1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف النون : سورة النساء :

تفسير الآيات (61-63) من سورة النساء

المؤلف:  اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  .......

10-2-2017

2629


قال تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } [النساء : 61] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير مجمع البيان عن تفسير هذه الآيات (1) :

 

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } : أي المنافقين { تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } في القرآن من الأحكام {وَإِلَى الرَّسُولِ } في حكمه { رَأَيْتَ } يا محمد { الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا } :

أي يعرضون عنك : أي عن المصير إليك إلى غيرك ، إعراضا .

ثم عطف تعالى على ما تقدم بقوله { فَكَيْفَ } صنيع هؤلاء { إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ } : أي نالتهم من الله عقوبة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } : بما كسبت أيديهم من النفاق ، وإظهار السخط لحكم النبي { ثُمَّ جَاءُوكَ } يا محمد { يَحْلِفُونَ } : يقسمون { بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا } : أي ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك إلا التخفيف عنك ، فإنا نحتشمك برفع الصوت في مجلسك ، ونقتصر على من يتوسط لنا برضاء الخصمين ، دون الحكم المورث للضغائن . فقوله : { إِلَّا إِحْسَانًا } : أي إحسانا إلى الخصوم { وَتَوْفِيقًا } بينهم بالتماس التوسعة دون الحمل على مر الحكم . وأراد (بالتوفيق) : الجمع والتأليف . وقيل : { تَوْفِيقًا } : أي طلبا لما يوافق الحق . وقيل : إن المعني بالآية عبد الله بن أبي . والمصيبة : ما أصابه من الذل برجعتهم من غزوة بني المصطلق ، وهي غزوة المريسيع ، حين نزلت سورة المنافقين ، فاضطر إلى الخشوع والاعتذار . وسنذكر ذلك إن شاء الله في سورة المنافقين ، أو مصيبة الموت لما تضرع إلى رسول الله في الإقالة والاستغفار واستوهبه ثوبه ، ليتقي به النار ، يقولون : ما أردنا بالكلام بين الفريقين المتنازعين (2) بني المصطلق ، ذكره الحسين بن علي المغربي .

وفي الآية دلالة على أنه قد تصيب المصيبة بما يكتسبه العبد من الذنوب ، ثم اختلف في ذلك ، فقال أبو علي الجبائي : لا يكون ذلك إلا عقوبة إلا في التائب .

وقال أبو هاشم : يكون ذلك لطفا . وقال القاضي عبد الجبار : قد يكون ذلك لطفا ، وقد يكون جزاء ، وهو موقوف على الدليل .

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الشرك ، والنفاق ، والخيانة ، { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } : أي لا تعاقبهم ، { وَعِظْهُمْ } بلسانك ، { وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } : أي قل لهم : إن أظهرتم ما في قلوبكم من النفاق قتلتم . فهذا هو القول البليغ ، لأنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ ، عن الحسن . وقيل معناه : فأعرض عن قبول الاعتذار منهم ، وعظهم مع ذلك ، وخوفهم بمكاره تنزل بهم في أنفسهم ، إن عادوا لمثل ما فعلوه ، عن أبي علي الجبائي . وفي قوله : { وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } دلالة على فضل البلاغة ، وحث على اعتمادها بأوضح بيان ، لكونها أحد أقسام الحكمة ، لما فيها من بلوغ المعنى الذي يحتاج إلى التفسير باللفظ الوجيز ، مع حسن الترتيب .

_________________________

1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 117-118 .

2. [في غزوة] .

 

                تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } . ألم تر الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بصيغة الاستفهام ، والمراد به التعجب من حال المنافقين الذين أبطنوا الكفر ، وأظهروا الإسلام والإيمان بالكتب السماوية ، ومحل التعجب انهم كذّبوا أنفسهم بأنفسهم ، حيث رفضوا التحاكم عند أهل الحق ، وانصرفوا عنهم إلى أهل الباطل ، مع ان الإسلام يأمرهم بالابتعاد عن الضالين والمبطلين ، ولكن الواقع تغلب على التزييف والتمويه ، وأبطل ما كان يدعون .

قال صاحب مجمع البيان : تخاصم يهودي ومنافق من المسلمين ، فقال اليهودي :

أحاكمك إلى محمد ، لأنه علم ان محمدا ( صلى الله عليه وآله ) لا يقبل الرشوة ، ولا يجوز في الحكم . فقال المنافق : بل بيني وبينك كعب الأشراف - يهودي - لأنه علم ان كعبا يأخذ الرشوة ، ويجور في الحكم .

ورغم علمنا بأن أكثر المفسرين لا يتثبتون في أسباب التنزيل ، وأنهم يتخذون من الحادثة سببا لنزولها ، رغم علمنا هذا فلا نرى مثالا يفسر المعنى المراد من الآية أوضح من هذه الحادثة التي ذكرها صاحب مجمع البيان . . رفض المنافق التحاكم إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنه يكفر به وبدينه ، أما اليهودي فإنه يؤمن باليهودية ، ومع ذلك أبى التحاكم عند يهودي مثله ، وطلب التحاكم إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وهو كافر به وبدينه ، والسر هو المنفعة . . ولا تختص هذه الظاهرة باليهود ، فكل من نال خيرا من دين ، أو مبدأ فلا ينبغي الوثوق به ولا بدينه إلا بعد الابتلاء ، فان كثيرا من الناس يقبضون الألوف ، ويعيشون سعداء ، لا لشيء إلا لثقة الناس بإيمانهم وصلاحهم . وربما كانوا ممن ينطبق عليهم قوله تعالى :

{ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهً عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا والآخِرَةَ} [الحج : 11] .

وقال الإمام علي ( عليه السلام ) : الثناء بعد البلاء . وقال ولده الإمام الحسين ( عليه السلام ) : الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت عليه معايشهم ، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون . وكان الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) يقول في السراء : « الحمد للَّه المنعم المفضل ، ويقول في الضراء : الحمد للَّه على كل حال » .

يشير إلى انه مؤمن باللَّه راض بما قدّر ، حتى في هذه الحال ، تماما كالولد البار ، يبقى على إخلاصه لوالده ، حتى في حال تأديبه له .

قال الإمام علي ( عليه السلام ) : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على ان يبغضني ما أبغضني . وكان حفيده الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) يقول فيما يقول إذا أصابته شدة : يا إلهي أي الحالين أحق بالشكر لك ؟ وأي الوقتين أولى بالحمد لك ؟ أوقت الصحة التي هنأتني فيها ؟ أو وقت العلة التي محصتني بها ؟ . . اللهم اجعل مخرجي من علتي إلى عفوك ، وسلامتي من هذه الشدة إلى فرجك .

{ ويُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً } . هذا دليل صريح على ان الشر من الشيطان ، لا من الرحمن . . وكل فكرة تدفع بك إلى الشر تسمى شيطانا ، قال تعالى : { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ والنَّاسِ } . وفي الحديث :

« إذا قال لك الشيطان : ما أكثر صلاتك ! . . فقل له : غفلتي أكثر . وإذا قال لك : ما أكثر حسناتك ! . . فقل : سيئاتي أكثر . وإذا قال : ما أكثر من ظلمك ! . . فقل : من ظلمته أكثر » . وبديهة ان النفس هي التي تصور لصاحبها انه عابد ومحسن ومظلوم ، ولا ينخدع بأباطيلها هذه إلا جاهل مغرور .

{ وإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً } . لأنهم لا يؤمنون باللَّه ولا برسوله ، ولا بشيء إلا بالعاجل من أين أتى .

{ فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } . وأعظم المصائب كلها على المنافقين أن ينكشف أمرهم ، ويفتضح سرهم أمام الملأ ، حيث يعرفون عند الناس بالخيانة والغدر والكذب والمكر والخداع والجبن والهوان .

{ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وتَوْفِيقاً } . يأتون الرسول خاضعين خانعين يتعللون بالمعاذير ، واللَّه يعلم ، ورسوله يعلم ، والناس يعلمون ان المنافقين لكاذبون ، وانهم يتخذون إيمانهم جنة ووقاية من الخزي والعقوبة .

{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } . أي تجاهل أمرهم ، فلا تقبل منهم عذرا ، لأنهم يستغلون قبولك هذا في أغراضهم ، ولا تعاقبهم ، لأنهم اعتذروا ولو ظاهرا { وعِظْهُمْ وقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً } . كأن يأمرهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بتقوى اللَّه بأسلوب يشعرون معه بأنهم مخطئون ، وان عليهم أن يحاولوا تطهير أنفسهم بالإنابة . . هذا هو مبدأ الإسلام في كل مجرم لا يعاجله بالعقوبة ، ولا يؤيسه من العفو ، بل يستنفد معه جميع الطرق إلى إصلاحه : { اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} [طه : 44] . وقال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : الفقيه ، كل الفقيه من لم يقنّط الناس من رحمة اللَّه ، ولم يؤيسهم من روح اللَّه ، ولم يؤمنهم من مكر اللَّه ، ومصدر هذه الحكمة قوله تعالى : {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر : 53] .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 364-367 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا } إلى آخر الآية ، تعالوا بحسب الأصل أمر من التعالي وهو الارتفاع ، وصد عنه يصد صدودا أي أعرض ، وقوله : { إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ } ، بمنزلة أن يقال : إلى حكم الله ومن يحكم به ، وفي قوله : { يَصُدُّونَ عَنْكَ } ، إنما خص الرسول بالإعراض مع أن الذي دعوا إليه هو الكتاب والرسول معا لا الرسول وحده لأن الأسف إنما هو من فعل الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل الله فهم ليسوا بكافرين حتى يتجاهروا بالإعراض عن كتاب الله بل منافقون بالحقيقة يتظاهرون بالإيمان بما أنزل الله لكنهم يعرضون عن رسوله .

ومن هنا يظهر أن الفرق بين الله ورسوله بتسليم حكم الله والتوقف في حكم الرسول نفاق البتة.

______________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 343 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

نتائج حكم الطّاغوت :

في أعقاب النهي الشديد عن التحاكم إلى الطاغوت وحكام الجور الذي مرّ في الآية السابقة جاءت هذه الآيات الثلاث تدرس نتائج أمثال هذه الأحكام والأقضية ، وما يتمسك به المنافقون لتبرير تحاكمهم إلى الطّواغيت وحكام الجور والباطل.

ففي الآية الأولى يقول سبحانه : {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} .

وفي الحقيقة يقول القرآن في هذه الآية : إنّ التحاكم إلى الطاغوت ليس خطأ عابرا يمكن أن يعالج ببعض التذكير ، بل إنّ الإصرار على هذا العمل يكشف عن ضعف إيمانهم وروح النفاق فيهم ، وإلّا لوجب أن ينتبهوا ويثوبوا إلى رشدهم على دعوة رسول الإسلام صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم لهم ويعترفوا بخطئهم : {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} .

ثمّ في الآية الثّانية يبيّن هذه الحقيقة ، وهي أن هؤلاء المنافقين عند ما يتورطون في مصيبة كنتيجة لمواقفهم وأعمالهم ، ويواجهون طريقا مسدودة يعودون إليك عن اضطرار ويأس : {فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ ...}.

ويحلفون في هذه الحالة أنّ هدفهم من التحاكم إلى الآخرين لم يكن إلّا الإحسان والتوصل إلى الوفاق بين طرفي الدّعوي : {يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً} .

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى نقطتين :

الأولى : أن نرى ما هو المقصود من المصيبة التي تصيبهم ؟

لا يبعد أن تكون المصيبة هي ما ينشأ من مضاعفات ومآسي وويلات من حكم الطواغيت ، لأنّه لا شك في أن الحكم الصادر من الأشخاص غير الصالحين والظالمين وإن كان ينطوي على منفعة آنية لأحد جانبي الدعوى ، ولكن لا يمضي زمان إلّا ويوجب هذا الحكم ظهور الفساد وانتشار الظلم والجور ، وسيادة الهرج والمرج وتبعثر الكيان الاجتماعي ، ولهذا فإنّه سرعان ما تواجه هؤلاء المتحاكمين إلى الطواغيت تبعات ومفاسد عملهم هذا ، وسرعان ما يندمون على فعلهم هذا.

هذا ويحتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من «المصيبة» هو الفضيحة التي تلحق بالمنافقين ، أو المصائب التي تصيبهم بأمر الله سبحانه (كالمآسي والمحن الغير المتوقعة).

النّقطة الثّانية : إنّ مقصود المنافقين من «الإحسان» هل هو الإحسان إلى طرفي الدعوى ، أو إلى النّبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم ؟ يمكن أن يكون مرادهم كلا الأمرين ، فهم تذرعوا بحجج مضحكة لتحاكمهم إلى الطاغوت والرجوع إلى الأجانب ، من جملتها أنّهم كانوا يقولون : إنّ التحاكم إلى الرّسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم لا يناسب شأنه ولا يليق بمقامه ، لأنّ الغالب أن يحصل شجار وصياح في محضر القضاة ومن جانب المتداعيين ، وذلك أمر لا يناسب شأن النّبي ولا يليق بمكانته ومحضره .

هذا مضافا إلى أنّ القضاء ينتهي دائما إلى الإضرار بأحد الطرفين ، ولذلك فهو يثير حفيظته وعداوته ضد القاضي والحاكم ، وكأنّهم بأمثال هذه الحجج الواهية والأعذار الموهونة، كانوا يحاولون تبرئة أنفسهم وتبرير مواقفهم الباطلة ، وادعاء أنّ تحاكمهم إلى غير النّبي كان بهدف التخفيف عن النّبي .

وربّما اعتذروا لذلك قائلين : إنّ هدفنا لم يكن ماديا في الأساس ، بل كان التوصل إلى وفاق بين المتداعيين .

ولكن كشف سبحانه في الآية الثّالثة النقاب عن وجههم ، وأبطل هذه التبريرات الكاذبة وقال : {أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ} .

ولكنّه سبحانه يأمر نبيّه مع ذلك أن ينصرف عن مجازاتهم وعقوبتهم فيقول : {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}.

ولقد كان رسول الله يداري المنافقين ما أمكنه لأجل تظاهرهم بالإسلام ، لأنّه كان مأمورا بالتعامل معهم على حسب ظواهرهم ، فلم يكن يجازيهم إلّا في بعض الموارد الاستثنائية ، لأنّهم كانوا بين صفوف المسلمين ـ في الظاهر ـ فكانت مجازاتهم يمكن أن تحمل على أنها نشأت من أغراض شخصية .

ثمّ إنّه سبحانه يأمر النّبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم أن يعظهم ، وأن ينفذ إلى قلوبهم بالقول البالغ ، والعظة المؤثرة ، يذكرهم بنتائج أعمالهم : {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 185-187 .

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي