تعتبر الجغرافيا علم من العلوم الاجتماعية و هي كلمة أصلها إغريقي مركبة من كلمتين هما " جيوGeo " و تعني الأرض ، وكلمة "جرافيا Graphia "  وتعني الكتابة, من هنا يتضح أن الجغرافيا هي علم الكتابة عن الأرض، و أول من استخدم هذا المصطلح هو العالم الإغريقي " إيراتوستنيز " سنة 240 ق .م .

و يكثر الجغرافيون من الحديث عن تعريف الجغرافيا و يختلفون في ذلك بسبب تعدد اهتمامات هذا العلم، وبما أنهم تجاوزوا الوصف المجرد إلى أمور تهتم بتعليل و تفسير الظواهر الطبيعية و الظواهر البشرية  فقد أوردوا عددا من التعريفات لعلم  الجغرافيا أشهرها " علم العلاقات المكانية " الذي يتمثل في تسريع الحركة و الانتقال للإنسان، و " علم توزيع الظواهر الجغرافية" و" الاختلافات الإقليمية أو ما يسمى بالجغرافية الوصفية.

وقد تطور علم الجغرافيا و تعددت فروعه فصار يهتم بدراسة الاختلافات المكانية على سطح الأرض، وتوزيع الظواهر الطبيعية و الظواهر البشرية، و دراسة العلاقات القائمة بينهما و تشخيص الاختلافات الإقليمية  و دراستها .

كما أن الجغرافيا تمتاز بخصائص جعلتها في مصاف العلوم المهمة التي تحتاجها الدول في التخفيف من مشاكلها البيئية و التخطيطية المختلفة و كما أنها أيضا، أي الجغرافيا تتيح أسلوبا مثاليا للتفكير في حل المشكلات، لذلك فالجغرافيون مؤهلون بصفة خاصة لفهم التفاعل بين مختلف العناصر المؤثرة على المكان، بالإضافة إلى أنها تقوم بدراسة العمليات المسببة لجميع التوزيعات  و الأنماط المشاهدة .

 ومن خلال هذا يتضح لنا أهمية المفهوم في الفكر الجغرافي الذي لازمه منذ نشأته. إلا أنه بقدر ما تطور المفهوم الجغرافي بقدر ما تطور معه المحتوى الجغرافي وهنا لا بأس من التذكير بتقسيم "Norman Graves " المتعلق بسُلم متدرج للمفاهيم الجغرافية حيث قسمها إلى فئتين:

الفئة الأولى:

هي المفاهيم الجغرافية التي تقوم على الملاحظة والوصف وهي بالتالي من المفاهيم المحسوسة مثل الظواهر والأشكال الطبيعية والبشرية القابلة للملاحظة والمشاهدة العينية مثلا التضاريس )جبال، هضاب، سهول...(؛ أو نشاط بشري أو اقتصادي ( زراعة، مدينة، معمل...)

إن هذه الفئة من المفاهيم الوصفية كانت ملازمة للفكر الجغرافي منذ ظهوره رغم كونها عرفت تطورات عبر الحضارات، فمفهوم الأرض مثلاً عند البابليين: ذات شكل منبسط، والمصريون القدامى اعتبروها طويلة الشكل تبعاً لطول وادي النيل إلى غير ذلك من الأمثلة.

الفئة الثانية:

وهي مفاهيم تقع في مستوى أعلى من التجريد بالنسبة للمفاهيم الأولى وتحاول أن تعطي مجموعة من التفسيرات والتعليلات لمجموعة من العلاقات التي تميز المفهوم وذلك تمشيا مع التطورات التي عرفها الفكر الجغرافي، فظهور النظرية المادية لكانت وديكارت اللذين أدخلا مبدأ السببية في العلوم الحقة، وظهور نظرية التطور لداروين وكذلك الاكتشافات الجغرافية الكبرى ساهم وبشكل مباشر في تطور المفهوم الجغرافي وجعله مسايراً للتطورات الحديثة.

إذن المفهوم في الجغرافيا الحديثة اعتمد على التفسير والتعميم فالتفسير يقتضي البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى وجود ظاهرة مجالية من حيث مورفولوجيتها ومكانها وحركتها. أما التعميم فيتجلى في تعميم المفاهيم ومبادئ وقوانين ونظريات التفسير عبر بناء "مفاهيم ومبادئ وقوانين ونظريات من أجل الرفع من مردودية الجغرافيا" ومن خلال هذا نريد أن نشير إلى أن الجغرافيا قد أخذت بعض المفاهيم من العلوم الأخرى خاصة العلوم المتشابهة سواء من العلوم الطبيعية، العلوم الاجتماعية أو الاقتصادية.

وبهذا أصبحت تتوافر الجغرافيا على بعض المفاهيم المختلفة باختلاف هذه الفروع العلمية، مما أدى إلى انقسام الجغرافيا بصفة عامة إلى جغرافيا طبيعية وجغرافيا بشرية وهذه الأخيرة بدورها تفرعت إلى مجموعة من الفروع كل فرع مستقل بمنظومة مفاهيمه خاصة.