مغالطة الفخر الرازيّ في تفسير آية أولي الأمر					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ					
					
						
						 المصدر:  
						معرفة الإمام					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ج2/ص44-52					
					
					
						
						2025-11-03
					
					
						
						41					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				قد التفت الفخر الرازيّ إلى عصمة أولي الأمر، بَيدَ أنّه لم يُرد أن يطبّقها على الأئمّة المعصومين، فوقع في خلط واعوجاج. إنّه يقول: «في الآية دلالة على لزوم متابعة أولي الأمر مطلقاً. ولمّا كنّا عاجزين عن معرفة المعصوم، ولأنّ المعصوم لا وجود له أو كنّا عاجزين عن الوصول إليه. فالمراد من أولي الأمر- إذَن- هم أهل الحلّ والعقد من كبار الامّة العارفون بالمسائل والأحكام. ولو اجتمعوا على مسألة، فالنتيجة المتّخذة عن اجتماعهم منزّهة من كلّ عيب قطعاً، ومعصومة بعصمة إلهيّة. ولذلك يمكن أن نستنتج من الآية الاصول الأربعة العامّة في الفقه. ففي {أَطِيعُوا اللَّهَ} دلالة على حجّيّة الكتاب، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} دلالة على حجّيّة السنّة، {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} دلالة على حجّيّة الإجماع، وفَإِن تَنَازَعْتُمْ في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ والرَّسُولِ، دلالة على حجيّة القياس؛ لأنّ المراد من التنازع في مسألة ما، هو عدم فهمه من الكتاب، والسنّة والإجماع، هذه المصادر التي وجبت متابعتها بنحو مطلق، وفي مثل هذه الحالة فإنّ معنى الردّ إلى الكتاب والسنّة هو نفسه الحصول على حكم تلك المسألة من أشباهها ونظائرها.
وهذا هو القياس. ولمّا حصرت الآية الحجّيّة في هذه المواضيع الأربعة، فإنّ الاستحسان الذي قال به أبو حنيفة، والاستصواب الذي قال به مالك، إذا كان معناهما القياس، فخير علي خير. وإن لم يكونا كذلك فالآية أظهرت بطلانهما». ولقد استدلّ الفخر الرازيّ على هذه المطالب قائلًا.
لو قال أحد بأنّ معنى أولي الأمر إذا كان إجماع أهل الحلّ والعقد فسيكون مخالفاً للإجماع المركّب من العلماء في تفسير الآية، إذ أنّ التفاسير التي وردت لأولي الأمر لا تعدو أربعة أقسام:
الأوّل: الخلفاء الراشدون.
الثاني: أمراء السرايا.
الثالث: العلماء.
الرابع: وهو ما نقل عن الروافض أنّ المراد بهم هم الأئمّة المعصومون.
ونقول في الجواب: أنّ المراد من أهل الحلّ والعقد هم علماء الامّة العارفون بالمسائل، العاملون بالصلاح والفساد. ولمّا كان اجتماعهم واجماعهم موجباً لتنزّه رأيهم عن الخطأ وفقاً لقول رسول الله: لا تَجْتَمِعُ امَّتِي عَلَى خَطَاً». فهو ينطبق على القول الثالث، بل هو نفسه وتصحيحه بنحو أكمل[1].
الإجابة على مغالطة الفخر الرازيّ:
أنّنا عند ما نلقي نظرة خاطفة على قوله يتّضح لنا جيّداً أنّه قد غالط في استدلاله واستنتاجه مثل هذه النتيجة:
أوّلًا: نقول متسائلين إذا افترضنا أنّ كلّ فرد من أهل الحلّ والعقدليسوا معصومين، ويحتمل صدور الخطأ عن كلّ واحد منهم، فكيف تكون نتيجة الآراء مصونة ومعصومة من الخطأ؟ وبكلمة بديلة، مع فرض تعرّض كلّ واحد منهم للخطأ، فسوف تكون نتيجة الآراء معرّضة للخطأ أيضاً، بَيدَ أنّه من المؤكّد طبعاً أنّ الاجتماع أقرب إلى الصواب وأبعد عن الخطأ غير أنّ هذا القرب والبعد لا يبدّلان احتمال صدور الخطأ إلى عصمة.
وفي مثل هذه الحالة فإنّ العصمة الحاصلة سوف تتحقّق بواسطة أحد الأسباب الثلاثة. الأوّل: أنّ جميع أهل الحلّ والعقد معصومون، ونتيجة هذا الاجتماع هي العصمة لا محالة، لكن من البديهيّ هو أنّه منذ وفاة رسول الله إلى يومنا هذا، لم يمرّ بهذه الامّة أنّ أهل الحلّ والعقد كانوا كلّهم معصومين. والفخر الرازيّ نفسه يعترف بهذه الحقيقة ثمّ من المحال أن يعلّق الله طاعته على أمر محال وهو اولو الأمر الذين ليس لهم واقع خارجيّ.
الثاني: أنّ أهل الحلّ والعقد وإن كان آحادهم غير معصومين ويجوز عليهم الخطأ. لكنّ مجموعهم يوجب العصمة. وهذه الصفة قائمة بهيئتهم الاجتماعيّة لا بذوات أفرادهم؛ وهذا خطأ أيضاً، لأنّ العصمة في الرأي من الصفات الواقعيّة والحقيقيّة. واتّصاف الهيئة الاجتماعيّة ليس أكثر من أن يكون عنواناً اعتبارياً، ومن المحال عقلًا أن تقوم صفة حقيقيّة على موضوع اعتباريّ. فالصفات الحقيقيّة في الخارج تحتاج إلى موضوعات واقعيّة، ولكن الاعتباريّات تابعة لرأي المعتبرين، فربّما حملوا الأمر الاعتباريّ على الصفات الحقيقيّة، وربّما حملوه على الصفات الإعتباريّة. ولمّا ظهر أنّ اتّصاف الهيئة الاجتماعيّة أمر اعتباريّ ليس له مصداق خارجيّ، فإنّ الواقعيّة ومصداقها الخارجيّ هي ذوات الأفراد. ولو ترتّبت صفة العصمة على الذوات. فسوف تلزم المحاليّة الأولي نفسها؛ إذ كيف يتمخّض جواز الخطأ على آحاد الأفراد عن العصمة من الخطأ؟ ولو ترتّبت هذه الصفة على الهيئة الاجتماعيّة، للزم أن يكون الأمر الاعتباريّ مقوّماً للأمر الحقيقيّ الخارجيّ. وهذا محال عقليّ أيضاً.
الثالث: أن نقول بأنّ صفة العصمة ليست وصفاً للأفراد بما هم أفراد ولا قائمة بوصف الهيئة الاجتماعيّة. بل أنّ سنّة الله اقتضت أن يصون النتيجة الحاصلة من آراء أهل الحلّ والعقد من الخطأ كما أنّ الخبر المتواتر كذلك.
ويجوز الخطأ في خبر كلّ واحد من آحاد المخبرين، أمّا الخبر المتواتر فقد سقّط هذا الجواز، ولذا يكون الخبر المتواتر معصوماً من الخطأ ويفيد اليقين.
وبعبارة أوضح فكما يحتمل الخطأ في الخبر الواحد، وأنّ هذا الاحتمال يضعف تدريجاً بسبب كثرة الأخبار إلى أن يبلغ درجة لو يزداد معها عدد المخبرين، ويزول ذلك الاحتمال تماماً، وينقطع ذاك الاحتمال بالخبر المفيد لليقين، كذلك كلّ رأي من آراء أهل الحلّ والعقد، فإنّه يحتمل الخطأ والفساد. وكلّما ازداد عددهم، ضعف ذلك الاحتمال إلى أن يزول تماماً، ويتّصف كلّ رأي بصفة العصمة. وعلى هذا الأساس قال رسول الله: «لَا تَجْتَمِعُ امَّتِي عَلَى خَطَأٍ»، وهذا الاحتمال ليس في محلّه أيضاً، وذلك:
أوّلًا: أنّ هذه الرواية، على فرض صحّة سندها، تنفي اجتماع الامّة على خطأ. ولا تنفي اجتماع أهل الحلّ والعقد منهم على خطأ. وفي أي آية أو رواية أو كتاب لغة فسّرت الامّة بأهل الحلّ والعقد؟
ثانياً: أنّها تنفي اجتماع الامّة على خطأ، ولا تنفي الخطأ عن اجتماع الامّة، وبينهما فرق كبير. ففي الحالة الأولى تفيد الرواية: أنّ الامّة كلّها وهذا الرأي هو عقيدة الشيعة من أنّ الإمام المعصوم موجود في كافّة العصور ولا تخلو الأرض من حجّة أبداً. لذلك، لو اجتمعت الامّة كلّها على أمر، فلا بدّ أن يكون بينهم شخص معصوم. وهذا ما ينسجم مع نظريّة المعصوم، وهُوَ الْحُجّة.
وأمّا على الفرض الثاني فإنّ المعنى هو أنّه لا خطأ في اجتماعهم. وهذا غير صحيح؛ لأنّ الخطأ يمكن أن يكون موجوداً في اجتماعهم بنحو الموجبة الجزئيّة، ولمّا كان المعصوم موجوداً بينهم، فالقول الصائب موجود بينهم أيضاً. فيوافق هذا ما دلّ من الآيات والروايات على أن الأرض لا تخلو من دين الحقّ، ومن المعصوم، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ}[2]، وكذلك قوله: {وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[3]، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}[4]، وقوله: {وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ}[5].
ولا يختصّ هذا المعنى بأمّة سيّد المرسلين، فالروايات المتواترة عن الفريقين تدلّ على افتراق اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة كلّهم هالك إلّا فرقة واحدة. وكذلك افتراق النصارى إلى اثنين وسبعين فرقة كلّهم هالك إلّا واحدة. وأيضاً افتراق المسلمين إلى ثلاث وسبعين فرقة كلّهم هالك إلّا واحدة. بصورة عامّة، فالرواية «لَا تَجْتَمِعُ امَّتِي عَلَى خَطَأٍ» على فرضصحّة سندها، فهي خارجة عن محلّ الكلام. ومحلّ الكلام هو عصمة أهل الحلّ والعقد. ولو كان ذلك هو المراد بقوله: «وَأولِي الأمْرِ مِنْكُمْ»، فما هو العامل الموجب لعصمتهم؟ وبالتأملّ، يمكن القول إنّه لا يخرج عن ثلاث جهات:
الأولى: أن نقول بأنّ سنّة الله اقتضت أن يصون رأي أهل الحلّ والعقد من الخطأ، مع أنّ رأي كلّ واحد منهم يحتمل الفساد والخطأ. فالواضح أنّ الكلام لا ينتهي عند هذا الحد؛ إذ أنّ وجود أهل الحلّ والعقد لا يختصّ بالممالك الإسلاميّة، بل هو قائم في كلّ منطقة، بل في كلّ مدينة وقرية منذ عهد سحيق. حيث كان الكبار والوجهاء في كلّ منطقة يتبادلون الآراء في شتى الامور والشؤون وكم لوحظ أنّهم بعد تبادل الآراء قد أخطئوا ووقعوا في خطر. والتاريخ والتجربة شاهدان صادقان على ذلك. إذَن، كيف يمكن أن نعتبر عصمة أهل الحلّ والعقد سنّة إلهيّة ثابتة لا تتغيّر؟
الثانية: أن نقول بأنّ سنّة الله تختصّ بالمسلمين في هذا المجال فالله مَنّ على الامّة المرحومة بأن جعل آراء أهل الحلّ والعقد فيها مصونة عن الخطأ والفساد.
وهذا غير صحيح أيضاً، لأنّ هذه الميزة لو كانت للمسلمين دون غيرهم من سائر الامم، فهي معجزة باهرة وأمر خارق للعادة. وهذا موضوع يخالف النظام التكوينيّ، إذ نتصوّر أنّ الله يخلق نتيجة معصومة من آراء معرّضة للخطأ، لتكون تلك النتيجة مفيدة دائماً لحفظ الامّة المرحومة وبقاء حياتها، ولتقع هذه النتيجة من الحياة العمليّة للُامّة موقع القرآن الذي يمثّل حياتها العلميّة. ولو كانت كذلك، لذكرها رسول الله في عِداد المعجزات، وعيّن حدودها وثغورها، وهل بيّن اجتماع أهل الحلّ والعقد الذي يتمخّض عن مثل تلك النتيجة، وهي العصمة، فبأيّ صورة وكيفيّة تتحقّق فيها، ومن هم أعضاء الحلّ والعقد؟ وما هو النصاب الذي يتحقّق فيه اجتماعهم؟ وما هي الظروف التي ينعقد فيها الاجتماع؟ وهل تكفي هيئة واحدة منهم لجميع الامة الإسلاميّة؟ أو لا بدّ لكلّ منطقة هيئتها الخاصّة بها؟ فلو كان ذلك الموضوع وارداً، لتحدّى به القرآن، وبيّن رسول الله خصوصيّاته لأصحابه، وتناقلته كتب التاريخ والأخبار. ولكان من اللازم أيضاً أن يهتمّ به الصحابة ويَسألوا رسول الله عن خصوصيّاته. وقد سألوا عن أشياء لا قدر لها بالنسبة إلى هذه المهمّة، كالجبال والحيض، والأهلّة، والأنفال، وما ذا ينفقون. وقد صرّح القرآن بذلك من خلال الآيات التالية: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}[6]، {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ}[7]، {وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ}[8] {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}[9]، {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ}[10]، {وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ}[11].
فلم يرد أي كلام حول هذا الموضوع المهمّ الملازم لحياة المسلمين العمليّة ما دامت السماوات والأرض. والمقطوع لا يمكن القول بأنّهم سألوا عن خصوصيّات مجلس أهل الحلّ والعقد إلّا أنّ الجواب ككثير من الأشياء التي كان لآراء المخالفين تأثير عليها فحذفوها، ولذلك لم تصلنا لا سيّما وأنّ هذا المجلس لم يخالف رأي أغلبيّة الامّة التي كانت تنزع إلى هذا الاتّجاه، ولم يكن في شروطه ما يخالف آرائهم، بل أنّ أرباب الحلّ والعقد كانوا من الأشخاص المنادين بمثل هذا التجمّع.
مضافاً إلى ذلك، كان من الواجب أن يحتجّ به أصحاب السقيفة والمنتحلون لخلافة رسول الله في مناقشاتهم عند ما استعرت نار الفتن والأحداث بعد ارتحال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم؛ ويشيّدوا زعمهم على أساس هذه المعجزة العجيبة. فما بالهم أعرضوا عن هذا الدليل القويّ؟!إلى الحدّ الذي لم ترد عنه إشارة واحدة في أي من كتب الحديث أو التاريخ، لا من الصحابة ولا من التابعين إلى أن جاء الفخر الرازيّ بعد تصرّم القرون المتمادية فوقف على هذه المعجزة الخارقة للعادة، واطّلع هو ومن تبعه على هذا الأمر العظيم من أجل تصحيح مجلس أبي بكر، وعمر، وأبي عُبَيدة في السقيفة.
حقّاً لو لم نعتبر ذلك المجلس نفسه، وما تمخّض عنه من رأي معصوم معجزةً، فمن المقطوع به أنّ اطّلاع الفخر الرازيّ على ذلك الأمر المكتوم بعد ستمائة سنة مرّت على حدوثه سيكون معجزة لا محالة! مضافاً إلى ذلك فهو نفسه يعترف بأنّ المفسّرين وأهل الحديث في جميع العالم الإسلاميّ يحصرون أولي الأمر في أربعة هم: الخلفاء الراشدون، وامراء السرايا، والعلماء، والأئمّة المعصومون. وأنّ مجلس أهل الحلّ والعقد الذي هو مخالف للإجماع المركّب ينبغي أن يكون أحد الأربعة بتصحيح آراء العلماء. وهكذا يُمنَع من خرق الإجماع. مع أنّ السيوطيّ ذكر في «الدرّ المنثور»[12]، روايات عن بعض المفسّرين تتعلّق بحجّيّة قول العلماء في تفسير آية أولي الأمر. ولا يُشَمّ من تلك الروايات أي رائحة عن مجلس أهل الحلّ والعقد. فهو يذكر أنّ مطلق قول أولي الأمر حجّة تجب إطاعته حسب الآية. لذلك فإنّ الفخر الرازي نفسه، باعترافه أنّ التفسير منحصر بأولئك الأربعة، أبطل ما ذهب إليه من أنّ المراد هو أهل الحلّ والعقد، وضيّع جهوده في تفسير هذه الآية.
الثالثة: أنّ نقول بأنّ العصمة المنبثقة عن أهل الحلّ والعقد لا تعود إلى عامل خارق للعادة بل تعود إلى التربية الصالحة التي تلقّتها الامّة من تعاليم القرآن، وسنّة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم. ولمّا جعل القرآن والنبيّ العظيم صرح التربية والتعليم على أساس دقيق ومنهج صحيح، فالأشخاص المتربّون في هذه المدرسة لا يصدر عن اجتماعهم إلّا الرأي المنزّه عن الخطأ دائماً.
وهذا الاحتمال ناقص وخاطئ أيضاً، لأنّه لمّا كان إدراك جميع الأفراد هو مجموع إدراكات البعض مع البعض الآخر. وأنّ احتمال الخطأ- بالفرض- سارٍ في كلّ منها، فكيف يتسنّى لهذه التربية الصالحة أن تجعل النتيجة الخارقة المتولّدة معصومة منزّهة؟ ومنذ عصر صدر الإسلام إلى يومنا هذا، أي مجلس اقيم، وقدّم فيه أهل الحلّ والعقد نتيجة معصومة؟ ومن أين ظهرت تلك المشاجرات والمنازعات القائمة بين المسلمين منذ ارتحال نبيّهم حتى اليوم، وكذلك تلك الأباطيل والمفاسد التي جرّت الامّة إلى حضيض الظلمات؟ وما أكثر تلك الاجتماعات التي ظهرت وكان مثالها البارز اجتماع السقيفة، وكذلك المجالس التي عقدت على ذلك الأساس حتى اليوم، والجلسات التي أقامها أهل الحلّ والعقد، وتبادلوا فيها الآراء، وخرجوا منها بنتائج متنوّعة، بَيدَ أنّها في نفس الوقت لم تتقدّم خطوة واحدة نحو صلاح الامّة، بل وبذرت بذرة الضلال والشقاء في قلوب أبنائها بديلة عن بذرة السعادة والهداية.
[1]«تفسير الفخر الرازي» ج 10، ملخّص ما جاء في صفحه 143 إلى 148.
 
[2]الآية 89، من السورة 6: الأنعام.
 
[3]الآية 28، من السورة 43: الزخرف.
 
[4]الآية 9، من السورة 15: الحِجر.
 
[5]الآيتان 41 و42، من السورة 41: فُصّلَت.
 
[6]الآية 189، من السورة 2: البقرة.
 
[7]الآية 1، من السورة 8: الأنفال.
 
[8]الآيتان 215 و219، من السورة 2: البقرة.
 
[9]الآية 222، من السورة 2: البقرة.
 
[10]الآية 105، من السورة 20: طه.
 
[11]الآية 83، من السورة 18: الكهف.
 
[12]«الدرّ المنثور» ج 2، ص 176 و177
 
 
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  سؤال وجواب					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة