المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

الأشعار الغثة المتكلفة النسج
18-1-2020
Evidence used to set parameters
29-7-2022
تفسير آيات الأحكام الشيخ محمد علي السايس
7-3-2016
Dougall-Ramanujan Identity
22-5-2019
تعريف عديم الجنسية
22-2-2022
التجوية وأنواعها وآثارها - التجوية الميكانيكية - التقشر
12-3-2022


الجناية والعقوبة  
  
2102   03:49 مساءً   التاريخ: 5-4-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 750-756.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / التراث العلوي الشريف /

تعبّر العقوبة عن انزال الجاني منـزلاً يكرهه بالطبع، بفرض القصاص عليه او السجن او التعزير او الغرامة، ذلك ان ارتكاب الجناية، بعلمٍ ونيةٍ قطعيةٍ من قبل الجاني، يبرر اقامة الحد عليه، والاصل في الاسلام انه ليست هناك عقوبة بدون عمل جنائي او مخالفة حقوقية يقوم بها الجاني ضد المجتمع بالعموم او المجني عليه بالخصوص.

ولذلك فان القاضي العادل لابد ان يقرأ في قسمات الجاني دوافع الجناية ونوايا الجاني وعقليّته المريضة، فالجناية امر يخص المجتمع اكثر مما يخص الفرد.

وعقوبة قطع اليد في جريمة السرقة تعدّ عقوبة اخلاقية، لانها تجرد الجاني من صفاته الطبيعية وتضعه موضع الادانة الدائمية لانه مقطوع، وكأن التشريع _ والله اعلم _ اراد ان يفضح السارق، كما حاول السارق هتك اموال الناسالموضوعة في حرز مقفل، ولذلك فان عقوبة السرقة هي عقوبة لشرف الانسان الذي ارتكب ذلك العمل اللااخلاقي.

أ _ العقوبة والمجتمع:

ان اعلان الاسلام عن لائحة العقوبات، يعني ان الحكومة ينبغي ان تكون قادرة على انزال الجناة منـزلاً يكرهونه، فالانسان لا يدخل السجن باختياره، ولا يوافق على قطع يده باختياره، ولا يقبل بتحمل الم الجلد باختياره، بل انالقوة الدينية الحاكمة في المجتمع تُكره ذلك المجرم على تجرع طعم العقوبة، من اجل تثبيت الامن الجماعي والاستقرار في المجتمع الكبير.

ولا شك ان العقوبة هي الحل الاخير لامان المجتمع، فالاسلام يفترض ان يعيش الناس حياةً طبيعيةً، تُعرف فيها الحقوق وتُشخّص فيها الواجبات، ومن اجل ذلك لابد ان يلمس الناس ان هناك رادعاً يردعهم عن ارتكاب المخالفات الشرعية والقانونية، ولابد ان يدركوا ان الافضل ممارسة الكسب الحلال بدل السرقة والغصب، وممارسة العلاقات الطبيعية السلمية بدل القتل والاعتداء والعنف، والتزوج الشرعي الصحيح بدل الممارسات الجسدية البعيدة عن مباني الدين الحنيف.

وهذا الفهم للدين يحوّل السلام الداخلي الذي يجلبه الايمان عند الافراد الى سلام اجتماعي، ينتفي معه التفكير بالجريمة، وتقلُّ فيه الجنايات والاعتداءات الى ادنى حد ممكن، ولذلك تبرز هنا افكار جديدة مثل: المسؤولية، والعدالة، والرحمة، والضمير، والعفو، بدل: الجريمة، والظلم، والقسوة، والوحشية، والانتقام.

ولم يكن في العصر الجاهلي قضاء كما هو في الاسلام، ولذلك كانت عقوبات القبائل في الجاهلية غير منظّمة ولا قانونية، بينما جاء الاسلام بنظام متكامل للقضاء والعقوبات، فالعقوبة التي كان يفرضها قاضي الشرع في زمن امير المؤمنين (عليه السلام) كانت عقوبة مقننة، أي انها كانت شرعية منحها الدين صلاحية التطبيق والتنفيذ.

والفرق بين العقوبة المقننة والعقوبة غير المقننة هي ان الاولى تصدر عن المصدر القضائي الشرعي ولها ابعاد اجتماعية، بينما تصدر الثانية عن عشيرة او قبيلة، كأن تقاطع العشيرة احد افرادها لانه ارتكب جنحة مخلّة بالشرف مثلاً، والمقاطعة الشخصية هي نوع من العقوبة غير المقننة التي يستخدمها الصديق ضد صديقه، او القبيلة ضد المتمردين عليها.

ولا شك ان الجريمة التي تستحق العقوبة المقننة من قبل القاضي، تعدّ سلوكاً يخص العموم ويضر المجتمع، وليس سلوكاً شخصياً يسلكه الجاني لمفرده، أي ان الجاني بارتكابه الجناية او الجريمة كان قد تجاوز حدوده الشخصية الى الحد العام الذي لابد ان يُحاسب عليه.

ومن هنا نلمس العدالة في النظام الاسلامي، لانه تعامل مع الجناية الفردية وكأنها جناية ضد المجتمع ككل.

ب _ اسلوب الضبط الاجتماعي:

ومن الطبيعي فان العقوبة الجسدية تشمل القضايا الجنائية اكثر مما تخص القضايا الحقوقية المقدّمة للقضاء، فالعقوبة على القضايا الحقوقية المدنية المتنازَع عليها كالغصب، تكون على شكل غرامات مالية لجبر الضرر مع ضمان ارجاع المادة المغصوبة، وعقوبة السرقة هو قطع اليد (وهي قضية جنائية)، لان السارق قد انتهك المادة الموضوعة في حرز، بينما لو سرق نفس المقدار من مكان عام، فانه لا يقطع.

لقد كان للعقوبة الجسدية _ بما فيها من معاناة وألم للجاني _ موقع في ماكنة العدالة في عصر امير المؤمنين (عليه السلام)، فلم تكن العقوبة عشوائية، بل كانت عقوبة مقننة تقوم بها مؤسسات شرعية تابعة للدولة، وكانت ماكنة العدالة الجنائية تبدأ بالعمل عندما يتم مطابقة التعريف القانوني للجاني على المتهم.

فاذا اُدين المتهم ادانة قضائية، فان عليه ان يتوقع انزال العقوبة به او اقامة الحد عليه، واذا عوقب الجاني، فان العدالة الجنائية تكون قد حققت جميع اهدافها، وطالما كانت القوانين الجنائية مستمدة من القرآن والسنّة كانت لتلك العدالة قيمة اخلاقية عظمى.

ولم يستخدم الامام (عليه السلام) اسلوب التهديد والوعيد في انتزاع اعترافات المتهمين، بل كان (عليه السلام) يستخدم اسلوب العلم والذكاء في حثّ الجاني على الاقرار بجنايته.

والامثلة على ذلك كثيرة، منها:

أ _ التظاهر بتزويج الغلام من المرأة التي ادعت انها ليست امه، وكان ذلك سبباً في اعتراف الام بولدها.

ب _ صبّ الماء الحار على بياض البيض التي وضعته امرأة على ثوبها، مدعية بان الرجل قد افتضحها، فتبين الغش في ذلك، وأقرّت المرأة على فعلتها.

ج _ تفريق الشهود في قضية قتل رجل، فأقر الشاهد الاول على انفراد، ثم الثاني..، وهكذا حتى اقروا جميعاً بارتكاب الجناية.

ولو درسنا التأريخ الجنائي العالمي لرأينا بأن الاعترافات كانت تُنتزع من خلال تعذيب المتهمين، ولكن امير المؤمنين علي (عليه السلام) لم يستخدم أي ضغط مادي او معنوي على المتهمين، بل كان علمه (عليه السلام) يساعده على انتزاع الاقرار من المجرمين.

وكل الدلائل التأريخية تُشير الى ان العقوبات في زمن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) كانت آلة فعالة في تنظيم السلوك الاجتماعي العام.

وفي رسالة معاوية الى ابي موسى الاشعري زمن الامام (عليه السلام) دلالة على ذلك، فقد كتب معاوية ان ابن ابي الجسرى وجد على بطن امرأته رجلاً فقتله، وقد اشكل حكم ذلك على القضاة، فسأل ابو موسى امير المؤمنين عليّاً (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): والله ما هذا في هذه البلاد _ يعني الكوفة وما يليها _ وما هذا بحضرتي، فمن أين جاءك هذا؟ قال: كتب اليَّ معاوية ان ابن ابي الجسرى وجد مع امرأته رجلاً فقتله، وقد اشكل ذلك على القضاة... .

وقول الامام (عليه السلام): «والله ما هذا في هذه البلاد وما هذا بحضرتي»، يعني ان محيط دولته كان آمناً ونظيفاً من تلك الالوان المرعبة من الانحرافات الاخلاقية .

اذن، يمكننا القول الآن بان وظيفة العقوبة هي الردع، أي ان الذي يعلم بان قتل العمد حرام ولمرتكبه عقوبة القصاص، فانه يرتدع عن التفكير بارتكاب ذلك العمل المحرّم، والذي يعلم بان لارتكاب الفاحشة عقوبة جسدية شديدة، فانه لا يفكر بالاقدام على ذلك العمل الفاحش، وهكذا، وبسبب تلك الاهمية افرد الفقهاء مساحة واسعة في علم الفقه لدراسة العقوبات، وفي نفس الوقت لعبت فلسفة العقوبة دوراً مهماً في النظريات القانونية ايضاً.

ذلك لان العقوبة القانونية التي تتمثل بالقصاص، والغرامة، والدية، والتعزير، والسجن انما تعكس طريقاً وحيداً لاعادة الانسجام الاجتماعي الى حالته قبل وقوع الجناية، فالمجتمع يهتز عندما تقع جريمة يروح ضحيتها ابرياء، ولا ترجع الحالة الاجتماعية الى وضعها الطبيعي حتى يذوق الجاني طعم القصاص الذي امر الله سبحانه به.

اذن، نستنتج بان فكرة العقوبة ليست فكرة فقهية بمعزلٍ عن المجتمع، بل ان لها تأثيرات على النظام الاجتماعي العام عبر ما يسمّى بـ «الضبط الاجتماعي».

والمسلّم به ان ضبط المجتمع لا يتم عبر آلية واحدة، بل هناك عدة مبادئ ومسالك تعمل بصورة مشتركة من اجل تحقيق ذلك، فالعقوبة هي احد الاساليب المستخدمة لمعالجة مشكلة الانحراف والفساد، والعدالة الاجتماعية والحقوقية اسلوب آخر لمعالجة اصل الانحراف، عبر سد حاجة الانسان حتى لا يصل به الامر الى السرقة او الفجور من اجل اشباع نفسه واشباع متعلقيه، والتربية الاخلاقية على اصول الدين والتقوى والتعلق بالخالق عزّ وجلّ اسلوب ثالث لدرء الانحراف عن الناس وهكذا، فان تلك المسالك كانت تعمل بشكل مشترك في عصر امير المؤمنين (عليه السلام) من اجل تنظيف المجتمع من الفساد، فلا ريب ان يقول (عليه السلام) بشأن الجناية التي ذكرتها احدى الروايات السابقة: والله ما هذا في هذه البلاد وما هذا بحضرتي، أي في الكوفة وما يليها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.