أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2019
1880
التاريخ: 15-11-2019
1700
التاريخ: 24-1-2020
1801
التاريخ: 3-12-2019
2871
|
نكث الزبير وطلحة لبيعة الامام علي عليه السلام
قال امير المؤمنين عليه السلام يصف الزبير: يزعم أنه قد بايع بيده ولم يبايع بقلبه، فقد أقر بالبيعة، وادعى الوليجة. فليأت عليها بأمرٍ يعرف، وإلا فليدخل فيما خرج منه.
قال ابن ابي الحديد: كان الزبير يقول: بايعت بيدي لا بقلبي، وكان يدعي تارة أنه أكره، ويدعي تارة أنه ورى في البيعة تورية، ونوى دخيلة، وأتى بمعاريض على ظاهرها، فقال عليه السلام: هذا الكلام إقرار منه بالبيعة وادعاء أمر آخر لم يقم عليه دليلاً، ولم ينصب له برهاناً، فإما أن يقيم دليلاً على فساد البيعة الظاهرة، وأنها غير لازمة له، وإما أن يعاود طاعته.
قال على عليه السلام للزبير يوم بايعه: إني لخائف أن تغدر بي وتنكث بيعتي، قال: لا تخافن، فإن ذلك لا يكون مني أبداً، فقال عليه السلام: فلي الله عليك بذلك راعٍ وكفيل. قال: نعم، الله لك علي بذلك راعٍ وكفيل.
دور عائشة في تحشيد الناس لقتال الامام علي عليه السلام
اولا : الارسال الكتب للأمصار
* كتبت عائشة إلى رجال من أهل البصرة ، وكتبت إلي الأحنف بن قيس ، وصبرة بن شيمان ، وأمثالهم من الوجوه ، ومضت حتى إذا كانت بالحُفَير انتظرت الجواب بالخبر .
*وكتبت عائشة إلي أهل الكوفة بما كان منهم، وتأمرهم أن يثبّطوا الناس عن علىّ ، وتحثّهم علي طلب قتلة عثمان ،وكتبت إلي أهل اليمامة وإلي أهل المدينة بما كان منهم أيضاً .
*عن مجالد بن سعيد : لمّا قدمت عائشة البصرة كتبت إلي زيد بن صوحان : من عائشة بنت أبى بكر اُمّ المؤمنين حبيبة رسول الله إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان ، أمّا بعد : فإذا أتاك كتابى هذا فأقدِم ، فانصرنا علي أمرنا هذا ; فإن لم تفعل فخذّل الناس عن علىّ .
فكتب إليها : من زيد بن صوحان إلي عائشة بنت أبى بكر الصدّيق حبيبة رسول الله ،أمّا بعد : فأنا ابنك الخالص إن اعتزلتِ هذا الأمر ، ورجعت إلي بيتك ، وإلاّ فأنا أوّل من نابذك .
قال زيد بن صوحان: رحم الله اُمّ المؤمنين ! اُمِرتْ أن تلزم بيتها ، واُمرنا أن نقاتل ، فتركتْ ما اُمرتْ به وأمرتْنا به ، وصنعت ما اُمرنا به ونهتنا عنه !
اعتراض أم سلمة رضي الله عنها على فعل عائشة
* - عن عبدالرحمان بن مسعود العبدي قال : كنت بمكة مع عبدالله بن الزبير وطلحة والزبير فأرسلا إلى عبدالله بن الزبير فأتاهما وأنا معه فقالا له : إن عثمان قتل مظلوما وإنا نخاف أن ينقض أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله أن يرتق بها فتقا ويشعب بها صدعا ! ! قال : فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها فدخل عبد الله بن الزبير معها في سترها فجلست على الباب فأبلغها ما أرسلا [ ه به ] فقالت : سبحان الله والله ما أمرت بالخروج وما يحضرني من أمهات المؤمنين إلا أم سلمة فإن خرجت خرجت معها .
فرجع إليهما فبلغهما ذلك فقالا : ارجع إليها فلتأتها فهي أثقل عليها منا فرجع إليها فبلغها فأقبلت حتى دخلت على أم سلمة .فقالت لها أم سلمة : مرحبا بعائشة والله ما كنت لي بزوارة فما بدا لك ؟ قالت : قدم طلحة والزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوما ؟ ! قال : فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار فقالت : يا عائشة أنت بالأمس تشهدين عليه بالكفر وهو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوما فما تريدين ؟ ! قالت : تخرجين معنا فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
قالت : يا عائشة أتخرجين وقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما سمعنا ؟ نشدتك بالله يا عائشة الذي يعلم صدقك إن صدقت أتذكرين يوما كان يومك من رسول الله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها وهو عليه وآله السلام يقول : والله لا تذهب الليالي والايام حتى تتنابح كلاب ماء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائي في فئة باغية فسقط الاناء من يدي فرفع رأسه إلي وقال : ما لك يا أم سلمة ؟ فقلت : يا رسول الله ألا يسقط الاناء من يدي وأنت تقول ما تقول ما يؤمنني أن يكون أناهي ؟ ! فضحكت أنت فالتفت إليك فقال: بما تضحكين يا حمراء الساقين إني أحسبك هي .
ونشدتك بالله يا عائشة أتذكرين ليلة أسرى بنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكان كذا وكذا وهو بيني وبين علي بن أبي طالب عليه السلام يحدثنا فأدخلت جملك فحال بينه وبين علي بن أبي طالب فرفع مقرعة كانت عنده يضرب بها وجه جملك وقال : أما والله ما يومه منك بواحد ولا بليته منك بواحدة أما إنه لا يبغضه إلا منافق كذاب .وأنشدك بالله أتذكرين مرض رسول الله الذي قبض فيه فأتاه أبوك يعوده ومعه عمر - وقد كان علي بن أبي طالب عليه السلام يتعاهد ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونعله وخفه ويصلح ما وهي منها فدخل قبل ذلك فأخذ نعل رسول الله وهى حضرمية وهو يخصفها خلف البيت - فاستأذنا عليه فأذن لهما فقالا : يا رسول الله كيف أصبحت ؟ فقال : أصبحت أحمد الله .قالا : ما بد من الموت .قال : أجل لابد منه .قالا : يا رسول الله فهل استخلفت أحدا ؟ قال : ما خليفتي فيكم إلا خاصف النعل فخرجا فمرا على علي بن أبي طالب وهو يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وكل ذلك تعرفينه يا عائشة وتشهدين عليه .ثم قالت أم سلمة : يا عائشة أنا أخرج على علي عليه السلام بعد الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ! فرجعت عائشة إلى منزلها وقالت : يا ابن الزبير أبلغهما أني لست بخارجة بعد الذي سمعته من أم سلمة فرجع فبلغهما قال : فما انتصف الليل حتى سمعنا رغاء إبلها ترتحل فارتحلت معهما .بيان نباح الكلب : صياحه قاله الجوهري : [ ويقال : ] وهي السقاية وهيا إذا تخرق وانشق .والرغاء : صوت الابل .
*- الصادق عليه السلام أنه قال : دخلت أم سلمة بنت أمية على عائشة لما أزمعت الخروج إلى البصرة فحمدت الله وصلت على نبيه صلى الله عليه وآله ثم قالت : يا هذه أنت سدة بين رسول الله وبين أمته وحجابه عليك مضروب وعلى حرمته وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه وضم ضفرك فلا تنشريه واسكني عقيرتك فلا تصحريها إن الله من وراء هذه الامة قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد إليك فعل بك فقد نهاك عن الفرطة في البلاد ، ان عمود الدين لن يثاب بالنساء إن مال ، ولا يرأب بهن إن انصدع ، حمادي النساء غض الاطراف وضم الذيول والاعطاف وما كنت قائلة لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله عارضك في بعض هذه الفلوات وأنت ناصة قعودا من منهل إلى منهل ومنزل إلى منزل ولغير الله مهواك وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله تردين وقد هتكت عنك سجافه ونكثت عهده وبالله أحلف لو أن سرت مسيرك ثم قيل لي : ادخلي الفردوس لاستحييت من رسول الله أن ألقاه هاتكة حجابا ضربه علي صلى الله عليه وآله وسلم فاتقي الله واجعليه حصنا وقاعة الستر منزلا حتى تلقينه أطوع ما تكونين لربك ما قصرت عنه وأنصح ما تكونين لله ما لزمتيه ، وأنصر ما تكونين للدين ما قعدت عنه وبالله أحلف لو حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله لنهشتني نهش الرقشاء المطرقة .فقالت لها عائشة : ما أعرفني بموعظتك وأقبلني لنصيحتك ليس مسيري على ما تظنين ما أنا بالمغترة ولنعم المطلع تطلعت فيه فرقت بين فئتين متشاجرتين فإن أقعد ففي غير حرج وإن أخرج ففي ما لا غناء عنه من الازدياد به في الاجر .
قال الصادق عليه السلام : فلما كان من ندمها أخذت أم سلمة تقول :
لو كان معتصما من زلة أحد *** كانت لعائشة الرتبى على الناس
من زوجة لرسول الله فاضلة *** وذكر آي من القرآن مدارس
وحكمة لم تكن إلا لها جسها *** في الصدر يذهب عنها كل وسواس
يستنزع الله من قوم عقولهم *** حتى يمر الذي يقضي على الرأس
ويرحم الله أم المؤمنين لقد *** تبدلت لي إيحاشا بإيناس
فقالت لها عائشة : شتمتيني يا أخت ؟
فقالت لها أم سلمة : لا ولكن الفتنة إذا أقبلت غطت عين البصير وإذا أدبرت أبصرها العاقل والجاهل .- عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن عقبة الازدي عن أبي الاخنس الارجي قال : لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة كتبت إليها أم سلمة رحمة الله عليها زوجة النبي صلى الله عليه وآله : أما بعد فإنك سدة بين رسول الله وبين أمته وحجابه المضروب على حرمته وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه وسكن عقيراك فلا تصحريها ، الله من وراء هذه الامة وقد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد إليك لفعل ، وقد عهد فاحفظي ما عهد ولا تخالفي فيخالف بك .واذكري قوله في نباح كلاب الحوأب ، وقوله : ما للنساء والغزو ، وقوله : انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت علت بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد .إن عمود الاسلام لن يثأب بالنساء إن مال ، ولن يرأب بهن إن صدع ، حماد يأت النساء غض الابصار وخفر الاعراض وقصر الوهازة .ما كنت قائلة لو أن رسول الله عارضك ببعض الفلوات ناصة قلوصا من منهل إلى آخر إن بعين الله مهواك وعلى رسوله تردين قد وجعت سدافته وتركت عهيداه .لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي : ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول الله هاتكة حجابا قد ضربه علي فاتقي الله [ و ] اجعلي حصنك بيتك ورباعة الستر قبرك حتى تلقيه وأنت على تلك الحال أطوع ما تكونين لله ما لزمته وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه ، لو ذكرتك بقول تعرفينه لنهشت نهش الرقشا المطرق .فقالت عائشة : ما أقبلني لوعظك وما أعرفني بنصحك وليس الامر على ما تظنين ولنعم المسير مسيرا فزعت إلي فيه فئتان متشاجرتان إن أقعد ففي غير خرج وإن أنهض فإلى ما لابد من الازدياد منه .فقالت أم سلمة :
لو كان معتصما من زلة أحد *** كانت لعائشة العتبى على الناس
كم سنة لرسول الله دارسة *** وتلو آي من القرآن مدارس
قد ينزع الله من قوم عقولهم *** حتى يكون الذي يقضي على الرأس
*- عن أبي كبسة ويزيد بن رومان قالا : لما اجتمعت عائشة على الخروج إلى البصرة أتت أم سلمة رضي الله عنها وكانت بمكة فقالت : يا ابنة أبي أمية كنت كبيرة أمهات المؤمنين وكان رسول الله ( صلى الله عليه ) يقمؤ في بيتك وكان يقسم لنا في بيتك وكان ينزل الوحي في بيتك .قالت لها : يا بنت أبي بكر لقد زرتيني وما كنت زوارة ولأمر ما تقولين هذه المقالة قالت : إن بني وابن أخي أخبراني أن الرجل قتل مظلوما وأن بالبصرة مائة ألف سيف يطاعون فهل لك أن أخرج أنا وأنت لعل الله أن يصلح بين فئتين متشاجرتين .فقالت : يا بنت أبي بكر أبدم عثمان تطلبين ؟ فلقد كنت أشد الناس عليه وإن كنت لتدعينه بالتبري أم أمر ابن أبي طالب تنقضين فقد بايعه المهاجرون والانصار إنك سدة بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبين أمته وحجابه مضروبة على حرمه وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه وسكنى عقيراك فلا تضحي [ فلا تفضحي خ ل ] بها ، الله من وراء هذه الامة قد علم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مكانك ولو أراد أن يعهد إليك فعل قد نهاك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الفراطة في البلاد إن عمود الاسلام لا ترأبه النساء إن انثلم ولا يشعب بهن إن انصدع حماديات النساء غض بالاطراف وقصر الوهادة وما كنت قائلة لو أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عرض لك ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصا من منهل إلى آخر إن بعين الله مهواك وعلى رسول الله تردين وقد وجهت سدافته وتركت عهيداه أقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي : ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا ( صلى الله عليه وآله ) هاتكة حجابا قد ضربه علي اجعلي حصنك بيتك وقاعة الستر قبرك حتى تلقيه وأنت على ذلك أطوع ما تكونين لله ما لزمته وانصر ما تكونين للدين ما جلست عنه .ثم قالت : لو ذكرتك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمسا في علي صلوات الله عليه لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الخبب أتذكرين إذ كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرع بين : نسائه إذا أراد سفرا فأقرع بينهن فخرج سهمي وسهمك فبينا نحن معه وهو هابط من قديد ومعه علي صلوات الله عليه ويحدثه فذهبت لتهجمي عليه فقلت لك : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) معه ابن عمه ولعل له إليه حاجة فعصيتني ورجعت باكية فسألتك فقلت بأنك هجمت عليهما فقلت : يا علي إنما لي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم من تسعة أيام وقد شغلته عني فأخبرتيني أنه قال لك أتبغضينه فما يبغضه أحد من أهلي ولا من أمتي إلا خرج من الايمان أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم .ويوم أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سفرا وأنا أجش له جشيشا فقال : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فرفعت يدي من الجشيش وقلت : أعوذ بالله أن أكونه .فقال : والله لابد لاحداكما أن تكونه اتقى الله يا حميراء أن تكونيه .أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم .ويوم تبدلنا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلبست ثيابي ولبست ثيابك فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فجلس إلى جنبك فقال : أتظنين يا حميراء أني لا أعرفك ؟ أما إن لامتي منك يوما مرا - أو يوما أحمر ! ! - أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم .ويوم كنت أنا وأنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجاء أبوك وصاحبه يستأذنان فدخلنا الخدر فقالا : يا رسول الله إنا لا ندري قدر مقامك فينا فعلو جعلت لنا إنسانا نأتيه بعدك .قال : أما إني أعرف مكانه وأعلم موضعه ولو أخبرتكم به لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن عيسى بن مريم فلما .خرجا خرجت إليه أنا وأنت وكنت جريئة عليه فقلت من كنت جاعلا لهم ؟ فقال : خاصف النعل وكان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يصلح نعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا تخرفت ويغسل ثوبه إذا اتسخ فقلت : ما أرى إلا عليا فقال : هو ذاك أتذكرين هذا يا عائشة قالت : نعم .قالت ويوم جمعنا رسول الله في بيت ميمونة فقال : يا نسائي اتقين الله ولا يسفر بكن أحد .أتذكرين هذا يا عائشة قالت : نعم ما أقبلني لوعظك وأسمعني لقولك فإن أخرج ففي غير حرج وإن أقعد ففي غير بأس .
فخرجت [ من عندها ] فخرج رسولها فنادى في الناس من أراد أن يخرج [ فليخرج ] فإن أم المؤمنين غير خارجة فدخل عليها عبدالله بن الزبير فنفث في أذنها وقلبها في الذروة فخرج رسولها تنادى من أراد أن يسير فليسر فإن أم المؤمنين خارجة .
فلما كان من ندمها [ بعد انقضاء حرب الجمل ما كان ] أنشأت أم سلمة تقول :
لو أن معتصما من زلة أحد *** كانت لعائشة الرتبى على الناس
كم سنة [ من ] رسول الله تاركة *** وتلو آري من القرآن مدراس
قد ينزع الله من ناس عقولهم *** حتى يكون الذي يقضي على الناس
فيرحم الله أم المؤمنين لقد *** كانت تبدل إيحاشا بإيناس
*- وروى أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه أن عائشة أتت أم سلمة فقالت لها : أنت أقرب منزلة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في نسائه وأول من هاجر معه وكان رسول الله يبعث إلى بيتك ما يتحف له ثم يقسمه بيننا وأنت تعلمين ما نال عثمان من هذه الامة من الظلم والعدوان ولا أنكر عليهم إلا أنهم استتابوه فلما تاب ورجع قتلوه وقد أخبرني عبدالله بن عامر وكان عثمان على البصرة أنه قد اجتمع بالبصرة مائة ألف من الرجال يطلبون بثأره وأخاف الحرب بين المسلمين وسفك الدماء بغير حل لعزمت على الخروج لأصلح بينهم فلو خرجت معنا لرجونا أن يصلح الله بنا أمر هذه الامة .فقالت أم سلمة : يا بنت أبي بكر أما كنت تحرضين الناس على قتله وتقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر ! ! وما أنت والطلب بثأره وهو رجل من بني عبد مناف وأنت امرأة من تيم بن مرة؟ بينك وبينه قرابة وما أنت والخروج على علي بن أبي طالب أخي رسوله ( صلى الله عليه وآله ) وقد اتفق المهاجرون والانصار على إمامته .ثم ذكرت طرفا من مناقبه وعدت نبذة من فضائله وقد كان عبدالله بن الزبير واقفا على الباب يسمع كلامها فناداها : يا أم سلمة قد علمنا بغضك لآل الزبير وما كنت محبة لنا ولا تحبينا أبدا .
فقالت أم سلمة : أتريد أن نخرج على خليفة رسول الله ومن علم المهاجرون والانصار أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولاه أمر هذه الامة .فقال : ما سمعنا ذلك من رسول الله فقالت : إن كنت لم تسمع فقد سمعته خالتك هذه فاسألها تحدثك وقد سمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب : أنت خليفتي في حياتي وبعد موتي من عصاك فقد عصاني أهكذا يا عائشة ؟ فقالت : نعم سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأشهد بها فقالت أم سلمة : فاتقي الله يا عائشة واحذري ما سمعت من رسول الله وقد قال لك : لا تكوني صاحبة كلاب الحوأب .ولا يغرنك الزبير وطلحة فإنهما لا يغنيان عنك من الله شيئا .فقامت عائشة مغضبة فخرجت من بيتها .
*- قال أبو مخنف : جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها : يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنت كبيرة أمهات المؤمنين وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقسم لنا من بيتك وكان جبرئيل أكثر ما يكون في منزلك .فقالت أم سلمة : لامر ما قلت هذه المقالة .فقالت عائشة : إن عبدالله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام وقد عزمت الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الامر على أيدينا وبنا ! ! ! فقالت أم سلمة : إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان امسه عندك إلا نعثلا وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أفأذكرك ؟ قالت : نعم .
قالت : أتذكرين يوم أقبل [ النبي ] عليه السلام ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما فما لبثت أن رجعت باكية فقلت : ما شأنك ؟ فقلت : إني هجمت عليهما وهما تتناجيا فقلت لعلي : ليس لي من رسول الله إلى يوم من تسعة أيام فما تدعني يا ابن أي طالب ويومي ؟ فأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي وهو غضبان محمر الوجه فقال : ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الايمان فرجعت نادمة ساقطة فقالت : عائشة نعم أذكر ذلك .قالت : وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه فرفع رأسه وقال : ليست شعري أيتكن صاحبه الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط فرفعت يدي من الحيس فقلت : أعوذ بالله ورسوله من ذلك ثم ضرب على ظهرك وقال : إياك أن تكونيها .
ثم قال : يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها [ ثم قال ] يا حميراء أما إني فقد أنذرتك قالت عائشة : نعم أذكر هذا .قالت وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله فيخصفهما ويتعاهد أثبواه فيغسلها فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا فحادثاه فيما أرادا ثم قالا : يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا فقال لهما : أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قلت له وكنت أجرأ عليه منا : من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم ؟ فقال : خاصف النعل .
فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت : يا رسول الله ما أرى إلا عليا فقال : هو ذاك .
فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك فقالت : فأي خروج تخرجين بعد هذا ؟ فقالت : إنما أخرج للاصلاح بين الناس وأرجوا فيه الاجر إنشاء الله تعالى .فقالت : أنت ورأيك فانصرفت عائشة عنها وكتبت أم سلمة بما قالت وقبل لها إلى علي ( عليه السلام ) .
*- وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : روى هشام بن محمد الكليني في كتاب الجمل أن أم سلمة كتبت إلى علي ( عليه السلام ) من مكة : أما بعد فإن طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا بعائشة إلى البصرة ومعهم عبدالله بن عامر بن كريز ويذكرون أن عثمان قتل مظلوما وأنهم يطلبون بدمه والله كافيهم بحوله وقوته ولولا ما نهانا الله عنه من الخروج وأمرنا به من لزوم البيت لم أدع الخروج إليك والنصرة لك ولكني باعثة نحوك ابني عدل نفسي عمر بن أبي سلمة فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا .قال : فلما قدم عمر على علي ( عليه السلام ) أكرمه ولم يزل مقيما معه حتى شهد مشاهده كلها ووجهه علي ( عليه السلام ) أميرا على البحرين وقال لابن عم له بلغني أن عمر يقول الشعر فابعث إلي [ شيئا ] من شعره .فبعث إليه بأبيات له أولها :
جزتك أمير المؤمنين قرابة *** رفعت بها ذكري جزاء موفرا
فعجب علي ( عليه السلام ) من شعره واستحسنه .
الخروج بالرجلين الى البصرة
*الجمل: لمّا رأت عائشة اجتماع من اجتمع إليها بمكّة علي مخالفة أمير المؤمنين ، والمباينة له والطاعة لها فى حربه تأهّبت للخروج .
وكانت فى كلّ يوم تقيم مناديها ينادى بالتأهّب للمسير، وكان المنادى ينادى
ويقول: من كان يريد المسير فليسِر ; فإنّ اُمّ المؤمنين سائرة إلي البصرة تطلب بدم عثمان بن عفّان المظلوم .
*عن محمّد وطلحة : نادي المنادى : إنّ اُمّ المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلي البصرة ، فمن كان يريد إعزاز الإسلام، وقتال المحلّين ، والطلب بثأر عثمان ، ومن لم يكن عنده مركب ، ولم يكن له جهاز ; فهذا جهاز ، وهذه نفقة .
تهم ولا تفعل
* لمّا عزمت عائشة على الخروج إلي البصرة طلبوا لها بعيراً أيِّداً يحمل هودجها ، فجاءهم يعلي بن اُميّة ببعيره المسمّي عَسْكراً ; وكان عظيم الخلق شديداً ، فلمّا رأته أعجبها ، وأنشأ الجمّال يحدّثها بقوّته وشدّته ، ويقول في أثناء كلامه : عَسْكر . فلمّا سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت : ردّوه لا حاجة لي فيه ، وذكرت حيث سئلت أنّ رسول الله ذكر لها هذا الاسم ، ونهاها عن ركوبه ، وأمرت أن يُطلب لها غيره ،فلم يوجد لها ما يُشبهه ، فغُيّر لها بجِلا لغير جِلاله وقيل لها : قد أصبنا لك أعظم منه خَلقاً ، وأشدّ قوّة ، واُتِيتْ به فرضيتْ .
*ـومرّ القوم فى الليل بماء يقال له : ماء الحوأب، فنبحتهم كلابه ، فقالت عائشة : ما هذا الماء ؟ قال بعضهم : ماء الحوأب .
قالت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ! ردّونى ردّونى ! هذا الماء الذي قال لى رسول الله : "لا تكوني التى تنبحك كلاب الحوأب" .
فأتاها القوم بأربعين رجلاً ، فأقسموا بالله أنّه ليس بماء الحوأب .
*عن ابن عبّاس وعامر الشعبي وحبيب بن عمير: لمّا خرجت عائشة وطلحة والزبير من مكّة إلي البصرة ، طرقت ماء الحوأب ـ وهو ماء لبنى عامر بن صعصعة ـ فنبحتهم الكلاب ، فنفرت صعاب إبلهم .
فقال قائل منهم : لعن الله الحوأب ; فما أكثر كلابها ! فلمّا سمعت عائشة ذكر الحوأب ، قالت : أ هذا ماء الحوأب ؟ قالوا : نعم ، فقالت : ردّونى ردّونى، فسألوها ما شأنها ؟ ما بدا لها ؟
فقالت : إنّى سمعت رسول الله يقول : "كأنّى بكلاب ماء يُدعي الحوأب ، قد نبحت بعض نسائي" ثمّ قال لى : "إيّاك يا حُميراء أن تكونيها !" .
فقال لها الزبير : مهلاً يرحمكِ الله ; فإنّا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة . فقالت: أعندك من يشهد بأنّ هذه الكلاب النابحة ليست علي ماء الحوأب ؟
فلفّق لها الزبير وطلحة خمسين أعرابيّاً جعلا لهم جُعلاً ، فحلفوا لها ، وشهدوا أنّ هذا الماء ليس بماء الحوأب ، فكانت هذه أوّل شهادة زور فى الإسلام !
ولم تنفعها علامات النبوة في الحؤاب
*عن العرنىـ دليل أصحاب الجمل ـ : سرت معهم فلا أمرّ علي واد ولا ماء إلاّ سألونى عنه ، حتي طرقنا ماءَ الحوأب ، فنبحتنا كلابها ، قالوا : أىّ ماء هذا ؟ قلت : ماء الحوأب .
قال : فصرخت عائشة بأعلى صوتها ، ثمّ ضربت عضد بعيرها فأناخته ،ثمّ قالت : أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقاً ، ردّونى ! تقول ذلك ثلاثاً ،فأناخت وأناخوا حولها وهم علي ذلك ، وهى تأبي ، حتي كانت الساعة التى أناخوا فيها من الغد .
قال : فجاءها ابن الزبير فقال : النجاءَ النجاءَ ! ! فقد أدرككم والله علىُّ بن أبى طالب ! قال : فارتحلوا وشتمونى ، فانصرفتُ .
*رسول الله ـ لنسائه ـ : ليت شِعري أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبب، التى تنبحها كلاب الحوأب ، فيُقتل عن يمينها وعن يسارها قتلي كثيرة ، ثمّ تنجو بعدما كادت ؟ !
*عن اُمّ سلمة : ذكر النبي خروج بعض اُمّهات المؤمنين ، فضحكت عائشة ، فقال : انظري يا حُميراء أن لا تكونى أنتِ .
ثمّ التفت إلي علىّ فقال : إن وليتَ من أمرها شيئاً فارفق بها .
*- قال ناصر الدين الألباني فى كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ بعد ذكر حديث كلاب الحوأب ـ : إنّ الحديث صحيح الإسناد ، ولا إشكال فى متنه . . . فإنّ غاية ما فيه أنّ عائشة لمّا علمت بالحوأب كان عليها أن ترجع ، والحديث يدلّ أنّها لم ترجع ! وهذا ممّا لا يليق أن يُنسب لاُمّ المؤمنين. وجوابنا علي ذلك: أنّه ليس كلّ ما يقع من الكُمّل يكون لائقاًبهم ; إذ لا عصمة إلاّ لله وحده . والسنّى لا ينبغى له أن يغالى فيمن يحترمه حتى يرفعه إلي مصافّ الأئمّة الشيعة المعصومين ! ولا نشكّ أنّ خروج اُمّ المؤمنين كان خطأً من أصله ، ولذلك همّت بالرجوع حين علمت بتحقّق نبوءة النبي عند الحوأب ، ولكنّ الزبير أقنعها بترك الرجوع بقوله : عسي الله أن يُصلح بكِ بين الناس . ولا نشكّ أنّه كان مخطئاً فى ذلك أيضاً. والعقل يقطع بأنّه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلي ، ولا شكّ أنّ عائشة هى المخطئة لأسباب كثيرة وأدلّة واضحة ، ومنها : ندمها علي خروجها ، وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها ،وذلك ممّا يدلّ علي أنّ خطأها من الخطأ المغفور ، بل المأجور ! !
*ـ ولمّا اتّصل بامير المؤمنين عليه السلام مسير عائشة وطلحة والزبير إلي البصرة من مكّة حمد الله وأثني عليه ثمّ قال :
قد سارت عائشة وطلحة والزبير ; كلّ واحد منهما يدّعى الخلافة دون صاحبه ، لا يدّعى طلحة الخلافة إلاّ أنّه ابن عمّ عائشة ، ولا يدّعيها الزبير إلاّ أنّه صهر أبيها ، والله لئن ظفرا بما يريدان ليضربَنّ الزبيرُ عنقَ طلحة ، وليضربنّ طلحة عنق الزبير ، ينازع هذا علي الملك هذا، وقد ـ والله ـ علمتُ أنّها الراكبةُ الجملَ ، لا تحلّ عقدة ، ولا تَسير عقبةً ،ولا تنزل منزلا إلاّ إلي معصية ، حتي تورد نفسها ومن معها مورداً يُقتل ثلثهم ،ويهرب ثلثهم ، ويرجع ثلثهم ، والله إنّ طلحة والزبير ليعلمان أنّهما مخطئان وما يجهلان ، ولربّما عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه . والله لينبحنّها كلاب الحوأب، فهل يعتبر معتبر أو يتفكّر متفكّر ، ثمّ قال : قد قامت الفئة الباغية ; فأين المحسنون ؟
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|