القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
أركان المسؤولية التعاقدية للوصي
المؤلف:
مرتضى علي عبد الحسين الشمري
المصدر:
المسؤولية المدنية للوصي عمن تحت وصايته
الجزء والصفحة:
ص 60-70
2025-07-28
72
أغلب التشريعات الوضعية ومنها المشرع العراقي لم تنص صراحة على أركان مسؤولية الوصي فيما إذا كانت عقدية وكذلك فقهاء المسلمين وإنما بينوا ذلك وفق القواعد العامة للمسؤولية ، وعلى ضوء ذلك سنبين هذه الأركان وموقف الفقه الإسلامي منها أولا، ومن بعده التشريعات الوضعية وكما يلي:
أولا: الخطأ في الفقه الإسلامي والقانون : إن التعدي في الفقه الإسلامي يشمل جميع الصور التي يترتب عليها الضمان لكونه يشمل التعدي تعمدا أو إهمالا (1) ، وذلك استنادا إلى الحديث النبوي الشريف (لا ضرر ولا ضرار) أي إن فقهاء المسلمين قد اتفقوا بأن كل تعدي يصدر من شخص على آخر يسبب ضررا فهو يضمن هذا التعدي سواءا كان متعمدا أو غير متعمد ،ولم يفرق فقهاء المسلمين بين إذا كان التعدي هو مباشرة أو تسببا أي سواء كان التعدي بشكل مباشر أو بواسطة معينة. (2)
أما التشريعات الوضعية فبالنسبة إلى المشرع العراقي قد نص على إن المدين يعد مخطئا إذا لم يقم بتنفيذ التزامه وهذا الخطأ يوجب مسؤوليته العقدية بمجرد عدم قيامه بتنفيذ الالتزام الذي على عاتقه وهذا الخطأ يوجب عليه تعويض الدائن عن الضرر الذي أصابه سواء كان عدم تنفيذ الالتزام نتيجة إهمال وتقصير أو عن عمد (3) ولكن متى يعتبر الوصي مخطأ ومسؤول فلا بد أن نعرف ما هو طبيعة التزام الوصي هل هو التزام بعناية أو بتحقيق غاية فبالرجوع إلى قانون رعاية القاصرين (4) نجد أن المادة (41) منه أشارت بصورة غير مباشرة إلى طبيعة التزام الوصي والتي جاء بها على الولي أو الوصي أو القيم المحافظة على أموال القاصر وله القيام بإعمال الإدارة المعتادة على أن يبذل في كل ذلك ما يطلب من الوكيل المأجور بذله وفقا لأحكام القانون المدني". وان القانون المدني قد أشار إلى عمل الوكيل بأجرة وهو بذل عناية الرجل المعتاد وبذلك تكون طبيعة عمل الوصي ببذل عناية الرجل المعتاد وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (934) من القانون المدني العراقي (5) فإذا لم يبذل الوصي في تنفيذ التزامه بالوصاية عناية الرجل المعتاد فيعد غير منفذ لهذا الالتزام وعليه تترتب المسؤولية ، كما لو تأخر الوصي في بيع المحاصيل الزراعية العائدة للقاصر فنالها التلف نتيجة التأخير فان الوصي يتحمل التعويض عن هذه الخسارة وذلك نتيجة إخلاله في واجب الإدارة لكونه قصر في بذل العناية اللازمة لحفظ أموال من هو تحت وصايته (6). وأشار المشرع العراقي إلى أن الخطأ يكون مفترضا في المسؤولية العقدية وهذا ما نصت عليه المادة (168) من القانون المدني (7) بأنه إذا استحال على الملتزم بالعقد أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه، وكذلك يكون الحكم إذا تأخر الملتزم في تنفيذ التزامه أي إن المدين في العقد إذا لم ينفذ التزامه عينا توجب مسؤوليته ويصار إلى الحكم بالتعويض إلا إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجع إلى سبب أجنبي فانه لا يكون مسؤولا عن ذلك.
أما المشرع الأردني فلم يختلف عما جاء به المشرع العراقي إذ نص في الفقرة الأولى من المادة 234 من قانون الأحوال الشخصية (8) بأنه (أ . يجب على الوصي إدارة أموال القاصر ورعايتها، وعليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يطلب من الوكيل المأجور") إن الوصي ملزم بأن يبذل في أداره أموال القاصر ورعايتها ما يطلب من الوكيل المأجور أي أن طبيعة التزام الوصي هو بذل العناية وليس تحقيق غاية وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 841 من القانون المدني الأردني (9) بأن عمل الوكيل بالأجر هو بذل عناية الرجل المعتاد، وان المشرع الأردني (10) قد أشار إلى أن المدين يعتبر منفذ لالتزامه إذا كان المطلوب منه المحافظة على الشئ وأن يبذل في تنفيذ التزامه عناية الرجل المعتاد إلا إذا وجد نص أو اتفاق يقضي بغير ذلك ، إلا أن هذه القاعدة لها استثناء قد أورده المشرع الأردني وهو في حالة الغش والخطأ والجسيم فأن المدين يعتبر مسؤول بكل الأحوال (11).
أما المشرع الإماراتي فانه نص على طبيعة عمل الوصي وهو بذل العناية ولكن لم يبين بشكل واضح ما هي العناية المطلوبة إذ نص في المادة 223 من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي (12) بأنه ( يجب على الوصي إدارة أموال القاصر وحفظها واستثمارها، وعليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يبذل في مثل ذلك"). يتبين من مضمون المادة أن المشرع الإماراتي وان لم ينص صراحة على العناية المطلوبة إلا أنه يتبين قد قصد ما يقابل عمل وصي غيره أي أنها تكون العناية المعتادة التي يبذلها آي وصي في عمله، وقد أشار المشرع الإماراتي (13) وإن المدين يعتبر قد أوفى التزامه إذا كان المطلوب منه هو المحافظة على الشيء وبذل العناية حتى وان لم يقم بتنفيذ التزامه، بمعنى إن الوصي إذا قام ببذل العناية المطلوبة منه في المحافظة على أموال الموصى عليه فهو يعتبر قد أوفى بهذا الالتزام حتى وان لم يتحقق الغرض المقصود. وقد أورد المشرع الإماراتي (14) استثناء في حاله الغش والخطأ الجسيم فان المدين يبقى مسؤولا عن خطئه.
وان عبء إثبات الخطأ يكون على الدائن هو الذي عليه إثبات عدم تنفيذ المدين التزامه فإذا اثبت ذلك كان هذا إثباتا للخطأ العقدي وعليه أيضا إثبات الضرر الذي أصابه نتيجة الخطأ أما العلاقة السببية فهي مفترضه فان الدائن قد قام بما يقع على عاتقه فيستحق التعويض إلا إذا اثبت المدين أن عدم تنفيذ التزامه راجع إلى سبب أجنبي (15).
ومن خلال ما جاء في الفقه الإسلامي و نصوص التشريعات يبدوا لنا أن فقهاء المسلمين قد اتفقوا على إن يكون هنالك تعديا لكي تنهض المسؤولية ولم يأخذوا بالخطأ المفترض، وان كل تعدي على الغير يوجب الضمان ولم يفرقوا سواءا كان التعدي عن عمد أو إهمالا ،أما التشريعات الوضعية يتبين منها جاءت بنصوص متقاربة من حيث بيان طبيعة التزام الوصي وهو بذل العناية ، إلا إن المشرع الإماراتي كان غامضا من ناحية بيان درجة العناية المطلوبة حسب ما جاء في المادة 223 أعلاه وكان الأجدر به بيان العناية المطلوبة في عمل الوصي بشكل أكثر وضوحا كما فعل المشرع العراقي والأردني.
ثانيا: الضرر في الفقه الإسلامي والقانون : يعد الضرر من أهم أركان المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية فهي تدور معه وجودا وعدما وشدة وضعفا إذ تنعدم المسؤولية بانعدام الضرر (16)، فبالنسبة إلى موقف الفقه الإسلامي من الضرر فأن فقهاء المسلمين لم يقسموا المسؤولية إلى تقصيرية أو عقدية وإنما أخذو بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا لكون الضرر واقعه ماديه وعليه يجب أن يكون التعويض مقدرا على أساس تغطيه ما وقع من ضرر من دون زيادة أو نقصان ودون تمييز بين متسبب وأخر وعليه يجب أن يغطي التعويض جميع الضرر فلا يجوز المتضرر أن يأخذ أكثر مما فقده فإذا كان الفعل لم يفوت للمتضرر منفعة ولا خسارة في ماله فلا يستحق التعويض لكون التعويض شرع لجبر نقصان المال أو فواته لكون التعويض في الفقه الإسلامي لا يكون إلا على الضرر الواقع فعلا وبهذا لا تعويض على الأضرار المحتملة (17).
أما في حال كان الضرر غير واقع فعلا وإنما مؤكد وقوعه مستقبلا أو غالب وقوعه أي عند استعمال المالك حقه المأذون فيترتب عليه ضررا مؤكد الوقوع بغيره أو غالب وقوعه فقالوا بوجوب التعويض أيضا (18) ، أما بالنسبة للضرر الكثير غير الغالب وقوعه ففيه اختلاف بين فقهاء المسلمين فذهب المالكية والحنابلة إلى قاعدة دفع المضار مقدم على جلب المنافع وان احتمال وقوع الضرر كافي لمنع الفعل ،أما الحنفية والشافعية فيرون إن الفعل مشروع في أصله وان احتمال الضرر لا يكون دليلا على الضرر المتوقع فلا يمنع حق لمجرد احتمال الضرر (19)، وقالوا ذلك ايضا الأمامية (20) بان الضرر المحتمل لا يمنع الحق ونحن نذهب مع أصحاب الرأي الثاني القائل بعدم جواز التعويض عن الضرر المحتمل وقوعه لكون احتمال وقوع الضرر لا يعتبر سبب كافي لمنع صاحب الحق من التصرف بملكه أما قانونا فان اغلب التشريعات قسمت الضرر إلى نوعين أما ضرر مادي يصيب الإنسان في أمواله أو جسده أو ضررا أدبيا يصيب الإنسان في شعوره وعواطفه فبالنسبة للمشرع العراقي لم يأخذ بالتعويض عن الضرر الأدبي في المسؤولية العقدية واقتصر بالتعويض عن الضرر المادي و الضرر المادي أما ضرر مباشرا أو غير مباشر وهذا الضرر المباشر ينقسم إلى متوقع غير متوقع وفي المسؤولية العقدية لا يسال الملتزم بالعقد إلا عن الضرر المباشر المتوقع، و قد أشار المشرع العراقي في الفقرة الثالثة من المادة 169 من القانون المدني (21) بأنه (3- فإذا كان المدين لم يرتكب غشا أو خطا جسيما فلا يجاوز في التعويض ما يكون متوقعا عادة وقت التعاقد من خسارة تحل أو كسب يفوت . ) يتبين من نص المشرع العراقي انه أعطى استثناء في حاله الغش والخطأ الجسيم فان المدين أي الوصي إذا نتج عن تصرفه ضررا نتيجة غشه أو خطأه الجسيم أصاب القاصر يكون ملزم بالتعويض عن الضرر المباشر المتوقع والغير متوقع وقد حدد المشرع العراقي عناصر الضرر بالخسارة اللاحقة والكسب الفائت، ويرى جانب من الفقه إن قصر التعويض في المسؤولية العقدية عن الضرر المتوقع فقط هو لكون المسؤولية العقدية تتميز بكونها تقوم على العقد فإرادة المتعاقدين هي التي ترسم مداها وان القانون قد افترض هذه الإرادة قد اتجهت إلى جعل المسؤولية عن الضرر بمقدار ما يتوقعه المدين لكون هذا المقدار هو الذي يمكن أن يفترض بشكل معقول إن المدين قد ارتضاه ويكون هذا الاقتراض بمثابة شرط اتفاقي يعدل بمقدار المسؤولية أي يقصرها على مقدار محدد وهو الضرر المتوقع(22).
أما بالنسبة للمشرع الأردني فانه قد اتفق مع المشرع العراقي إذ اخذ بالتعويض عن الضرر المادي فقط في المسؤولية العقدية دون الضرر المعنوي (23) ، إلا انه اخذ بالتعويض عن الضرر المباشر المتوقع غير المتوقع في المسؤولية العقدية وهذا ما نصت عليه المادة 363 من القانون المدني (24) والتي جاء بها إذا لم يكن التعويض مقدرا في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلا حين وقوعه. أي إن المشرع الأردني اخذ بالتعويض عن الخسارة التي تلحق الدائن دون الكسب الفائت (25) وهذا ما أكده القضاء الأردني في قرار لمحكمه التمييز وجاء نص القرار (إن التضمينات التي تستحقها المدعية مقابل ما لحق بها من ضرر من جراء الفسخ المخالف للقانون هو الضرر والخسارة اللاحقة بها دون الربح الذي أضحت محرومة منه ) (26) ، وان المشرع الاردني اخذ بالضرر المتوقع والغير متوقع لكونه اخذ بالضرر الواقع فعلا وهذا ما قضت به محكمه التمييز الأردنية (27) بقرارها والذي جاء بفحواه (إذا كانت العلاقة بين الفريقين علاقة عقديه يحكمها عقد الإيجار المبرم بينهما وان الضمان وفقا لهذا العلاقة ينحصر في الضمان عن الضرر الواقع فعلا والذي لحق بالمدعية نتيجة أفعال وتصرفات المدعى عليها عملا بالمادة 363 من القانون المدني الأردني).
أما المشرع الإماراتي فقد جاء بنص مماثل لما جاء به المشرع الأردني إذ نصت المادة 389 من قانون المعاملات المدنية (28) بأنه ( إذا لم يكن التعويض مقدرا في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلا حين وقوعه). و من خلال نصوص المشرع الإماراتي والأردني في إطار المسؤولية العقدية يتبين إنهم قد اخذوا بالضرر الواقع فعلا دون النظر إذا ما كان الضرر متوقع أو غير متوقع فما دام الضرر وقع فعلا فانه . موجب للتعويض وهذا ما ذهب إليه غالبية فقهاء المسلمين.
من خلال ما ذكر يبدو لنا أن المشرع العراقي أبرز مبدأ سلطان الإرادة في العقود من خلال نصه بالتعويض عن الضرر المتوقع فقط دون الضرر غير المتوقع باستثناء الغش والخطأ الجسيم ،أي جعل التعويض على ما يمكن توقعه عند إبرام العقد لكون المتعاقد ما كان ليبرم العقد لو يعلم بما سيصيبه من ضرر لم يكن ليتوقعه وهذا النص يتماثل مع مبادئ العدالة ، أما المشرع الأردني والإماراتي يتبين من نصوصهما بأنهم تأثروا بالفقه الإسلامي والزموا التعويض في المسؤولية العقدية عن الضرر الواقع فعلا دون الإشارة سواءا كان الضرر متوقعا أو غير متوقع ، ونحن نرجح ماذهب إليه المشرع العراقي لكونه ابرز مبدأ سلطان الارادة في العقود.
ثالثا: العلاقة السببية بين الخطأ والضرر : إن الركن الثالث من أركان المسؤولية المدنية هي العلاقة السببيه فإذا ما أصاب الدائن ضرر لخطا من المدين أي المدعى عليه فان هذا الخطأ غیر کاف لقيام المسؤولية المدنية إذ لابد أن تكون هنالك علاقة سببيه بين الخطأ والضرر بحيث يكون الضرر نتيجة للخطأ هذا ما يعرف بالعلاقة السببية فإذا انعدمت الصلة ما بين الخطأ والضرر فلا محل للمسؤولية(29).
فبالنسبة إلى فقهاء المسلمين فلا يوجد لديهم العلاقة السببية وإنما يوجد العلة أو السبب أي الفعل الخاطئ الذي نشأ عنه الضرر أي ما يعرف بالمسبب فلا بد أن يكون السبب نتيجة المسبب وهذه الرابطة تعرف بالإفضاء أي أن السبب أو الفعل هو الذي أدى إلى الضرر و الإفضاء يرتبط مع السبب المؤدي إلى الضرر وهو ما يعرف عند فقهاء القانون بالعلاقة السببية بمعنى إن السبب هو الذي يفضي إلى الإتلاف أي الضرر ويشترط الفقهاء أن يكون الضرر نتيجة التعدي(30).
أما في القانون فان قيام المسؤولية التعاقدية لابد أن تكون هنالك علاقة سببية بين الخطأ من جانب المدين والضرر الذي يصيب الدائن فإذا انقطعت هذه العلاقة فلا تتقرر المسؤولية التعاقدية (31)، وتنقطع العلاقة السببية إذا تدخل سبب أجنبي بين عدم تنفيذ المدين التزامه وبين الضرر الذي لحق بالدائن، (32) وهذا ما ذهبت إليه التشريعات الوضعية فبالنسبة إلى المشرع العراقي قد نص في المادة 168 من القانون المدني (33) بأنه (إذا استحال على الملتزم بالعقد أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه، وكذلك يكون الحكم إذا تأخر الملتزم في تنفيذ التزامه".) يتبين من نص المادة إن الضرر الذي يصيب القاصر إذا كان راجعا إلى سبب أجنبي لا يد للوصي فيه سواء كان نتيجة خطأ القاصر أو قوة قاهرة أو خطأ الغير فانه لا يسأل عنه لكون الوصي أمينا على أموال القاصر وان التزامه هو ببذل عناية فلا تترتب مسؤوليته.
والى ذلك ذهب المشرع الأردني إذ نص في المادة (448) من القانون المدني وجاء بها ( ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين إن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه".) أي إن الالتزام ينقضي بمجرد ثبوت أن الضرر كان نتيجة خطأ أجنبي.
أما المشرع الإماراتي فقد جاء بنص مماثل لما جاء به المشرع العراقي إذ نص في المادة (386) من القانون المعاملات المدنية (34) بأنه ( إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه".)
وعبئ إثبات العلاقة السببيه بين الخطأ والضرر يقع على الدائن فيكفي إن يثبت الدائن انه أصيب بضرر يرجح بأنه كان نتيجة إخلال المدين بالتزامه بحيث إن لولاه لما وقع فإذا اثبت الدائن ذلك فان عبئ الإثبات ينتقل إلى المدين وعليه أن ينفي وجود العلاقة السببيه أي بان يثبت أن الضرر يتحقق ولو انه قام بتنفيذ التزامه وبذلك يثبت أن الضرر يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه (35).
يبدو لنا مما ذكر أن فقهاء المسلمين لم يعرفوا العلاقة السببية وإنما اخذوا بالعلة أي الفعل الذي نتج عنه الضرر أما التشريعات الوضعية يتبين إن المشرع العراقي والمشرع الأردني والإماراتي جاءت نصوصهم متماثلة فيما يتعلق بكون السبب الأجنبي يقطع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر فإذا لم يقم الوصي بتنفيذ التزامه نتيجة سبب أجنبي لا يد له فيه فوقع ضرر على الموصى عليه فالوصي غير مسؤول عن هذا الضرر لانقطاع العلاقة السببية.
وبرأينا المتواضع من خلال ما ذكر نرى أن الوصاية وان كانت عقدا من حيث إنشائها إذا كان الوصي مختار من قبل الأب وهو ما عرفه المشرع العراقي في قانون رعاية القاصرين (36) حين عرف الوصي إذ يفهم من كلمه يختاره أي لابد باتفاق سواء كان باجر أو دون اجر فهو عقد من عقود الأمانة لكون الوصي أمينا على من تحت رعايته، إلا إن أثار هذا العقد القانون هو الذي يرتبها كما في عقد الزواج (37) ، وذلك حفاظا على شؤون القاصرين وحماية أموالهم من الضياع فأن مسؤولية الوصي هنا القانون الذي يرتبها وبالتالي لا يمكن اعتبارها مسؤولية عقدية .
____________
1- ردينا محمد رضا مجيد كربول الولاية، على المال دراسة مقارنه بين الشريعة والقانون، رسالة ماجستير، كليه القانون جامعه، بغداد، 2007 ، ص 174 .
2- د وهبة بن مصطفى الزحيلي الفقه الإسلامي وأدلته ، ج 6، 4 دار الفكر دمشق، سوريا ، دون سنة طبع، ص 4825. 3- عبد المجيد الحكيم الموجز في شرح القانون المدني مصادر الالتزام، ج 1، المكتبة القانونية، بغداد ،دون سنة نشر،ص403.
4- المادة 41 من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980.
5- نصت الفقرة الثانية من المادة 934 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 بانه (2- وان كانت باجر وجب على الوكيل ان يبذل دائما في تنفيذها عناية الرجل المعتاد) .
6- ردينا محمد رضا مجيد كربول الولاية، على المال دراسة مقارنه بين الشريعة والقانون، رسالة ماجستير، كليه القانون جامعه، بغداد، 2007 ، ص 163.
7- المادة 168من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
8- المادة 234/أ من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
9- نصت المادة 841 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976) على (2- وعليه أن يبذل في العناية بها عناية الرجل المعتاد إذا كانت بأجر.).
10- نصت الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني الأردني بأنه ( 1- إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظ على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه فانه يكون قد وفي بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك ).
11- نصت الفقرة الثانية من المادة 458 من القانون المدني الأردني (2- وفي كل حال يبقى المدين مسؤولا عما يأتيه من غش أو خطأ جسیم
12- المادة( 223) من قانون الأحوال الشخصية الإماراتية رقم 28 لسنة 2005.
13- نصت الفقرة الأولى من المادة 383 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم 5 لسنة 1985 بأنه (1 – إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه فإنه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك).
14- نصت الفقرة الثانية من المادة 383 من قانون المعاملات المدنية بأنه (2 - وفي جميع الأحوال يبقى المدين مسؤولاً عما يأتيه من غش أو خطأ. جسیم
15- د. عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مصادر الالتزام ، ج 1 المجلد الأول ،ط ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، لبنان، 2009 ص 740.
16- د. عبد المجيد الحكيم الموجز في شرح القانون المدني مصادر الالتزام، ج 1، المكتبة القانونية، بغداد ،دون سنة نشر ، ص 409.
17- حمد بن المدني بوساق، التعويض عن الضرر في الفقه الإسلامي، دار اشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض، 1999 ص 177
18- د. وهبة بن مصطفى الزحيلي الفقه الإسلامي وأدلته ، ج 6، 4 دار الفكر دمشق، سوريا ، دون سنة طبع ، ص 4584-4585.
19- د . وهبة بن مصطفى الزحيلي الفقه الإسلامي وأدلته ، ج 6، 4 دار الفكر دمشق، سوريا ، دون سنة طبع ،ص4585.
20- السيد ابو القاسم الخوئي ، التنقيح في شرح العروة الوثقى، ج 1 ص 489 .
21- المادة 169 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
22- د. عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني مصادر الالتزام ، مصدر سابق ،ص771.
23- د. منذر الفضل ، الوسيط في شرح القانون المدني دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين العربية والأجنبية، ط1، منشورات ناراس، 2006،ص 232.
24- المادة 363 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
25- د. أنور ،سلطان مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، دراسة مقارنه بالفقه الإسلامي، ط1 ، عمان 1987 ص 247.
26- قرار محكمه التمييز الأردنية رقم 523 اتمييز حقوق / 82 في 1982/8/12، مجله، نقابه المحامين، أشار إليه د. أنور سلطان ، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، دراسة مقارنه بالفقه الإسلامي ، مصدر سابق ص 247.
27- قرار محكمه التمييز الأردنية، تمييز حقوق رقم 2016162 الهيئة العامة والمؤرخ في 2016/4/18 نقلا عن براء علي صالح محمد المسؤولية المدنية لمزودي الخدمات عبر الانترنت رسالة ماجستير كليه الحقوق جامعه الشرق الأوسط 2020 ص 57 .
28- المادة 389 من قانون المعاملات الإماراتية رقم 5 لسنة 1985.
29- حسين عامر ، عبد الرحيم عامر ، المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ،ط2 ، دار المعارف، 1979 ص 352.
30- د.رضا متولي وهدان الوجيز في المسؤولية المدنية (الضمان)، المسؤولية العقدية (ضمان العقد) المسؤولية التقصيرية (الفعل الضار) المسؤولية التقصيرية عن خطأ الغير المسؤولية عن ضرر الحيوان والآلات والبناء أساس المسؤولية المدنية عن الغير والأشياء، دراسة مقارنة في ضوء الفقه الإسلامي، ط1، دار الفكر والقانون 20110، ص 47-48.
31- د. عبد المجيد الحكيم، الموجز في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام، مصدر سابق، ص 415.
32- د. عبد المجيد الحكيم، المصدر نفسه، ص 415.
33- المادة 168 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
34- المادة 386 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي.
35- عز الدين الدناصوري، د. عبد الحميد الشواربي المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء، القاهرة الحديثة للطباعة ، دون سنة نشر ص458.
36- نصت المادة 34 من قانون رعاية القاصرين العراقي بأنه: (الوصي هو من يختاره الأب لرعاية شؤون ولده الصغير أو الجنين ثم من تنصبه المحكمة،....)
37- إن عقد الزواج مصدره هو توافق إرادة الزوج والزوجة ولكن القانون هو الذي يرتب آثاره حفاظا على الأسرة والمجتمع، ينظر د. عبد المجيد الحكيم الموجز في شرح القانون المدني مصادر الالتزام، ج 1، المكتبة القانونية، بغداد ،دون سنة نشر ،ص 39
الاكثر قراءة في قانون الاحوال الشخصية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
