الإمام يجب أن يكون أعلم أفراد الأمّة
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص280-282
2025-10-26
36
الإمام يجب أن يكون أعلم من جميع الأمّة: وعلى ذلك فإنّ الإمام يجب ان يكون صاحب مقام العلم الجامع الشامل في درجةٍ لم تصلها أمّته ولا أتباعه، وتلك الدرجة من العلم المنزّه الخالص من الشوائب والأكدار، وتلك المرتبة من المعرفة الواسعة المطلقة ستستتبع وجوب انقياد الأخرين وتبعيّتهم. وعى هذا الأساس فانّ ابراهيم يخاطب وليه آذر فيقول: {يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا}[1].
لقد جاءني يا أبي من قبل الله من العلم ما لم يأتك، لذا فقد وجب عليك أن تتّبعني لأهديك، وقد عدّ في هذه الآية- كما هو مُلاحظ- وجوب تبعيّة آذر لأفكاره وآراءه منوطاً ومنحصراً فقط بعلمه هو وبفقدان ذلك العلم من قبل آذر.
لذا فانّ لزوم تبعيّة الجاهل للعالم من القضايا التي لا تحتاج إلى برهان، بل من القضايا التي قياساتها معها.
لزوم تبعيّة الجاهل للعالم في المراحل الثلاث: الفطريّة والعقلية والشرعيّة: وعلى أساس هذا الأصل المسلم وهذه القاعدة الكلية، فانّ ابراهيم قد نفّذ حكمه وأوصل مقام الإبلاغ إلى آذر دون ذكرٍ لهذه القاعدة، ولذا فقد أثبت العلماء الأعلام في أصول الفقه انّ لزوم تبعيّة الجاهل للعالم هو حكمٌ عقلي قبل ان يكون حكماً شرعيّاً، وهو حكم فطريّ ووجداني قبل أن يكون حكماً عقلياً، وانّ هذا الحكم يتجلى ويظهر في ثلاث مراحل هي الوجدان والعقل والشرع، واستناداً لهذه القاعدة الكلية فقد استفادوا لزوم اتّباع آراء الأعلم، واعتبروا انّ سعادة المجتمع منوطة بحكومة آراء الأعلم في ذلك المجتمع.
وذلك لأن العلم بمنزلة النور والحياة، وبمثابة الروح والنفس، وكلما زاد النور والحياة في المجتمع، وقويت الروح والنفس فيه، فانّه سيصبح أكثر حياةً وتأثيراً ورقيّاً، كما انّه كلّما كانت الحياة والروح والنفس أقوى في بدن الإنسان كلما كان ذلك الإنسان أقرب إلى العافية وطول العمر والتمتّع بالمواهب الالهيّة، وكلما كانت الحياة أضعف والروح أشدّ ذبولًا فانّ الأدمي سيقترب من المرض والهلاك وفقدان المواهب الالهيّة وسيكون له نصيب أقل من المواهب الإنسانية.
ويُستفاد من هذه الآية المباركة في باب الإجتهاد والتقليد واستنتاج لزوم اتّباع أفراد الأمّة للعالم بالشريعة الالهيّة، بل لزوم اتّباع أفراد الأمّة لأعلم زمانه، ولو انّ هذا الحقير لم يُشاهد حتى الآن أحداً من العلماء الأعلام وكتبهم المدوّنة قد تمسّك بهذه الآية الكريمة.
روى في كتاب (غاية المرام) عن الشيخ الطوسي في (الأمالي)، بسلسلة سنده المتّصل عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين عليهم السلام قال: لمّا أجمع الحسن بن علي عليه السلام علي صلح معاوية، خرج حتى لقيه، فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيباً ... إلى أن يقول: فقام الحسن عليه السلام فخطب فقال: الحمدُ للّهِ المستَحْمد بِالآلَاءِ وتَتَابُعِ النَّعْمَاءِ ... إلى آخر خطبته الجامعة الطويلة التي تحوي الكثير من المطالب الدقيقة والعميقة، وتظهر شرف أهل بيت رسول الله، ومن جملة ذلك الاستشهاد بآية التطهير وآيات ومطالب تاريخيّة أخرى.
[1] الآية 43، من السورة 19: مريم.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة