المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



التخطيط الاجتماعي وارتكاز العقلاء  
  
2655   01:37 مساءً   التاريخ: 4-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 531-532.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

          اعلان الولاية يوم الغدير لم يكن طموحاً منفرداً، بل كان قراراً شرعياً مبنياً على ارتكاز العقلاء ومنهجهم في التحليل الذهني، فقد كان اعلان الولاية مستنداً على طريقة منهجية في البحث عن الحقائق، فلو درسنا خريطة المجتمع الاسلامي من زاوية الشخصيات لرأينا بان العترة الطاهرة (عليهم السلام) هي الكفؤ الفريد في ولاية الاُمة لما تتمتع به من صفات وفضائل وخصال يفتقدها الناس جميعاً.

          واعظم صفة تتمتع بها العترة الطاهرة (عليهم السلام) هي قدرتها على الوصول الى اهدافها الدينية لو توفرت لها الشروط الموضوعية، فكان علي (عليه السلام) يمتلك ملكة ادراك الاحكام الواقعية، والوسيلة اللغوية الفصيحة للتوصيل، والشجاعة والبطولة الخارقة لدحر اعداء الدين، والزهد والتقوى والتعفف، والقابلية على الادارة الاجتماعية والقدرة على تحطيم النظام الطبقي الظالم.

          فكانت الارادة الالهية ودوافع الوحي وارادة النبي (صلى الله عليه واله) قاطعة بان يكون علياً (عليه السلام) ولياً شرعياً على المسلمين، ولكن تلك الارادة لم يُكتب لها ان تتحقق على ارض الواقع الا بعد عقدين ونصف من الزمان، وهو زمن طويل نسبياً مرّ بازمات وانحرافات خطيرة، وهذا يثبت - ولو متأخراً - ان الولاية الشرعية كانت حتمية سماوية، لان المجتمع يحتاج الى ادارة قادرة وكفوءة، والا انقلبت المعادلة وانعكس التيار وذهب النظام وعمّت الفوضى، وهذا ابعد ما يكون عن اهداف الدين السماوي وطموحاته، ولذلك كان المجتمع العربي بحاجة الى اعادة هندسة وتخطيط.

          فالمجتمع القَبَلي مثلاً يحتاج الى اعادة تصميم على اسس دينية جديدة مثل الايمان بالله سبحانه، والتمرن على العبادات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومجتمع المنافقين يحتاج الى اعادة تصميم وهندسة لانه مبنيٌّ على باطن فاسد وظاهر جميل، ومجتمع الجهل يحتاج الى اعادة تصميم لان الجهل قد يوصل الانسان الى الكفر والجحود دون قصد، كما اوصل مجتمع اهل النهروان الى تلك النهاية المخزية وقد اشار (عليه السلام) الى ذلك : (...ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فادركه...)، والخطأ في طلب الحق ناشىءٌ من الجهل دون شك.

          وبالاجمال، فان التخطيط النبوي لولاية علي (عليه السلام) ومن بعده ائمة الهدى (عليه السلام) يكشف عن ان ذلك التخطيط نابعٌ من قرار بتشخيص اهداف الدين ونهاياته عبر تعيين الوسائل لتحقيق ذلك، فالولاية كانت رابطاً بين الوسائل والاهداف في المجتمع الديني، اذن، كان التخطيط للولاية نابعٌ من قرار التفكير بمستقبل الدين والمجتمع الانساني الذي يعيش تحت ظله، وهو من مباني ارتكازات العقلاء.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.