المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



علي (عليه السلام): أوّل مراحل الفَدى  
  
2555   02:11 مساءً   التاريخ: 17-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 235-237.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

كان علي (عليه السلام) مستعداً للذود عن رسول الله (صلى الله عليه واله) وافتداء نفسه الزكية رخيصةً من اجل المصطفى (صلى الله عليه واله) في كل وقت، وكان علي (عليه السلام) على درجة من التضحية والايثار في جميع مواطن ملازمته لخاتم الانبياء (صلى الله عليه واله). ولكن المصادر التأريخية تذكر واقعتين لهما خصوصية عظيمة فدى بهما علي (عليه السلام) نفسه من أجل رسول الله (صلى الله عليه واله).

الاولى: المبيت في الشعب مكان رسول الله (صلى الله عليه واله). فقد «كان ابو طالب كثيراً ما يخاف على رسول الله (صلى الله عليه واله) البيات اذا عرف مضجعه وكان يقيمه ليلاً من منامه ويضجع ابنه علياً مكانه...». فكان علي (عليه السلام) يقدم نفسه للموت، فداءً لرسول الله (صلى الله عليه واله).

الثانية: المبيت ليلة الهجرة. والرواية مشهورة عند الفريقين، فقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال: 30] قال: «تشاورت قريش ليلاً بمكة فقال بعضهم: اذا اصبح فاثبتوه بالوثاق _ يريدون النبي (صلى الله عليه واله) _ وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل اخرجوه، فاطلع الله عزّ وجلّ نبيه على ذلك. فبات علي (عليه السلام) على فراش النبي (صلى الله عليه واله) تلك الليلة، وخرج النبي (صلى الله عليه واله) حتى لحق بالغار. وبات المشركون يحرسون علياً (عليه السلام) يحسبونه النبي (صلى الله عليه واله) فلما اصبحوا ثاروا اليه، فلما رأوا علياً رد الله مكرهم. فقالوا: اين صاحبك هذا؟ قال: لا ادري. فاقتصوا اثره. فلما بلغوا الجبل خُلّط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث (صلى الله عليه واله) فيه ثلاث ليال».

قال الشبلنجي في «نور الابصار» عارضاً فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): «فمن شجاعته نومه على فراش رسول الله (صلى الله عليه واله) لما أمره بذلك وقد اجتمعت قريش على قتل النبي (صلى الله عليه واله) ولم يكترث علي (رضي الله عنه) بهم، قال بعض أصحاب الحديث: اوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام) ان انزلا الى علي واحرساه في هذه الليلة الى الصباح فنـزلا اليه وهما يقولان: بخّ بخّ من مثلك يا علي؟ قد باهى الله بك ملائكته. واورد الغزالي في كتابه (احياء العلوم) ان ليلة [مبيت] علي (رضي الله عنه) على فراش رسول الله (صلى الله عليه واله) أوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل: اني آخيت بينكما وجعلت عمر احدكما اطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة، فاختار كلاهما الحياة وأحباها، فاوحى الله اليهما: أفلا كنتما مثل علي بن ابي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة. اهبطا الارض فاحفظاه من عدوه فكان جبريل عند رأسه وميكاويل عند رجليه ينادي ويقول: بخّ بخّ من مثلك يا ابن ابي طالب؟ يباهي الله بك الملائكة فانزل الله عزّوجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207]. وفي تلك الليلة انشأ علي (رضي الله عنه):

وقيتُ نفسي خير من وطأ الحصى       واكرم خلق طاف بالبيت والحجر

وبتّ اراعي منهم ما يسوءني            وقد صبرت نفسي على القتل والاسرِ

وبات رسول الله في الغار آمناً           وما زال في حفظ الاله وفي الستر[5]

وكان مما نزل من القرآن في ذلك اليوم وما كانوا اجمعوا عليه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، ({أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطور: 30، 31]، وفي علي (عليه السلام) نزل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.