أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2020
1367
التاريخ: 23-10-2014
1131
التاريخ: 25-3-2018
764
التاريخ: 8-5-2020
5400
|
يجب على المكلّف أن يعرف أنّ اللّه تعالى موجود ، لأنّه أوجد العالم بعد أن لم يكن ، إذ لو كان العالم قديما ، لكان إمّا متحرّكا ، أو ساكنا ، و القسمان باطلان.
أمّا الحركة ؛ فلأنّ ماهيّتها تستدعي المسبوقيّة بالغير، و القديم لا يصحّ أن يكون مسبوقا بالغير ، ولا يعقل قدم الحركة، و كذلك السّكون، لأنّه عبارة عن الكون الثّاني في المكان الأوّل، فيكون مسبوقا بالكون الأوّل بالضّرورة، و الأزليّ لا يكون مسبوقا بالغير ، فثبت حدوث العالم.
[في معنى العالم والقديم والحركة والسّكون] :
المكلّف: هو الإنسان الحيّ، البالغ، العاقل.
والعالم: عبارة عمّا سوى اللّه تعالى، و إنّما سمّي العالم عالما، لأنّه علامة على وجود اللّه تعالى.
والجسم: هو القابل للقسمة طولا و عرضا و عمقا.
والقديم: هو الّذي لا أوّل لوجوده، أو: الّذي لا يسبقه غيره.
و المحدث: مقابله، و هو ما لوجوده أوّل، أو: الّذي يسبقه غيره.
و الحركة: هي الحصول الأوّل للجسم في المكان الثّاني.
و السّكون: هو الحصول الثّاني للجسم في المكان الأوّل، و ذلك لأنّ الجسم لا بدّ له إذا وجد من مكان، فأوّل حصوله في المكان يسمّى كونا مطلقا، ففي الآن الثّاني إن كان في مكان آخر فهو الحركة، و إن بقي في الآن الثّاني في ذلك المكان، فهو السّكون.
إذا تبيّن هذا؛ فنقول: معرفة اللّه تعالى واجبة على كلّ مكلّف، لأنّها دافعة للضّرر، و كلّما كان دافعا للضّرر فهو واجب.
أمّا أنّها دافعة للضّرر؛ فلأنّ المكلّف إذا نظر في نفسه وجد عليه منافع من الوجود و الحياة و الشّهوة و الحواس، و يعلم أنّها ليست من نفسه، بل من غيره.
فيقول: هذه المنافع الّتي حصلت لي من الغير لا تخلو: إمّا أن يكون الموصل لها إليّ قصد بها النّفع أو الضّرر؛ فإن قصد النّفع فيكون منعما عليّ، و شكر المنعم واجب بالضّرورة فيجب عليّ معرفته لأشكره، لأنّ شكر المنعم واجب بضرورة العقل، و لا أشكره إلّا بعد معرفته، لأنّ الشّكر إنّما يكون شكرا إذا وقع على وجه يليق بالمشكور، و لو لم يعرفه، لجاز أن لا يليق به فلا يكون شكرا، واذا لم يشكره جوّز حصول الضّرر بتركه الشّكر.
و إن كان الموصل لها قاصدا للضّرر فيجب عليّ أن أعرفه، لأحترز من ضرره، لأنّه ما لم أعرفه لا يمكن الاحتراز من ضرره، فيجب عليّ أن أعرف فاعل هذه المنافع: إمّا لأشكره، أو لأحترز من ضرره، لأنّ الاحتراز من الضّرر واجب أيضا بضرورة العقل.
و أمّا أنّ كلّما كان دافعا للضّرر فهو واجب؛ فلأنّه ضروريّ، فثبت وجوب المعرفة، فيجب على المكلّف أن يعرف أنّ له صانعا أوجده.
و الطّريق إلى معرفته: النّظر، الّذي هو الفكر، و هو عبارة عن ترتيب أمور ذهنيّة يتوصّل بها إلى معرفة شيء آخر.
فقولنا: ترتيب، هو عبارة عن جعل أشياء بحيث يكون لبعضها إلى بعض نسبة بالتّقدّم و التّأخّر. و قولنا: أمور ذهنيّة، حتّى يخرج عنه ترتيب الامور الخارجيّة، مثل:
ترتيب الأجسام على ما ذكر. و قولنا: ذهنيّة ليعمّ المعلومة و المظنونة.
و إنّما قلنا: انّ الطّريق إلى معرفة اللّه تعالى النّظر، لأنّ الطّريق الّتي يتوصّل بها إلى معرفة الأشياء أربعة: إمّا ضرورة، أو خبر، أو حسّ، أو نظر، و كلّ من الثّلاثة الاوّل لا يصلح أن يكون طريقا إلى المعرفة، فتعيّن الرّابع.
أمّا أنّه تعالى لا يكون معلوما بالضّرورة؛ فلوجهين:
الأوّل: انّ الحكم المعلوم بالضّرورة من شأنه أنّ العاقل إذا تصوّر طرفيه جزم بالحكم من غير توقّف و لا طلب دليل، و ليس كذلك العلم به تعالى، و إلّا لما طلب الدّليل على ذلك.
الثّاني: انّ من شأن المعلوم بالضّرورة اتّفاق العقلاء فيه، و قد وقع الخلاف بينهم فيه تعالى، فإنّ طائفة من النّاس نفوا الصّانع [1] ؛ كما حكى اللّه تعالى [عنهم في قوله تعالى] : {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ } [الجاثية: 24] .
و باقي العقلاء أثبتوا الصّانع، ثمّ اختلفوا فيه؛ فمنهم من اعتقد كونه جسما، و منهم من اعتقد كونه ليس بجسم.
و الّذين نفوا عنه الجسميّة؛ منهم من اعتقد أنّ له صفات زائدة على ذاته، قديمة كقدمه؛ و منهم من نفى عنه ذلك، و قال: إنّ صفاته غير زائدة على ذاته؛ فلا يكون معلوما بالضّرورة.
و أمّا أنّه لا يكون معلوما بالحسّ أو الخبر؛ فلأنّ كلّ واحد منهما إنّما يكون طريقا إلى العلم بالمحسوسات، و الباري تعالى ليس بمحسوس- لما يأتي- فلم يبق إلّا أن يكون الطّريق إلى معرفته النّظر.
________________
[1] و هم: الكفرة و الملاحدة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|