أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2020
1797
التاريخ: 2023-08-24
1234
التاريخ: 2023-04-24
1034
التاريخ: 28-4-2021
2259
|
اسس انطلاق المدرسة التاريخية العراقية
لذلك وانطلاقا من هذه القراءات للمدارس التاريخية العالمية ، نقول ان هناك عوامل مشتركة وعناصر اساسية لاي تفكير نحو اقامة مدرسة او قراءة تاريخية جديدة او وضع اطار نظري ، فالعامل الاول يتمثل في وجود تحدي خطير يحفز ويعطي مبرر ويؤكد ضرورة التفكير بطريقة جديدة ، اذ ان ظهور المدارس التاريخية كان نتيجة او استجابة لحاجات بناء الدول والتحديات التي تواجهها ، مثلما ظهرت المدرسة الوضعية التي كانت استجابة للحركات القومية وفي ظل الجمهورية الفرنسية الثالثة ، والمدارس الفكرية الامريكية وخاصة مدرسة الاستشراق الامريكية جاءت استجابة لمكانة الولايات المتحدة الدولية ، لذلك فنحن في العراق والوطن العربي لابد ان تكون الاحداث التي عاشتها الامة العربية والتي عاشها العراق منذ ما اطلق علية ربيع الثورات العربية وطيلة مرحلة التحول الخطيرة تشكل التحدي الاكبر الذي يدفع المؤرخين للتفكير في اطار نظري وفكري يحدد اتجاهاتنا وحاجاتنا ، ولعل العراقي الذي عاش تحدي الارهاب والقاعدة وداعش الذي تصاعد بشكل خطير عام 2014 ليشكل اطارا لانطلاقة فكرية متطورة . فضلا عن ان التراجع الذي اصاب بلداننا ، وفي الوقت الذي تعيش فيه الدول الاوربية والامريكية والدول المتقدمة تطورا هائلا في ميادين المعرفة والادارة والاستقرار ، نعيش نحن في ازمات الفقر والعوز والفساد والتردي ، وهذا لوحده يشكل التحدي الاكبر.
والعامل الثاني المشترك من دراسة التجارب العالمية الفكرية والذي يشكل منطلقا في وضع اطار نظري لمدرسة عراقية تاريخية انه لابد ان يكون هناك عدد من المؤرخين المتصدين والمبادرين للتفكير بذلك، فان المدارس الفكرية التاريخية العالمية لها روادها ومفكريها. وبالتالي لابد من رواد ومتصدين . والعامل الثالث هو امتلاك ادوات العمل والتفكير، من خلال اصدار مجلات تاريخية واصدارات وتأليف كتب تعني بهذا الفكر وهذه التوجهات الجديدة، وبالتالي نكون قادرين على الانطلاق نحو صياغة هوية او مفاهيم لهذه المدرسة بناء الى حاجتنا، وضع وصياغة الاطار النظري .
لذلك فان المنطلق الاول الذي نبدأ فيه كمؤرخين عراقيين لتأسيس المدرسة التاريخية العراقية يتطلب دراسة علمية دقيقة للمدارس التاريخية الفكرية العالمية والاستفادة من اتجاهاتها وتجاربها وطريقة تفكيرها، من خلال ذلك نقدم رؤيا وقراءة لما نريد وكيف نفكر.
فضلا عن ذلك فان الانطلاق نحو مدرسة تاريخية عراقية يتطلب دراسة علمية واقعية جريئة لتاريخ العراق والوطن العربي خلال المائة عام الماضية التي تشكلت فيها الدول العربية الحديثة والوقوف على اهم المحركات للواقع العراقي والعربي، وتشخيص عوامل الضعف التي كانت وراء الفشل من خلال تقييم موضوعي جرئ وعلمي.
يمكن ان نؤسس انطلاقا من هذه الرؤية مدرسة تحليلية فكرية تعالج الصراعات الطائفية السنية الشيعية الاقليمية الجديدة التي ظهرت في مطلع الالفية الثالثة، ونحتاج الى وصف دقيق وموضوعي لطبيعة الصراع وانعكاساته، والبحث عن اليات للتوافق والمصالح المشتركة. فالمؤرخ العراقي عليه كتابة تاريخه الحاضر ليبني للاجيال المستقبلية حياة جديدة تحقق لهم الوحدة والانسجام والهوية والمصلحة المشتركة .
والاطار النظري للمدرسة التاريخية الجديدة ينطلق من اعتماد التحليل الدقيق للواقع واعتماد دراسات شمولية تغطي وتقرا مرحلة تاريخية ذات بعد واسع ، وعلى المؤرخ العراقي او العربي ان يحدد لنفسه دور ومشاركة واداء ايجابي لخدمة مجتمعة ، ويبحث عن اليات لتطور واقع امته ان يطلق العنان لعقله في التفكير والاستنتاج واستخلاص الدروس والعبر من دراساته التاريخية ، ويفسر الاحداث والاسباب ويحدد الثغرات ونقاط الضعف واسباب تدهور امته .والتخلي عن بعض الاليات الشكلية المنهجية في البحث التاريخي واعطاء فسحة من البحث للحوار واستنباط الاحكام ، اذ ان المؤرخ الذي وصل الى درجة علمية تؤهله لإعطاء الراي والاستنباط مطالب بان يخوض في ذلك .بل يمكن القول ان التحليل على الرغم من اهميته اصبح لوحده لا يحقق النتائج المطلوبة ، اذ لابد من استقرار من استقراء المستقبل والتنبؤ بحركة المجتمع وحركة الحياة ، ووضع السيناريوهات المناسبة للأحداث والتحديات المتوقعة ، فضلا عن ذلك نحن بحاجة الى ذكاء تحليلي ولقواعد سلوكية ، وتعد التربية مرتكز للبحث التاريخي تحتاج الى اجواء اخلاقية .(1)
ان الكتابة التاريخية تضع في الحسبان ان الحقائق المكتوبة ليست هي كل الحقائق النهائية ، لان هناك ما هو دفين ، تمنع ظهوره عوامل واعتبارات مختلفة ، لذلك فان من واجب المؤرخ البحث والتقصي والوصول الى المخفي من التاريخ من خلال الاستقصاء والتحليل والاستدلال.(2)
نحن مطالبون الخوض في تقديم قراءات استشرافية للمستقبل، وان اول ما تفتضيه البحوث الاستشرافية وجود نظرية شمولية قادرة على دراسة وفهم الماضي وتفسير حركته، وان تكون النظرية ذات بعدا ايديولوجيا، فضلا عن اهمية توفر دراسات علمية حول الواقع ونشوئه وتطوره التاريخي، زيادة على ضرورة وجود نماذج ممكنة تلائم الواقع ومتصلة بمواقفه .(3)
واذا اردنا ان نثور او ننتفض على اي قيم وتقاليد واطار نظري فكري تاريخي ،هل نحن نعمل وفق منهج محدد ، ام اننا نسعى لتأسيس منهج ، فالتاريخ الجديد نشا في اطار ثورة على التاريخ الوصفي الذي ساد خلال القرن التاسع عشر ، وفيه يجب ان يكون هناك تصور جديد للوثيقة ونقدها ، وبالتالي فقد توفرت قاعدة منهجية واليات جامعية .(4) واعتقد ان الوثيقة ستحتفظ بأهميتها العلمية في المدرسة التاريخية الجديدة ، اذ لم تستغن عنها المدرسة الوضعية او مدرسة الحوليات الفرنسية ، وفي دراساتنا الحديثة والمعاصرة لا تزال الوثيقة تشكل اهمية كبيرة في البحث التاريخي ، اذ اخذت الوثائق الامريكية والبريطانية فضلا عن الوثيقة المحلية مساحة كبيرة من الاهتمام في الدراسات التاريخية ، وبالتالي فنحن امام اهتمام اكبر في التدقيق والتمحيص والتحليل للوثائق ، بل لابد من الخوض في قراءة تفكير ودوافع صانع هذه الوثيقة وصاحب القرار الذي وراءها ، فضلا عن اهمية تصنيف وحفظ وارشفة الوثائق المحلية ، لما لها من اهمية في دراسة الوقائع .
والحاجة تدعو الى امكانيات وقدرات عالية في تشخيص المشكلات والمحركات الرئيسية للواقع العراقي والعربي ، اذ ان التشخيص العلمي الدقيق يكون مفتاحا لكل الخطوات المقبلة والمكملة وصولا لتقديم قراءات ووضع مسارات فكرية علمية تاريخية . وان يجيب المؤرخ عن اسئلة واشكاليات مجتمعية ويضع تصوراته وقراءاته امام النخب الثقافية والعلمية والسياسية بهدف المساعدة في التطوير والانضاج وخلق مناخ علمي تفاعلي يسترشد به المعنيين .
ان خطوات المنهج العلمي لمدرسة تاريخية جديدة تركز على الملاحظة الدقيقة لمحركات الواقع العراقي والواقع العربي ، والخوض في الوصف والتحليل ، فضلا عن اهمية وضع المعايير العلمية للبحث العلمي التاريخي الجديد ، والبحث في استشراف ابعاد وافاق المستقبل والتفكير بالبدائل والضمانات ودراسة التفاعلات والعلاقات ، والوقوف بشكل دقيق على المصالح والمشتركات من جهة وعلى عوامل واسباب الصراع والتناقض من جهة ثانية .(5)
_______________
(1) هربرت شنيدر، تاريخ الفلسفة الامريكية ، ترجمة محمد فتحي الشنيطي ، مكتبة النهضة المصرية ، (القاهرة 1964)، 407.
(2) باسم سلمان محمود، الكتابة التاريخية في القرن السادس الهجري في بغداد ، دار الكتب العلمية ، (بغداد 2013) ، 68.
(3) عبدالباسط عبد المعطي، البحث الاجتماعي ، محاولة نمو رؤية نقدية لمنهجه وابعاده ، دار المعرفة الجامعية 1985، 132.
(4) جاك لوغوف ، المصدر السابق ، التاريخ الجديد ،81
(5) عبدالباسط عبد المعطي، البحث الاجتماعي، محاولة نمو رؤية نقدية لمنهجه وابعاده ، دار المعرفة الجامعية 1985، ص/128.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|