تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
سلام على نوح في العالمين
المؤلف:
معروف عبد المجيد
المصدر:
تلك الرسل
الجزء والصفحة:
57- 72
2025-08-03
12
كان الناس بعد آدم (عليه السلام) يعيشون أمة واحدة حياة البساطة والسذاجة وهم على الفطرة الانسانية.
فما لبثت أن فشت فيهم روح الاستكبار، وأخذ بعضهم يعلو على بعض.
بل إن بعضهم اتخذ البعض الآخر أرباباً يعبدونهم من دون الله.
ومن هنا كانت النواة الأصلية للوثنية والشرك التي أخذت تتنامى وتتكاثر على مر العصور.
وكان إدريس (عليه السلام) قد اجتهد في هداية قومه بعد آدم (عليه السلام).
إلا أن الوثنية والاختلاف واستعباد القوي للضعيف كانت قد فعلت فعلها في المجتمع البشري.
فشاع الفساد في الأرض وأعرض الناس عن دين التوحيد وعن سنة العدل الالهي واقبلوا على عبادة الأصنام.
وقد ذكر الله بعض هذه الاصنام في القرآن الكريم، ومنها سمى الله تعالى: ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونشرا.
فبعث الله نوحا (عليه السلام) وأرسله إلى الناس بالكتاب والشريعة يدعوهم إلى توحيد الله سبحانه والمساواة وخلع الأنداد.
وابتدأ نوح (عليه السلام) يدعو قومه إلى توحيد الله ورفض الشركاء والاسلام لله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى الصلاة والعدالة وألا يقربوا الفواحش والمنكرات والى صدق الحديث والوفاء بالعهد كما تنص على ذلك آيات القرآن الكريم.
ومن خصائص نوح (عليه السلام) أنه أول من حكي عنه في القرآن الكريم التسمية باسم الله في الأمور الهامة.
وذلك في سورة هود (عليه السلام) في قوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [هود: 41]
فدعنا إذن يا عزيزي نتتبع قصة نوح (عليه السلام) في القرآن الكريم الذي هو أصدق الحديث.
إنها منفصلة في ست من سور القرآن الكريم وهي: الأعراف، وهود، والمؤمنون، والشعراء، والقمر، ونوح. وجمعها شاق كما ترى.
نعم ولكنها جاءت أكثر تفصيلا في سورة هود وامتدت على مدى خمس وعشرين آية.
فلتكن لنا وقفة إذن يا صديقي عند سورة هود لنستقي المعرفة من نبع العلم والمعرفة.
قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [هود: 25، 26]25-26]
فماذا كان موقف قومه من هذا الإنذار الشديد؟ إنبرى له الملأ بالمعارضة والتنديد والتكذيب. وهي عادة المستكبرين في كل زمان ومكان.
يقول القرآن: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} [هود: 27] ولكن نوحا (عليه السلام) جادلهم بالحق.
نعم: { قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]
واستمر نوح (عليه السلام) في دعوة قومه الى الهدى ومجادلتهم بالحق والبرهان.
فتابع يقول: {وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [هود: 29]
{ وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [هود: 30] {لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [هود: 31]
يا له من تصوير رائق فماذا فعل قوم نوح (عليه السلام) أمام هذه الحجج الداحضة والأدلة الراشدة وهل خضعوا لدعوة الحق ودليل الصدق؟
كلا، يا صديقي، لقد اعتبروا كل هذا الارشاد القويم جدلا كثيرا {قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود: 32]
يا لها من ضلالة لقد استعجلوا الهلاك يا أخي لأنهم لم يعتقدوا به. ولكن نوحا (عليه السلام) كان ما زال مشفقاعليهم من عذاب الله وإن كان قد حذرهم منه.
فماذا فعل معهم وبماذا رد عليهم والحال هذه؟
{قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [هود: 33] لابد، يا صديقي أن قوم نوح (عليه السلام) كانت لهم حجج في مجادلته. وإلا فكيف يثبتون على موقفهم المناهض هذا؟
صدقت يا أخي لقد تشبثوا بالكثير من الحجج ولكنها كانت جميعا واهية
فماذا كانت حججهم في رفض دعوته؟
واجههم نوح (عليه السلام) بالحقيقة سافرة { فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 24]
يا لها من مغالطة جدلية، فهل كانوا قد سمعوا بأن الله أنزل ملائكة رُسُلاً في آبائهم الأولين؟
فهذه حجة العاجز يا صديقي
وظل نوع (عليه السلام) يدعو قومه ليلا ونهارا.
{فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 6] واتهموه بالكذب والجنون.
وكان كلما دعاهم الى الايمان ليغفر الله لهم جعلوا اصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصبروا واستكبروا استكبارا
فما كان من أمر نوح (عليه السلام) إلا أن دعاهم جهارا.
ويستمر نوح (عليه السلام) في حكاية قصته بنفسه مخاطبا ربه عزوجل فيقول: (ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم اسرارا.
{ فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا 10 يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} [نوح: 10- 11] {وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا} [نوح: 12] {مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا 13 وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} [نوح: 13-14]
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ كَيۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗا 15 وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا } [نوح: 15-16]
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا 17 ثُمَّ يُعِيدُكُمۡ فِيهَا وَيُخۡرِجُكُمۡ إِخۡرَاجٗا} [نوح: 17-18]
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطٗا 19 لِّتَسۡلُكُواْ مِنۡهَا سُبُلٗا فِجَاجٗا} [نوح: 19-20]
ومع كل ذلك فقد استبد بهم الضلال.
قالوا: لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين.
فنادى نوح (عليه السلام) ربه: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوۡمِي كَذَّبُونِ 117 فَٱفۡتَحۡ بَيۡنِي وَبَيۡنَهُمۡ فَتۡحٗا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} [الشعراء: 117-118]
وكانت أبواب السماء مفتوحة فنزل الوحي الالهي.
وأوحي إلى نوح أنه {لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} [هود: 36]
فلما علم نوح (عليه السلام) بهذه الحقيقة وكان قد اشتد إيذاء قومه له فانه دعا عليهم.
وقال نوح {رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا 26 إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا} [نوح: 26-27]
فظهرت بوادر الانتقام الالهي..
لما أوحى الله تعالى إلى نوح (عليه السلام) بأنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فانه أقبل على الدعاء عليهم.
فقال: {رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]
فأعقم الله أصلاب الرجال وأرحام النساء. ولبثوا أربعين سنة لا يولد لهم.
وأصابهم القحط في هذه السنين حتى هلكت أموالهم وأصابهم الجهد والبلاء.
فقال لهم نوح (عليه السلام): { ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا} [نوح: 10].
فلم يؤمنوا وقالوا: {لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} [نوح: 23]
ولكن نوحا (عليه السلام) كان قلبه ما زال متعلقا بالأمل في هدايتهم.
فقال له الله تعالى: { وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} [هود: 37]
وأمره بصناعة السفينة قائلا: {وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا } [هود: 37].
وأخذ نوح (عليه السلام) يصنع الفلك.
وكان كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه حيث كان يصنعها على بسيط الأرض من غير ماء.
فيرد عليهم قائلا: {إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ} [هود: 38]
ومضت سنوات عديدة ونوح (عليه السلام) يكمل صناعة الفلك وهو الذي كان نجارا بينما لم يكف عن الدعوة والإنذار.
وكان يقول لقومه: {فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} [هود: 39]
وجعل الله تعالى علامة نزول العذاب ان يفور الماء من التنور.
وتمت صناعة الفلك.
وجاء أمر الله.
وفار التنور.
وأبرقت السماء وأرعدت.
وانهمر المطر من السماء
وتفجر من الأرض.
وجرت السيول.
واشتد الطوفان.
وظل الماء يرتفع إلى قلل الجبال حتى كاد يغطيها
فأمر الله تعالى نوحا (عليه السلام) بركوب السفينة وقال: {ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ } [هود: 40]
وكان لم يؤمن مع نوح (عليه السلام) سوى قليل من قومه
فنجى الله المؤمنين وأغرق الظالمين.
وركب نوح (عليه السلام) السفينة هو ومن معه من المؤمنين.
وقال لهم: {ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} [هود: 41]
وراحت السفينة تجري بهم في موج كالجبال.
وارتفعت السفينة على الماء الذي كان يعلو منهمرا من أبواب السماء ومن عيون الأرض المتفجرة وقد التقى الماء على أمر قد قدر.
وأخذ الظالمون يغوصون إلى الأعماق وقد أغرقهم الله بعذابه.
وعندما ثار العذاب واشتد الهول أخذ نوح (عليه السلام) ينظر حوله باحثا عن أهله.
فوجد امرأته تهوي إلى الأعماق وقد سبق عليها القول.
ورأى ابنه في معزل يبحث عن سبيل للنجاة.
فناداه نوح (عليه السلام) وقلبه يشفق عليه من الغرق: {يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} [هود: 42]
فأجابه وقد أضله الكبر والغرور: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء.
فقال له نوح (عليه السلام) وهو ما زال يرجو نجاته: {لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ} [هود: 43]
ولكن الابن لم يلتفت إلى حكمة النبوة
{وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ} [هود: 43]
{فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ} [هود: 43]
واغتم نوح (عليه السلام) وحزن حزنا شديدا
فنادى ربه من حزنه قائلا {رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} [هود: 45]
فأنت لا تجور في حكمك ولا تجهل في قضائك، فما الذي جرى على ابني؟
وقد وعدتني بنجاة أهلي
فأخذته العناية الالهية وحالت بينه وبين التصريح بالسؤال في نجاة ابنه وهو سؤال لما ليس له به علم.
وأوحى الله تعالى إليه قائلا: {يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} [هود: 46].
فانكشف الأمر لنوح (عليه السلام) والتجأ إلى ربه تعالى قائلا: {رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} [هود: 47].
ولم يكن نوح (عليه السلام) يعلم من ابنه إيطان الكفر كما كان يعلم من امرأته ولو كان علم بذلك لما أحزنه أمره وهو القائل: {رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]
وعم الطوفان جميع البسيطة.
فلم يبق على شيء إلا وأغرقه
واستمر الطوفان مائة وخمسين يوما بلياليها. وقيل ستة أشهر.
وقد شاع أمره في تاريخ الأمم السابقة.
فتحدثت عنه نصوص التوراة ولا سيما في سفر التكوين.
وهي كما عادة تحريفها تطفح بالخرافات والأساطير.
كما ورد في أخبار الكلدانيين.
وهو شبيه بما ورد في التوراة.
وروى الاغريق أيضا خبرا عن الطوفان أورده أفلاطون نقلا عن الكهنة المصريين.
وورد خبره أيضا عن قدماء الفرس.
وفي التراث الهندي.
وهو ما يمكن الاستدلال به على أن الطوفان كان عاما كما أن رسالة نوح (عليه السلام) كانت عامة.
ويبقى الماء مسيطرا على البسيطة فلا حرث ولا نسل ولا حياة.
وكانت الشمس تشرق على الماء وتغرب عن الماء.
وكان الأرض كانت تستعد لحياة جديدة.
فما هي إلا هنيهة من عمر التاريخ حتى بلعت الأرض ماءها وأقلعت السماء وغيض الماء وقضي الأمر.
وعندئذ استوت سفينة نوح (عليه السلام) على الجودي.
وقيل بعدا للقوم الظالمين.
وأشرق فجر جديد من حياة الانسان.
وأوحي إلى نوح بلكه التلة أن اهبط إلى الأرض {بِسَلَٰمٖ مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٖ مِّمَّن مَّعَكَۚ} [هود: 48]
{وَأُمَمٞ سَنُمَتِّعُهُمۡ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} [هود: 48] هود:4 (عليه السلام).
فأدرك نوح (عليه السلام) رسالة السماء أملا في السلام والبركة.
وحذرا أيضا من غد البشرية.
فأين كان جبل الجودي هذا يا صديقي الذي استوت عليه سفينة نوح (عليه السلام)؟
ذكروا أنه في جبال تصل بين الموصل وجبال أرمينية وأنه سمي في التوراة باسم (أراراط)
ولكني سمعت بأنه جبل في الجزيرة. وسمعت أيضا بأنه في النجف الأشرف.
ربما يكون الأمر كذلك. غير أن الدراسات التاريخية والحفريات الأثرية لم تقل الكلمة الاخيرة بعد.
فماذا فعل نوح (عليه السلام) بعد نزوله من السفينة؟
عند نزوله (عليه السلام) مع من معه أخذوا يعبدون الله بالتوحيد ويستأنفون حياتهم
بالحرث والنسل وبناء القرى والمدن.
يا له من رجل قوي صابر.
نعم، يا أخي ولهذا فانه أول أولي العزم سادة الأنبياء والمرسلين.
فهل كانت رسالته عامة أو خاصة؟
لقد كانت عامة يا صديقي بعثه الله إلى عامة البشر بكتاب وشريعة فكتابه أول الكتب السماوية المشتملة على شرائع الله وشريعته أول الشرائع الالهية.
يقال، يا أخي بأن نوحا (عليه السلام) هو الأب الثاني للبشرية فكيف ذلك؟
هذا صحيح وجوابه واضح فنوح (عليه السلام) هو الأب الثاني للنسل الحاضر من الانسان إليه ينتهي نسبه والجميع ذريته.
وما الدليل على ذلك؟
قوله تعالى: {وَجَعَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُۥ هُمُ ٱلۡبَاقِينَ} [الصافات: 77]
فهلا ذكَرْتَ لنا بعض صفاته ما دام الأمر كذلك؟
بالتأكيد، يا صديقي فلأحيلك على القرآن. انظر سورة الصافات لقد خصه الله تعالى بسلام لم يشاركه فيه أحد غيره حيث يقول: (سلام على نوح في العالمين).
ثم ماذا؟
اصطفاه على العالمين كما في سورة آل عمران.
وعده من المحسنين كما في الأنعام.
وسماه عبدا شكورا كما في الإسراء.
وسماه عبدا صالحا كما في التحريم.
طويلا. فهلا قصصت لنا شيئا عن عمر نوح (عليه السلام) فلقد جاء في التاريخ أنه عمر طويلا
بكل سرور يا أخي ولكن بعد لحظات نفتح فيها دفتر التاريخ.
فها هي أمامك صفحات التاريخ.
نعم. يقص البعض بأنه عمر تسعمائة وخمسين عاما.
ويروي البعض الآخر أيضا أنه عمر نحو ألف وخمسمائة سنة.
وهناك أقوال أخرى. ولكن القرآن يقول: {وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِينَ عَامٗا فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمۡ ظَٰلِمُونَ} [العنكبوت: 14].
فهذه مدة دعوته كما هو واضح وليس مجمل عمره.
القرآن، كما ترى وهو الكتاب الصحيح، حدد عمره على وجه الدقة وذلك طبعا إذا عرفنا الفرق بين السنة والعام فتأمل حسابيا في ذلك...
ما دمنا نتصفح التاريخ يا صديقي فدعني أخبرك خبرا عن العثور على سفينة نوح (عليه السلام).
إنه لا شك خبر مثير.
نعم يقال بأن مجموعة من علماء الآثار عثروا في بعض قلل (أراراط) في شرقي تركيا على قطعات أخشاب يعطي القياس أنها قطعات متلاشية من سفينة قديمة تعود إلى الفين وخمسمائة عام قبل الميلاد.
ثم ماذا؟
هذه القطع عثروا عليها على ارتفاع 14000 قدم من الجبل المذكور ثم أخذوها إلى سان فرانسيسكو للتحقق من أمرها.
لقد قرأت هذ الخبر نفسه ولكن بصيغ وتعبيرات مختلفة. وأيا كان الأمر فان العالم بأجمعه في شغف بالغ المعرفة حقيقة مثل هذا الموضوع.
ألا ترى بأن علماء الآثار المسلمين أولى من غيرهم في هذا المضمار.
صدقت وهو ما رغبت عن التصريح به.
بقي عندي سؤال أخير فهلا أجبت عنه مما بين يديك من الأوراق.
وما هو؟
هب أن قوم نوح (عليه السلام) أغرقوا بذنوبهم فما هو ذنب سائر الحيوانات التي كانت على الأرض والتي أهلكها الطوفان؟
سؤال وجيه. وجوابه عند علماء العقيدة.
فماذا يقولون؟
يقولون بأن هذا من أسقط الاعتراض فما كل هلاك ولو كان عاما يعتبر
عقوبة وانتقاما..
وما هو دليلهم على ذلك؟
دليلهم الحوادث العامة التي تهلك الآلاف والآلاف كالزلازل والسيول والأوبئة وهي كثيرة الوقوع فليست كلها عقوبة وإن لله حكمة فيما يقضي ويقدر.
سبحان الله والحمد له على قضائه وقدره.
وبدأ التاريخ دورة جديدة.
واخضرت الأرض وأزهرت.
وانطلق الانسان يشق طريقه نحو مستقبل حضاري أفضل.
أخذا العبر من ماضيه.
وعلى رأسها جميعاعبرة الطوفان.
وأن الهلاك هو مصير الظالمين والمشركين.
ويعمل نوح (عليه السلام) في قومه بالخير والصلاح ويقر بينهم أركان العدل.
حتى يوافيه الأجل المحتوم.
فيكون آخر دعائه {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح: 28]
الاكثر قراءة في قصة النبي نوح وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
