الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
توعية الطفل
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: تربية الأطفال واليافعين وإعادة تأهيلهم
الجزء والصفحة: ص167ـ172
18-1-2016
3302
إن الجهل طوق محكم في مقابل الفهم الجيد وسد منيع بوجه التصرفات الطبيعية للناس.
إن كثيراً من التصرفات غير الطبيعية الصادرة من الأشخاص إنما مردها الى جهله بكونها قبيحة أو ان ذهنه لا يستوعبها.. من هذا المنطلق صارت توعية الشخص بالمبادئ والاصول الصحيحة لحياته عملاً مفيداً ومن الممكن ان يضع حداً للعيوب الى حد كبير.
في عالم التربية، يستلزم ان لا يكون الوالدان مجرد اسوة حسنة لأولادهما فحسب بل عليهما السعي دوماً وفي مختلف مراحل الحياة الى توعيتهم وإرشادهم الى طريق السعادة معتبرين ذلك جزءاً من واجباتهما.
ـ دور وضرورة الإيضاحات :
من الضرورة بمكان تذكير الوالدين بأن يقوما ولو لمرة واحدة بتعريف أطفالهما واجباتهم بدل المغالاة في الحنان والمحبة غير الواعية والبعيدة عن المعقول ذلك ان الوعي وسيلة جيدة في عملية التربية والإصلاح بل لا يمكن تحقيق نتائج مثمرة بدونها.
لقد انتقل الإنسان من عالم الى عالم آخر لا يعرف شيئاً من أسراره حين دخله ومن الطبيعي جداً أن الأطفال لا يعرفون ماذا يفعلون بل حتى متى وكيف يلعبون أو ماذا يصح لهم لمسه وما الشيء الذي لا يصح لهم اللعب به.
ما أكثر التصرفات غير الصحيحة التي تصحح بتوضيح بسيط أو ما أكثر الحالات التي نجا فيها المرء من مستنقع الحياة بفضل امتلاكه لمعلومات حتى البسيطة منها. إن الوالدين يمكنهما تحفيز الطفل على اداء واجبه عن طيب خاطر والتغلب على مشاعر الغضب فيه وذلك عبر التوضيح والكلام المعسول المملوء بالمحبة والخير.
ـ فائدة الوعي بالنسبة للطفل :
يتعين على المرء أن يميز بين الجيد والرديء وبين الحسن والقبيح حتى يستطيع السير على خطى العدالة ويمتثل لصوت العدل، ويكون تصرفه نابعاً عن وعي وطبق ضوابط محددة.
إننا نستطيع التغلب على بعض مشاكل الحياة من خلال رفع مستوى الوعي والتفكير لدى الطفل وإنقاذه من مطبات مختلفة تعترض طريقه، فهو يمتنع عن أذية الآخرين ويكف عن تهشيم الأشياء والمشاغبة إذا ما عرف انها افعال غير صحيحة.
وفي كل الاحوال فإن المرء ليشعر بالخجل إذا ما ارتكب القبيح وهو يعلم انه قبيح وربما ينثني عن الرجوع إليه ثانية بمجرد ان يجري تذكيره، ومن هنا تتضح أيضاً أهمية توعية الطفل.
ثم إن الوعي مبعث اعتزاز الشخص وفخره وهو يدفعه للتفكير بأنه ليس من شأنه ارتكاب الفعل القبيح والمذموم وبعبارة أخرى تكون أذية الآخرين عملاً يهدد شخصيته ويمس كرامته وأن الناس لا يتوقعون منه صدور هذا الفعل و.. من أجل هذا يبادر الى تركه.
ـ مساحة الوعي :
يرتبط مقدار توعية الطفل ومساحته بوجهات نظرنا الشخصية ومدى وسعة الافق وضيقه لدى كل شخص.
علينا ان نسأل انفسنا أولاً ماذا نتوقع من الطفل وكيف نريد منه ان يكون وكيف يتصرف؟ ما هي ردود فعله ومواقفه إزاء القضايا المختلفة؟ من الطبيعي انه ينبغي توعيته بالمستوى الذي ننتظر ان يكون عليه موقفه وردة فعله.
علينا تعليمه كيف يكون متحكماً بأعصابه؟
كيف يكون صبورا؟
ماذا يفعل حتى لا يصل الى طريق مسدود في حياته؟
كيف يتخذ القرار في مقابل الاحداث؟
كيف يكون تعامله مع والديه والآخرين؟
ماذا يفعل حينما يجوع أو يعطش أو يكون في موضع محرج؟
اي طريق يختار لمواصلة مشوار حياته؟
كيف يفكر في حل قضاياه؟..
على كل حال ينبغي تعليمه كل ما يحتاجه في حياته الحاضرة والمستقبلية من دين وسياسة واقتصاد وقانون وغير ذلك.
ـ العلاقة بين النمو والوعي :
من القضايا المهمة في توعية الطفل مراعاة موضوع النمو.
ليس من المنطقي فرض المعلومات على الطفل بالمقدار الذي نحن نريده بل من المحال القيام بذلك، فالصبي في العاشرة من عمره يحتاج الى أمور غير التي يحتاجها طفل السنة الثالثة كما ان ما يتوقع من فتى في الرابعة عشرة من عمره يختلف تماماً عما يتوقع ممن هو في الرابعة.
السبب في ذلك يعود الى أمرين هما حجم النمو وفهم الطفل في سني عمره المختلفة من جهة ومن جهة أخرى الى حجم الحريات التي ينبغي منحها للطفل ضمن حدود التربية الإسلامية، فالأطفال حتى سن السابعة يتمتعون بحريات اكبر قياساً بمن هم في الثانية عشرة إذ لكل عمر ضوابط تربوية يجدر الالتفات إليها.
من ناحية أخرى تختص بعض الأمور بأعمار معينة وخاصة، فمن المستحيل لمن في السابعة من عمره أن يفهم شيئاً من الإيثار في حين يمكن درك هذا المفهوم الى حد ما في عمر اكبر.
ـ تبيين مواطن الخطأ :
يرتكب المرء في كل مرحلة من عمره نوعاً من الاخطاء، وهو ما ينطبق فعلاً على الأطفال أيضاً.
لكنه ينبغي تفهيم الطفل الخطأ الذي صدر منه وتوجيهه الى الطريق الصحيح بل ومن الضروري إلفات نظره بصراحة الى المواضع التي اخطأ فيها وكيف له ان يصلحها.
على ان الاسلوب العملي يعد أفضل طريقة لتفهيمه خطأه، وبعبارة أخرى يجب منح الطفل الحرية في ان يقضي لحظات حياته حسب اسلوبه وبما يراه مع لفت نظره الى ما يصدر منه من خطأ.
من الخطأ ان يرتكب الطفل خطأ في مكان ما ونحن نقدم على تذكيره به بعد اسبوع أو في اليوم التالي إذ لن يحقق التذكير هنا النتيجة المرجوة، فإذا لم يراع الطفل آداب الاكل اثناء الجلوس على المائدة أو أساء للاب أو للام أو للآخرين فلا بد من تنبيهه بأنه ارتكب خطأ.
ـ الوعي والإيمان :
لو تم رفد الطفل بالمعلومات بصورة تجعله يعتقد بصحتها فإنها ستترسخ في ذهنه.
يعد الإيمان والعقيدة من اركان التربية الإسلامية وعلى المرء ان يكون صادقاً في أعماله ويتقي الله تعالى ويراقب افعاله لا في الظاهر فقط بل يفعل ذلك عن عقيدة واندفاع.
لا شك ان الإيمان يعتبر أفضل جهاز مراقبة من جهة ان المرء يكون على حال واحدة في السر والعلن وعلى صعيد العمل بل وفي كل الاحوال. حينما يحاول المتدين التقليل من ارتكابه للمعاصي أو ان يقاومها في احرج الظروف فإنما ذلك نابع من إيمانه الذي يعد وسيلة قيمة للإصلاح.
وخلاصة القول:ـ إنه يفترض توفير الأرضية اللازمة لربط الشخص عمله بعقيدته وإلفات نظره الى ان الله سبحانه وتعالى يرى عمله وسعيه.
ـ اساليب التوعية :
يمكن للمربين سواء الوالدين أو المعلمين وكل من يشعر بالمسؤولية امام المجتمع ممارسة دور في التعليم والتوعية، إذ تتحمل وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات وكتب وحتى الدراسية منها مسؤولية كبيرة وثقيلة، وفي هذا السياق كان للتراجم والتفاسير وتوضيح النقاط الغامضة وطريقة الفهم والاستدلال دور مفيد أيضاً.
تعد القصة والتمثيلية والشعر ولغة المخاطبة من بين الاساليب الكثيرة المتبعة في التوعية والتعليم، كما ان الكتب الدراسية تتضمن مثل هذه الإشارات التي تحمل في طياتها جوانب تربوية وأخلاقية وكل هذه الأمور ينبغي درجها في الثورة التعليمية والثقافية.
يعد التشجيع على المطالعة بحد ذاته اسلوباً في تعرف الشخص على عيوبه واخطائه بينما كانت مطالعة حياة الشخصيات الاسوة مدعاة ليقظة وانتباه الشخص لما في حياة هذه النماذج من عِبر توقف المرء على كثير من حقائق الحياة واساليب المعيشة، وعلى هذا بإمكان المرء ان يقف على حقائق الحياة بواسطة مطالعة الكتب والتدبر في الآفاق والانفس والاعتبار وهكذا الأمر بالنسبة الى تحفيز المرء على التفكّر والتدبّر.
إن تشجيع الأطفال على ارتياد المساجد وتحفيزهم على الالتزام بالأوامر وكذلك الخطابة يعد خطوة قيمة على هذا المسير مع أن من الضروري مسايرة الأطفال بلغة المنطق والاستدلال بما يتناسب مع عمر الطفل نفسه لأن ذهن الطفل لا يمكنه استيعاب كافة الاستدلالات التي نفهمها نحن أو ان يتحملها، إن قدرته على التفكير وإرادته محدودة ولا يستطيع الخروج بنتيجة في كافة هذه القضايا.
ـ القابليات الكامنة في الطفل :
تتوافر في الطفل قابليات هي في الواقع جزء من الفطرة مثل نَشد العدالة وطلب وحب الحق والصفاء والصدق والرقة والعاطفة الدينية والميول السامية و.. وهذه كلها تساعد في تحقيق الأهداف المرجوة ولا بد من الاستفادة منها.
ثم إن الطفل يقبل التربية ويتأثر بإيحاءات وإرشادات الآخرين وخصوصاً الوالدين والمعلم حيث لمس منهم الحنان والصفاء وهو محتاج لهما كما لمس إحسانهما ومحبتهما.
نعلم ان الإنسان عبد للإحسان ومتلهف للمحبة وهذه الجوانب بحد ذاتها أرضية إيجابية يمكن للمربي الاستفادة منها في تربية الطفل.