هل لخطبة البيان والطتنجية سند؟ وإذا كان لها سند ألا تفيد الغلوّ؟ |
2052
09:05 صباحاً
التاريخ: 16-9-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2020
1092
التاريخ: 16-9-2020
1222
التاريخ: 16-9-2020
1503
التاريخ: 15-9-2020
1584
|
الجواب : كثيراً ما يتساءل عن خطبة البيان والخطبة الطتنجية سنداً ودلالةً ، بل كُلّ ما هناك من ألفاظ وصفات إلهية نسبت للمعصومين عليهم السلام ممّا تفيد الغلوّ ، بل الشرك والكفر ، لو أُريد منها معانيها الظاهرية أمثال قولهم عليهم السلام : « نحن الأوّل ، والآخر ، والظاهر ، والباطن » وإلى غير ذلك.
فنقول وبالله التوفيق : إنّ الأُمّة المحمّدية قد خصّت من دون الأُمم بفضيلة الإسناد ، وفُضّلت على سائر الشرائع بنعمة الاستناد والاتصال بالمعصومين عليهم السلام بالرجال الثقات والممدوحين ، وعليه فكُلّ خبر ما لم يكن مسنداً متّصلاً لا قيمة له ولا حجّية ، من أيّ أحد صدر ، ولأيّ شخص نُسب ، وما أرسل منه أو رفع ، أو وقف له أحكامه الخاصّة به ، مذكورة في محلّها ، وعليه :
أوّلاً : لم يذكر لأمثال هذه الخطب سنداً معتبراً ، بل قد نجده أرسل ـ بالمعنى الأعم ـ مع أنّا نجد غالب كلمات أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه مسندة في مواطن ، وإن كانت مرسلة في النهج وغيره.
ثانياً : صرف وجود خطبة أو رواية في كتاب ـ مهما كان ـ لا يكفي على مذهب الإمامية للحجّية ، ما لم يقرن بقرائن خاصّة مذكورة في محلّها ، وهذا ما يسمّى بالوجادة ، التي لا حجّية فيها ولا سندية لها في نفسها.
ثالثاً : إنّ إعراض العلماء موهن للخبر ، بل قد يسقطه عن الحجّية ، خصوصاً وهو في مرأى ومسمع منهم ، وأيضاً عدم وجوده في كتب الأُصول « لأُم » عند الطائفة ، وعدم درجه فيها مضعّف له.
رابعاً : وجود طائفة كبيرة من أخبار العرض ـ الأخبار العلاجية ـ وما ورد عنهم عليهم السلام مستفيضاً من قولهم عن الحديث : « ما خالف كتاب الله فهو : زخرف : لم نقله : وأضربه عرض الجدار ، و... » ، وهي أحاديث لا تحصى كثرةً ، كما لنا أحاديث جمّة في إسقاط كُلّ حديث خالف العقول ، أو لزم منه الشرك والكفر ، إلاّ إذا أمكن تأويله أو حمله على محمل صحيح ، هذا بشكل عام ، وهي فائدة تنفع في موارد متعدّدة ، ومقامات أُخرى.
وأمّا ما يخصّ المقام فنقول :
أوّلاً : لقد نُسب للسيّد الخوئي قدس سره في خصوص خطبة البيان كون ألفاظها ركيكة ، وأنّها ليست بعربية فصيحة ، وأنّها مخالفة للسان أهل البيت عليهم السلام ، وهو كلام إنّما يتمّ عند أهل الفن خاصّة ، وفيه مجال للرّد والإبرام ، خصوصاً مع كون « حديثنا صعب مستصعب » ، وقولهم عليهم السلام : « ردّوه إلينا » ، كما ويخشى من تعميمه في مواطن أُخرى من غير من هو أهل لذلك.
ثانياً : وجود روايات صريحة صحيحة كثيرة مقابل هذه الأخبار الشاذّة النادرة ، وهذا كافٍ لإسقاطها عن الحجّية.
ثالثاً : إنّها مخالفة للعقل ، ولا يمكن القول بظاهرها من موحّد ، إلى غير ذلك من الوجوه الكثيرة ، التي لا غرض لنا هنا بإحصائها ، إذ لا نجد ثمّة ضرورة في ذلك.
والحاصل : إنّ عمدة الإشكال هنا أنّا لهم مع قوله تعالى : {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا... } [النجم: 43، 44] ، وقوله عزّ من قائل : {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] ، وقوله عزّ اسمه : {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258] وغيرها مثلاً وما أكثرها ، فكيف يردّ التعبير عنهم عليهم السلام أمثال هذه الألفاظ التي يستشمّ منها الغلوّ والكفر ، والعياذ بالله.
ولبّ الجواب عليه ـ فضلاً عمّا سلف ـ هو : إنّه وردت في كتبنا روايات كثيرة عنهم عليهم السلام صحيحة ، عندما ذكروا هذه الألفاظ فيها فسّروها لنا ، وقالوا : نقصد منها كذا ، فلو فسّرت بغير هذا من أيّ كان ، أو أخذ بظواهرها ، لكان ردّاً عليهم عليهم السلام ، ولابدّ من الأخذ بتأويلهم وبما فسّروه ، وإلاّ لكان باطلاً لم يقصدوه ولا يريدوه ، بل تقوّل عليهم وافتراء ، مثال ذلك :
أ ـ قوله صلى الله عليه واله : « أنا الأوّل والآخر » ، ثمّ فسّره بقوله : « أوّل في النبوّة ، وآخر في البعثة » (1).
ب ـ سئل أمير المؤمنين عليه السلام : كيف أصبحت؟ فقال : « أصبحت وأنا الصدّيق الأوّل الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وأنا وصيّ خير البشر ، وأنا الأوّل وأنا الآخر ، وأنا الباطن وأنا الظاهر ، وأنا بكُلّ شيء عليم ، وأنا عين الله ، وأنا جنب الله ، وأنا أمين الله على المرسلين ، بنا عبد الله ، ونحن خزّان الله في أرضه وسمائه ، وأنا أُحيي وأنا أُميت ، وأنا حيّ لا أموت ».
فتعجّب الإعرابي من قوله ، فقال عليه السلام : « أنا الأوّل ؛ أوّل من آمن برسول الله صلى الله عليه واله ، وأنا الآخر ؛ آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده ، وأنا الظاهر فظاهر الإسلام ، وأنا الباطن بطين من العلم ، وأنا بكُلّ شيء عليم ؛ فإنّي عليم بكُلّ شيء أخبر الله به نبيّه فأخبرني به ، فأمّا عين الله ؛ فأنا عينه على المؤمنين والكفرة ، وأمّا جنب الله ؛ فأن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ، ومن فرّط فيّ فقد فرّط في الله ، ولم يخبر لنبيّ نبوّة حتّى يأخذ خاتماً من محمّد صلى الله عليه واله ، فلذلك سمّي خاتم النبيين محمّد سيّد النبيين ، فأنا سيّد الوصيين.
وأمّا خزّان الله في أرضه ؛ فقد علمنا ما علمّنا رسول الله صلى الله عليه واله بقول صادق ، وأنا أُحيي ؛ أُحيي سنّة رسول الله ، وأنا أُميت ؛ أُميت البدعة ، وأنا حيّ لا أموت لقوله تعالى : {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] (2) .
ج ـ روي أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان قاعداً في المسجد ، وعنده جماعة ، فقالوا له : حدّثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : « ويحكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون » ، قالوا : لابدّ من أن تحدّثنا ، قال : « قوموا بنا » ، فدخل الدار.
فقال : « أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي أُحيي وأُميت ، أنا الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن » ، فغضبوا وقالوا : كفر!! وقاموا.
فقال علي عليه السلام للباب : « يا باب استمسك عليهم »! فاستمسك عليهم الباب ، فقال : « ألم أقل لكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون؟!
تعالوا أفسّر لكم ، أمّا قولي : أنا الذي علوت فقهرت ، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتّى آمنتم بالله ورسوله ، وأمّا قولي : أنا أُحيي وأُميت ؛ فأنا أُحيي السنّة وأُميت البدعة.
أمّا قولي : أنا الأوّل ؛ فأنا أوّل من آمن بالله وأسلم ، وأمّا قولي : أنا الآخر ؛ فأنا آخر من سجّى على النبيّ صلى الله عليه واله ثوبه ودفنه ، وأمّا قولي : أنا الظاهر والباطن ، فأنا عندي علم الظاهر والباطن ».
قالوا : فرّجت عنا فرّج الله عنك (3).
د ـ عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا وجه الله ، أنا جنب الله ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ، وأنا الظاهر ، وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض ، وأنا سبيل الله ، وبه عزمت عليه ».
قال معروف بن خربوذ : ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلوّ (4).
وعلّق عليه العلاّمة المجلسي قدس سره بقوله : « وبه عزمت عليه ، أي بالله أقسمت على الله عند سؤال الحوائج عنه » (5).
____________
1 ـ إعلام الورى 1 / 51 ، كشف الغمّة 1 / 13.
2 ـ مناقب آل أبي طالب 2 / 205.
3 ـ الاختصاص : 163.
4 ـ اختيار معرفة الرجال 2 / 471.
5 ـ بحار الأنوار 39 / 349.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|