أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2021
1883
التاريخ: 4-7-2021
1969
التاريخ: 1-8-2021
1938
التاريخ: 29-10-2018
2410
|
دور الصناعات الصغيرة في التنمية الاقتصادية:
بدأت قناعة الدول المتقدمة والنامية على حد سواء تتوالى بأهمية الصناعات الصغيرة ودورها في تنمية الاقتصاد، ففي منتصف عقد السبعينات تضاعفت أعداد الصناعات الصغيرة وباتت تمثل نسبة كبيرة تجاوزت (95%)من حجم المنشآت الصناعية القائمة والموجودة في العالم وتوظف أكثر من (50%) من إجمالي القوى العاملة ، أما مساهمتها في الناتج العالمي فتزيد على (70%) من السلع والخدمات ، وتأتي هذه الأهمية للصناعات الصغيرة من خلال المميزات التي تتصف بها تلك الصناعات كهيكل اقتصادي واجتماعي التي ذكرناها سابقا، إذ نجد حجم مساهمتها ودورها في تنمية الاقتصاد من خلال النجاحات التي تحققت في البلدان المتقدمة بشكل واضح ،على الرغم من تباين الطرائق التي تتبناها كل دولة على وفق ما يتماشى مع معطيات المرحلة، وفلسفتها الاقتصادية والسياسية فضلاً عن ما تمتلكه تلك البلدان من إمكانات وموارد تساعد على تحقيق تلك النجاحات ، ومن خلال الدراسة نلاحظ إن للتخطيط والتنظيم دوراً مهماً في إبراز الدور التنموي لتلك الصناعات ،فلم تكن الصناعات الصغيرة قائمة بصورة عبثية تظهر وتختفي كصورة مشوهة ، بل نجدها في البلدان المتقدمة ومن خلال تجاربها أن هناك برامج متنوعة في دعم تلك الصناعات وارتباطها بروابط أمامية وخلفية مع منشآت أخرى ( سواء كانت صغيرة أم كبيرة ) بحيث لا يتركز نشاطها في صناعة واحدة فقط ، وبالتالي تولدت لدى البلدان النامية قناعة مفادها ليس هناك تنمية مالم يكن هناك دور فاعل ومؤثر وأساس للصناعات الصغيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،إذاً لابد من الوقوف على حقيقة العوامل والكيفية التي أدت إلى تلك النجاحات المتحققة سواء على مستوى البلدان المتقدمة أو النامية منها.
أن الحرب العالمية الثانية كانت سبباً في تدهور الكثير من اقتصادات دول العالم وبخاصة الدول الأوربية منها وكذلك تراجع حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي ،جعلت من تلك الأحداث حافزاً للاهتمام بالصناعات الصغيرة لما تمتاز به من خصاص، إذ بدأت تلك البلدان في بناء وإعادة هياكلها الاقتصادية، كان للصناعات الصغيرة دورٌ كبير في ذلك، فمثلا في اليابان الصناعات الصغيرة أدت دوراً متميزاً في بناء الاقتصاد بشكل منتظم ومتنوع بحيث كونت من نفسها المجمعات الصناعية عن طريق التكامل الأفقي والرأسي وبترابطات أمامية وخلفية مع المنشآت الصناعية الكبيرة ، أي إنها تؤدي الدور المغذي لتلك المنشآت من خلال إنتاجها لآلاف القطع على مستوى الصناعة الواحدة مثل السيارات أو الصناعات الإلكترونية والهندسية الأخرى.
وفي مثال آخر للمجمعات الصناعية ألمانيا الغربية فهناك أكثر من (70) ألف صناعة صغيرة موزعة منها (30) ألف مصنع تابع إلى شركة سيمنس و(23) ألف مصنع تابع إلى شركة كروب. وفي دول شرق آسيا فإنها تشغل (60%) كمعدل من إجمالي القوى العاملة ، وبفعل الثورة المعلوماتية وتيسير سبل التبادل التجاري والتشابك الصناعي أخذت المنشآت الكبيرة تتصاغر منذ عقدين من الزمن، وأن مسألة حجم المشروع الكبير بات شكليا، وهذا يعني أن التركز الصناعي يمكن أن يحدث ضمن هذه المجمعات الصناعية المنتشرة في أماكن مختلفة على عكس ما يتبادر إلى الأذهان بان التركز في الإنتاج يعني زيادة في حجم المشروع ووحداته في الموقع الواحد، وبالتالي ارتبط حجم المنشأة ارتباطاً وثيقاً مع التقدم العلمي والتكنولوجي، إذ بدأت كثير من المنشآت الصناعية الكبيرة في العالم تفتت منشآتها إلى وحدات إنتاجية صغيرة ترتبط فيما بينها بشبكة معلومات. ومثال ذلك شركة (AT&T) العالمية وشركة (IBM) في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتمد على معامل بلدان جنوب شرق آسيا في الحصول على أجزاء ومكونات الكمبيوتر بنسبة (70%) من كلفة الانتاج فضلا عن اعتمادها على نسبة أخرى من داخل الصناعات الصغيرة في أمريكا. وكذلك في اليابان شركة(Aiwa) حيث التعاقد الثانوي لها مع منشآت صناعية في بلدان أخرى ( ماليزيا وسنغافورة وتايلند) وغيرها للحصول على أجزاء جاهزة بنسبة (85%) من كلفة الانتاج.
وفي أوربا الغربية وبخاصة المملكة المتحدة نرى إن بداية التنمية الصناعية فيها كانت في بناء المنشآت الصناعية الكبيرة معتمدة بتغذيتها على أنقاض الوحدات الحرفية التقليدية في مراحلها الأولى ، وبعد هذه المرحلة جاء الاهتمام مرة أخرى بالصناعات الصغيرة نتيجة للتطورات التكنولوجية التي حدثت وبإمكانها تزويد المنشآت الكبيرة بما تحتاجه من مواد نصف مصنعة معتمدة بذلك على (مبدأ التخصص) الذي يؤدي إلى خفض التكاليف وتحسين نوعية الإنتاج وخلق روح التنافس. وكذلك الدول الأخرى التي أولت اهتماماَ كبيراً للصناعات الصغيرة والمتوسطة على حد سواء، ففي الهند يضم قطاع الصناعات الصغيرة ما يقارب من (3) ملايين صناعة صغيرة وأن نسبة مشاركتها في الناتج القومي الهندي(10 %) وان معدل النمو لهذه الصناعات يفوق ما حققه قطاع الصناعات الثقيلة في عام (2006) وان مستوى التوظف فيها بلغ(17) مليون عامل.
أما في العراق وحتى منتصف عقد الخمسينات كان اقتصاده معتمداَ على القطاع الزراعي بالدرجة الأولى ،ففي عام (1954) كان للصناعات الغذائية مساهمة بنحو (60%) من ناتج الصناعات والصناعات الإنشائية تسهم بحدود (21%) من الناتج . وكانت أعداد الصناعات الصغيرة التي يعمل بها اقل من (10) عمال هو(21730) منشأة، وقبل ذلك كان للصناعات الصغيرة دورٌ مهم في الاقتصاد العراقي على الرغم من أن تلك الصناعات هي تقليدية ولكن في وقتها متماشية مع متطلبات السوق، ولكن بعد ذلك اختلفت الأهداف والاستراتيجيات التي تخص المنشآت الصناعية الصغيرة، ففي نهاية عقد الخمسينات وحتى حصول العراق على الإيرادات النفطية وبدايات تأميم النفط، بدأ القطاع الصناعي الخاص يُحجم دوره بتحويل الكثير من المنشآت الصناعية الخاصة إلى شركات مساهمة عن طريق تلك السياسات الاقتصادية آنذاك ، وكانت تلك البدايات الأولى التي أدت إلى تهميش دور القطاع الصناعي الخاص وبالتالي إلى انخفاض نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وتكوين رأس المال الثابت، إذ بدأت بعدها الحكومة العراقية بإعطاء القطاع العام الثقل الأكبر من الاهتمام من أجل بناء البنى التحتية كمشاريع عملاقة ومنشآت كبيرة لا يقوى القطاع الخاص على إقامتها مثل مشاريع الري وبناء السدود وإنشاء محطات كهربائية كبيرة وإنشاء الطرق والجسور لان عوائد مثل تلك المشاريع لم تأتي بشكل مباشر، ولكن ما يهمنا أن هذا التوجه بدأ يسير باتجاهات لإنشاء مشاريع كبيرة مماثلة لإنتاج نشاط القطاع الخاص ، ومدعومة من قبل الدولة بسياسات حماية مختلفة أدى بتلك الصناعات الصغيرة إلى عدم الصمود أمامها وتوقفت الكثير منها وبدأت أعدادها تنخفض ، وهذا يعطي انطباع بان السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت قد بالغت بإعطاء الدور البارز للمنشآت الكبيرة وعدًها الحل الأمثل في تحقيق أهداف التنمية، "واثبتت الكثير من الدراسات إن المنشآت الكبيرة التي أقيمت في العراق أغلبها تم بناؤها بحجوم غير مثلى فأصبحت كفاءتها الاقتصادية منخفضة، وهذا انعكس على قدرة الصناعة العراقية في صعوبة إيجاد أسواق خارجية لمنتجاتها.
من خلال ما تقدم يتضح لنا إن تجارب البلدان المتقدمة التي بينت إحدى الدراسات الميدانية إن الصناعات الصغيرة في القطاع الصناعي تفوق المنشآت الكبيرة في الميدان التكنولوجي باستعمال التقنيات الحديثة ، وباستعمال الآلات والمعدات الأكثر تناسبا وملاءمة مع القطاع الموجودة فيه وأن الكثير من الدراسات تشير إلى إمكان تفعيل دور الصناعات الصغيرة وتنمية الصادرات، وذلك من خلال زيادة قدرتها في جذب المدخرات واستخدامها في أغراض إنتاجية وبالتالي رفع كفاءتها الفنية والاقتصادية في استخدام الموارد المتاحة وتحقيق التنمية الصناعية المتكاملة أما بطريقة مباشرة أو من خلال علاقات الترابط الأمامية والخلفية بينها وبين المنشآت الصناعية الكبيرة ، وهذا الأمر يرتبط بتوجهات السياسة الاقتصادية للبلد وادراكه لواقع تلك الصناعات وما تحتاجه فعلاَ لنجاحها، وبخاصة إذا عرفنا أن العراق يمتلك من وسائل الدعم ما لا تملكه الكثير من البلدان من حيث الموارد المادية والبشرية غير المستغلة استغلالاً حقيقياً إذا ما قورنت مع إمكانات بلدان اخرى مثل (الهند) .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|