يشير مصطلح (الجنين Fetus) في العلوم البيولوجية الى الكيان المتكون في رحم المرأة الحامل منذ بداية الاسبوع التاسع بعد التخصيب حتى الولادة ويطلق على هذه المرحلة من الحمل (الجنين الحي أو الحميل) تتكون فيها بعض الاجهزة وينمو وينضج بعضها الآخر المتكون في المرحلة السابقة (الفترة الجنينية) والتي يصطلح على الكيان المتكون فيها (المضغة - Embryo) (1) ، ونظراً للماهية المتجددة للجنين والتي تسببت بها التقنيات الطبية الحديثة اذ مكنت التطورات الحديثة من تكوين الأجنة بوسائل أخرى فقد أثر ذلك على التعريف العلمي للجنين والذي أصبح يستوعب فكرة تخلق الجنين دون اخصاب، وبالتالي فان الجنين وفق الرؤى العلمية اما كيان ناتج عن عملية الاخصاب ( هو اتحاد الأمشاج الذكرية والانثوية لتكوين كائن حي أو نسل فردي جديد والبدء في تطويره) (2) والاخصاب اما يكون طبيعي او يكون باستخدام التقنيات المساعدة على الإنجاب (ART) هذه التقنيات لا تخلق الحياة وانما تزيل الحواجز التي تعيق الحياة (3) ، ومن صور هذه التقنيات الإخصاب في المختبر أو طفل الأنابيب (IVF) (هو سلسلة معقدة من الإجراءات المستخدمة للمساعدة في الخصوبة أو منع المشاكل الوراثية والمساعدة في إنجاب طفل اذ يتم إزالة البويضة من مبيض المرأة وتخصيبها بالحيوانات المنوية في المختبر ، ثم تُعاد البويضة الملقحة (المضغة) إلى رحم المرأة لتنمو وتتطور ) (4) ، ونقل الأمشاج داخل الأنبوب (GIFT) (تقنية يتم فيها وضع الأمشاج الذكرية والانثوية في أنبوب رفيع مرن (قسطرة)، ثم حقنها في قناة فالوب باستخدام إجراء جراحي يسمى تنظير البطن فيجري التخصيب داخل الرحم ) (5) ، والنقل داخل الأنبوب للأجنة الملقحة (ZIFT) (تقنية يتم فيها تخصيب بويضة المرأة خارج الجسم، ثم زرعها في إحدى قناتي فالوب)(6)، والنقل البوقي للأجنة قبل الزرع (TET)(تشبه هذه التقنية تقنية GIFT و ZIFT الا ان نقل المضغة يحدث في مرحلة أكثر تقدماً من مجرد تلقيح) (7) ، أو ان الجنين كيان يتكون دون اخصاب بعملية تجسيد حيوي (حيث يتم أولاً تحويل أشكال الحياة أو الكيانات الحية إلى أشياء، وتصبح ممكنة، من خلال العمل العلمي والتقنيات المرتبطة به، ثم ينسب إلى هويات محددة) (8) كأن ينشأ بعملية نقل نواة الخلية الجسدية (SCNT) او ما يصطلح عليه الاستنساخ وهو على نوعين اما علاجي او تناسلي، وما يعنينا في هذا الشأن هو التناسخ التناسلي والذي يعرف بأنه (استراتيجية معملية تنطوي على تكوين حيوان مطابق وراثيا لحيوان متبرع من خلال نقل نواة الخلية الجسدية و يتم إعادة الجنين الذي تم إنشاؤه حديثًا إلى بيئة الرحم حيث يمكنه الزرع والتطور ) (9) ، ولا توجد ثمة أدلة علمية على تكون الجنين بهذه الصورة على الرغم من نجاحها في الثدييات، وانما مجرد ادعاءات وافتراضات ولعل أشهرها تلك التي أدعتها شركة Clonaid الكندية اذ أدعت بواسطة رئيسها التنفيذي (Brigitte Boisselier) باستنساخ طفلة تدعى (Eve) في عام 2002 دون تقديم أي أدلة على صحة ذلك (10).
اما التوجهات التشريعية فقد ساوت بين المراحل الثلاث التطورية للكيان، كما انها أخذت بترادف الاصطلاحات اذ تعتمد بعض التشريعات مصطلح الجنين أو الحمل كمصطلح ترادفي لـ(الزيجوت والمضغة والجنين) (11) ، وتستند التعريفات القانونية بالنسبة للتشريعات التي تعرف الجنين الى حقيقة بيولوجية وهي الاخصاب، حتى عام 1997 بعد ان ثبت علمياً امكانية توليد الثدييات من خلال النقل النووي، اعتبرت بعض التشريعات ان التعريف القانوني أصبح بالياً والقول به سيعتبر الأجنة المستنسخة او المتكونة دون اخصاب، على أساس التنبؤات العلمية المشيرة الى امكانية تكوينه مجرد استثناء بيولوجي نادر لعدم استيفاء ركن الاخصاب، وفي ظل ذلك فان التشريعات في تعريفها للجنين تتجه الى اتجاهين رئيسين (12)، يرسخ الاتجاه الأول الماهية التقليدية لتكوين الجنين المستندة على الأخصاب كركن وجودي وغالبية التشريعات التي اتخذت هذا الاتجاه كان توجهها مراعاة لأسباب سياسية اذ صادقت (13) على (اتفاقية حماية حقوق الإنسان وكرامة الإنسان فيما يتعلق بتطبيق البيولوجيا والطب : اتفاقية حقوق الإنسان والطب الحيوي - Oviedo Convention and its Protocols )والتي تنص في المادة (2/18) على (يحظر تكوين الأجنة البشرية لأغراض البحث) (14) ، اما الاتجاه الثاني فقد أعتبر الماهية المتجددة للجنين أخذاً بفكرة (أمكانية التكوين بأي وسيلة ) ، وقد أخذ المشرع الفيدرالي الأمريكي بهذا الاتجاه اذ جاء في القسم (509 / ب) (مصطلح "جنين بشري أو أجنة" يشمل أي كائن حي غير محمي كموضوع بشري بموجب - 45- 46CFR - اعتبارًا من تاريخ سن هذا القانون، والذي يتم اشتقاقه عن طريق الإخصاب أو التوالد العذري أو الاستنساخ أو أي وسيلة أخرى من واحدة أو المزيد من الأمشاج البشرية أو الخلايا ثنائية الصبغة البشرية) (15) ، ايضاً فقد تبنت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي هذا الاتجاه من خلال حكمها في قضية Oliver Brüstle vs Greenpeace والذي فسرت من خلاله مصطلح الجنين البشري ) الذي ورد في (التوجيه 98/44 / EC للبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي المؤرخ 6 يوليو 1998 بشأن الحماية القانونية للاختراعات البيوتكنولوجية) واعتباره تفسيراً موحداً في جميع اراضي الاتحاد الأوروبي اذ قد يؤدي عدم وجود تعريف موحد لمفهوم الجنين البشري إلى خطر إغراء مؤلفي بعض اختراعات التكنولوجيا الحيوية بالسعي إلى الحصول على براءة اختراع في الدول الأعضاء التي لديها أضيق مفهوم للجنين البشري وبالتالي فهي الأكثر تحرراً من حيث الإمكان في منح براءات الاختراع، ولن تكون تلك الاختراعات قابلة للحماية في الدول الأعضاء الأخرى ومثل هذا الموقف من شأنه أن يؤثر سلبًا على الأداء السلس للسوق الداخلي وهو الهدف من التوجيه وعلى اعتبار ذلك فقد نصت على أن ( الجنين البشري هو أي بويضة بشرية بعد الإخصاب، وأي بويضة بشرية غير مخصبة تم زرع نواة الخلية فيها من خلية بشرية ناضجة وأي بويضة بشرية غير مخصبة يتم تقسيمها وقد تم تحفيز المزيد من التطور عن طريق التوالد العذري للمحكمة التي تمت الإحالة إليها أن تتحقق في ضوء التطورات العلمية، مما إذا كانت الخلية الجذعية المأخوذة من جنين بشري في مرحلة الكيسة الأريمية تشكل "جنينا بشريًا" بالمعنى المقصود في هذا الحكم) (16) .
____________
1-Sandra Alters and Wendy Schiff, Essential Concepts for Healthy Living, Fifth Edition , Jones & Bartlett Learning, 2011, p.109.
2- Peter J. Russell Paul E. Hertz; Beverly McMillan, Biology: The Dynamic Science, 4 Edition, Cengage Learning, 2016, p. 1163 .
3- R Fernández Pelegrina and A G Kessler, R G Rawlins, Modern approaches to the treatment of human infertility through assisted reproduction, PR Health Sci J, 1991, 10(2), p. 75.
4- in vitro fertilization (IVF) ,16122020 . https://www.mayoclinic.org/tests- procedures/in-vitro-fertilization/about/pac-20384716
5- GIFT and ZIFT, 1611212020, https://www.webmd.com/infertility-and- reproduction/gift-and-zift#1
6- William C. Shiel, Medical Definition of Zygote intrafallopian transfer (ZIFT)16/12/2020.
https://www.medicinenet.com/zygote intrafallopian transfer zift/definition.htm
7- Tubal Embryo Transfer 16/12/2020 https://www.medic8.com/healthguide/infertility/infertility-treatment/tubal-embryo-
transfer.html
8-Tora Holmberg : Nete Schwennesen and Andrew Webster, Bio-objects and the bio- objectification process, Croat Med J., 2011 Dec; 52(6), P.740.
9- What is the difference between reproductive and therapeutic cloning?, 17122020, https://stemcell.ny.gov/faqs/what-difference-between-reproductive-and-therapeuticcloning
10-Stephen D. Fairbanks, Cloning: Chronology, Abstracts and Guide to Books, Nova Science Pub Inc; New York, 2003, p.21.
11- محمد كمال شرف الدين ، قانون مدني النظرية العامة الأشخاص - إثبات الحقوق ، ط 1 ، المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ، 2002 ، ص 180
12- Inigo de Miguel Beriain, What is a human embryo? A new piece in the bioethics puzzle, Croat Med J., 2014, 55(6), p. 669.
13- من بين الدول الأعضاء (اسبانيا) التي عرفت الجنين في المادة (3/J) من القانون رقم 2007/14 المؤرخ 3 يوليو بشأن البحوث الطبية الحيوية ( " الجنين": مرحلة التطور الجنيني تمتد من اللحظة التي تكون فيها البويضة المخصبة وجدت في رحم المرأة حتى بداية تكوين الأعضاء والتي تنتهي بعد 56 يومًا من لحظة الإخصاب ، باستثناء حساب الأيام التي كان من الممكن أن يتوقف فيها النمو ) ، Articulo ( 31), Ley 14/2007, de 3 de julio, de Investigacion biomedica
14- (18/2) Convention for the Protection of Human Rights and Dignity of the Human Being with regard to the Application of Biology and Medicine: Convention on Human Rights and Biomedicine, ETS 164 - Convention on Human Rights and Biomedicine, 4.IV.1997.
15- SEC. 509. (b)( Human embryos), PUBLIC LAW 109-149-DEC. 30, 2005
16- DIRECTIVE 98/44/EC OF THE EUROPEAN PARLIAMENT AND OF THE COUNCIL of 6 July 1998 on the legal protection of biotechnological inventions; Oliver Brüstle v Greenpeace eV. Reference for a preliminary ruling from the Bundesgerichtshof. Case https://eur-lex.europa.eu/legal- 1-0000 [2011] ECR Brüstle C-34/10 content/EN/TXT/?uri=CELEX%3A62010CJ0034.

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

شعبة الخطابة تقيم مجلس عزاء بذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

قسم الشؤون الطبية يُنهي استعداداته لإحياء شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في سامراء

بالصور.. المؤمنون يتوافدون إلى سامراء لإحياء ذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

العتبة العباسية المقدسة تنشر لافتات العزاء بذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

المزيد

الآخبار الصحية

لا تبحث عن الدواء.. هذه الأطعمة كفيلة بإيقاف ألم الرأس

لا تترك زجاجة الماء في السيارة.. احذر شربها

عادة يومية.. كيف يؤثر تصفيف الشعر على جهازك التنفسي؟

احذر هذه الأطعمة.. تسرع الشيخوخة وتفقد بشرتك شبابها

المزيد

الآخبار التكنلوجية

الأوكتان وتأثيره: نصائح لحماية محرك سيارتك بكفاءة وأمان

حرب شهر سبتمبر تشتعل.. ماذا في جعبة أبل وسامسونغ؟

واتساب يطلق ميزة لتعديل الرسائل بالذكاء الاصطناعي

على الكوكب الأحمر.. ناسا تعثر على "قبعة الساحرة"

المزيد

مواضيع ذات صلة

عودة المفقود بعد زواج زوجته في القانون

عودة المفقود بعد زواج زوجته في الفقه الإسلامي

شروط التفريق لفقدان الزوج في القانون

شروط التفريق لفقدان الزوج في الفقه الإسلامي

الآثار المترتبة على الزوجة باعتبار التفريق لغيبة الزوج أو فقدانه طلاقا

الآثار المترتبة على اعتبار التفريق لغيبة الزوج أو فقدانه فسخا

أثر عودة المفقود على زوجته قبل زواجها في الفقه الإسلامي

أثر عودة المفقود على زوجته قبل زواجها في القانون

إجراءات دعوى التفريق لفقدان الزوج

إجراءات دعوى التفريق لحبس الزوج

موقف القانون من التفريق للحبس

موقف الفقه الإسلامي من التفريق للحبس