مصدر التفسير الروائي الرابع عند المدرستين : العقل
المؤلف:
محمد علي أسدي نسب
المصدر:
المناهج التفسيرية عند الشيعة والسنة
الجزء والصفحة:
ص 158 - 159.
14-10-2014
2816
حجية العقل ليست محدودة بحد ، فلا يمكن منعه من التدخل في شيء ، بالعقل عرفنا ضرورة التدين بدين الإسلام ووحي القرآن ، فكيف يمكن منع حجيته في الفروع مع أنه حجة في الأصول ؟ الآيات القرآنية تأمر الناس بالتدبر وترشدهم الى التعقل ، فكيف لا يستفاد منه لتوضيح مرامه وكشف مقاصده ؟ !
والشاهد على مصدرية العقل ، كما نجده في المثالين التاليين :
أخرج ابن اسحاق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير (رضي الله عنه) في قوله : {وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } [الأنفال : 17] أي : لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله تعالى من نصرك ، وما القى في صدور عدوك منها حتى هزمتهم (1) ، ففي هذه الرواية لم يذكر العقل ، ولكن التفسير الموجود فيها ناشئ عن العقل ، ونابع من التدبر والتعقل .
وعن أبي جعفر قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] قال : " كذلك هو في كل مكان" ، قلت : بذاته ؟ قال : " ويحك إن الأماكن أقدار ، فإذا قلت : في مكان بذاته ، لزمك أن تقول : في أقدارٍ وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه ، محيط بما خلق علماً وقدرة وإحاطة وسلطاناً وملكاً ، وليس علمه بما في الأرض بأقل مما في السماء ، لا يبعد منه شيء ، والأشياء له سواء علماً وقدرة وسلطاناً وملكاً وإحاطة " (2). هذا التفسير يشير الى قاعدة عقلية وهي : عدم جسمية الله ومحدوديته تعالى ، فإذا فسر مفسر الآيات القرآنية بهذا الأسلوب ، يكون تفسيره تفسيراً عقلياً .
_____________________
1- الدر المنثور 4 : 38.
2- توحيد الصدوق : 132 ، باب القدرة ، ح15.
الاكثر قراءة في منهج التفسير الأثري أو الروائي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة