الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
العزلة
المؤلف: محمد مهدي النراقي
المصدر: جامع السعادات
الجزء والصفحة: ج3 , ص195-199.
21-9-2016
1891
ان من بلغ مقام الانس ، غلب على قلبه حب الخلوة و العزلة عن الناس , لان المخالطة مع الناس تشغل القلب عن التوجه التام إلى اللّه , فلا بد لنا من بيان ان الأفضل من العزلة و المخالطة ايهما , فان العلماء في ذلك مختلفون , والاخبار أيضا في ذلك مختلفة , و لكل واحد منها أيضا فوائد و مفاسد , فنقول : الظاهر من جماعة : تفضيل العزلة على المخالطة مطلقا والظاهر من الأخرى : عكس ذلك.
نظر الأولين إلى إطلاق ما ورد في مدح العزلة ، و إلى فوائدها و ما ورد في مدحها ، كقول النبي (صلى الله عليه واله): «ان اللّه يحب العبد التقي الخفي»، و قوله (صلى الله عليه واله): «أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه و ماله في سبيل اللّه ، ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب» و قوله (صلى الله عليه واله) لمن سأله عن طريق النجاة : «ليسعك بيتك ، و أمسك عليك دينك و ابك على خطيئتك» ، وقول الصادق (عليه السلام): «فسد الزمان ، و تغير الاخوان ، و صار الانفراد اسكن للفؤاد» ، و قوله (عليه السلام): «اقلل معارفك ، و أنكر من تعرف منهم» و قوله (عليه السّلام) : «صاحب العزلة متحصن بحصن اللّه - تعالى-، و متحرس بحراسته فيا طوبى لمن تفرد به سرا و علانية ! و هو يحتاج إلى عشر خصال : علم الحق و الباطل ، و تحبب الفقر، و اختيار الشدة ، و الزهد ، و اغتنام الخلوة و النظر في العواقب ، و رؤية التقصير في العبادة مع بذل المجهود ، و ترك العجب ، و كثرة الذكر بلا غفلة ، فان الغفلة مصطاد الشيطان و رأس كل بلية و سبب كل حجاب ، و خلوة البيت عما لا يحتاج إليه في الوقت , قال عيسى بن مريم (عليهما السّلام) : (اخزن لسانك لعمارة قلبك و ليسعك بينك ، و احذر من الرياء و فضول معاشك ، و استح من ربك ، و ابك على خطيئتك و فرّ من الناس فرارك من الأسد و الافعى ، فانهم كانوا دواء فصاروا اليوم داء ، ثم الق اللّه متى شئت)» , قال ربيع بن خثيم : «إن استطعت أن تكون اليوم في موضع لا تعرف و لا تعرف فافعل ، ففي العزلة صيانة الجوارح ، و فراغ القلب ، و سلامة العيش ، و كسر سلاح الشيطان ، و المجانبة من كل سوء ، و راحة القلب ، و ما من نبي و لا وصي إلا و اختار العزلة في زمانه ، إما في ابتدائه ، و إما في انتهائه» .
وأما فوائد العزلة ، فكالفراغ للعبادة ، و الذكر، و الفكر، و الاستيناس بمناجاة اللّه ، و الاشتغال باستكشاف أسرار اللّه في ملكوت السماوات و الأرض ، و التخلص عن المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبا بالمخالطة : كالغيبة ، و الرياء ، و سائر آفات اللسان ، و مسارقة الطبع الأعمال الخفية و الأخلاق الردية من الناس ، و المداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و الاستخلاص من الفتن و الخصومات و اخطارها ، أو من شر الناس و ايذائهم قولا و فعلا ، و قطع طمعه عن الناس ، و قطع طمعهم عنه ، و الخلاص من مشاهدة الظلمة ، و الفسقة ، و الجهال ، و الثقلاء ، و الحمقى ، و مقاساة أخلاقهم.
ونظر الآخرين - اعني القائلين بتفضيل المخالطة على العزلة الى إطلاق الظواهر الواردة في مدح المخالطة و المؤالفة و المؤانسة و إلى فوائدها ، أما ما ورد في مدحها ، كقول النبي (صلى الله عليه واله) : «المؤمن إلف مألوف ، و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف» ، و قوله (صلى الله عليه واله): «من فارق الجماعة مات ميتة الجاهلية» و كالاخبار الواردة في ذم الهجرة عن الاخوان ، و قوله (صلى الله عليه واله): «إياكم و الشعاب ، و عليكم بالعامة و الجماعة و المساجد».
و أما فوائد المخالطة : كالتعليم ، و التعلم ، و كسب الأخلاق الفاضلة من مجالسة المتصفين بها و استماع المواعظ و النصائح ، و نيل الثواب بحضور الجمعة و الجماعة و الجنازة ، و عيادة المرضى ، و زيارة الاخوان ، و قضاء حوائج المحتاجين ، و رفع الظلم عن المظلومين ، و إدخال السرور على المؤمنين ، و الاستيناس بالاخوان، و بأهل الورع و العبادة و التقوى ، و هو يروح القلب ، و يهيج داعية النشاط في العبادة ، و إيصال النفع إلى المسلمين بالمال و الجاه واللسان ، و استفادة مزيد الأجر و الثواب بتحصيل المعاش و الكد على العيال ، وارتياض النفس بمقاساة الناس في تحمل أذاهم ، و كسر النفس و شهواتها ، و ادراك صفة التواضع لتوقفه على معاشرة الناس و مخالطتهم و عدم حصوله في الوحدة ، و استفادة التجارب و الكياسة في مصالح الدنيا و الدين ، فانها لا تحصل إلا من مخالطة الخلق و مشاهدة مجاري أحوالهم.
هذه هي فوائد كل من العزلة و المخالطة ، و فوائد كل منهما مفاسد و غوائل للآخر، و أنت بعد ما عرفت فوائد كل منهما و غوائله تعلم أن الحكم بترجيح أحدهما على الآخر على الإطلاق خطأ ، كيف يجوز أن يقال : ان العزلة أفضل لشخص جاهل لم يتعلم شيئا من اصوله و فروعه ولم يقرع سمعه علم الأخلاق ، و لم يميز بين فضائل الصفات و رذائلها ، فضلا عن أن تحصل له التخلية و التحلية ، و مع ذلك يمكن أن يحصل ذلك بالمخالطة مع العلماء و أولى الأخلاق الفاضلة؟ و كيف يجوز أن يقال : إن المخالطة أفضل لمن حصل ما في و سعه و قدرته من العلم و العمل ، و وصل إلى مرتبة الابتهاج و الالتذاذ بالطاعات و المناجاة ، و لم يترتب على مخالطته مع الناس شيء من الفوائد الدينية و الدنيوية ، بل تترتب عليه المفاسد الكثيرة؟.
فالصحيح أن يقال : إن الأفضلية فيهما تختلف بالنظر إلى الأشخاص و الأحوال و الأزمان و الأمكنة , فينبغي أن ينظر إلى كل شخص و حاله ، و إلى خليطه ، و إلى باعث مخالطته ، و إلى ما يحصل بمخالطته من فوائد المخالطة ، و ما يفوت لاجلها من فوائد العزلة , و يوازن بين ذلك ، حتى يظهر الأفضل و الارجح ، و لاختلاف ذلك في حق الأشخاص ، بملاحظة الأحوال والفوائد و الآفات , و ربما يظهر- بعد التأمل- أن الأفضل لبعض الخلق العزلة التامة ، و لبعضهم المخالطة ، و لبعضهم الاعتدال في العزلة و المخالطة , و بما ذكر يظهر أن الأفضل لمن بلغ مقام الانس و الاستغراق : الخلوة و العزلة ، إذ لا ريب في أن المخالطة توجب السقوط عن مرتبة الشهود و الانس ، و لا يتصور من فوائدها شيء يقاوم ذلك , و لذلك كان المحبون المستأنسون باللّه يعتزلون عن الخلق و يؤثرون الخلوة , قال أويس القرني : «ما كنت أرى أحدا يعرف ربه فيأنس بغيره» ، و قال بعضهم : «إذا رأيت الصبح أدركني استرجعت كراهية لقاء الناس» , وقال بعضهم : «سرور المؤمن و لذته في الخلوة بمناجاة ربه» , وقال بعض الصالحين : «رأيت في بعض البلاد عابدا خرج من بعض قلل الجبال ، فلما رآني تنحى عني و تستر بشجرة , فقلت له : سبحان اللّه! أ تبخل علي بالنظر إليك؟ , فقال : يا هذا! اني قمت في هذا الجبل دهرا طويلا اعالج قلبي في الصبر عن الدنيا و أهلها ، فطال في ذلك تعبى و فنى فيه عمري ، فسألت اللّه - تعالى- أن يعطيني ذلك. فسكن قلبي عن الاضطراب ، و ألف الوحدة و الانفراد , فلما نظرت اليك خفت ان اوقع في الأول , فاني أعوذ من شرك برب العالمين و حبيب القانتين , ثم صاح و قال : واغماه من طول المكث في الدنيا! ثم حول وجهه عني و قال : سبحان من أذاق قلوب العارفين من لذة الخلود و حلاوة الانقطاع إليه! ما ألهى قلوبهم عن ذكر الجنان و عن الحور الحسان» , و قال بعض الأكابر : «إنما يستوحش الإنسان من نفسه لخلو ذاته عن الفضيلة , فبملاقاة الناس و مخالطتهم يفرح و يطرد الوحشة من نفسه.
فإذا كانت ذاته فاضلة طلب الوحدة ليستعين بها على الفكرة و يستخرج العلم و الحكمة» , و من هنا قيل : «الاستيناس بالناس من علامات الا فلاس».
فمن تيسر له منزلة بدوام الذكر و الانس باللّه و بدوام الفكر و التحقيق في معرفة اللّه ، فالتجرد والخلوة أفضل له من كل ما يتعلق بالمخالطة , فان غاية العبادات و ثمرة المجاهدات أن يموت الإنسان محبا للّه عارفا باللّه ، و لا محبة إلا بالأنس الحاصل بدوام الذكر، و لا معرفة إلا بدوام الفكر , و فراغ القلب شرط لكل منهما ، و لا فراغ مع المخالطة.
فان قلت : لا منافاة بين المخالطة مع الناس و الانس باللّه ، و لذا كان الأنبياء مخالطين للناس مع غاية استغراقهم في الشهود و الانس.
قلنا : لا يتسع للجمع بين مخالطة الخلق ظاهرا و الإقبال التام على اللّه سرا إلا قوة النبوة , فلا ينبغي أن يغتر كل ضعيف بنفسه فيطمع في ذلك , ثم بما ذكرناه يظهر وجه الجمع بين الاخبار الواردة من الطرفين.
فان ما ورد في فضيلة العزلة إنما هو بالنظر إلى بعض الناس ، و ما ورد في فضيلة المخالطة انما هو بالنظر إلى بعض آخر.