تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
المستفاد من حديث الثقلين امور
المؤلف: محمد هادي معرفة
المصدر: التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب
الجزء والصفحة: ج1 ، ص429-437.
15-11-2014
2799
اولا : لزوم مودتهم قال ابن حجر الهيثمي : وفي هذه الاحاديث ، لا سيما قوله ( صلى الله عليه واله ) : انظروا كيف تخلفوني فيهما ، واوصيكم بعترتي خيرا ، واذكركم اللّه في اهل بيتي ) الحث الاكيد على مودتهم ومـزيـد الاحـسان اليهم واحترامهم واكرامهم وتأدية حقوقهم الواجبة والمندوبة ، كيف وهم اشرف بيت وجد على وجه الارض فخرا وحسبا ونسبا.
قال : وفي قوله ـ صلى الله عليه واله ـ : (لا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم ) دليل على ان من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدما على غيره ويدل عليه التصريح بذلك بشان قريش ، فأهل البيت النبوي الذين هم غرة فضلهم ومحتد فخرهم والسبب فـي تـمـيزهم على غيرهم ، بذلك احرى واحق واولى واخيرا قال : وصح عن ابي بكر انه قال : ارقبوا محمدا في اهل بيته ، اي احفظوا عهده ووده في اهل بيته (1).
وعند ذكره لتأويل الاية : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات : 24] اسند الى ابي سعيد الخدري ، ان الـنـبـي (صلى الله عليه واله) قال : (وقفوهم انهم مسؤولون عن ولاية علي ) قال : وكان هذا هو مراد الواحدي بـقـولـه : روى ـ في الاية ـ انهم مسؤولون عن ولاية على واهل البيت لان اللّه امر نبيه ان يعرف الخلق انه لا يسالهم على تبليغ الرسالة اجرا الا المودة في القربى والمعنى : انهم يسالون هل والوهم حـق الـمـوالاة كـمـا اوصـاهـم الـنـبـي صلى الله عليه واله ـ ام اضاعوها واهملوها ، فتكون عليهم المطالبة والتبعة (2).
قال الهيثمي : واشار الواحدي بقوله : (كما اوصاهم ) الى الاحاديث الواردة في ذلك ، وهي كثيرة ثـم ذكـر طرفا منها ، ومن جملتها حديث الثقلين وذكر متنوع متونه ، وفي رواية (كتاب اللّه وسـنـتي ) وقال : وهي المراد من الاحاديث المقتصرة على الكتاب ، لان السنة مبينة له فأغنى ذكره عـن ذكرها قال : والحاصل ان الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة ، وبالعلماء بهما من اهل البيت واخيرا قال : ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الامور الثلاثة الى قيام الساعة .
مـلحوظه : قال الهيثمي : ان للحديث طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا وفي بعض تلك الـطـرق انـه ( صلى الله عليه واله ) قال ذلك بحجة الوداع بعرفة ، وفي اخرى انه قاله بالمدينة في مرضه وقد امـتـلات الهجرة بأصحابه ، وفي ثالثة انه قال ذلك غد يرخم ، وفي رابعة انه قال لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف .
قـال : ولا تنافي ، اذ لا مانع من انه ( صلى الله عليه واله ) كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشان الكتاب العزيز والعترة الطاهرة (3).
ثـانـيـا : تـداوم امـامـتهم ما تداومت ايام هذه الامة عبر الازمان ، وكونهم مراجع الخلق بعد رسول اللّه (صلى الله عليه واله) في فهم الشريعة ومعاني القرآن ، مرجعية عاصمة ، نظير عصمة القرآن ، ومرجعيته عبر الخلود.
قـال السيد الامين العاملي ـ بعد ذكر احاديث الثقلين التي رواها اجلا علما السنة واكابر محدثيهم ، في صحاحهم بأسانيدهم المتعددة ، واتفق على روايتها الفريقان .
(دلـت هـذه الاحـاديث على عصمة اهل البيت من الذنوب والخطأ ، لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عـصـمته ، في انهم احد الثقلين المخلفين في الناس ، وفي الامر بالتمسك بهم كالتمسك بالقرآن ولو كـان الخطأ يقع منهم لما صح الامر بالتمسك بهم الذي هو عبارة عن : جعل اقوالهم وافعالهم حجة وفـي ان الـمـتـمسك بهم لا يضل كما لا يضل المتمسك بالقرآن ولو وقع منهم الذنب او الخطأ لكان المتمسك بهم يضل وان في اتباعهم الهدى والنور كما في القرآن ، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال وفي انهم حبل ممدود من السماء الى الارض كالقرآن ، وهو كناية عن انهم واسطة بين اللّه تعالى وبين خلقه ، وان اقوالهم عن اللّه تعالى ، ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك .
وفـي انـهـم لـن يفارقوا القرآن ولا يفارقهم مدة عمر الدنيا ولو انهم اخطاوا او اذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم .
وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه اماما لهم ، او تقصير عنهم وائتمام بغيرهم ، كما لا يجوز التقدم على القرآن بالإفتاء بغير ما فيه او التقصير عنه باتباع اقوال مخالفيه .
وفـي عـدم جواز تعليمهم ورد اقوالهم ، ولو كانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم ، ولم ينه عن رد قولهم .
قال : ودلت هذه الاحاديث ايضا على ان منهم من هذه صفته في كل عصر وزمان بدليل قوله ـ صلى الله عليه واله ـ : انـهـما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، وان اللطيف الخبير اخبره بذلك وورود الحوض كناية عـن انـقـضاء عمر الدنيا فلو خلا زمان من احدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض (4).
ثالثا : انهم الراسخون في العلم والمصداق الاوفى لوصف اهل الذكر ، الذين يعلمون تفسير القرآن وتأويله ، فهم وحدهم مراجع الامة ، في فهم معاني الكتاب ودرس آياته عبر العصور انهم ابواب الهدى ومصابيح الدجى وسفن النجاة .
قـال الـهيثمي ـ في مقارنة لطيفة بين الكتاب والعترة ـ : سمى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله) القرآن وعترته ثقلين ، لان الثقل كل نفيس خطير مصون وهذان كذلك ، اذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية والاسرار والـحكم العلية والاحكام الشرعية ولذا حث رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم مـنـهـم ، وقال : (الحمد للّه الذي جعل فينا الحكمة اهل البيت ) وقيل : سميا ثقلين ، لثقل وجوب رعاية حقوقهما.
ثـم الذين وقع الحث عليهم منهم انما هم العارفون بكتاب اللّه وسنة رسوله ، اذ هم الذين لا يفارقون الكتاب الى الحوض ، ويؤيده الخبر السابق (و لا تعلموهم فانهم اعلم منكم ) وتميزوا بذلك عن بـقية العلماء ، لان اللّه اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة .
وفـي احـاديث الحث على التمسك باهل البيت اشارة الى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به الى يوم القيامة ، كما ان الكتاب العزيز كذلك ولهذا كانوا امانا لأهل الارض ـ حسبما يأتي .
ويشهد لذلك قوله ـ صلى الله عليه واله ـ : (في كل خلف من امتي عدول من اهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وامتحال المبطلين وتاويل الجاهلين ، الا ان ائمتكم وفدكم الى اللّه عز وجل فانظروا من توفدون).
ثـم احـق من يتمسك به منهم امامهم وعالمهم علي بن ابي طالب ـ كرم اللّه وجهه ـ لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته ، ومن ثم قال ابو بكر : على عترة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) (5).
وقـال في قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال : 33] : اشار(صلى الله عليه واله) الى وجود هذا الـمعنى في اهل بيته وانهم امان لأهل الارض كما كان هو امانا لهم وفي ذلك احاديث كثيرة منها ما رواه الحاكم وصححه على شرطا لشيخين : (النجوم امان لأهل الارض من الغرق واهل بيتي امان لامتي من الاختلاف ، فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس (.
وقال : وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضا : (انما مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نـجـا) وفـي روايـة مـسـلـم : (و مـن تـخـلف عنها غرق ) وفي رواية : (هلك وانما مثل اهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل ، من دخله غفر له (6).
روى ثقة الاسلام الكليني باسناده الى الامام امير المؤمنين (عليه السلام) قال : (ان اللّه تبارك وتعالى طهرنا وعـصـمـنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في ارضه وجعلنا مع القرآن ، وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا).
وروى ـ ايضاـ عن الامام ابي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) قال ـ في قول اللّه عز وجل : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء : 41] ـ : نزلت في امة محمد(صلى الله عليه واله) خاصة في كل قرن منهم امام منا شاهد عليهم ، ومحمد(صلى الله عليه واله) شاهد علينا) (7).
وفي كلامه (عليه السلام) اشارة الى قوله (صلى الله عليه واله) ـ : (يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ، ينفون عنه تاويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين ، كما ينفي الكير خبث الحديد) (8).
وسـال عبيدة السلماني وعلقمة بن قيس والاسود بن يزيد النخعي ، الامام اميرالمؤمنين (عليه السلام) من ذا يـسـالـونـه عـمـا اذا اشـكـل عـلـيـهم فهم معاني القرآن ؟ فأجابهم الامام (عليه السلام) : (سلوا عن ذلك آل محمد) (9)
وقال الامام ابو جعفر الباقر(عليه السلام) لعمرو بن عبيد (10) : (فإنما على الناس ان يقرأوا القرآن كما انزل ، فاذا احتاجوا الى تفسيره ، فالاهتداء بنا والينا يا عمرو) (11)
وقـال (عليه السلام) : (ان الـعـلم الذي نزل مع آدم ـ كناية عن العلم الذي كان يحمله الانبياء منذ البداية ـ لم يرفع والعلم يتوارث وكان علي (عليه السلام) عالم هذه الامة قال : وانه لم يمت منا عالم قط الا خلفه من اهله من علم مثل علمه ، او ما شاء اللّه ) (12)
قـال الامـام الـصـادق (عليه السلام) : (انـا اهـل بـيت لم يزل اللّه يبعث منا من يعلم كتابه من اوله الى آخره ) (13).
نعم كان ذلك هو مقتضى تلازم الكتاب والعترة ، فلا يمكن الاهتداء بأحدهما بعيدا عن الاخر ، اذ كما ان لـلـكـتاب موضع التشريع والتأسيس ، كان للعترة موضع التفصيل والتبيين ، كما كان ذلك لرسول اللّه (صلى الله عليه واله).
هكذا عرفت الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان ، هذا الموضع الرفيع لآل البيت ، ولاسيما راسهم ورئيـسـهـم الامـام عـلى بن ابي طالب (عليه السلام) فكانوا يراجعونهم فيما اشكل عليهم من مسائل الشريعة ومفاهيم القرآن مذعنين لهم هذا المقام السامي .
هـذا الـصحابي الجليل عبد اللّه بن مسعود ، ومن اكابر الصحابة قدرا واجلائهم شانا ، تراه يذعن بـرفـعـة مـقام شاخص هذا البيت الامام امير المؤمنين وانه قد تتلمذ على يده حتى في حياة صادق الرسالة الامين ـ صلوات اللّه عليه .
اخـرج ابو جعفر الطوسي ـ في اماليه ـ باسناده الى ابن مسعود ، قال : قرات على النبي (صلى الله عليه واله) سبعين سـورة مـن القرآن اخذتها من فيه وقرات سائر القرآن على خير هذه الامة واقضاهم ، بعد نبيهم ، علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليه (14).
اخـرج ابـن عـساكر في ترجمة الامام باسناده الى عبيدة السلماني قال : سمعت عبداللّه بن مسعود يـقـول : لـو اعلم احدا اعرف بكتاب اللّه مني تبلغه المطايا فقال له رجل : فاين انت من على ؟ قال : به بدات اني قرات عليه (15).
واخـرج عـن زاذان عـنه ، قال : قرات على رسول اللّه (صلى الله عليه واله) تسعين سورة ، وختمت القرآن على خير الناس بعده قيل له : من هو؟ قال : علي بن ابي طالب (16)
وهو القائل : القرآن انزل على سبعة احرف ، ما منها حرف الا له ظهر وبطن وان علي بن ابي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن (17)
واخرج الحاكم الحسكاني باسناده عن علقمة ، قال : كنت عند رسول اللّه (صلى الله عليه واله)فسئل عن علي فقال : (قسمت الحكمة عشرة اجزاء ، فأعطى علي تسعة اجزاء واعطي الناس جز واحدا (18).
ولابن عباس الصحابي العظيم ايضا شهادات راقية بشان الامام وكذا غيره من اجلاء الاصحاب ، قد مرت الاشارة اليها في ترجمة الامام وهكذا تصريحات من اعلام التابعين لا نعيد ذكرها.
الامـر الـذي دعا بنبهاء الامة في جميع الادوار ، ان يجعلوا من ائمة اهل البيت ، قدوتهم في كل ابعاد الـشريعة ، ولا سيما طريقة فهم القرآن واستنباط معانيه والوقوف على دقائق تعابيره وظرائف نكاته وكان قولهم هو فصل الخطاب والقول الفصل في جميع الابواب .
هذا ابو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني صاحب الملل والنحل (467 ـ548) يحاول ـ عند دراسـتـه لـتفسير القرآن ـ ان يجعل رائده علما من اعلام هذا البيت الرفيع ، معتقدا ان الصحيح من القول ، لا يوجد الا عندهم لا عند غيرهم .
واليك بعض كلامه بهذا الشأن : ـ.
(وخـص الـكـتـاب بـحملة من عترته الطاهرة ونقلة من اصحابه الزاكية الزاهرة ، يتلونه حق تـلاوتـه ، ويـدرسونه حق دراسته ، فالقرآن تركته ، وهم ورثته ، وهم احد الثقلين ، وبهم مجمع البحرين ، ولهم قاب قوسين ، وعندهم علم الكونين والعالمون .
(وكـما كانت الملائكة (عليه السلام) معقبات له من بين يديه ومن خلفه تنزيلا ، كذلك كانت الائمة الهادية ، والـعـلـمـاء الصادقة معقبات له من بين يديه ومن خلفه تفسيرا وتأويلا ، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر : 9] فتنزيل الذكر بالملائكة المعقبات ، وحفظ الذكر بالعلماء الذين يعرفون تـنزيله وتأويله ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعامه وخاصه ، ومجمله ومفصله ، ومـطـلقه ومقيده ، ونصه وظاهره ، و ظاهره وباطنه ويحكمون فيه بحكم اللّه ، من مفروغه ومستانفه ، وتقديره وتكليفه ، واوامره وزواجره ، وواجباته ومحظوراته ، وحلاله وحرامه ، وحـدوده واحـكـامه بالحق واليقين ، لا بالظن والتخمين اولئك الذين هداهم اللّه واولئك هم اولو الالباب .
(و لقد كانت الصحابة ـ رضي اللّه عنهم ـ متفقين على ان علم القرآن مخصوص باهل البيت (عليه السلام) اذ كـانـوا يـسالون علي بن ابي طالب (رض ) هل خصصتم اهل البيت دوننا بشي سوى القرآن ؟ وكان يـقـول : لا والـذي فلق الحبة وبرا النسمة الا بما في قراب سيفي هذا فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على اجماعهم بان القرآن وعلمه تنزيله وتأويله مخصوص بهم .
(ولـقـد كـان حبر الامة عبد اللّه بن عباس (رض) مصدر تفسير جميع المفسرين ، وقد دعا له رسـول اللّه (صلى الله عليه واله) بان قال : اللهم فقهه في الدين وعلمه التاويل تتلمذ لعلى (رض) حتى فقهه في الدين وعلمه التاويل .
قـال : (ولـقـد كنت على حداثة سني اسمع تفسير القرآن من مشايخي سماعا مجردا ، حتى وفقت فـعـلـقـتـه على استأدي ناصر السنة ابي القاسم سلمان بن ناصر الانصاري (رض ) تلقفا ثم اطلعني مـطـالعات كلمات شريفة عن اهل البيت واوليائهم ـ رضي اللّه عنهم ـ على اسرار دفينة واصول مـتـيـنـة في علم القرآن ، وناداني من هو في شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة الـطـيـبة : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة : 119] فطلبت الصادقين طلب الـعـاشـقـين ، فوجدت عبدا من عباد اللّه الصالحين ، كما طلب موسى (عليه السلام) مع فتاه ، {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف : 65] فتعلمت منه مناهج الخلق والامر ، ومـدارج التضاد والترتيب ، ووجهي العموم والخصوص ، وحكمي المفروغ والمستأنف فشبعت مـن هذا المعا الواحد دون الا معا التي هي مكل الضلال ومداخل الجهال ، وارتويت من شرب التسليم بـكـاس كـان مـزاجـه من تسنيم ، فاهتديت الى لسان القران : نظمه وترتيبه وبلاغته وجزالته وفصاحته وبراعته ) (19)
ومـن طـريـف ما يذكر هنا ، ما شهد به مثل الحجاج بن يوسف الثقفي بشان هذا البيت الرفيع ، حسبما رواه عـلـي بن ابراهيم القمي في تفسيره : ان اباه حدثه عن سليمان بن داود المنقري عن ابي حمزة الـثمالي عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجاج بن يوسف : بان آية في كتاب اللّه قد اعيتني ايـهـا الامير ، اية آية هي ؟ فقال : قوله : {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } [النساء : 159] واللّه لأمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ، ثم ارمقه بعيني ، فما اراه يحرك شفتيه حتى يخمد فـقـلت : اصلح اللّه الامير ، ليس على ما تاولت الـقيامة الى الدنيا ، فلا يبقى اهل ملة يهودي ولا نصراني الا آمن به قبل موته ، ويصلي خلف المهدي قـال : ويحك ، انى لك هذا ، ومن اين جئت به ؟ ابي طالب (عليه السلام) فقال : جئت بها ، واللّه من عين صافية (20).
كـان الحجاج قد حسب ان الضمير في قوله تعالى (قبل موته ) يعود الى (من اهل الكتاب ) فجا تفسير الامام بإرجاع الضمير الى المسيح ، وبذلك زالت علته .
واورد الامـام الـرازي الـحـديث بلفظ آخر ، ناسبا له الى محمد ابن الحنفية ، قال : فاخذ ينكث في الارض بقضيب ، ثم قال : لقد اخذتها من عين صافية (21).
____________________________
1- الـصـواعـق الـمـحرقة ، ص 136 ـ 137 والرواية عن ابي بكر هذه اخرجها البخاري فـي الـصـحـيـح ، قـال : (ارقبوا محمدا(صلى الله عليه واله ) في اهل بيته ) (جامع البخاري ، ج5 ، ص 26) باب مناقب قرابة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ واخرجه بأسناد آخر في باب مناقب الحسنين (ج 5 ، ص 33).
2-اخرجه الحافظ الكبير الحاكم الحسكاني بعدة طرق راجع : شواهد التنزيل ، ج2 ، ص 106 ـ 108.
3- الصواعق المحرقة ، ص 89 ـ 90.
4- اعـيـان الـشيعة ، ج1 ، ص 370 في السابع من دلائل فضل على (عليه السلام ) على سائر الصحابة ونقله الغدير ، ج3 ، ص 297ـ 298.
5- الصواعق المحرقة ، ص 90 و91.
6- الصواعق المحرقة ، ص 90 و91.
7-الكافي الشريف ، ج1 ، ص 190 و191 رقم 1 و5.
8- اخـتـيـار مـعـرفة الرجال لابي عمرو الكشي ، ص 4 رقم 5 والكير : زق او جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه الحداد لا لأنه الحديد.
9- بصائر الدرجات للصفار ، ص 196 رقم 9.
10- عمرو بن عبيد هذا كان من زعماء المعتزلة ومن العلماء الزهاد ، وكان منقطعا الى آل ابواب الـبـيـت مـواليا لهم ، وله معهم مواقف مشرفة قال حفص بن غياث : ما وصف لي احد الا وجدته دون الـصفة ، الا عمرو بن عبيد فوجدته فوق ما وصف لي قال : وما لقيت احدا ازهد منه توفي سنة 142 (تهذيب التهذيب ، ج8 ، ص 70).
11- تفسير فرات الكوفي ، ص 258 رقم 351.
12- الكافي الشريف ، ج1 ، ص 222 رقم 2.
13- بصائر الدرجات ، ص 194 رقم 6.
14- الامـالي ـ للطوسي ، ج2 ، ص 219 واذ كنا نعرف ان السور المكية (86) سورة نعرف ان ابن مسعود قد تعلم القرآن من على (عليه السلام ) في وقت مبكر ، ايام كونهم في مكة قبل الهجرة الى المدينة .
15- تاريخ دمشق ـ ترجمة الامام ـ ، ج3 ، ص 25 ـ 26 رقم 1049.
16- الـمـصـدر رقـم 1051 وراجـع : سـعـد الـسـعود لابن طاووس ، ص 285 والبحار ، ج89 ، ص 105.
17- ابن عساكر رقم 1048.
18- شواهد التنزيل ، ج1 ، ص 105 رقم 146.
19- عن مقدمة تفسيره الذي اسماه (مفاتيح الاسرار ومصابيح الابرار) مخطوط.
20-تفسير القمي ، ج1 ، ص 158 ونقله الطبرسي في المجمع ، ج3 ، ص 137.
21- التفسير الكبير ، ج11 ، ص 104.