تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تحليل آية (بسم الله الرحمن الرحيم)
المؤلف: السيد ابو القاسم الخوئي
المصدر: البيان في تفسير القران
الجزء والصفحة: ص 426 -435.
17-10-2014
4170
اللغة
الله :
علم للذات المقدسة ، وقد عرفها العرب به حتى في الجاهلية ، قال لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ******** وكل نعيم لا محالة زائل
وقال سبحانه : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان : 25] .
ومن توهم أنه اسم جنس فقد أخطأ ، ودليلنا على ذلك أمور :
الاول : التبادر ، فإن لفظ الجلالة ينصرف بلا قرينة إلى الذات المقدسة ، ولا يشك في ذلك أحد ، وبإصالة عدم النقل يثبت أنه كذلك في اللغة ، وقد حققت حجيتها في علم الاصول.
الثاني : ان لفظ الجلالة ـ بما له من المعنى ـ لا يستعمل وصفا ، فلا يقال : العالم الله ، الخالق الله ، على أن يراد بذلك توصيف العالم والخالق بصفة هي كونه الله وهذه آية كون لفظ الجلالة جامدا ، وإذا كان جامدا كان علما لا محالة ، فإن الذاهب إلى أنه اسم جنس فسره بالمعنى الاشتقاقي.
الثالث : أن لفظ الجلالة لو لم يكن علما لما كانت كلمة لا إله إلا الله كلمة توحيد ، فإنها لا تدل على التوحيد بنفسها حينئذ ، كما لا يدل عليه قول : لا إله إلا الرازق ، أو الخالق ، أو غيرهما من الالفاظ التي تطلق على الله سبحانه ، ولذلك لا يقبل إسلام من قال إحدى هذه الكلمات.
الرابع : أن حكمة الوضع تقتضي وضع لفظ للذات المقدسة ، كما تقتضي الوضع بإزاء سائر المفاهيم ، وليس في لغة العرب لفظ موضوع لها غير لفظ الجلالة ، فيتعين أن يكون هو اللفظ الموضوع لها.
إن قلت :
إن وضع لفظ لمعنى يتوقف على تصور كل منهما ، وذات الله سبحانه يستحيل تصورها ، لاستحالة إحاطة الممكن بالواجب ، فيمتنع وضع لفظ لها ، ولو قلنا بأن الواضع هو الله ـ وأنه لا يستحيل عليه أن يضع إسما لذاته لأنه محيط بها ـ لما كانت لهذا الوضع فائدة لاستحالة أن يستعمله المخلوق في معناه فإن الاستعمال أيضا يتوقف على تصور المعنى كالوضع ، على أن هذا القول باطل في نفسه.
قلت :
وضع اللفظ بإزاء المعنى يتوقف على تصوره في الجملة ، ولو بالإشارة إليه ، وهذا أمر ممكن في الواجب وغيره ، والمستحيل هو تصور الواجب بكنهه وحقيقته ، وهذا لا يعتبر في الوضع ولا في الاستعمال ، ولو اعتبر ذلك لامتنع الوضع والاستعمال في الموجودات الممكنة التي لا تمكن الاحاطة بكنهها : كالروح والملك والجن ، ومما لا يرتاب فيه أحد أنه يصح استعمال اسم الاشارة أو الضمير ويقصد به الذات المقدسة ، فكذلك يمكن قصدها من اللفظ الموضوع لها ، وبما أن الذات المقدسة مستجمعة لجميع صفات الكمال ، ولم يلحظ فيها ـ في مرحلة الوضع ـ جهة من كمالاتها دون جهة صح أن يقال : لفظ الجلالة موضوع للذات المستجمعة لجميع صفات الكمال.
إن قلت :
إن كلمة الله لو كانت علما شخصيا لم يستقم معنى قوله عز اسمه :
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام : 3] .
وذلك لأنها لو كانت علما لكانت الآية قد أثبتت له المكان وهو محال ، فلا مناص من أن يكون معناه المعبود ، فيكون معنى الآية : وهو المعبود في السماوات والارضين.
قلت :
المراد بالآية المباركة أنه تعالى لا يخلو منه مكان ، وأنه محيط بما في السماوات وما في الارض ، ولا تخفى عليه منها خافية ، ويشهد لهذا قوله تعالى في آخر الآية الكريمة :
{ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام : 3] .
وقد روى أبو جعفر وهو محمد بن نعمان في ظن الصدوق قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل :
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام : 3] .
قال (عليه السلام) : كذلك هو في كل مكان ، قلت : بذاته؟ قال : ويحك إن الاماكن أقدار ، فإذا قلت في مكان بذاته لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه محيط بما خلق : علما وقدرة وإحاطة وسلطانا ... (1).
والالف واللام : من كلمة الجلالة وإن كانت جزء منها على العلمية ، إلا أن الهمزة فيها همزة وصل تسقط في الدرج ، إلا إذا وقعت بعد حرف النداء ، فتقول يا الله بإثبات الهمزة وهذا مما اختص به لفظ الجلالة ، ولم يوجد نظيره في كلام العرب قط ، ولا مضايقة في كون كلمة الجلالة من المنقول ، وعليه فالأظهر أنه مأخوذ من كلمة لاه بمعنى الاحتجاب والارتفاع ، فهو مصدر مبني للفاعل ، لأنه سبحانه هو المرتفع حقيقة الارتفاع التي لا يشوبها انخفاض ، وهو ـ في غاية ظهوره بآثاره وآياته ـ محتجب عن خلقه بذاته ، فلا تدركه الابصار ولا تصل إلى كنهه الافكار :
فيك يا أعجوبة الكو ن غدا الفكر كليلا
أنت حيرت ذوي اللبَّ وبلبلت العقولا
كلما أقدم فكري فيك شبرا فر ميلا
ناكصا يخبط في عشواء لا يهدي السبيلا
ولا موجب للقول باشتقاقه من أله بمعنى عبد ، أو أله بمعنى تحير ليكون الاله مصدرا بمعنى المفعول ـ ككتاب ـ فانه التزام بما لا يلزم.
الرحمن :
مأخوذ من الرحمة ، ومعناها معروف ، وهي ضد القسوة والشدة. قال الله تعالى :
{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح : 29]. {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة : 98] .
وهي من الصفات الفعلية ، وليست رقة القلب مأخوذة في مفهومها ، بل هي من لوازمها في البشر. فالرحمة ـ دون تجرد عن معناها الحقيقي ـ من صفات الله الفعلية كالخلق والرزق ، يوجدها حيث يشاء. قال عز وجل :
{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} [الإسراء : 54]. {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} [العنكبوت : 21] .
حسب ما تقتضيه حكمته البالغة. وقد ورد في الآيات طلب الرحمة من الله سبحانه :
{وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } [المؤمنون : 118] .
وقال غير واحد من المفسرين وبعض اللغويين : إن صيغة الرحمن مبالغة في الرحمة ، وهو كذلك في خصوص هذه الكلمة ، سواء أكانت هيئة فعلان مستعملة في المبالغة أم لم تكن ، فان كلمة الرحمن في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلق ، فيستفاد منها العموم وأن رحمته وسعت كل شيء. ومما يدلنا على ذلك أنه لا يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحمن ، كما يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحيم.
وكلمة الرحمن بمنزلة اللقب من الله سبحانه ، فلا تطلق على غيره تعالى ، ومن أجل ذلك استعملت في كثير من الآيات الكريمة من دون لحاظ مادتها قال سبحانه :
{ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ} [يس : 15]. {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ} [يس : 23]. {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } [يس : 52]. {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ } [الملك : 3] .
ومما يقرب اختصاص هذا اللفظ به قوله تعالى :
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } [مريم : 65] .
فان الملحوظ أن الله تعالى قد اعتنى بكلمة الرحمن في هذه السورة مريم حتى كررها فيها ست عشرة مرة. وهذا يقرب أن المراد بالآية الكريمة أنه ليس لله سمي بتلك الكلمة.
الرحيم :
صفة مشبهة ، أو صيغة مبالغة. ومن خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل غالبا في الغرائز واللوازم غير المنفكة عن الذات : كالعليم والقدير والشريف ، والوضيع والسخي والبخيل والعلي والدني. فالفارق بين الصفتين : أن الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات وعدم انفكاكها عنها ، والرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط. ومما يدل على أن الرحمة في كلمة رحيم غريزة وسجية : أن هذه الكلمة لم ترد في القرآن عند ذكر متعلقها إلا متعدية بالباء ، فقد قال تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } [البقرة : 143]. {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } [الأحزاب : 43] .
فكأنها عند ذكر متعلقها انسلخت عن التعدية إلى اللزوم. وذهب الآلوسي إلى أن الكلمتين ليستا من الصفات المشبهة ، بقرينة إضافتهما إلى المفعول في جملة : رحمن الدنيا والآخرة وحريمهما. والصفة المشبهة لا بد من أن تؤخذ من اللازم (2).
وهذا الاستدلال غريب ، لان الاضافة في الجملة المذكورة ليست من الاضافة إلى المفعول بل هي من الاضافة إلى المكان أو الزمان. ولا يفرق فيها بين اللازم والمتعدي.
ثم إنه قد ورد في بعض الروايات : أن الرحمن اسم خاص ومعناه عام وأما لفظ الرحيم فهو اسم عام ، ومعناه خاص ومختص بالآخرة أو بالمؤمنين (3) إلا أنه لا مناص من تأويل هذه الروايات أو طرحها ، لمخالفتها الكتاب العزيز ، فانه قد استعمل فيه لفظ الرحيم من غير اختصاص بالمؤمنين أو بالآخرة ففي الكتاب العزيز :
{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [إبراهيم : 36]. {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر : 49]. { إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج : 65]. {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [الإسراء : 66]. {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب : 24] .
إلى غير ذلك من الآيات الكريمة ، وفي بعض الادعية والروايات : رحمن الدنيا الآخرة ورحيمهما (4).
ويمكن أن يوجه هذا الاختصاص بأن الرحمة الالهية إذا لم تنته إلى الرحمة في الآخرة ، فكأنها لم تكن رحمة (5). وما جدوى رحمة تكون عاقبتها العذاب والخسران؟ فإن الرحمة الزائلة تندك أمام العذاب الدائم لا محالة ، وبلحاظ ذلك صح أن يقال : الرحمة مختصة بالمؤمنين أو بالآخرة.
الإعراب
ذهب بعضهم إلى أن متعلق الجار والمجرور هو أقرأ ، أو إقرأ ، أو أقول ، أو قل ، وقال بعض : متعلقه أستعين ، أو استعن ، وذهب آخرون إلى تعلقه بأبتدئ ، والوجهان الاولان باطلان :
أما الوجه الاول : فلان مفعول القراءة أو القول ـ هنا ـ يجب أن يكون هي الجملة بما لها من المعنى ، فلا مناص من تقدير كلمة أخرى ، لتكون الجملة بما لها من المتعلق مقولا للقول.
وأما الوجه الثاني : فلان الاستعانة تستحيل أن تكون من الله تعالى ، لغناه عن الاستعانة حتى بأسمائه الكريمة ، والاستعانة من الخلق إنما تكون بالله لا بأسمائه وقد نص تعالى على ذلك بقوله : « إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » فتعين أن يكون متعلق الجار والمجرور هو أبتدئ ، وإضافة الاسم إلى الله ليست بيانية ، ليكون المراد من قوله : « الله الرحمن الرحيم » ألفاظها فإنه بعيد جدا ، ويضاف إلى ذلك : أنه لو كان المراد نفس هذه الالفاظ فإن أريد مجموعها ، فهو ليس من الاسماء الالهية ، وإن أريد كل على انفراده ، احتيج إلى العاطف ، فتكون الجملة هكذا : « بسم الله الرحمن الرحيم » إذا فالإضافة معنوية لا محالة ، وكلمة الله مستعملة في معناها.
التفسير
لما كانت سور القرآن قد أنزلت لسوق البشر إلى كماله الممكن ، وإخراجه من ظلمات الشرك والجهالة إلى نور المعرفة والتوحيد ، ناسب أن يبدأ في كل سورة باسمه الكريم ، فإنه الكاشف عن ذاته المقدسة ، والقرآن إنما انزل ليعرف به الله سبحانه ، واستثنيت من ذلك سورة براءة ، فإنها بدأت بالبراءة من المشركين ولهذا الغرض انزلت ، فلا يناسبها ذكر اسم الله ولا سيما مع توصيفه بالرحمن الرحيم (6).
وعلى الجملة : ابتدأ الله كتابه التدويني بذكر اسمه ، كما ابتدأ في كتابه التكويني باسمه الاتم ، فخلق الحقيقة المحمدية ونور النبي الاكرم قبل سائر المخلوقين ، وإيضاح هذا المعنى : أن الاسم هو ما دل على الذات ، وبهذا الاعتبار تنقسم الاسماء الالهية إلى قسمين : تكوينية ، وجعلية. فالأسماء الجعلية هي الالفاظ التي وضعت للدلالة على الذات المقدسة ، أو على صفة من صفاتها الجمالية والجلالية ، والاسماء التكوينية هي الممكنات الدالة بوجودها على وجود خالقها وعلى توحيده :
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور : 35]. {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء : 22] .
ففي كل شيء دلالة على وجود خالقه وتوحيده ، وكما تختلف الاسماء الالهية اللفظية من حيث دلالتها ، فيدل بعضها على نفس الذات بما لها من صفات الكمال ، ويدل بعضها على جهة خاصة من كمالاتها على اختلاف في العظمة والرفعة فكذلك تختلف الاسماء التكوينية من هذه الجهة ، وإن اشترك جميعها في الكشف عن الوجود والتوحيد ، وعن العلم والقدرة وعن سائر الصفات الكمالية.
ومنشأ اختلافها : أن الموجود إذا كان أتم كانت دلالته أقوى ، ومن هنا صح إطلاق الاسماء الحسنى على الائمة الهداة ، كما في بعض الروايات (7). فالواجب جل وعلا قد ابتدأ في أكمل كتاب من كتبه التدوينية بأشرف الالفاظ وأقربها إلى اسمه الاعظم من ناظر العين إلى بياضها (8) كما بدأ في كتابه التكويني باسمه الاعظم في عالم الوجود العيني (9) ، وفي ذلك تعليم البشر بأن يبتدئوا في أقوالهم وأفعالهم باسمه تعالى.
روي عن النبي 6 أنه قال : كل كلام أو أمر ذي بال لم يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر ، أو قاطع أقطع (10) ، وعن أمير المؤمنين 7 عن رسول الله 6 عن الله عز وجل : كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر (11).
___________________
1 ـ تفسير البرهان ج 1 ص 315.
2 ـ تفسير الآلوسي ج 1 ص 59.
3 ـ تفسير الطبري ج 1 ص 43 ، وتفسير البرهان ج 1 ص 28.
4 ـ الصحيفة السجادية في دعائه (ع) في استكشاف الهموم ، ومستدرك الحاكم ج 1 ص 155.
5 ـ اشير إلى ذلك في بعض الادعية المأثورة.
6 ـ روى ابن عباس قال سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال : لأنها أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان ، المستدرك ج 2 ص 33.
7 ـ الكافي باب النوادر من أبواب التوحيد ص 70 ، والوافي ج 1 ص 109 ، وتفسير البرهان ج 1 ص 377.
8 ـ الوافي باب قراءة البسملة والجهر بها ج 5 ص 99 ، والتهذيب ج 1 ص 218 باب .
9 ـ انظر التعليقة رقم (12) لمعرفة كتابه التكويني بماذا بدأه به ـ في قسم التعليقات.
10 ـ مسند أحمد ج 2 ص 359.
11 ـ البحار ج 16 باب 58 الافتتاح بالتسمية ، و ج 19 ص 60.