تزيين اعمال المشركين
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص247-249.
2025-07-17
571
تزيين اعمال المشركين
قال تعالى : {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل : 1 - 6].
قال الإمام الصادق عليه السّلام : معنى طس : « أنا الطالب السميع » « 1 ».
وقال الشيخ الطوسي ( رحمه اللّه تعالى ) : وقوله تِلْكَ إشارة إلى ما وعدوا بمجيئه من القرآن . وقيل إن تِلْكَ بمعنى « هذا » وآيات القرآن هي القرآن ، وإنما أضافها إليه ، كما قال إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ . والقرآن والكتاب معناهما واحد ، ووصفه بالوصفين ليفيد أنه مما يظهر بالقراءة ، ويظهر بالكتابة ، وهو بمنزلة الناطق بما فيه من الأمرين جميعا وذلك يبطل قول من قال : إن كلام اللّه شيء واحد لا يتصرف بالقراءة والكتابة . ووصفه بأنه مبين تشبيه له بالناطق بكذا ، وإذا وصفه بأنه بيان جرى مجرى وصفه له بالنطق بكذا في ظهور المعنى به للنفس . والبيان هو الدلالة التي تبين بها الأشياء . والمبين المظهر ، وحكم القرآن الموعظة بما فيها من الترغيب والترهيب والحجة الداعية إلى الحق الصارفة عن الباطل ، وأحكام الشريعة التي فيها مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، والمصلحة فيما يجب من حق النعمة للّه تعالى ما يؤدي إلى الثواب ويؤمن من العقاب .
ثم وصفه بأنه هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ وموضع هُدىً نصب على الحال ، وتقديره هاديا ومبشرا ، ويجوز أن يكون رفعا على تقدير هو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ والمعنى أن ما فيه من البيان والبرهان يهديهم إلى الحق ، ومالهم في وجه كونه معجزا الذي فيه من اللطف ما يؤديهم إلى الثواب ويبشرهم بالجنة .
ثم وصف المؤمنين الذين بشرهم القرآن بأنهم الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بحدودها ويداومون على أوقاتها ويخرجون ما يجب عليهم من الزكاة في أموالهم إلى مستحقيها ، وهم مع ذلك يوقنون بالآخرة ، ويصدقون بها.
ثم وصف تعالى من خالف ذلك ولم يصف بالآخرة ، ويصدقون بها . ثم وصف تعالى من خالف ذلك ولم يصدق بالآخرة ، فقال : {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} قيل في معناه قولان :
1 - زينا لهم أعمالهم التي أمرناهم بها ، فهم يتحيرون بالذهاب عنها .
2 - زينا لهم أعمالهم بخلقنا فيهم شهوة القبيح الداعية لهم إلى فعل المعاصي ليجتنبوا المشتهى فَهُمْ يَعْمَهُونَ عن هذا المعنى ، أي : يتحيرون بالذهاب عنها .
ثم أخبر تعالى أن من وصفه بذلك لهم سُوءُ الْعَذابِ ووصفه بأنه سوء لما فيه من الألم و هُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ لأنهم يخسرون الثواب ويحصل لهم بدلا منه العقاب فهو أخسر صفقة تكون .
ثم قال : يقول اللّه تعالى مخاطبا لنبيه محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إِنَّكَ يا محمد لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ أي إنك لتعطى لأن الملك يلقيه إليه من قبل اللّه تعالى ، من عند حكيم بصير بالصواب من الخطاء في تدبير الأمور بما يستحق به التعظيم . وقد يفيد « الحكيم » العامل بالصواب المحكم للأمور المتقن لها .
وعليم بمعنى عالم إلا أن فيه مبالغة ، وقال الرماني هو مثل سامع وسميع ، فوصفنا له بأنه عالم يفيد أن له معلوما ، كما أن وصفه بأنه سامع يفيد بأن له مسموعا ، ووصفه بأنه عليم يفيد أنه متى صح معلومه . فهو عَلِيمٍ به ، كما أن « سميعا » يفيد إنه متى وجد مسموع لا بد أن يكون سامعا « 2 ».
____________
( 1 ) معاني الأخبار : ص 22 .
( 2 ) التبيان : ج 8 ، ص 76 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة