الفصل الرابع

                                                                              الموازنة العامة والتنمية

الموازنة أداة للتوازن المالي والاقتصادي والاجتماعي   

تعتمد الموازنة العامة (في اية دولة من دول العالم) على الاقتصاد الوطني بشكل أساسي ، وهي تتأثر به وتؤثر فيه ، ومن الملاحظ ان حجم الموازنة العامة قد كبر كثيراً في معظم دول العالم ولا سيما في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي ، وكل ذلك نتيجة للتغيرات التي حدثت على وظائف الدولة ، فلم تعد وظائفها مقتصرة على الوظائف الاساسية التقليدية (توفر الأمن ، الدفاع ، والعدالة) بل أظيفت اليها وظائف اخرى جديدة وهي الوظائف الاقتصادية والاجتماعية (اصبحت الدولة تقوم بالوظائف الاقتصادية والاجتماعية اضافة الى الوظائف التقليدية الاساسية) ، وادى ذلك الى زيادة في حجم النفقات العامة وزيادة في حجم الايرادات وكبر في حجم الموازنة .

وترتب على زيادة حجم الموازنة العامة زيادة اهميتها وشدة تأثرها بأوضاع البلاد الاقتصادية وعظم تأثيرها على المجالين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد ، واصبحت الموازنة العامة تعتبر اداة تستخدمها الدولة لتحقيق اهدافها السياسية المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها ، كما انها اصبحت تعتبر وسيلة هامة لتحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي والاقتصادي ، وتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة في البلاد ، وسنقدم في هذا الفصل تحليلاً شاملاً لدور الموازنة العامة في تحقيق التوازن المالي والاقتصادي والاجتماعي ، وسنناقش الموضوعات في البلاد .

أ ـ تأثر الموازنة العامة بالأحوال الاقتصادية في البلاد .

ب ـ الموازنة العامة والتوازن المالي .

ج ـ الموازنة العامة والتوازن الاقتصادي  .

د ـ الموازن العامة والتوازن الاجتماعي . 

ونقدم في ما يلي توضيحاً لهذه الموضوعات

أ ـ  تأثر الموازنة العامة بالأحوال الاقتصادية في البلاد      

تتأثر الموازنة العامة بالاحوال الاقتصادية في البلاد ، فهي تعتمد على اقتصاد البلاد ، اذ تستقطع قسماً منه عن طريق الرسوم والضرائب المفروضة على قطاعاته المختلفة(الصناعي والتجاري والزراعي) لتنفقه على اوجه الانفاق المتنوعة في الموازنة العامة ، ويلاحظ حصول زيادة  في الايرادات العامة في فترات الازدهار الاقتصادي ، كما ويلاحظ حدوث انخفاض في حصيلتها في فترات الكساد الاقتصادي والأزمات الاقتصادية.   

وللتجارة الخارجية تأثير كبير على ايرادات الموازنات العامة ، الضرائب الحمركية اصبحت تعتبر مصدراً هاماً من من مصادر ايرادات للدولة ، ويلاحظ ان حصيلة الكمارك ترتفع في فترات الازدهار الاقتصادي حيث يكثر الاستيراد ، وتقل في فترات الكساد الاقتصادي حيث تنخفض حركة الاستيراد ، كما ان الحروب تقلل من من حصيلة الضرائب الجمركية وذلك بسبب انخفاض حجم الاستيراد وبسبب تخفيض التعريفة الكمركية (احياناً) اثناء فترة الحرب .  

وللاحوال الاقتصادية الخارجية في الدول التي تتعامل معها الدولة تأثير على الموازنة العامة ، فاذا كانت اقتصاديات تلك الدول في حالة ازدهار فإن الايرادات العامة تزيد عن طريق زيادة كمية الصادرات الى تلك الدول (مثل تصديرالبترول والمواد الخام) وتقل في فترات الكساد الاقتصادي ، حيث تنخفض حركة الصادرات وتنخفض احياناً اسعار المواد المصدرة اليها .