1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الآباء والأمهات :

اللحظات الحاسمة

المؤلف:  محمد تقي فلسفي

المصدر:  الطفل بين الوراثة والتربية

الجزء والصفحة:  .....

17-6-2016

2215

 طفل حديث عهد بالحركة، يلعب بمحضر والديه في الغرفة، وبيده كرة صغيرة، يرميها كذلك، ويكرر هذا العمل.. في إحدى المرات تصل الكرة الى جانب الجدار ويأتي الطفل منحنياً ليرفعها فترتطم جبهته بالجدار.. إن هذه الصدفة تعتبر للطفل جديدة ولا يعلم ما ينبغي أن يكون موقفه منها. هل يبكي أو يضحك أو يسكت؟! فهو متحير... ينظر إلى أبويه كي يطلع على مدى تأثير هذه الصدفة فيهم، وعند ذاك يظهر ردّ الفعل المناسب تجاهها. ليس للطفل رأي في الموضوع، بل إنه يفعل ما فعله والداه، فإن ضحكا يضحك، وإن تألما يبكي، وإن سكتا يسكت ويستمر في لعبه.

إن هذه اللحظة ولحظات أخر مثلها شديدة التأثير في الطفل من الوجهة التربوية ، فإن سلوك الوالدين السيء تجاه مواقف كهذا يترك أثراً سيئاً في نفسية الطفل.

إن الآباء والأمهات الواعين لا ينظرون في هذه الأحيان إلى الطفل أصلاً ، ولا يعتنون بتوقعه العطف والحنان منهما، ولا يعتبرون هذه الصدفة شيئاً، وبذلك كله يفهمون الطفل عملياً أن الارتطام بالجدار، والسقوط على الأرض، وما يشبه ذلك حوادث اعتيادية في حياة الإنسان.

أما الآباء والأمهات الواعين لا يظهرون أي رد فعل للحادثة، ولكنهم يستفيدون من تلك الفرصة فينصحون الطفل قائلين له : عندما تقترب من الجدار أو العمود، تأخر قليلاً حتى لا ترتطم جبهتك بالحائط عندما تنحني.

أما الآباء والأمهات الغافلون فإنهم يظهرون في مثل هذه الحوادث حناناً مفرطاً، فيضمون الطفل الى صدورهم ويقبلونه، ويمسحون بأيديهم على جبهته أو ما تألم من أعضائه، ويظهرون التأثر والتألم لما حدث للطفل وربما يضربون الأرض أو الجدار ترضيه للطفل، فيبدي رد الفعل أمام كثرة ما يلاقيه من حب وحنان، ويرفع صوته بالبكاء والعويل، ويسكب الدموع، ويرى نفسه أهلاً للحنان بالنسبة لما حدث له... وعندما تتكرر محبة الوالدين الفارغة في حوادث أخر مشابهة لهذه الحادثة، تتولد جذور الصفة الرذيلة (الإعجاب بالنفس) في ضمير الطفل تدريجياً، ويكبر الطفل على الدلال، ويتوقع الحنان والمحبة لكل حدث حقير يقابله.

ينشأ الطفل مع هذا التوقع الخاطئ ، ويترك مرحلة الطفولة منتقلا الى المراحل الأخرى من حياته، ويقابل في المجتمع آلاماً كبيرة فلا يتحبب اليه أحد خلافاً لما كان يتوقعه... حينذاك يتألم، ويحس في نفسه بالدناءة ويصاب بعقدة الحقارة، فيقضي حياته كلها بالتعاسة والشقاء.

إن محبة الوالدين التافهة هي التي أدت الى هذا المصير... فشرّ الآباء من دعاه البر الى الإفراط.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي