x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

تاريخ الامريكتين

التاريخ : التاريخ الاسلامي : السيرة النبوية : سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام :

سرايا للدفاع عن المدينة

المؤلف:  محمد الشيرازي

المصدر:  لأول مرة في العالم

الجزء والصفحة:  ج2، الفصل الثاني

7-2-2017

1516

ثم ان بعض القبائل رغم تحقق النصر الكبير للمسلمين ودخول الناس في دين اللّه أفواجاً بقوا على شركهم وأصرّوا على عنادهم ومحاربتهم للمسلمين، ولجّوا في صدهم عن سبيل اللّه وقطع الطريق على الآمنين، ولأجل دفع شرّهم وفسادهم بعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بعوثاً وسرايا:

سرية عيينة بن حصن الفزاري :

إلى بني تميم، وذلك في المحرم من هذه السنة في خمسين فارساً ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري، فكان يسير الليل ويكمن النهار، فهجم عليهم في صحراء، وقد سرحوا مواشيهم، فلما رأوا الجمع ولّوا فأخذ منهم أحد عشر رجلاً وعشرين امرأة وثلاثين صبياً، فساقهم إلى المدينة، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث.

فقدم فيهم عدة من رؤسائهم: عطارد بن حاجب، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، والأقرع بن حابس، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، وعمرو بن الأهتم، ورياح بن الحارث، فلما رأوا نساءهم وذراريهم بكوا إليهم.

فعجلوا فجاءوا إلى باب النبي (صلى الله عليه وآله) فنادوه: يا محمد اخرج إلينا لنفاخرك ونشاعرك، فنزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] (1) الآية.

فخرج إليهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأقام بلال الصلاة وتعلّقوا برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يكلّمونه فوقف معهم، ثم مضى فصلّى الظهر، ثم جلس في صحن المسجد، فقدّموا عطارد بن حاجب فتكلّم وخطب.

عندها أمر (صلى الله عليه وآله) ثابت بن قيس بن شماس فأجابهم فغلبهم.

فقام بعد ذلك الزبرقان شاعر بني تميم فأنشد مفاخراً فقال:

نحـــن الكرام فلا حـــي يعادلنا *** منا الملوك وفينـــا تنصـب البيع

وكــم قســـرنا من الأحياء كلهم *** عند النهــــاب وفضل العز يُتّبع

ونحن نطعم عند القحط مطعمنا *** من الشــواء إذا لم يؤنس القزع

بما ترى النــاس تأتينا ســراتهم *** من كـل أرض هويـاً ثم نصطنع

فننحر الكوم عبطاً في أرومتنـا ***  للنازلين إذا مــا أنزلــوا شبعــوا

فـــلا ترانا إلى حـــي نفـاخرهم ***  إلا استقادوا وكاد الرأس يقتطع

فمـــن يفاخـــرنا في ذاك يعرفنا *** فيرجع القول والأخبـــار تستمع

إنا أبيـــنا ولم يـــأب لنــــا أحــد ***  إنّا كذلك عـــند الفخـــر نرتفـع

وكان حسان غائباً فبعث إليه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).

قال حسان: جاءني رسول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأخبرني أنه إنما دعاني لاُجيب شاعر بني تميم، فخرجت إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مسرعاً.

مع شاعر الرسول (صلى الله عليه وآله)

قال شاعر الرسول (صلى الله عليه وآله) حسان بن ثابت: فلما انتهيت إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وقام شاعر القوم فقال ما قال، قال لي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): قم يا حسّان فأجب الرجل، فقمت وقلت:

ان الذوائب من فهر وإخوتهم *** قد بينوا سنّة للناس تتبع

يرضى بها كل من كانت سريرته *** تقوى الإله وكل الخير يصطنع

قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم *** أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

سجيةٌ تلك منهم غير محدثة ***  إن الخلائق فاعلم شرها البدع

إن كان في الناس سباقون بعدهم ***  فكل سبق لأدنى سبقهم تبع

لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ***  عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا

لا يبخلون على جار بفضلهم ***  ولا يمسهم من مطمع طبع

إذا نصبنا لحي لم ندبّ لهم ***  كما يدبّ إلى الوحشية الذرع

نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها ***  اذا الزعانف من أظفارها خشعوا

لا يفخرون إذا نالوا عدوهم ***  وإن اُصيبوا فلا خور ولا هلع

كأنهم في الوغى والموت مكتنع ***  اُسدٌ بحَلية في أرساغها فدع

خذ منهمُ ما أتوا عفوا إذا غضبوا ***  ولا يكن همك الأمر الذي منعوا

فإن في حربهم فاترك عداوتهم ***  شراً يخاض عليه السم والسلع

أكرم بقوم رسول اللّه شيعتهم ***  إذا تقرّقت الأهواء والشيع

أهدى لهم مدحتي قلب يوازره ***  فيما أحب لسان حائك صنع

فإنهم أفضل الأحياء كلهم ان  *** جد بالناس جد القول أو شمعوا

فلمّا فرغ حسان قال الأقرب بن حابس: إن هذا الرجل لمؤتي، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا، ثم أسلموا فأجازهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأحسن جوائزهم وردّ عليهم نساءهم وأبناءهم.

سرية ابن عامر إلى تبالة:

وبعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قطبة بن عامر في عشرين رجلاً إلى حي من خثعم بناحية تبالة كانوا يستعدّون للإغارة على المدينة، وأمره أن يشن الغارة عليهم.

فخرجوا على عشرة أبعرة فاعتقبوها فشنوا الغارة عليهم فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين، وقتل قطبة بن عامر من قتل وانهزم الباقون، فساقوا النعم والشاء إلى المدينة.

ثم ان القوم اجتمعوا وركبوا في آثارهم، فلما اقتربوا منهم أرسل اللّه سيلاً عظيماً حال بينهم وبين المسلمين فساقوا النعم والشاء وهم ينظرون لا يستطيعون أن يعبروا إليهم.

سرية الضحاك إلى بني كلاب:

وفي ربيع الأول سنة تسع من الهجرة النبوية المباركة، بعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) جيشاً إلى بني كلاب كانوا يريدون الزحف على المسلمين، وجعل عليهم الضحاك بن سفيان بن عوف ومعهم الأصيد بن سلمة، فلقوهم بالرخوخ، فدعوهم إلى الإسلام، فأبوا، فقاتلوهم فهزموهم، فلحق الأصيد أباه سلمة وسلمة على فرس له في غدير بالرخ، فدعا أباه إلى الإسلام وأعطاه الأمان، فسبّه وسبَّ دينه.

فلما رأى الأصيد انّ أباه يسبّ دينه ويتعرّض لعقيدته ضرب عرقوب فرس أبيه، ولما وقع الفرس على عرقوبه ارتكز سلمة على الرمح في الماء ثم استمسك حتى جاءه أحد المسلمين فقتله.

وبهذا وأمثاله من التضحيات أثبت المسلمون الأوائل تصلبهم في عقيدتهم ومحافظتهم على دينهم.

سرية علقمة بن محرز المدلجي:

وفي ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة النبوية المباركة بلغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّ اُناساً من الحبشة يتعرّضون للمسلمين، ويريدون الفساد في الأرض والصدّ عن سبيل اللّه، فبعث إليهم علقمة بن محرز في ثلاثمائة فانتهى إلى جزيرة، وقد خاض إليهم البحر فهربوا منه، فرجع ومن معه من غير قتال.

سرية علي (عليه السلام) إلى طيّ:

وفي هذه السنة وهي السنة التاسعة من الهجرة النبوية المباركة، بعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مائة وخمسين رجلاً من الأنصار على مائة بعير وخمسين فرساً ومعه راية سوداء ولواء أبيض إلى الفلس وهو صنم طيء ليهدمه.

فشنوا الغارة على موضع ذلك الصنم مع الفجر والناس نيام، حتى لا يقع تصادم أو قتال، وإذا وقع كان قليلاً، وكان كذلك، فقد استطاعوا هدم الصنم بلا مقاومة تذكر، سوى قليل ممّن تعرض لهم، فوقعوا في أسرهم، فاستاقوا معهم إلى المدينة ما وقع في أيديهم: من السبي والنعم والشاء، وفي السبي سفانة اُخت عدي بن حاتم، وكان عدي قد هرب إلى الشام، ووجدوا في خزانته ثلاثة أسياف وثلاثة أدراع.

وفي المنتقى: فكان فيما أخذ من خزانته ـ بعد تحطيم فلس ـ سيفان: أحدهما يسمّى مخذماً، والآخر رسوباً، وكان الحارث بن أبي شمر الغسّاني ملك غسّان قد أهداهما إلى فلس، فوهبهما رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام).

واستعمل على السبي أبا قتادة، وعلى الماشية والرقة عبد اللّه بن عتيك، وقسّم الغنائم في الطريق، وعزل الصفي لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، ولم يقسّم السبي من آل حاتم حتى قدم بهم المدينة.

عدي يشرح قصته:

قال عدي بن حاتم: ما كان رجل من العرب أشد كراهيّة لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) منّي حين سمعت به، وكنت امرءاً شريفاً، وكنت نصرانيّاً أدين بدين النصارى من غير أن اُبدي ذلك لأحد، وكنت أسير في قومي بالمرباع بأن آخذ الربع من أرباحهم، وكنت في نفسي على دين، وكنت ملكاً في قومي.

فلما سمعت برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) كرهته، فقلت لغلام عربي لي ـ وكان راعياً لإبلي ـ : لا أباً لك، أعدَّ لي من إبلي أجمالاً ذللاً سماناً فاحبسها قريباً مني، فإذا سمعت بخيل محمد قد وطئت هذه البلاد فآذنّي، ففعل.

ثم انه أتاني ذات غداة فقال: يا عدي ما كنتَ صانعاً إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن، فإني قد رأيت رايات، فسألت عنها فقالوا: هذه جيوش محمد.

قال: فقلت: قرّب لي أجمالي، فقرّبها، فاحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت في نفسي: ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام، فسلكت الجوشية وهو جبل قرب أرض نجد، وقد تركت اُختي سفانة بنت حاتم الطائي في قومي.

فلما قدمت الشام أقمت بها، وخالفتني خيل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأصابت ابنة حاتم فيمن أصابت، فقدم بها على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في سبايا من طيء، وقد بلغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هربي إلى الشام.

سفانة تشرح قصتها:

تقول سفانة: أقبلوا بنا إلى المدينة وأودعونا قريباً من المسجد، حتى إذا كان وقت الصلاة جاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى الصلاة فمرّ بي فتعرضت له وقلت: يا رسول اللّه هلك الوالد وغاب الوافد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة، فمنَّ عليَّ، منَّ اللّه عليك.

فقال (صلى الله عليه وآله): من وافدك ؟

قلت: عدي بن حاتم.

قال (صلى الله عليه وآله): الذي فرَّ من رسول اللّه؟

ثم مضى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وتركني، فلما كان من الغد مرّ بي، فقلت له مثل ذلك، وقال لي مثل ما قال بالأمس وتركني.

حتى إذا كان بعد الغد مرّ بي وقد يئست من إجابته، فأشار إليَّ علي (عليه السلام) وكان يمشي خلفه أنْ قومي فكلّميه.

فقمت إليه فقلت: يا رسول اللّه، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليَّ منَّ اللّه عليك.

فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك، ثم آذنيني.

فأقمت حتى قدم ركب من بلّى أو قضاعة يريدون الشام، وفكّرتُ أن آتي أخي بالشام، فجئت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأخبرته بقدوم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ.

فكساني (صلى الله عليه وآله) وحملني وأعطاني نفقة، وساق معي من النعم والشاء ما شاء اللّه وقال (صلى الله عليه وآله): لو كان أبوك مسلماً لترحّمنا عليه.

عند ذلك سألته أن يمنّ على من معي من السبي ففعل.

قال عدي: فواللّه اني لقاعد في أهلي إذ أتتني اُختي بالشام.

فقلت: ابنة حاتم؟

قالت: نعم، ثم أخذت في ملامتي، فقالت: لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، احتملت أهلك وولدك، وتركت بقيّة والدك عورتك.

فقلت لها: اي اُخيّة لا تقولي إلاّ خيراً، فواللّه ما لي من عذر، لقد صنعت ما ذكرت.

ثم نزلت فأقامت عندي، فقلت لها، وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟

قالت: أرى أن تلحق به سريعاً، فائته راغباً أو راهباً، فقد أتاه فلان فأصاب منه، وفلان فأصاب منه.

بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)

قال عدي: فأتيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في المدينة وهو جالس في المسجد.

فقال لما رآني: من الرجل؟

قلت: عدي بن حاتم، وقد جئت بغير أمان ولا كتاب.

فلما عرّفته نفسي قام (صلى الله عليه وآله) فأخذ بيدي وانطلق بي إلى بيته، وفي الطريق لقيته امرأة عجوز كبيرة السن، ضعيفة الحال، فاستوقفته، فوقف لها طويلاً تكلّمه في حاجتها.

فقلت في نفسي: واللّه ما هذا بملك.

ثم أخذ بيدي حتى أتى داره فتناول وسادة من أدم محشوة ليفاً فقدمها إليّ، فقال (صلى الله عليه وآله): اجلس على هذه.

فقلت: بل أنت فاجلس عليها.

قال (صلى الله عليه وآله): بل أنت.

فجلست عليها وجلس رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على الأرض، فلما رأيت ذلك قلت في نفسي: واللّه ما هذا بأمر ملك.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): ايه يا عدي بن حاتم، ألم تكن ركوسياً؟ (وهو دين بين الصابئة والنصرانية).

قلت: بلى .

قال (صلى الله عليه وآله): أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟

قلت: بلى.

قال (صلى الله عليه وآله): فإن ذلك لم يحل لك في دينك.

قلت: أجل واللّه. وعرفت ـ في نفسي ـ أنّه نبيّ مرسل يعرف ما يُجهل.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا عدي، لعلك إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فواللّه ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه.

ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوّهم وقلّة عددهم، فواللّه ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف.

ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وأيم اللّه ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل أن تفتح عليهم.

قال: فأسلمتُ.

فكان عدي يقول بعد ذلك: مضت اثنتان وبقيت الثالثة، وواللّه لتكوننّ. قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت، وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحجّ هذا البيت، وواللّه لتكوننّ الثالثة، وليفيضنّ المال حتى لا يوجد من يأخذه.

عدي وقومه يُسلمون

وفي رواية: ان عدي قال: انتهيتُ إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] (2).

فلما فرغ منها قلت له: إنا لسنا نعبدهم.

فقال (صلى الله عليه وآله): أليس يحرّمون ما أحلّ اللّه فتحرّمونه، ويحلّون ما حرّم اللّه فتستحلّونه؟

فقلت: بلى.

قال (صلى الله عليه وآله): فتلك عبادتهم، ثم قال: ما يضرّك أن يقال: لا إله إلاّ اللّه؟ فهل تعلم من إله سوى اللّه؟

قلت: لا.

ثم تكلّم ساعة. ثم قال: إنما تقرّ أن يقال: اللّه أكبر، وهل تعلم شيئاً أكبر من اللّه؟

قلت: لا.

قال (صلى الله عليه وآله): فإنّ اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالّون.

قلت: فإنّي حنيف مسلم، فرأيت وجهه منبسطاً فرحاً.

قال: ثم أمر بي فأنزلت عند رجل من الأنصار، وجعلت أغشاه وآتيه طرفي النهار.

قال: فبينا أنا عنده إذ جاء قوم في ثياب من الصوف من هذه الثمار، فصلّى (صلى الله عليه وآله) وقام فحث عليهم ثم قال:

أيها الناس ارضخوا من الفضل، ولو صاعاً، ولو بنصف صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، يقي أحدكم نفسه من جهنّم أو النار، ولو بتمرة، فإن أحدكم لاق اللّه وقائل له ما أقول لكم: ألم أجعل لك مالاً وولداً؟ فيقول: بلى. فيقول: أين ما قدمت لنفسك؟ فينظر قدامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله ثم لا يجد شيئاً يقي به وجهه جهنّم، ليقِ أحدكم وجهه النار، ولو بشقّ تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيّبة، فإنّي لا أخاف عليكم الفاقة، فإن اللّه ناصركم ومعطيكم حتى تسير الظعينة ما بين يثرب والحيرة أكثر ما تخاف على مطيتها السرق.

قال: فجعلت أقول في نفسي: فأين لصوص طي؟

وقد حسن إسلام عدي ودعى قومه الذين لم يسلموا إلى الإسلام، فأسلموا.

_________

(1) الحجرات: 4.

(2) التوبة: 31.