الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الرسول الأعظم والحسن (عليه السلام)
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة: ج2،ص88ـ90
25-7-2016
2044
يتجلى مدى اهتمام الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) بتكريم أولاده من الرواية التالية. يقول الراوي: (دُعي النبي (صلى الله عليه واله) إلى صلاة والحسن متعلق به ، فوضعه النبي (صلى الله عليه واله) مقابل جنبه وصلى. فلما سجد أطال السجود، فرفعت رأسي من بين القوم فإذا الحسن على كتف رسول الله (صلى الله عليه واله)، فلما سلم قال له القوم : يا رسول، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها، كأنما يوحى إليك. فقال : لم يوح إلي، ولكن ابني كان على كتفي، فكرهت أن اعجله حتى نزل)(1).
هذا العمل من النبي (صلى الله عليه واله)تجاه ولد صغير أمام ملأ من الناس نموذج بارز من سلوكه في تكريم الطفل. ان الرسول (صلى الله عليه واله)عمل أقصى ما يمكن من احترام الطفل في سجدته، وأرشد الناس ـ ضمناً ـ الى كيفية إحياء الشخصية والاستقلال عند الطفل.
لقد كان أطفال الناس أيضاً يحوزون احتراماً وتكريماً من قائد الإسلام العظيم، وكان يبذل لهم من العناية بمشاعرهم الروحية وعواطفهم ما يبذله لأولاده. فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : (صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالناس الظهر فخفف في الركعتين الأخيرتين. فلما انصرف قال له الناس : هل حدث في الصلاة حدثٌ؟ قال : وما ذاك قالوا : خفّفت في الركعتين الأخيرتين. فقال لهم : أما سمعتم صراخ الصبي؟!)(2).
وهكذا نجد النبي العظيم يطيل في سجدته تكريماً للطفل تارة، ويخفّف في صلاته تكريماً للطفل أيضاً تارة أخرى، وهو في كلتا الصورتين يريد التأكيد في احترام شخصية الصبي وتعليم المسلمين طريق ذلك.
ومثل هذا نجده في الحديث الآتي : (عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه كان جالساً، فأقبل الحسن والحسين (عليهم السلام). فلما رآهما النبي قام لهما، واستبطأ بلوغهما إليه، فاستقبلهما وحملهما على كتفيه، وقال : نعم المطيّ مطيّكما، ونعم الراكبان انتما) (3).
في هذا الحديث نجد أن النبي (صلى الله عليه واله)يكرم سبطيه بشتى الصور : يقوم لهما، وينتظرهما، ويستقبلهما، ويجلسهما على كتفيه، هذا من الناحية العملية، وأما قولا فهو يقول في حقهما: نعم الراكبان أنتما. إن ما يجلب الانتباه هو أن المسلمين في الغالب، ولهذا الأمر فائدتان: الأولى ان جذور شخصية السبطين كانت تقوى وتستحكم بفضل احترام النبي لهما أمام الناس، والثانية أن الرسول (صلى الله عليه واله) كان يعلم الناس طريق تربية الأطفال بصورة تطبيقية. لقد كان أطفال المسلمين أيضاً متمتعين بهذا الاحترام والعطف من النبي أيضاً.
(كان (صلى الله عليه واله) يقدم من السفر، فيتلقاه الصبيان فيقف لهم، ثم يأمر بهم فيرفعون إليه فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه، ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم. فربما يتفاخر الصبيان بعد ذلك، فيقول بعضهم لبعض: حملني رسول الله (صلى الله عليه واله) بين يديه، وحملك أنت وراءه، ويقول بعضهم: أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم) (4).
مما سبق يظهر جالياً أن الأطفال كانوا يتمتعون بهذه المناظرة السارة، وكانوا يفرحون كثيراً لهذا السلوك الممتاز فلا ينسون تلك الخواطر الطيبة، بل كانوا يتحدثون عنها فيما بعد ويتفاخرون بتقدم رتبة بعضهم على بعض بمقدار تكريم النبي لهم. يقولون: إن الأطفال يستأثرون باهتمام العصر الحاضر، وان تربيتهم تشغل مجالا واسعاً من تفكير الحكومة والشعب. فهل يمكن أن يبلغ اهتمامهم بالأطفال، الدرجة التي بلغها اهتمام الرسول الأعظم بهم وتكريمه لهم؟!.
يقولون : ان الزعماء والقادة في الدولة المتمدنة يزورون رياض الأطفال ودور الأيتام ويقضون ساعة أو ساعتين مع الأطفال، فيحتضنونهم ويلتقطون الصور معهم ثم ينشرونها في الصحف ويكتبون المقالات المطولة حول ذلك ومن هذا الطريق يفهمون الرأي العام بمدى عطفهم واحترامهم تجاه الأطفال ولكن أي قائد يفعل ما كان يفعله الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) تجاه الاطفال من استقبالهم على أتم البساطة والعطف في الطرق والشوارع وحملهم على كتفه؟! .
وبصورة أساسية فإن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) كان يعامل جميع الأطفال سواء كانوا أبناءه أو أبناء غيره بالشفقة والعطف والحنان. وقد جاء في الحديث: (والتلطف بالصبيان من عادة الرسول)(5).
______________
1ـ بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج10،ص82.
2ـ الكافي لثقة الإسلام الكليني ج6،ص48.
3ـ بحار الأنوار للعلامة المجلسي ح10،ص80.
4ـ المحجة البيضاء في إحياء الإحياء للفيض الكاشاني ج3،ص366.
5ـ المصدر السابق.