إكرام الأرحام السببيين (بالمصاهرة)
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص243ــ244
2025-11-09
23
إحدى صلات القرابة هي المصاهرة التي تتم عبر عقد الزوجية، والمراد بالأرحام، السبيين والنسبيين على السواء؛ لما ورد في بعض الروايات وخطب العقود [الزواج] بأنّ الأرحام السببيين يندرجون ضمن الأرحام... ونستدل من خطبة عقد زواج الإمام محمد الجواد (سلام الله عليه) بأن الله سبحانه وتعالى ((جعل المصاهرة نسباً لاحقاً))(1)؛ وبناءً على ذلك يجدر بالإنسان ألا يقطع صلته بالأرحام السببيين (بالمصاهرة).
وقال الله تعالى في كتابه الحكيم: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: 54].
وعندما أمر الله تعالى نبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله) بتزويج فاطمة (سلام الله عليها) من علي (سلام الله عليه) قال (صلى الله عليه وآله) في خطبة عقد النكاح: إِنَّ اللهَ جَعَلَ المُصَاهَرَةَ نَسَباً لاحقاً وَأَمْراً مُفْتَرَضاً وَشَجَّ بِهَا الأَرْحَامَ وَأَلْزَمَهَا الأَنام...(2)؛ وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: يَا أَهْلَ الْقَرَابَةِ تَزَاوَرُوا وَلا تَجَاوَرُوا وَتَهَادَوْا، فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَسُلُّ السَّخِيمَةَ وَالزِّيَارَةَ تُنْبِتُ المُوَدَّةَ(3)، وتشمل هذه القرابة جميع أقسامها السببية والنسبية، من هنا ورد التأكيد على ضرورة إكرام الأرحام السببيين مثل الأرحام النسبيين سواء بسواء، ولكن مع أولوية للأرحام النسبيين طبعاً، فكما أن الصهر يصبح بعقد النكاح في عداد أرحام الزوجة فإنّ الأرحام السبيين للزوجة، لا سيّما والديها يدخلون في دائرة أرحام الزوج.
البركات الدنيوية لصلة الرحم
تنطوي صلة الرحم على بركات دنيوية بالإضافة إلى ثوابها الروحي والأخروي. فقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) قوله: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لا يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ عِتْرَتِهِ وَدِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةٌ مِنْ وَرَائِهِ وَأَلُّمهُمْ لِشَعَثهِ وَأَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَتْ به... لا يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ وَمَنْ يَقْبِضُ يَدَهُ عَنْ عَشِيرَتِهِ فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ وَتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ وَمَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ المودة(4).
_________________________
(1) جَعَلَ المُصَاهَرَةَ نَسَباً لاحقا... (مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج3، ص350).
(2) مناقب آل ابی طالب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 350.
(3) الجعفريات، ص 153.
(4) نهج البلاغة، خطبة رقم 23.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة