المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16311 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
قدم وتوقع الأفضل
2024-04-20
السعادة ومعرفة الخير والشر
2024-04-20
التبرج، اشاعة الفحشاء
2024-04-20
الزواج
2024-04-20
دراسة تاثير الايونات الفلزية على سرعة انحلال البيروكسيدات بعد التعرض للاشعة المؤينة
2024-04-20
طريقة القياس بوساطة الانزيم Determination Method Using Enzyme
2024-04-20

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (27-31) من سورة هود  
  
3208   05:46 مساءً   التاريخ: 4-5-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الهاء / سورة هود /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2020 4942
التاريخ: 13-6-2020 13653
التاريخ: 16-5-2020 4585
التاريخ: 7-6-2020 19704

 

قال تعالى :{ فَقالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ ( 27 ) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ ( 28 ) ويا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ولكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ( 29 ) ويا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 30 ) ولا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ ولا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ولا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ولا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ } [هود: 27، 31]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} أي: من قوم نوح لنوح (عليه السلام) :{ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} ظنا منهم أن الرسول إنما يكون من غير جنس المرسل إليه ولم يعلموا أن البعثة من الجنس قد تكون أصلح ومن الشبهة أبعد { وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا } أي : لم يتبعك الملأ والأشراف والرؤساء منا وإنما اتبعك أخساؤنا الذين لا مال لهم ولا جاه { بادي الرأي } أي:  في ظاهر الأمر والرأي لم يتدبروا ما قلت ولم يتفكروا فيه . وقال الزجاج:  معناه اتبعوك في الظاهر وباطنهم على خلاف ذلك ومن قرأ بالهمز: فالمعنى أنهم اتبعوك ابتداء الرأي أي : حين ابتدأوا ينظرون ولوفكروا لم يتبعوك. وقيل: معناه إن في مبتدإ وقوع الرؤية عليهم يعلم أنهم أراذلنا وأسافلنا { وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} أي: وما نرى لك ولقومك علينا من فضل فإن الفضل إنما يكون في كثرة المال والمنزلة في الدنيا والشرف في النسب وإنما قالوا ذلك لأنهم جهلوا طريقة الاستدلال ولواستدلوا بالمعجزات الدالة على نبوته لعلموا أنه نبي وإن من آمن به مؤمن ومن خالفه كافر. وعرفوا حقيقة الفضل وهكذا عادة أرباب الدنيا يستحقرون أرباب الدين إذا كانوا فقراء ويسترذلونهم وإن كانوا هم الأكرمين الأفضلين عند الله سبحانه { بل نظنكم كاذبين } هذا تمام الحكاية عن كفار قوم نوح قالوه لنوح ومن آمن به { قال } نوح لقومه { يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي: على برهان وحجة يشهد بصحة النبوة وهي المعجزة. وقال ابن عباس: على بينة أي : على يقين وبصيرة ومعرفة من ربوبية ربي وعظمته . واختلف في قول نوح (عليه السلام) هذا أنه جواب عماذا . فقيل: أنه جواب عن قولهم:{ بل نظنكم كاذبين } فكأنه قال :إن تظنوني كاذبا فما تقولون لوكنت على خلافه وعلى حجة من ربي واضحة أ لا تصدقونني وقيل بل هو جواب عن قولهم { ما نراك إلا بشرا مثلنا } أي : وإن كنت بشرا فما ذا تقولون إذا أتيتكم بحجة دالة على صدقي أ لا تصدقونني ؟

وفيه بيان أن الرسالة إنما تظهر بالمعجزة فلا معنى لاعتبار البشرية وقيل: هو جواب عن قولهم { ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا } فكأنه قال إنهم اعتصموا بالله وبما آتاهم من البينة والرحمة فنالوا بذلك الرفعة والفضل وأنتم قنعتم بالدنيا الدنية الفانية فأنتم في الحقيقة الأراذل لا هم . وقيل: هوجواب عن قولهم { وما نرى لكم علينا من فضل} فكأنه قال: لا تتبعوا المال والجاه فإن الواجب اتباع الحجة والدلالة ويجوز أن يكون جوابا عن جميع ذلك .

{وآتاني رحمة من عنده } رد عليهم بهذا جميع ما ادعوه . والرحمة والنعمة هي هاهنا النبوة أي وأعطاني نبوة من عنده { فعميت عليكم } أي : خفيت عليكم لقلة تدبركم فيها { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} أي : أ تريدون مني أن أكرهكم على المعرفة وألجئكم إليها على كره منكم ؟ هذا غير مقدور لي . والهاء كناية عن الرحمة فيدخل فيها النبوة والدين وسائر النعم .وقيل : معناه أ نلزمكم قبولها فحذف المضاف. ويجوز أن يكون الهاء كناية عن البينة ويكون المراد : أن علي أن أدلكم بالبينة وليس علي أن اضطركم إلى معرفتها .

ثم أنكر نوح استثقالهم التكليف والعاقل إنما يستثقل الأمر إذا ألزمته مئونة ثقله فقطع هذا العذر بقوله: { وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا} أي: لا أطلب منكم على دعائكم إلى الله أجرا فتمتنعون من إجابتي خوفا من أخذ المال { إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} أي :ما ثوابي وما أجري في ذلك إلا على الله { وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} أي : لست أطرد المؤمنين من عندي ولا أبعدهم على وجه الإهانة وقيل أنهم كانوا سألوه طردهم ليؤمنوا له أنفة من أن يكونوا معهم على سواء عن ابن جريج والزجاج { إنهم ملاقوا ربهم } وهذا يدل على أنهم سألوه طردهم فأعلمهم أنه لا يطردهم لأنهم ملاقوا ربهم فيجازي من ظلمهم وطردهم بجزائه من العذاب عن الزجاج وقيل: معناه أنهم ملاقوا ثواب ربهم فكيف يكونون أراذل ؟ وكيف يجوز طردهم وهم لا يستحقون ذلك؟ عن الجبائي .

{وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} الحق وأهله . وقيل: معناه تجهلون أن الناس إنما يتفاضلون بالدين لا بالدنيا . وقيل: تجهلون فيما تسألون من طرد المؤمنين { ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم } معناه : من يمنعني من عذاب الله إن أنا طردت المؤمنين فكانوا خصمائي عند الله في الآخرة { أ فلا تذكرون } أي: أ فلا تتفكرون فتعلمون أن الأمر على ما قلته؟ وفرق علي بن عيسى بين التفكر والتذكر بأن التذكر طلب معنى قد كان حاضرا للنفس. والتفكر طلب معرفة الشيء بالقلب وإن لم يكن حاضرا للنفس. وليست النصرة المذكورة في الآية من الشفاعة في شيء لأن النصرة :هي المنع على وجه المغالبة والقهر والشفاعة هي المسألة على وجه الخضوع فلا دلالة في الآية على نفي الشفاعة  للمذنبين على ما قاله بعضهم { وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} هذا تمام الحكاية عما قاله نوح لقومه ومعناه : إني لا أرفع نفسي فوق قدرها فأدعي أن عندي مقدورات الله تعالى فأفعل ما أشاء وأعطي ما أشاء وأمنع من أشاء عن الجبائي وأبي مسلم وقيل: خزائن الله : مفاتيح الله في الرزق . وهذا جواب لقولهم ما نراك إلا بشرا مثلنا أوقولهم:{ وما نرى لكم علينا من فضل} { ولا أعلم الغيب } أي:  ولا أدعي علم الغيب حتى أدلكم على منافعكم ومضاركم . وقيل: لا أعلم الغيب فأعلم ما تسرونه في نفوسكم فيكون جوابا لقولهم إن هؤلاء الذين آمنوا بك اتبعوك في ظاهر ما ترى منهم أي فسبيلي قبول إيمانهم الذي ظهر لي ولا يعلم ما يضمرونه إلا الله تعالى.

 { ولا أقول إني ملك } فأخبركم بخبر السماء من قبل نفسي وإنما أنا بشر لا أعلم الأشياء من غير تعليم الله تعالى وقيل: معناه لا أقول إني روحاني غير مخلوق من ذكر وأنثى بل أنا بشر مثلكم خصني الله بالرسالة { وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} أي: لا أقول لهؤلاء المؤمنين الذين تستقلونهم وتستخفونهم وتحتقرهم أعينكم لما ترون عليهم من زي الفقراء { لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} أي: لا يعطيهم الله في المستقبل خيرا على أعمالهم ولا يثيبهم عليها بل أعطاهم الله كل خير في الدنيا من التوفيق ويعطيهم كل خير في الآخرة من الثواب { اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ} أي: بما في قلوبهم من الإخلاص وغيره { إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} إن طردتهم ، تكذيبا لظاهر إيمانهم أوقلت فيهم غير ما أعلم .

_______________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي، ج5،ص264-267.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ فَقالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا }. لما دعا نوح قومه إلى التوحيد ردوا عليه دعوته قبل أن يدرسوها ، ويتدبروا حقيقتها . .

وتذرعوا بشبهتين : الأولى كيف يتبعونه ، وهوواحد منهم ؟ . فكثير عليه أن

يتحدث باسم اللَّه من دونهم . . انهم نظروا إلى القائل ، ولم ينظروا إلى القول ، وقاسوا الحق بالرجال ، ولم يقيسوا الرجال بالحق .

وتسأل : ان هذا لا يختص بقوم نوح ( عليه السلام ) ، فلقد رأينا أكثر الناس ينقادون إلى الغريب ، دون القريب ، حتى اشتهر في الأمثال : بنت الدار عوراء .

الجواب : أجل ، ان هذا الخلق لا يختص بقوم نوح ، والآية لا تنفيه عن غيرهم ، وانما تذمهم من أجله ، وهذا لا ينفي الذم عن أمثالهم وأشباههم .

الشبهة الثانية التي تذرع بها المترفون قولهم : { وما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ }والأراذل في مفهومهم الفقراء والمساكين الذين لا جاه لهم ولا مال ، والمترفون أجل وأعظم من أن يؤمنوا بمن آمن به الأراذل { وما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ }الخطاب في { لكم }لنوح ومن آمن معه ، والمعنى قال المترفون الطغاة لنوح والمؤمنين : كيف نتبعكم ولا تمتازون علينا بجاه ولا مال ، تماما كما قال مشركوقريش لمحمد ( صلى الله عليه واله ) : « لولا أنزل عليه كنز » . . { وقالُوا لَولا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ - 31 الزخرف } { بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ }لأنكم فقراء مساكين . . هذا هومنطق الأثرياء الضالين ، التعصب للجاه والمال . . أما النوايا الخيرية ، والأعمال الصالحة فكلام فارغ .

{ قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ }.

هذا جواب قولهم : كيف نؤمن لك ، وأنت بشر مثلنا ؟ . ومعنى الجواب أخبروني ما أصنع إذا اختارني اللَّه لرسالته ، وخصني من دونكم برحمته ، وزودني ببينة منه على هذه الرسالة ؟ . ما رأيكم ؟ . هل أرفضها ، وأقول للَّه ، لا أريد النبوة منك ، ولا أحمل رسالتك إلى عبادك ، لأنكم لا تعقلون ؟ { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ }أي خفيت الرسالة عليكم ، وعجزتم عن فهمها { أَنُلْزِمُكُمُوها }أي أتريدون مني ان أكرهكم على الإيمان برسالتي { وأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ }؟ . وإذا كره القلب عمي عن رؤية الحق .

{ ويا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ } - أي على الانذار - { مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ }.

لأن من يتكلم باسم اللَّه لا يطلب الأجر من سواه ان كان صادقا في كلامه ، والمرتزقة باسم الدين هم الذين يسألون الناس أموالهم وصدقاتهم ، وما أكثرهم في هذا العصر .

{ وما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ }. وما هوالمبرر لطردهم ؟ .

ألأنهم فقراء ؟ . وليس الفقر ذنبا عند اللَّه . أولأن إيمانهم زائف وغير صحيح فهم ذاهبون إلى ربهم ، وهوأعلم بمقاصدهم وضمائرهم ؟ . { ولكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }والناس أعداء ما جهلوا .

{ ويا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ }هل تدفعون عني أنتم أوغيركم عذابه ان فعلت ذلك { أَفَلا تَذَكَّرُونَ }وكيف يتذكر من لا يخشى العواقب ؟ .

{ ولا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ ولا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ولا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ }. هذا القول من نوح (عليه السلام ) شرح وتفسير لقوله أولا : { إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ }وليس من شرط النذير ان يملك الأموال والأرزاق ، حتى يكذّب الفقير إذا ادعى الانذار باسم اللَّه ، ولا من شرطه أيضا ان يعلم الغيب لترد دعواه النبوة إذا لم يخبر بالمغيبات ، ولا أن يكون ملكا من الملائكة كي يقال له : ما أنت إلا بشر .

{ ولا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ }.

من الطبيعي أن يكون الترف هومقياس الحق والخير عند المترفين ، بل وعند الجهلاء والسفهاء . . أما عند اللَّه وأهل اللَّه فمقياس الخير التقوى والعمل الصالح ، ونوح ( عليه السلام )يقيس بمقياس اللَّه ، فكيف يقول للمؤمنين : لن يؤتيكم اللَّه خيرا ؟

تماما كما قال لهم المترفون الطغاة . . اللهم الا إذا صار طاغية مثلهم { إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ }كالذين أشركوا باللَّه ، وكفروا بكتبه ورسله .

___________________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 224-226.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا}إلى آخر الآية، الفاء في صدر الآية لتفريع جوابهم عن قول نوح (عليه السلام)، وفيه إشارة إلى أنهم بادروه بالرد والإنكار من دون أن يفكروا في أنفسهم فيختاروا ما هوأصلح لهم.

والمجيبون هم الملأ من قومه والأشراف والكبراء الذين كفروا به ولم يتعرضوا في جوابهم لما ألقى إليهم من حجة التوحيد بل إنما اشتغلوا بنفي رسالته والاستكبار عن طاعته فإن قوله:{إني لكم نذير مبين}إلى آخر الآيتين، كان مشتملا على دعوى الرسالة وملوحا إلى وجوب الاتباع وقد صرح به فيما حكي عنه في موضع آخر، قال تعالى:{ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ:}نوح: - 3.

ومحصل ما نقله الله تعالى من جوابهم هوأنه لا دليل على لزوم اتباعك بل الدليل على خلافه فهوفي الحقيقة حجتان منظومتان على طريق الإضراب والترقي ولذلك أخر قولهم:{بل نظنكم كاذبين}.

والحجة الأولى التي مدلولها عدم الدليل على وجوب اتباعه مبينة بطرق ثلاث هي قوله:{ما نراك إلا بشرا}إلخ، وقوله:{وما نراك اتبعك}إلخ، وقوله:{وما نرى لكم علينا}. إلخ.

والحجة بجميع أجزائها مبنية على إنكار ما وراء الحس كما سنبين ولذلك كرروا فيه قولهم: ما نراك ونرى.

فقوله:{ما نراك إلا بشرا مثلنا}أول جوابهم عما يدعيه نوح (عليه السلام) من الرسالة، وقد تمسكوا فيه بالمماثلة كما هودأب سائر الأمم مع أنبيائهم على ما حكاه الله تعالى في كتابه وتقريره: أنك مثلنا في البشرية ولوكنت رسولا إلينا من عند الله لم تكن كذلك ولا نشاهد منك إلا أنك بشر مثلنا، وإذ كنت بشرا مثلنا لم يكن هناك موجب لاتباعك.

ففي الكلام تكذيب لرسالته (عليه السلام) بأنه ليس إلا بشرا مثلهم ثم استنتاج من ذلك أنه لا دليل على لزوم اتباعه، والدليل على ما ذكرنا قول نوح (عليه السلام) فيما سيحكيه الله تعالى من كلامه:{يا قوم أ رأيتم إن كنت على بينة من ربي}إلخ.

وقد اشتبه الأمر على بعض المفسرين فقرر قولهم:{ما نراك إلا بشرا مثلنا}بأنهم ساووه بأنفسهم في الزنة الاجتماعية واستنتجوا منها أنه لا وجه لاتباعهم له، قال في تفسير الآية: أجابوه بأربع حجج داحضة.

إحداها: أنه بشر مثلهم فساووه بأنفسهم في الجملة، وهذا يدل على أنه (عليه السلام) كان من طبقتهم أوما يقرب منها في بيته وفي شخصه وهكذا كان كل رسول من وسط قومه، ووجه الجواب أن المساواة تنافي دعوى تفوق أحد المتساويين على الآخر بجعل أحدهما تابعا طائعا والآخر متبوعا مطاعا لأنه ترجيح بغير مرجح. انتهى.

ولوكان المعنى ما ذكره لكان من حق الكلام أن يقال: أنت مثلنا أونراك مثلنا دون أن يقال: ما نراك إلا بشرا مثلنا فيذكر أنه بشر ولا حاجة إلى الإشارة إلى بشريته، ولكان معنى الكلام عائدا إلى المراد من قولهم بعد: وما نرى لكم علينا من فضل، وكان فضلا من الكلام.

ومن العجب استفادته من الكلام مساواته (عليه السلام) لهم في البيت والشخصية ثم قوله:{وهكذا كان كل رسول من وسط قومه} وفي الرسل مثل إبراهيم وسليمان وأيوب (عليهما السلام).

وقوله:{وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي}قال في المفردات،: الرذل - بفتح الراء - والرذال - بكسرها - المرغوب عنه لرداءته قال تعالى:{ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} وقال:{إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي} وقال:{قالوا أ نؤمن لك واتبعك الأرذلون} جمع الأرذل.

وقال في المجمع،: الرذل الخسيس الحقير من كل شيء والجمع أرذل ثم يجمع على أراذل كقولك: كلب وأكلب وأكالب، ويجوز أن يكون جمع الأرذل فيكون مثل أكابر جمع أكبر.

وقال: والرأي الرؤية من قوله:{يرونهم مثليهم رأي العين}أي رؤية العين والرأي أيضا ما يراه الإنسان في الأمر وجمعه آراء. انتهى.

وقال في المفردات،: وقوله:{بادىء الرأي}أي ما يبدأ من الرأي وهوالرأي الفطير، وقرىء: بادي بغير همزة أي الذي يظهر من الرأي ولم يتروفيه. انتهى.

وقوله:{بادىء الرأي}يحتمل أن يكون قيدا لقوله:{هم أراذلنا}أي كونهم أراذل وسفلة فينا معلوم في ظاهر الرأي والنظر أوفي أول نظرة.

ويحتمل كونه قيدا لقوله:{اتبعك} أي اتبعوك في ظاهر الرأي أوفي أوله من غير تعمق وتفكر ولوتفكروا قليلا وقلبوا أمرك ظهرا لبطن ما اتبعوك، وهذا الاحتمال لا يستغني عن تكرار الفعل ثانيا والتقدير: اتبعوك بادي الأمر وإلا اختل المعنى لولم يتكرر وقيل: ما نراك اتبعك في بادي الرأي إلا الذين هم أراذلنا.

وبالجملة معنى الآية: أنا نشاهد أن متبعيك هم الأراذل والأخساء من القوم ولواتبعناك ساويناهم ودخلنا في زمرتهم وهذا ينافي شرافتنا ويحط قدرنا في المجتمع، وفي الكلام إيماء إلى بطلان رسالته (عليه السلام) بدلالة الالتزام فإن من معتقدات العامة أن القول لوكان حقا نافعا لتبعه الشرفاء والعظماء وأولوا القوة والطول فلواستنكفوا عنه أواتبعه الأخساء والضعفاء كالعبيد والمساكين والفقراء ممن لا حظ له من مال أوجاه ولا مكانة له عند العامة فلا خير فيه.

وقوله:{وما نرى لكم علينا من فضل}المراد نفي مطلق الفضل من متاع دنيوي يختصون بالتنعم به أوشيء من الأمور الغيبية كعلم الغيب أوالتأيد بقوة ملكوتية وذلك لكون النكرة - فضل - واقعة في سياق النفي فتفيد العموم.

وقد أشركوا أتباع نوح (عليه السلام) والمؤمنين به منهم في دعوته إذ قالوا:{وما نرى لكم علينا}ولم يقولوا:{ولا نرى لك}لأنهم كانوا يحثونهم ويرغبونهم في اتباع ما اتبعوه من الطريقة.

والمعنى أن دعوتكم إيانا - وعندنا ما نتمتع به من مزايا الحياة الدنيا كالمال والبنين والعلم والقوة - إنما يستقيم ويؤثر أثره لوكان لكم شيء من الفضل تفضلون به علينا من زينة الحياة الدنيا أوعلم من الغيب أوقوة من الملكوت حتى يوجب ذلك خضوعا منا لكم ولا نرى شيئا من ذلك عندكم فأي موجب يوجب علينا اتباعكم؟.

وإنما عممنا الفضل في كلامه للفضل من حيث الجهات المادية وغيره كعلم الغيب والقوة الملكوتية خلافا لأكثر المفسرين حيث فسروا الفضل بالفضل المادي كالمال والكثرة وغيرهما، لما يستفاد من كلامهم من العموم لوقوع النكرة في سياق النفي.

مضافا إلى أن ما يحاذي قولهم هذا من جواب نوح (عليه السلام) يدل على ذلك وهوقوله:{ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك}إلخ على ما سيأتي.

وقوله تعالى:{بل نظنكم كاذبين}إضراب في الاحتجاج كما تقدمت الإشارة إليه فمحصله أنا لا نرى معكم أمرا يوجب اتباعنا لكم بل هناك أمر يوجب عدم الاتباع وهوأنا نظنكم كاذبين.

ومعناه على ما يعطيه السياق - والله أعلم - أنه لما لم يكن عندكم ما يشاهد معه صحة دعوتكم وأنكم تلحون علينا بالسمع والطاعة وأنتم صفر الأيدي من مزايا الحياة من مال وجاه وهذه الحال تستدعي الظن بأنكم كاذبون في دعواكم تريدون بها نيل ما بأيدينا من أماني الحياة بهذه الوسيلة وبالجملة هذه أمارة توجب عادة الظن بأنها أكذوبة يتوسل بها إلى اقتناء الأموال والقبض على ثروة الناس والاستعلاء عليهم بالحكم والرئاسة، وهذا كما حكى الله سبحانه عنهم في مثل القصة إذ قال:{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ:}المؤمنون: - 24.

وبهذا يظهر وجه تعليقهم الكذب بالظن دون الجزم، وأن المراد بالكذب الكذب المخبري دون الخبري.

قوله تعالى:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي }إلى آخر الآية بيان لما أجاب به نوح (عليه السلام) عن حجتهم إلى تمام أربع آيات، والتعمية الإخفاء فمعنى عميت عليكم بالبناء للمفعول أخفيت عليكم من ناحية جهلكم وكراهتكم للحق.

وقرىء عميت بالتخفيف والبناء للفاعل أي خفيت عليكم تلك الرحمة.

لما كانت حجتهم مبنية على الحس ونفي ما وراءه وقد استنتجوا منها أولا عدم الدليل على وجوب طاعته واتباعه ثم أضربوا عنه بالترقي إلى استنتاج الدليل على عدم الوجوب بل على وجوب العدم أجابهم (عليهم السلام) بإثبات ما حاولوا نفيه من رسالته وما يتبعه، ونفي ما حاولوا إثباته باتهامه واتهام أتباعه بالكذب غير أنه استعطفهم بخطاب يا قوم - بالإضافة إلى ضمير التكلم - مرة بعد مرة ليجلبهم إليه فيقع نصحه موقع القبول منهم.

وقد أبدع الآيات الكريمة في تقرير حجته (عليه السلام) في جوابهم فقطعت حجتهم فصلا فصلا وأجابت عن كل فصل بوجهيه أعني من جهة إنتاجه أن لا دليل على اتباعه (عليه السلام) وأن الدليل على خلافه وذلك قوله:{يا قوم أ رأيتم إن كنت على بينة}إلخ، وقوله:{وما أنا بطارد الذين آمنوا}إلخ، وقوله:{ولا أقول لكم عندي خزائن الله}إلخ، ثم أخذت من كل حجة سابقة شيئا يجري مجرى التلخيص فإضافته إلى الحجة اللاحقة بادئة به فامتزجت الحجة بالحجة على ما لكل منها من الاستقلال والتمام.

فتمت الحجج ثلاثا كل واحدة منها مبدوءة بالخطاب وهي قوله:{يا قوم أ رأيتم إن كنت على بينة}إلخ، وقوله:{ويا قوم لا أسألكم عليه مالا}إلخ، وقوله:{ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم}إلخ، فتدبر فيها.

فقوله:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}جواب عن قولهم:{ما نراك إلا بشرا مثلنا}يريدون به أنه ليس معه إلا البشرية التي يماثلهم فيها ويماثلونه فبأي شيء يدعي وجوب اتباعهم له؟ بل هوكاذب يريد بما يدعيه من الرسالة أن يصطادهم فيقتنص بذلك أموالهم ويترأس عليهم.

وإذ كان هذا القول منهم متضمنا لنفي رسالته وسندهم في ذلك أنه بشر لا أثر ظاهر معه يدل على الرسالة والاتصال بالغيب كان من الواجب تنبيههم على ما يظهر به صدقه في دعوى الرسالة وهوالآية المعجزة الدالة على صدق الرسول في دعوى الرسالة فإن الرسالة نوع من الاتصال بالغيب خارق للعادة الجارية لا طريق إلى العلم بتحققه إلا بوقوع أمر غيبي آخر خارق للعادة يوقن به كون الرسول صادقا في دعواه الرسالة، ولذلك أشار (عليه السلام) بقوله:{يا قوم أ رأيتم إن كنت على بينة من ربي}إلى أن معه بينة من الله وآية معجزة تدل على صدقه في دعواه.

ومن هنا يظهر أن المراد بالبينة الآية المعجزة التي تدل على ثبوت الرسالة لأن ذلك هوالذي يعطيه السياق فلا يعبأ بما ذكره بعض المفسرين أن المراد بالبينة في الآية العلم الضروري الذي يعلم به النبي أنه نبي وذلك لكونه معنى أجنبيا عن السياق.

وقوله:{وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم}الظاهر أنه (عليه السلام) يشير به إلى ما آتاه الله تعالى من الكتاب والعلم، وقد تكرر في القرآن الكريم تسمية الكتاب وكذا تسمية العلم بالله وآياته رحمة قال تعالى:{ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً:}هود: - 17، وقال:{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً:}النحل: - 89، وقال:{ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا:}الكهف: - 65، وقال:{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً:}آل عمران: - 8.

وأما قوله:{فعميت عليكم فالظاهر أن ضميره راجع إلى الرحمة، والمراد أن ما عندي من العلم والمعرفة أخفاها عليكم جهلكم وكراهتكم للحق بعد ما ذكرتكم به وبثثته فيكم.

وقوله:{أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}الإلزام جعل الشيء مع الشيء بحيث لا يفارقه ولا ينفك منه، والمراد بإلزامهم الرحمة وهم لها كارهون إجبارهم على الإيمان بالله وآياته والتلبس بما يستدعيه المعارف الإلهية من النور والبصيرة.

ومعنى الآية - والله أعلم - أخبروني إن كانت عندي آية معجزة تصدق رسالتي مع كوني بشرا مثلكم وكانت عندي ما تحتاج إليه الرسالة من كتاب وعلم يهديكم الحق لكن لم يلبث دون أن أخفاه عليكم عنادكم واستكباركم أ يجب علينا عندئذ أن نجبركم عليها؟ أي عندي جميع ما يحتاج إليه رسول من الله في رسالته وقد أوقفتكم عليه لكنكم لا تؤمنون به طغيانا واستكبارا وليس علي أن أجبركم عليها، إذ لا إجبار في دين الله سبحانه.

ففي الكلام تعريض لهم أنه قد تمت عليهم الحجة وبانت لهم الحقيقة فلم يؤمنوا لكنهم مع ذلك يريدون أمرا يؤمنون لأجله وليس إلا الإجبار والإلزام على كراهية، فهم في قولهم: لا نراك إلا بشرا مثلنا، لا يريدون إلا الإجبار، ولا إجبار في دين الله.

والآية، من جملة الآيات النافية للإكراه في الدين تدل على أن ذلك من الأحكام الدينية المشرعة في أقدم الشرائع وهي شريعة نوح (عليه السلام) وهوباق على اعتباره حتى اليوم من غير نسخ.

وقد ظهر مما تقدم أن الآية، أعني قوله:{يا قوم أ رأيتم إن كنت}إلخ، جواب عن قولهم:{ما نراك إلا بشرا مثلنا}ويظهر بذلك فساد قول بعضهم: إنه جواب عن قولهم:{بل نظنكم كاذبين}وقول آخرين: إنه جواب عن قولهم:{ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادىء الرأي}وقول طائفة أخرى أنه جواب عن قولهم:{وما نرى لكم علينا من فضل}ولا نطيل الكلام بالتعرض لتوضيحها وردها.

قوله تعالى:{ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله}يريد به الجواب عما اتهموه به من الكذب ولازمه أن تكون دعوته طريقا إلى جلب أموالهم وأخذ ما في أيديهم طمعا فيه فإنه إذا لم يسألهم شيئا من أموالهم لم يكن لهم أن يتهموه بذلك.

قوله تعالى:{وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون}جواب عن قولهم:{وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادىء الرأي}وقد بدل لفظة الأراذل - وهي لفظة إرزاء وتحقير - من قوله: الذين آمنوا تعظيما لأمر إيمانهم وإشارة إلى ارتباطهم بربهم.

نفى في جوابه أن يكون يطردهم وعلل ذلك بقوله:{إنهم ملاقوا ربهم}إيذانا بأن لهم يوما يرجعون فيه إلى الله فيحاسبهم على أعمالهم فيجازيهم على ما عملوه من خير أوشر فحسابهم على ربهم وليس لغيره من الأمر شيء، فليس على نوح (عليه السلام) أن يحاسبهم فيجازيهم بشيء لكن القوم لجهالتهم يتوقعون على الفقراء والمساكين والضعفاء أن يطردوا من مجتمع الخير ويسلبوا النعمة والشرافة والكرامة.

فظهر أن المراد بقوله:{إنهم ملاقوا ربهم}الإيمان إلى محاسبة الله سبحانه إياهم يوم يرجعون فيه إليه فيلاقونه كما وقع في نظير هذا المعنى في قوله تعالى:{ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ:}الأنعام: - 52.

وأما قول من قال: إن معنى قوله:{إنهم ملاقوا ربهم}إنه لا يطردهم لأنهم ملاقوا ربهم فيجازي من ظلمهم وطردهم، أوأنهم ملاقوا ثواب ربهم فكيف يكونون أراذل وكيف يجوز طردهم وهم لا يستحقون ذلك، فبعيد عن الفهم.

على أن أول المعنيين يجعل الآية التالية أعني قوله:{ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم}الآية زائدة مستغنى عنها كما هوظاهر.

وظهر أيضا أن المراد بقوله:{ولكني أراكم قوما تجهلون}جهلهم بأمر المعاد وأن الحساب والجزاء إلى الله لا إلى غيره، وأما ما ذكره بعضهم أن المراد به الجهالة المضادة للعقل والحلم أي تسفهون عليهم أوالمراد أنكم تجهلون أن حقيقة الامتياز بين إنسان وإنسان باتباع الحق وعمل البر والتحلي بالفضائل لا بالمال والجاه كما تظنون فهومعنى بعيد عن السياق.

قوله تعالى:{ وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}النصر مضمن معنى المنع أوالإنجاء ونحوهما والمعنى من يمنعني أومن ينجيني من عذاب الله إن طردتهم أ فلا تتذكرون أنه ظلم، والله سبحانه ينتصر للمظلوم من الظالم وينتقم منه، والعقل جازم بأن الله سبحانه لا يساوي بين الظالم والمظلوم، ولا يدع الظالم يظلم دون أن يجازيه على ظلمه بما يسوؤه ويشفي به غليل صدر المظلوم والله عزيز ذوانتقام.

قوله تعالى:{ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ}جواب عن قولهم:{وما نرى لكم علينا من فضل}يرد عليهم قولهم بأني لست أدعي شيئا من الفضل الذي تتوقعون مني أن أدعيه بما أني أدعي الرسالة فإنكم تزعمون أن على الرسول أن يملك خزائن الرحمة الإلهية فيستقل بإغناء الفقير وشفاء العليل وإحياء الموتى والتصرف في السماء والأرض وسائر أجزاء الكون بما شاء وكيف شاء.

وأن يملك علم الغيب فيحصل على كل خير محجوب عن العيون مستور عن الأبصار فيجلبه إلى نفسه، ويدفع كل شر مستقبل كامن عن نفسه وبالجملة يستكثر من الخيرات ويصان من المكاره.

وأن يرتفع عن درجة البشرية إلى مقام الملكية أي يكون ملكا منزها من ألواث الطبيعة ومبرى من حوائج البشرية ونقائصها فلا يأكل ولا يشرب ولا ينكح ولا يقع في تعب اكتساب الرزق واقتناء لوازم الحياة وأمتعتها.

فهذه هي جهات الفضل التي تزعمون أن الرسول يجب أن يؤتاها ويمتلكها فيستقل بها، وقد أخطأتم فليس للرسول إلا الرسالة وإني لست أدعي شيئا من ذلك فلا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك، وبالجملة لست أدعي شيئا من الفضل الذي تتوقعونه حتى تكذبوني بفقده، وإنما أقول إني على بينة من ربي تصدق رسالتي وآتاني رحمة من عنده.

والمراد بقوله:{خزائن الله}جميع الذخائر والكنوز الغيبية التي ترزق المخلوقات منها ما يحتاجون إليه في وجودهم وبقائهم ويستعينون به على تتميم نقائصهم وتكميلها.

فهاتيك هي التي تزعم العامة أن الأنبياء والأولياء يؤتون مفاتيحها ويمتلكون بها من القدرة ما يفعلون بها ما يشاءون ويحكمون ما يريدون كما اقترح على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد حكاه الله تعالى إذ يقول:{ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوتَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوتُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوتَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَويَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوتَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا:}إسراء: -90- 93.

وإنما قال:{ولا أعلم الغيب}ولم يقل: ولا أقول إني أعلم الغيب لأن هذا النوع من العلم لما كان مما يضن به ولا يسمح بإظهاره لم يكن قول القائل: لا أقول إني أعلم الغيب نافيا لوجوده عند القائل بل يحتاج إلى أن يقال: لا أعلم الغيب ليفيد النفي بخلاف قوله:{لا أقول لكم عندي خزائن الله}وقوله:{ولا أقول إني ملك}، ولم يكرر قوله:{لكم}لحصول الكفاية بالواحدة.

وقد أمر الله سبحانه نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطب قومه بما خاطب به نوح (عليه السلام) قومه ثم ذيله بما يظهر به المراد إذ قال:{ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ:}الأنعام: - 50.

انظر إلى قوله:{لا أقول لكم}إلخ، ثم إلى قوله:{إن أتبع إلا ما يوحى إلي}ثم إلى قوله:{قل هل يستوي الأعمى والبصير}إلخ، فهوينفي أولا الفضل الذي يتوقعه عامة الناس من نبيهم ثم يثبت للرسول الرسالة فحسب ثم يبادر إلى إثبات الفضل من جهة أخرى غير الجهة التي يتوقعها الناس وهوأنه بصير بإبصار الله تعالى وأن غيره بالنسبة إليه كالأعمى بالنسبة إلى البصير وهذا هوالموجب لاتباعهم له كما يتبع الأعمى البصير، وهوالمجوز له أن يدعوهم إلى اتباعه.

كلام في قدرة الأنبياء والأولياء فلسفي قرآني

الناس في جهل بمقام ربهم وغفلة عن معنى إحاطته وهيمنته فهم مع ما تهديهم الفطرة الإنسانية إلى وجوده وأحديته يسوقهم الابتلاء بعالم المادة والطبيعة والتوغل في الأحكام والقوانين الطبيعية ثم السنن والنواميس الاجتماعية والأنس بالكثرة والبينونة إلى قياس العالم الربوبي بما ألفوا من عالم المادة فالله سبحانه عندهم مع خلقه كجبار من جبابرة البشر مع عبيده ورعيته.

فهناك فرد من الإنسان نسميه مثلا ملكا أوجبارا دونه وزراء وأمراء والجنديون والجلاوزة يجرون ما يأمر به أوينهى أنه وله عطايا ومواهب لمن شاء وإرادة وكراهة وأخذ ورد وقبض وإطلاق ورحمة وسخط وقضاء ونسخ إلى غير ذلك.

وكل من الملك وخدمه وأياديه العمالة ورعاياه وما يدور بأيديهم من النعم وأمتعة الحياة أمر موجود محدود مستقل الوجود منفصلة عن غيره إنما يرتبط بعضهم ببعض بأحكام وقوانين وسنن اصطلاحية لا موطن لها سوى ذهن الذاهن واعتقاد المعتقد.

وقد طبقوا العالم الربوبي أعني ما يخبر به النبوة من مقام الرب تعالى وصفاته وأفعاله وملائكته وكتبه ورسله على هذا النظام فهوتعالى يريد ويكره ويعطي ويمنع ويدبر نظام الخلقة كما يفعل ذلك الواحد منا المسمى ملكا، وهومحدود الوجود منعزل الكون وكل من ملائكته وسائر خليقته مستقل الوجود يملك ما عنده من الوجود والنعم الموهوبة دون الله سبحانه، وقد كان تعالى في أزل الزمان وحده لا شيء معه من خلقه ثم أبدع في جانب الأبد الخلق فكانوا معه.

فقد أثبتوا - كما ترى - موجودا محدودا منطبق الوجود على الزمان غير أن وجوده الزماني دائمي، وله قدرة على كل شيء، وعلم بكل شيء، وإرادة لا تنكسر وقضاء لا ترد، يستقل بما عنده من الصفات والأعمال كما يستقل الواحد منا فيملك ما عنده من الحياة والعلم والقدرة وغير ذلك فحياته حياة له وليست لله، وعلمه علمه لا علم الله، وقدرته قدرته لا قدرة الله وهكذا، وإنما يقال لوجودنا أوحياتنا أوعلمنا أوقدرتنا أنها لله كما يقال لما عند الرعية من النعمة أنها للملك بمعنى أنها كانت عنده فأخرجها من عنده ووضعها عندنا نتصرف فيها فجميع ذلك - كما ترى - يقوم على أساس المحدودية والانعزال.

لكن البراهين اليقينية تقضي بفساد ذلك كله فإنها تحكم بسريان الفقر والحاجة إلى الموجودات الممكنة في ذواتها وآثار ذواتها وإذا كانت الحاجة إليه تعالى في مقام الذات استحال الاستقلال عنه والانعزال منه على الإطلاق إذ لوفرض استقلال لشيء منه تعالى في وجوده أوشيء من آثار وجوده - بأي وجه فرض في حدوث أوبقاء - استغنى عنه من تلك الجهة وهومحال.

فكل ممكن غير مستقل في شيء من ذاته وآثار ذاته، والله سبحانه هوالذي يستقل في ذاته وهوالغني الذي لا يفتقر في شيء ولا يفقد شيئا من الوجود وكمال الوجود كالحياة والقدرة والعلم فلا حد له يتحدد به.

وقد تقدم بعض التوضيح لهذه المسألة في ذيل تفسير قوله تعالى:{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ:}المائدة: - 73.

وعلى ما تقدم كان ما للممكن من الوجود أوالحياة أوالقدرة أوالعلم متعلق الوجود به تعالى غير مستقل منه بوجه، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير ما كانت خصيصة عدم الاستقلال محفوظة فيه فلا مانع من فرض ممكن له علم بكل شيء أوقدرة على كل شيء أوحياة دائمة ما دام غير مستقل الوجود عن الله سبحانه ولا منعزل الكون منه كما لا مانع من تحقق الممكن مع وجود موقت ذي أمد أوعلم أوقدرة متعلقين ببعض الأشياء دون بعض.

نعم فرض الاستقلال يبطل الحاجة الإمكانية ولا فرق فيه بين الكثير والقليل كما عرفت، هذا من جهة العقل.

وأما من جهة النقل فالكتاب الإلهي وإن كان ناطقا باختصاص بعض الصفات والأفعال به تعالى كالعلم بالمغيبات والإحياء والإماتة والخلق كما في قوله:{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو:}الأنعام: - 59، وقوله:{وأنه هوأمات وأحيا:}النجم: - 44:{وقوله الله يتوفى الأنفس حين موتها:}الزمر: - 42، وقوله:{الله خالق كل شيء:}الزمر: - 62، إلى غير ذلك من الآيات لكنها جميعا مفسرة بآيات أخر كقوله:{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ:}الجن: - 27، وقوله:{ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ:}الم السجدة: - 11، وقوله عن عيسى (عليه السلام):{وأحيا الموتى بإذن الله:}آل عمران: - 49، وقوله:{ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي:}المائدة: - 110 إلى غير ذلك من الآيات.

وانضمام الآيات إلى الآيات لا يدع شكا في أن المراد بالآيات النافية اختصاص هذه الأمور به تعالى بنحوالأصالة والاستقلال والمراد بالآيات المثبتة إمكان تحققها في غيره تعالى بنحوالتبعية وعدم الاستقلال.

فمن أثبت شيئا من العلم المكنون أوالقدرة الغيبية أعني العلم من غير طريق الفكر والقدرة من غير مجراها العادي الطبيعي لغيره تعالى من أنبيائه وأوليائه كما وقع كثيرا في الأخبار والآثار ونفى معه الأصالة والاستقلال بأن يكون العلم والقدرة مثلا له تعالى وإنما ظهر ما ظهر منه بالتوسيط ووقع ما وقع منه بإفاضته وجوده فلا حجر عليه.

ومن أثبت شيئا من ذلك على نحوالأصالة والاستقلال طبق ما يثبته الفهم العامي وإن أسنده إلى الله سبحانه وفيض رحمته لم يخل من غلووكان مشمولا لمثل قوله:{لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق:}النساء: - 171.

قوله تعالى:{ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}قال في المفردات،: زريت عليه عبته وأزريت به قصدت به وكذلك ازدريت به وأصله افتعلت قال: تزدري أعينكم أي تستقلهم تقديره تزدريهم أعينهم أي تستقلهم وتستهين بهم. انتهى.

وهذا الفصل من كلامه (عليه السلام) إشارة إلى ما كان يعتقده الملأ الذين كفروا من قومه وبنوا عليه سنة الأشرافية وطريقة السيادة، وهوأن أفراد الإنسان تنقسم إلى قسمين الأقوياء والضعفاء، أما الأقوياء فهم أولوا الطول وأرباب القدرة المعتضدون بالمال والعدة، وأما الضعفاء فهم الباقون.

والأقوياء هم السادة في المجتمع الإنساني لهم النعمة والكرامة، ولأجلهم انعقاد المجتمع، وغيرهم من الضعفاء مخلوقون لأجلهم مقصودون لهم أضاحي منافعهم كالرعية بالنسبة إلى كرسي الحكومة المستبدة، والعبيدة بالنسبة إلى الموالي، والخدم والعملة بالنسبة إلى المخدومين والنساء بالنسبة إلى الرجال، وبالأخرة كل ضعيف بالنسبة إلى القوي المستعلي عليه.

وبالجملة كان معتقدهم أن الضعيف في المجتمع إنسان منحط أوحيوان في صورة إنسان إنما يرد داخل المجتمع ويشاركهم في الحياة ليستفيد الشريف من عمله وينتفع من كد يمينه لحياته من غير عكس بل هومحروم من الكرامة مطرود عن حظيرة الشرافة آيس من الرحمة والعناية.

فهذا هوالذي كانوا يرونه وكان هوالمعتمد عليه في مجتمعهم، وقد رد نوح (عليه السلام) ذلك إليهم بقوله:{ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا }.

ثم بين خطأهم في معتقدهم بقوله:{ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ}أي إن أعينكم إنما تزدريهم وتستحقرهم وتستهين أمرهم لما تحس ظاهر ضعفهم وهوانهم، وليس هوالملاك في إحراز الخير ونيل الكرامة بل الملاك في ذلك وخاصة الكرامات والمثوبات الإلهية أمر النفس وتحليها بحلي الفضيلة والمنقبة المعنوية، ولا طريق لي ولا لكم إلى العلم ببواطن النفوس وخبايا القلوب إلا لله سبحانه فليس لي ولا لكم أن نحكم بحرمانهم من الخير والسعادة.

ثم بين بقوله:{ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}السبب في تحاشيه عن هذا القول ومعناه أنه قول بغير علم، وتحريم الخير على من يمكن أن يستحقه جزافا من غير دليل ظلم لا ينبغي أن يرومه الإنسان فيدخل بذلك في زمرة الظالمين.

وهذا المعنى هوالذي يشير تعالى إليه فيما يحكيه من كلام أهل الأعراف يوم القيامة خطابا لهؤلاء الطاغين إذ يقول:{ وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ:}الأعراف: - 49.

وفي الكلام أعني قول نوح (عليه السلام):{ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ}إلخ، تعريض لهم أنهم كما كانوا يحرمون على ضعفاء المجتمع المزايا الحيوية الاجتماعية كذلك كانوا يحرمون عليهم الكرامة الدينية ويقولون: إنهم لا يسعدون بدين وإنما يسعد به أشراف المجتمع وأقوياؤهم، وفيه أيضا تعريض بأنهم ظالمون.

وإنما عقب نوح (عليه السلام) قوله:{ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ}وهوينفي فيه جهات الامتياز التي كانوا يتوقعونها في الرسول عن نفسه، بقوله:{ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا}إلخ، مع أنه راجع إلى الضعفاء الذين آمنوا به من قومه لأن الملأ ألحقوهم به في قولهم:{وما نرى لكم علينا من فضل}.

وتوضيحه أن معنى قولهم هذا أن اتباعنا لك ولمن آمن بك من هؤلاء الأراذل إنما يستقيم لفضل يتم لكم علينا ولا نرى لكم علينا من فضل أما أنت فليس معك ما يختص به الرسول من قدرة ملكوتية أوعلم بالغيب أوأن تكون ملكا منزها من ألواث المادة والطبيعة، وأما المؤمنون بك فإنما هم أراذلنا الآيسون من كرامة الإنسانية المحرومون من الرحمة والعناية.

فأجاب عنهم نوح بما معناه: أما أنا فلا أدعي شيئا مما تتوقعون من رسالتي فليست للرسول إلا الرسالة وأما هؤلاء الضعفاء الذين لهم هوان عندكم فمن الجائز أن يعلم الله من نفوسهم خيرا فيؤتيهم خيرا وفضلا فهوأعلم بأنفسهم، وملاك الكرامة الدينية والرحمة الإلهية زكاء النفس وسلامة القلب دون الظاهر الذي تزدريه أعينكم فلست أقول: لن يؤتيهم الله خيرا، فإنه ظلم يدخلني في زمرة الظالمين.

__________________

1- تفسير الميزان،الطباطبائي،ج10،ص156-167.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لاشك أنّه لم يكن سوى حفنةً من الأعذار الواهية والحجج الباطلة والأدلة الزائفة التي تعتبر ديدن جميع الجبابرة في كل عصر وزمان، فقد أجاب أُولئك دعوة نوح بثلاثة إِشكالات:

الأوّل: إِنّ الإِشراف والمترفين من قوم نوح(عليه السلام) قالوا له أنت مثلنا ولا فرق بيننا وبينك:{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} زعماً منهم أن الرسالة الإِلهية ينبغي أن تحملها الملائكة إِلى البشر لا أن البشر يحملها إِلى البشر! وظنّاً منهم أنّ مقام الإِنسان أدنى من مقام الملائكة، أوأنّ الملائكة تعرف حاجات الإِنسان أكثر منه.

نلاحظ هنا كلمة «الملأ» التي تشير إِلى أصحاب الثروة والقوة الذين يملأ العين ظاهرهم، في حين أن الواقع أجوف. ويشكلون أصل الفساد والإِنحراف في كل مجتمع، ويرفعون راية العناد والمواجهة أمام دعوة الأنبياء(عليهم السلام).

والإِشكال الثّاني: إِنّهم قالوا: يانوح; لا نرى متبعيك ومن حولك إلاّ حفنةً من الأراذل وغير الناضجين الذين لم يسبروا مسائل الحياة{وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}.

و«الأراذل» جمع لـ «أرذل» وتأتي أيضاً جمع لـ «رذل» التي تعني الموجود الحقير، سواء كان إِنساناً أم شيئاً آخر غيره.

وبالطبع فإِنّ الملتفين حول نوح(عليه السلام) والمؤمنين به لم يكونوا أراذل ولا حقراء، ولكن بما أنّ الأنبياء ينهضون للدفاع عن المستضعفين قبل كل شيءً، فأوّل جماعة يستجيبون لهم ويلبّون دعوتهم هم الجماعة المحرومة والفقيرة، ولكن هؤلاء في نظر المستكبرين الذين يعدّون معيار الشخصيّة القوة والثروة فحسب يحسبونهم أراذل وحقراء..

وإِنّما سمّوهم بـ «بادي الرأي» أي الذين يعتمدون على الظواهر من دون مطالعة ويعشقون الشيء بنظرة واحدة، ففي الحقيقة كان ذلك بسبب أنّ اللجاجة والتعصب لم يكن لها طريق الى قلوب هؤلاء الذين التفوا حول نوح(عليه السلام) لأنّ معظمهم من الشباب المطهرة قلوبهم الذين يحسون بضياء الحقيقة في قلوبهم، ويدركون بعقولهم الباحثة عن الحق دلائل الصدق في أقوال الأنبياء(عليهم السلام) وأعمالهم.

الإِشكال الثّالث: الذي أوردوه على نوح(عليه السلام) أنهم قالوا: بالاضافة الى أنّك إِنسان ولست ملكاً، وأن الذين آمنوا بك والتفوا حولك هم من الأراذل، فإنّنا لا نرى لكم علينا فضلا{وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}.

والآيات التي تعقبها تبيّن رد نوح(عليه السلام) وإِجاباته المنطقية على هؤلاء حيث تقول:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ}.

وقد اختلف المفسّرون في جواب نوح(عليه السلام) هذا لأي من الإِشكالات الثّلاثة هو؟ ولهم في ذلك أقوال.. ولكن مع التدبر في الآية يتّضح أنّ هذا الجواب يمكن أن يكون جواباً للإِشكالات الثلاثة بأسرها.

لأنّ أوّل إِشكال أوردوه على نوح هو: لِمَ كنت إِنساناً مثلنا ولم تكن ملكاً؟ فكان جوابه لهم: صحيح أنني بشر مثلكم، ولكن الله آتاني رحمة وبيّنة ودليلا واضحاً من عنده، فلا تمنع بشريتي هذه من اداء هذه الرسالة العظيمة، ولا ضرورة لأن أكون ملكاً.

والإِشكال الثّاني هو: إِنّ أتباع نوح مخدوعون بالظواهر. فيردّهم بالقول: إنّكم أحق بهذا الإِتهام، لأنّكم أنكرتم هذه الحقيقة المشرقة، وعندي أدلّة كافية ومقنعة لكلّ من يطلب الحقيقة، إلاّ أنّها خفيت عليكم لغروركم وتكبركم وأنانيتكم!

وإِشكال الثّالث: أنّهم قالوا:{وما نرى لكم علينا من فضل} فكان جواب نوح(عليه السلام): أي فضل أعظم من أن يشملني الله برحمته، وأن يجعل الدلائل الواضحة بين يدي، فعلى هذا لا دليل لكم على اتهامي بالكذب، فدلائل الصدق عندي واضحة وجليّة! ..

وفي ختام الآية يقول النّبي نوح(عليه السلام) لهم: هل أستطيع أن ألزمكم الإِستجابة لدعوتي وأنتم غير مستعدّين لها وكارهون لها{أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}.

ما أنا بطارد الذين آمنوا:

في الآيات المتقدمة رأينا أنّ قوم نوح «الأنانيين» كانوا يحتالون بالحجج الواهية والاشكالات غير المنطقية على نوح وأجابهم ببيان جليّ واضح

والآيات محل البحث تتابع ما ردّ به نوح(عليه السلام) على قومه المنكرين. فالآية الأُولى التي تحمل واحداً من دلائل نبوة نوح، ومن أجل أن تنير القلوب المظلمة من قومه تقول على لسان نوح:{ويا قوم لا أسألكم عليه مالا} فأنا لا أطلب لقاء دعوتي مالا أوثروة منكم، وإِنّما جزائي وثوابي على الله سبحانه الذي بعثني بالنّبوة وأمرني بدعوة خلقه إِليه{إِن أجري إلاّ على الله}.

وهذا يوضح بصورة جيدة وبجلاء أنّني لا أبتغي هدفاً مادياً من منهجي هذا، ولا أفكر بغير الأجر المعنوي من الله سبحانه، ولا يستطيع مُدّع كاذب أن يتحمل الآلام والمخاطر دون أن يفكر بالربح والنفع.

وهذا معيارٌ وميزان لمعرفة القادة الصادقين من غيرهم الذين يتحينون الفرص ويهدفون الى تأمين المنافع المادية في كل خطوة يخطونها سواء كان بشكل مباشر أوغير مباشر.

ويعقب نوح(عليه السلام) بعد ذلك في ردّه على مقولة طرد المؤمنين به من الفقراء والشباب فيقول بصورة قاطعة:{وما أنا بطارد الذين آمنوا} لأنّهم سيلاقون ربّهم ويخاصمونني في الدار الآخرة{إنّهم ملاقوربّهم}(2).

ثمّ تُختتم الآية ببيان نوح لقومه بأنّكم جاهلون{وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}وأي جهل وعدم معرفة أعظم من أن تضيعوا مقياس الفضيلة وتبحثون عنها في الثروة والمال الكثير والجاه والمقام الظاهري،وتزعمون أنّ هؤلاء المؤمنين العُفاة الحفاة بعيدون عن الله وساحة قدسه!

هذا خطؤكم الكبير وعدم معرفتكم ودليل جهلكم.

ثمّ أنتم تتصورون ـ بجهلكم ـ أن يكون النّبي من الملائكة، في حين ينبغي أن يكون قائد الناس من جنسهم ليحسّ بحاجاتهم ويعرف مشاكلهم وآلامهم.

وفي الآية التي بعدها يقول لهم موضحاً: إِنّني لوطردت من حولي فمن ينصرني من عدل الله يوم القيامة وحتى في هذه الدنيا{ويا قوم من ينصرني من الله إِن طردتهم}.

فطرد المؤمنين الصالحين ليس بالأمر الهيّن، إِذ سيكونون خصومي يوم القيامة بطردي لهم، ولا أحدَ هناك يستطيع أن يدافع عنّي ويخلصني من عدل الله، ولربّما أصابتني عقوبة الله في هذه الدنيا، أم أنّكم لا تفكرون في أن ما أقوله هوالحقيقة عينها{أفلا تذكّرون}.

والفرق بين «التفكر» و«التذكّر» هوأنّ التفكر في حقيقته إِنّما يكون لمعرفة شيء لم تكن لنا فيه خبرة من قبل، وأمّا التذكر فيقال في مورد يكون معروفاً للإنسان قبل ذلك، كما في المعارف الفطريّة.

والمسائل التي كانت بين نوح(عليه السلام) وقومه هي أيضاً من هذا القبيل، مسائل يعرفها الإِنسان ويدركها بفطرته وتدبّره، ولكن تعصب قومه وغرورهم وغفلتهم وأنانيتهم ألقت عليها حجاباً وغشاءً فكأنّهم عموا عنها.

وآخر ما يجيب به نوح قومه ويرِدّ على إِشكالاتهم الواهية .. إِنّكم إِذا كنتم تتصورون أن لي امتيازاً آخر غير الإِعجاز الذي لديّ عن طريق الوحي فذلك خطأ، وأقول لكم بصراحة:{لا أقول لكم عندي خزائن الله} ولا أستطيع أن أحقق كل شيء أريده وكل عمل أطلبه، حيث تحكي الآية عن لسانه{ولا أقول لكم عندي خزائن الله} ولا أقول لكم إِنّني مطلع على الغيب{ولا أعلم الغيب} ولا أدعي أنّني غيركم كأنْ أكون من الملائكة مثلا{ولا أقول إِنّي ملك} فهذه الإِدّعاءات الفارغة والكاذبة يتذرع بها المدّعون الكذَبَة، وهيهات أن يتذرع بها الأنبياء الصادقون، لأنّ خزائن الله وعلم الغيب من خصوصيات ذات الله القُدسيّة وحدها، ولا ينسجم المَلَك مع هذه الأحاسيس البشرية أيضاً ..

فكل من يدعي واحداً من هذه الأُمور الثلاثة المتقدمة ـ أوجميعها ـ فهوكاذب.

ومثل هذا التعبير ورد في نبي الإِسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً كما نلاحظ ذلك في الآية (50) من سورة الأنعام حيث تقول الآية مخاطبة النّبي أن يبلغ قومه بذلك{قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي مَلَك إن اتّبع إلاّ ما يوحى إِلىّ} فانحصَار امتياز نبي الإِسلام في مسألة «الوحي» ونفي الأُمور الثلاثة الأُخرى يدل على أنّ الآيات التي تحدثت عن نوح كانت تستبطن هذا المعنى أيضاً وإِن لم تصرّح بذلك بمثل هذا التصريح!.

وفي ذيل الآية يكرر التأكيد على المؤمنين المستضعفين بالقول:{ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا..} بل على العكس تماماً، فخير هذه الدنيا وخير الآخرة لهم وإِن كانوا عُفاة لخلّوأيديهم من المال والثروة .. فأنتم الذين تحسبون الخير منحصراً في المال والمقام والسن وتجهلون الحقيقة ومعناها تماماً.

وعلى فرض صحة مُدّعاكم أراذل و«أوباش» فـ{اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ}.

أنا الذي لا أرى منهم شيئاً سوى الصدق والإِيمان يجب علىَّ قبولهم، لأنّي مأمور بالظاهر، والعارف باسرار العباد هوالله سبحانه، فإِن عملت غير عملي هذا كنت آثماً{إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}.

ويرد هذا الإِحتمال أيضاً في تفسير الجملة الأخيرة لأنّها مرتبطة بجميع محتوى الآية، أي إِذا كنت أدعي علم الغيب أوأنّي ملك أوأن عندي خزائن الله أوأن اطرد المؤمنين، فسأكون عند الله وعند الوجدان في صفوف الظالمين.

_____________________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي،ج6،ص55-60.

 2- وهناك احتمال آخر في تفسير هذه الجملة، وهوأنّ مراد نوح(عليه السلام): إنّ الذين آمنوا بي إذا كانوا كاذبين في الباطن فإنّهم سيلاقون ربّهم يوم القيامة وهويحاسبهم، ولكن الإحتمال المذكور أقرب للصحة.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



انطلاق الفقرات المسائية الخاصّة بحفل التخرّج المركزي لطلبة الجامعات العراقية
مضيف أبي الفضل العباس (عليه السلام) يقدّم خدماته للمشاركين في حفل تخرّج طلبة الجامعات العراقية
قسم التطوير يطلق برنامجاً تدريبياً لمنتسبي العتبة العبّاسية
العتبة العباسية تقيم الندوة الخاصة للاحتفاء بالذكرى (12) لتأسيس مجلة العميد