أولياء الدم هم اهل البيت عليهم السلام
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص37-40.
2025-08-05
476
أولياء الدم هم اهل البيت عليهم السلام
قال تعالى : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج : 39، 40].
1 - قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ، في قوله : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }.
قال : « إنّ العامّة يقولون : نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لمّا أخرجته قريش من مكّة ، وإنما هو القائم عليه السّلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السّلام ، وهو قوله : نحن أولياء الدم ، وطلّاب الدية . ثم ذكر عبادة الأئمّة عليهم السّلام ، وسيرتهم ، فقال : {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج : 41] » « 1 ».
2 - قال علي بن إبراهيم : نزلت في علي عليه السّلام وجعفر ، وحمزة ( رضي اللّه عنهما ) ثمّ جرت . وقوله : {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ } قال :
الحسين عليه السّلام ، حين طلبه يزيد لعنه اللّه ليحمله إلى الشام فهرب إلى الكوفة ، وقتل بالطفّ « 2 ». وهذا هو ما روي عن أبي جعفر عليه السّلام « 3 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « نزلت فينا خاصة ، في أمير المؤمنين وذريّته عليهم السّلام ، وما ارتكب من أمر فاطمة عليهم السّلام » « 4 » .
وقال الباقر عليه السّلام : « أنّها نزلت في المهاجرين ، وجرت في آل محمد عليهم السّلام الذين أخرجوا من ديارهم ، وأخيفوا » « 5 » .
3 - وقال الطبرسي : قرأ الصادق عليه السّلام « وصلوات » بضمّ الصاد واللام ، وفسّرها بالحصون ، والآطام « 6 » .
وقال حمران سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ وجلّ : وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً .
فقال : « كان قوم صالحون ، وهم مهاجرون قوم سوء خوفا أن يفسدوهم ، فيدفع اللّه أيديهم عن الصالحين ، ولم يأجر أولئك بما يقع بهم ، وفينا مثلهم » « 7 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ وجلّ : وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً ، قال : « هم الأئمة الأعلام ، ولولا صبرهم ، وانتظارهم الأمر أن يأتيهم من اللّه لقتلوا جميعا . قال اللّه عزّ وجلّ : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ » .
أقول : قال شرف الدين النجفيّ : بيان معنى هذا التأويل الأول : قوله : « كان قوم صالحون ، وهم مهاجرون قوم سوء خوفا أن يفسدوهم » أي يفسدوا عليهم دينهم ، فهاجروهم لأجل ذلك ، فاللّه تعالى يدفع أيدي القوم السوء عن الصالحين .
وقوله : « وفينا مثلهم » قوم صالحون وهم الأئمّة الراشدون ، وقوم سوء وهم المخالفون ، واللّه تعالى يدفع أيدي المخالفين عن الأئمة الراشدين ، والحمد للّه رب العالمين « 8 ».
ثمّ قال : وأمّا معنى التأويل الثاني : قوله : « هم الأئمّة » بيانه : أنّ اللّه سبحانه يدفع بعض الناس عن بعض ، فالمدفوع عنهم : [ هم ] الأئمّة عليهم السّلام والمدفوعون : هم الظالمون .
وقوله : « ولولا صبرهم وانتظارهم الأمر أن يأتيهم من اللّه لقتلوا جميعا » معناه : ولولا صبرهم على الأذى والتكذيب ، وانتظارهم أمر اللّه أن يأتيهم بفرج آل محمّد ، وقيام القائم عليه السّلام ، لقاموا كما قام غيرهم [ بالسيف ] ، ولو قاموا لقتلوا جميعا ، [ ولو قتلوا جميعا ] لهدّمت صوامع ، وبيع ، وصلوات ، ومساجد .
والصوامع : عبارة [ عن مواضع عبادة ] النصارى في الجبال ، والبيع في القرى ، والصلوات : أي مواضعها ، ويشترك فيها المسلمون واليهود ، فاليهود لهم الكنائس ، والمسلمون المساجد ، فيكون قتلهم جميعا سببا لهدم هذه المواضع ، وهدمها سببا لتعطيل الشرائع الثلاث : شريعة موسى ، وعيسى ، ومحمد ( صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين ) ؛ لأنّ الشرائع لا تقوم إلّا بالكتاب ، والكتاب يحتاج إلى التأويل ، والتأويل لا يعلمه إلا اللّه والراسخون في العلم ، وهم الأئمّة ( صلوات اللّه عليهم ) ، لأنّهم يعلمون تأويل كتاب موسى ، وعيسى ، ومحمد ( صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين ) ، لقول أمير المؤمنين عليه السّلام : « لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، حتى تنطق الكتب ، وتقول : صدق ».
وقوله : « هم الأعلام » . الأعلام : الأدلّة الهادية إلى دار السّلام ، فعليهم من اللّه أفضل التحيّة والإكرام ؛ ولما علم اللّه سبحانه وتعالى منهم الصّبر وعدهم النصر ، فقال : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [ أي ينصر دينه ] إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ في سلطانه عَزِيزٌ في جبروت شأنه « 9 ».
_______________
( 1 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 337 ، ح 12.
( 2 ) تفسير القميّ : ج 2 ، ص 84 .
( 3 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 339 ، ح 17 ، شواهد التنزيل : ج 1 ، ص 399 ، ح 552.
( 4 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 339 ، ح 18 .
( 5 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 138 .
( 6 ) جوامع الجامع : ص 301 . والآطام : جمع أطم ، بسكون الطاء وضمّها : الحصن والبيت المرتفع .
( 7 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 340 ، ح 19 .
( 8 ) قال المجلسي ( رحمه اللّه ) في تفسير ذلك : أي كان قوم صالحون هجروا قوم سوء خوفا أن يفسدوا عليهم دينهم ، فاللّه تعالى يدفع بهذا القوم السوء عن الصالحين شرّ الكفّار ، كما كان الخلفاء الثلاثة وبنو أميّة وأضرابهم يقاتلون المشركين ويدفعونهم عن المؤمنين الذين لا يخالطونهم ولا يعاونونهم خوفا من أن يفسدوا عليهم دينهم لنفاقهم وفجورهم ، ولم يأجر اللّه هؤلاء المنافقين بهذا الدفع ، لأنه لم يكن غرضهم إلا الملك والسلطنة والاستيلاء على المؤمنين وأئمتهم ، كما قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « إنّ اللّه يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم » وأما قوله عليه السّلام : « وفينا مثلهم » يعني نحن أيضا نهجر المخالفين لسوء فعالهم ، فيدفع اللّه ضرر الكافرين وشرّهم عنا بهم . « البحار : ص 24 ، ح 361 » .
( 9) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 340 ، ح 20 ، وقطعة منه في شواهد التنزيل : ج 1 ، ص 280 ، ح 384 ، وتذكرة الخواص : ص 16 وفرائد السمطين : ج 1 ، ص 339 ، ح 261 ، وينابيع المودة : ص 70 و 72 و 74 و 120 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة