عرَّضَن للذي تُحِب بحبٍّ ... ثم دعه يروضه إبليس)

 فقال أنت في طريق التحقيق فقال: [الطويل]

 (أبن قول وجه الحق في نفس سامع ... ودعه فنور الحق يسري ويشرق)

 (سيؤنسه رفقا وينسى نفاره ... كما نسي القيد الموثق مطلق)

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.