القوانين الكونية تترنح وثوابت الفيزياء تتغير مع «شيخوخة» الكون
المؤلف:
علي مولا
المصدر:
موسوعة الفيزياء الكونية و العلوم الفضائية
الجزء والصفحة:
ص 101
2025-10-30
16
دراسة عالمية تشير الى حدوث تغيرات طفيفة حاسمة في الثوابت المتداولة مما قد يعيد كتابة كل كتب الفيزياء نيويورك: جيمس جلانز .
اكتشف فريق عالمي من علماء الفلك أن قوانين الطبيعة الأساسية بمفهومها اليوم قد تكون آخذة بالتغير مع كبر ، او «شيخوخة» الكون. وهذه النتيجة الفجائية قد تعيد كتابة كتب الفيزياء وتتحدى افتراضات جذرية حول طريقة عمل الكون.
واستخدم هؤلاء العلماء أكبر منظار في العالم لدراسة سلوك الذرات المعدنية في غيوم الغازات على مسافات تبعد عن الأرض حوالي 12 مليار سنة ضوئية. وبينت هذه الدارسات أنماطا في امتصاص الضوء، لم يستطع العلماء تفسيرها دون طرحهم لافتراض حدوث تغي في ثابت من ثوابت الطبيعة، وهو الثابت الذي يتعلق بقوة التجاذب بين الجسيمات المشحونة كهربائيا. وإذا تم تأكيد هذه النتائج، فقد يعني هذا أن ثوابت أخرى اعتبرت معصومة عن التغير مثل سرعة الضوء، قد تغيرت خلال حياة الكون
وقد اجرى الدراسة علماء في الولايات المتحدة واستراليا وبريطانيا. وقاد فريق العمل الدكتور جون ويب من جامعة نيو ساوث ويلز في استراليا. وسوف تنشر هذه الدراسة في 27 أغسطس (آب) في احدى اكبر المجلات العلمية هيبة في هذا الميدان وهي مجلة رسائل الفيزياء فيزيكال ريفيو ليترز».
لم يجد العلماء الذين درسوا الورقة العلمية حول هذا البحث، أي أخطاء واضحة. ولكن نظرا لشدة أثر نتائجها للعلم ولأن الاختلافات المتوقعة في القياسات طفيفة جدا ، فقد عبر العديد من العلماء شكوكهم أن هذا الاكتشاف سيصمد أمام الزمن وهم يقولون أنهم سينتظرون ظهور أدلة مستقلة قبل اعتبار النتائج صحيحة.
ومن جهة أخرى فقد تتماشى هذه النتائج مع آراء بعض المنظرين حول الكون، وبالأخص الاعتقاد بوجود أبعاد كانت مجهولة قبلا في «نسيج» الفضاء. وحتى العلماء المشاركون في مشروع البحث، كانوا حذرين لدى تقديم نتائجهم وعند وصفه لآثار نتائج دراسة فريقه قال الدكتور ويب ان من المحتمل أن هناك تطورا زمنيا لقوانين الفيزياء. ويقول: «لو صحت هذه الدراسة فهي نتيجة (لطول) العمر».
وصرح الكتور روكي كولب وهو عالم في فيزياء الفلك في مختبر فيرمي القومي، الذي لم يشارك في الدراسة أن هذه النتيجة لن تفرض مراجعة لعلم الكون فقط، أو في علم بدء الكون ونموه، وإنما ستضفي صدقية لنظريات غير مثبتة في الفيزياء مثل «نظرية الخيط» stringtheory التي تتنبأ بوجود أبعاد إضافية. ويضيف «سيمتد أثر هذه النتائج على نطاق هائل لدرجة ان على الناس أخذه بجدية تامة، اذ انه سيقلب المسار العام للاحداث والمفاهيم.
تغيرات طفيفة وحاسمة
* ويعتبر التغير الذي درسه العلماء ضئيلا جدا، إذ يقدر بجزء واحد من مائة ألف من عدد يسمى «ثابت التركيب الرفيع finestructureconstant على مدى 12 مليار سنة. ويشار لهذا الثابت باسم «ألفا» ويعرف عادة بنسبته الى قيم معروفة مثل سرعة الضوء أو قوة التجاذب
الإلكتروني في الذرات.
ويقول الدكتور شيلدون جلاشو من جامعة بوسطن، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء في 1979 أن هذا التغير الضئيل سيهز علمي الفيزياء والكون. وان حددت علامة هذه النتيجة على مقياس من 1 إلى 10 من الأهمية، فانه سيحتل مرتبة 10 ونظرا للطبيعة غير المتوقعة للنتيجة، يقول كل من جلاشو وكولب أن هناك احتمالا كبيرا أن يظهر تفسير أكثر بساطة لهذه النتائج. ويقول الدكتور جون باكال وهو عالم فضائيات في المعهد للدراسات المتقدمة في جامعة برنستون أن الحصول على هذه التغيرات الضئيلة تطلب تحليلا معقدا وقد يكون ذلك مبدئيا قد غطى على أخطاء محتملة.
ولكن علماء آخرين صرحوا أن الفريق تعمد الحذر المتناهي لتفادي وجود أي مصدر مجهول للأخطاء. واعتمدت الدراسة على دراسات الضوء من شبه النجوم، التي تشع ببراقة مساوية لمليارات من الشمس. ودققت الدراسات التي تمت خلال منظار كيك الذي يبلغ قطر عدسته 30 قدما، في ماونا كي في ولاية الهاواي في عملية امتصاص غيوم الغاز لضوء شبه النجوم في الفضاء العميق ما بين الأرض وشبه النجوم. ويلاحظ وجود ذرات معدني الزنك والألمنيوم بكميات ضئيلة في هذه الغيوم. ويؤدي امتصاص هذه الذرات للضوء إلى توليد «شوك أسود» على طول موجات مختلف في طيف شبه النجم. ويكون هذا النمط فريدا لدرجة يمكن اعتباره بمثابة البصمة. وتكون قيمة طول الموجات هذه متناسبة بشكل مباشر مع قيمة ثابت التركيب الرفيع». ولكن يبدو أن هذه البصمة آخذة بالتغير مع الزمن. وبالإضافة إلى الاهتمام بفهم السلوك الذري، تكمن أهمية هذا التغير بأنه يعطي صورة فريدة للفيزياء النظرية. فعلى سبيل المثال يمكن لنظرية الخيط أن تبرر تغيرات في كميات تعتبرها النظريات الفيزيائية الحالية معصومة عن التغير. وتزعم نظرية الخيط أن الكون مليء بإبعاد صغيرة وخفية. وأي تغير في حجم هذه الأبعاد مثل توسع الكون قد يغير كميات مثل ثابت التركيب الرفيع.
ويقول الدكتور ستاينهارد أن معظم علماء الفيزياء البحتة تقبلوا أن هذه التغيرات قد حدثت في الثواني الأولى من حياة الكون، ولذلك لا يمكن لعلماء الفلك دراستها اليوم. ولكنه استدرك أنه قبل بضع سنوات اكتشف علماء فلك آخرون وبالصدفة أن الكون الحالي مليء بطاقة غريبة تعاكس الجاذبية على نطاق ضخم فلربما كان هذان الأثران مترابطين؟
ولكن بعض العلماء الآخرين بينوا أن العمليات الجيولوجية مثل الاندماج النووي الذي يحدث طبيعيا الذي يستخدم لقياس تركيب هذه الثوابت قد تغطي خلال الملياري عام الماضية على الأرض. ولكن العلماء واضعي الدراسة يقولون أن نتائجهم تعود الى حقبة ابعد من الزمن وأن تفسير هذه النتائج الجيولوجية كان معقدا جدا.
الاكثر قراءة في الفيزياء العامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة