منزلة الولد وأهميته
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 339 ــ 342
2025-12-15
40
ان الولد سواء كان ذكراً أم أنثى يعتبر من أعظم النعم التي يمن بها الله على عباده المؤمنين.
لقد كان ابراهيم (عليه السلام) عقيماً، لهذا كان حزيناً فمن الله سبحانه على عبده بإسماعيل واسحاق في شيخوخته، فأصبح نسل اسحاق من الأنبياء حتى عيسى (عليه السلام) أما اسماعيل فامتد نسله حتى خاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وإلى الآن هنالك الآلاف من الفقهاء والعلماء والحكماء من نسله.
والولد نعمة لا تضاهى، فهو منهل الخير والكرامة وخير الدنيا والآخرة بالنسبة للإنسان، وبطبيعة الحال فإن المؤمن بما يتحلى من ايمان تتربى على يديه ذرية مؤمنة صالحة.
وبعد أن وهبه الله تعالى الذرية، انبرى ابراهيم (عليه السلام) حامداً لله حمده، إذ ان إنجاب الذرية يستحق الحمد، حمداً يتجسد على اللسان والقلب والجوارح.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39].
يستفاد من الآية الكريمة مدى أهمية الولد في الحياة بحيث ان ابراهيم (عليه السلام) وهو شيخ كبير دعا الله أن يهبه ذرية، وقد استجيب دعاؤه.
وكذا زكريا فإنه دعا - وهو شيخ كبير - ربه أن يرزقه الولد: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5، 6].
يروي اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، ان فلاناً رجل سماه - قال: إني كنت زاهداً في الولد حتى وقفت بعرفة، فإذا إلى جنبي غلام شاب يدعو ويبكي ويقول: يا رب والدي، فرغبني في الولد حين سمعت ذلك (1).
ان الاموات من الآباء والأمهات ينعمون بما يقوم به ولدهم من عبادات وادعية إذا ما كانوا من أهل الايمان.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (خمسة في قبورهم وثوابهم يجري إلى ديوانهم: من غرس نخلاً، ومن حفر بئراً ومن بنى مسجداً، ومن كتب مصحفاً، ومن خلف ابناء صالحاً) (2).
وقال الامام الصادق (عليه السلام): (لما لقي يوسف أخاه قال: كيف استطعت أن تتزوج بعدي؟ فقال: ان أبي أمرني فقال: ان استطعت أن يكون لك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فافعل) (3).
وقال الامام علي بن الحسين (عليه السلام): (من سعادة المرء المسلم أن يكون متجرة في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين به) (4).
فما أعظم نعمة الولد، اذ جاء في كتاب الله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل: 72].
قال الامام الصادق (عليه السلام): (ان أولاد المسلمين موسومة عند الله شافع ومشفع، فإذا بلغوا أثني عشر سنة كتبت لهم الحسنات، فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات) (5).
وعن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام): (أسعد امرؤ لم يمت حتى يرى خلفاً من نفسه) (6).
ان نعمة الولد من العظمة ما عبر عنه أمير المؤمنين (عليه السلام): (في المرض يصيب الصبي انه كفارة لوالديه) (7).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): (الولد الصالح ريحانة من الله قسمها بين عباده) (8).
وقال (صلى الله عليه وآله): (الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة) (9).
وجاء في رواية: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28] (10).
يروى أن رجلاً يدعى الحاج علي رضا كان قد حفر بئراً في طهران استفاد منها اهالي طهران أكثر من مائة عام، قال أحد كبار العلماء: ان شخصاً رآه في المنام وسط حديقة كبيرة إلى جانب نهر عظيم، فقال له: أن هذه الروضة من رياض الجنة وهذا النهر من انهارها وقد وهبه الله لي جزاء لذلك البئر، ولكن ليت لي ولد يردد ولو مرة واحدة (لا اله الا الله) ثم يموت كي تشملني نعمة اقراره بالتوحيد!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الوسائل: ج 21، ص 355.
2ـ البحار: ج 104، ص 97.
3ـ الوسائل: ج 21، ص 356.
4ـ البحار: ج 103، ص 7.
5- الوسائل: ج 21، ص 355.
6ـ المصدر السابق: ص 357 ـ 358.
7ـ المصدر السابق.
8ـ المصدر السابق.
9ـ المصدر السابق.
10ـ البحار: ج 43، ص 284، ح 50.
الاكثر قراءة في الآباء والأمهات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة